عرض مشاركة واحدة
  #92  
قديم اليوم, 06:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,886
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي


ألحقت العار بالأولياء فإنهم يتعيرون بأن ينسب إليهم بالمصاهرة من لا يكافئهم فكان لهم أن يخاصموا؛ لدفع ذلك عن أنفسهم، ولا يكون التفريق بذلك إلا عند القاضي؛ لأنه فسخ للعقد بسبب نقص فكان قياس الرد بالعيب بعد القبض، وذلك لا يثبت إلا بقضاء القاضي؛ ولأنه مختلف فيه بين العلماء فكان لكل واحد من الخصمين نوع حجة فيما يقول فلا يكون التفريق إلا بالقضاء، وما لم يفرق القاضي بينهما فحكم الطلاق والظهار والإيلاء والتوارث قائم بينهما؛ لأن أصل النكاح انعقد صحيحا في ظاهر الرواية فإنه لا ضرر على الأولياء في صحة العقد، وإنما الضرر عليهم في اللزوم فتتوفر عليه أحكام العقد الصحيح فإذا فرق القاضي بينهما كانت فرقة بغير طلاق؛ لأن هذا التفريق كان على سبيل الفسخ لأصل النكاح، والطلاق تصرف في النكاح فما يكون فسخا لأصل النكاح عندنا لا يكون تصرفا فيه؛ ولأن الطلاق إلى الزوج فتفريق القاضي متى كان على وجه النيابة عن الزوج كان طلاقا، وهذا التفريق ليس على وجه النيابة عنه فإذا لم يكن طلاقا قلنا: لا مهر لها عليه إن لم يكن دخل بها، وإن كان دخل بها أو خلا بها فلها ما سمي من المهر وعليها العدة؛ لأن أصل النكاح كان صحيحا فيتقرر المسمى بالتسليم إما بالدخول أو بالخلوة، والمكاتب والمدبر نظير العبد في أنه لا يكون كفؤا للحرة؛ لأن الرق فيهما قائم قال: - صلى الله عليه وسلم - المكاتب عبد ما بقي عليه درهم
(قال وإذا تزوجت المرأة غير كفء فرضي به أحد الأولياء جاز ذلك، ولا يكون لمن هو مثله في الولاية أو أبعد منه أن ينقضه إلا أن يكون أقرب منه فحينئذ له المطالبة بالتفريق، وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - في نوادر هشام: إذا رضي أحد الوليين بغير كفء فللولي الذي هو مثله أن لا يرضى به، وهو قول زفر والشافعي رحمهما الله تعالى.
وكذلك إن كان هذا الولي الراضي هو الذي زوجها، والخلاف مع الشافعي إنما يتحقق هنا، وجه قولهم أن طلب الكفاءة حق جميع الأولياء فإذا رضي منهم واحد فقد أسقط حق نفسه وحق غيره فيصح إسقاطه في حق نفسه دون غيره كالدين المشترك إذا أبرئ أحدهم أو ارتهن رجلان عينا ثم رده أحدهما أو سلم أحد الشفيعين الشفعة أو عفا أحد الوليين عن القصاص يصح في حقه دون غيره، وكذلك لو قذف أم جماعة وصدقه أحدهم كان للباقين المطالبة بالحد، والدليل عليه أنها لو زوجت نفسها من غير كفء كان للأولياء أن يفرقوا، ولم يكن رضاها بعدم الكفاءة مبطلا حق الأولياء فكذلك هنا.
وحجتنا أن الحق واحد، وهو غير محتمل للتجزيء؛ لأنه ثبت بسبب




لا يحتمل التجزيء فيجعل كل واحد منهم كالمنفرد به كما في الأمان فإن فيه إبطال حق الاستغنام والاسترقاق ثم صح من واحد من المسلمين في حق جماعتهم؛ للمعنى الذي قلنا، وهذا لأن الإسقاط صحيح في حق المسقط بالاتفاق فإذا كان الحق واحدا، وقد سقط في حق المسقط فمن ضرورته سقوطه في حق غيره؛ لأنه لو لم يسقط في حق غيره لكان إذا استوفاه يصير حق الغير مستوفى أيضا، وذلك لا يجوز؛ ولأنه لما لم يبق بعد السقوط لا يتمكن الآخر من المطالبة به بخلاف الدين فإنه متجزئ في نفسه، وبخلاف الرهن فإنا لو نفينا حق الآخر لا يصير حق المسقط مستوفى، وبه تبين أن الحق يتعدد هناك، وكذلك في الشفعة، وفي القصاص ما لا يحتمل التجزيء لا يبقى بعد عفو أحدهم، وإنما يبقى ما يحتمل التجزيء، وهو الدية وبخلاف حد القذف فإن ذلك لا يحتمل السقوط ولكن المصدق ينكر سبب الوجوب، وهو إحصان المقذوف وإنكار سبب وجوب الشيء لا يكون إسقاطا له فوزانه مما نحن فيه أن لو ادعى أحد الأولياء أن الزوج كفؤ، وأثبت الآخر أنه ليس بكفء فيكون له أن يطلب التفريق وأما إذا رضيت هي فلأن الحق الثابت لها غير الحق الثابت للأولياء؛ لأن الثابت لها صيانة نفسها عن ذل الاستفراش، وللأولياء صيانة نسبهم عن أن ينسب إليهم بالمصاهرة من لا يكافئهم، وأحدهما غير الآخر فلم يكن إسقاط أحدهما موجبا سقوط الآخر ألا ترى أنه قد يثبت الخيار لها في موضع لا يثبت؛ للأولياء على ما نبينه في آخر الباب إن شاء الله تعالى ومتى فرق القاضي بينهما بعد الدخول؛ لعدم الكفاءة حتى وجبت عليها العدة فلها نفقة العدة على الزوج؛ لأنها كانت تستحق النفقة في أصل النكاح فيبقى ذلك ببقاء العدة، وسكوت الولي عن المطالبة بالتفريق ليس برضا منه بالنكاح، وإن طال ذلك حتى تلد، وله الخصومة إن شاء؛ لأن هذا حق ثابت له، والسكوت ليس بمبطل للحق الثابت بصفة التأكد؛ ولأنه يحتاج إلى الخصومة في المطالبة، وقد لا يرغب الإنسان بالخصومة في كل وقت فتأخيره إلى أن يتمكن منه لا يكون مبطلا حقه
[زوجها الولي غير كفء ثم فارقها ثم تزوجت به بغير ولي]
(قال): وإذا زوجها الولي غير كفء ثم فارقها ثم تزوجت به بغير ولي كان للولي أن يفرق بينهما؛ لأن العقد الثاني غير الأول، ورضاه بالعقد الأول بينهما لا يكون رضا بالعقد الآخر كما أن رضاه برجل لا يكافئها لا يكون رضا برجل آخر إذا زوجت نفسها منه بعد ذلك
[تزوجت المرأة غير كفء ثم جاء الولي فقبض مهرها وجهزها]
(قال وإذا تزوجت المرأة غير كفء ثم جاء الولي فقبض مهرها وجهزها فهذا منه رضا بالنكاح؛ لأن قبض المهر تقرير لحكم العقد فيتضمن ذلك الرضا بالعقد ضرورة.




ومباشرة الفعل الذي هو دليل الرضا بمنزلة التصريح بالرضا ألا ترى أن مثل هذا الفعل يكون إجازة للعقد فلأن يكون رضا بالعقد النافذ كان أولى، وإن لم يفعل هذا ولكن خاصم زوجها في نفقتها أو في بقية مهرها عليه بوكالة منها ففي القياس هذا لا يكون رضا؛ لأنه إنما خاصم في ذلك؛ ليظهر عجز الزوج عنه، وهو أحد أسباب عدم الكفاءة، واشتغاله بإظهار سبب عدم الكفاءة يكون تقريرا لحقه لا إسقاطا، وفي الاستحسان يكون هذا رضا بالنكاح؛ لأنه إنما يخاصم في المهر والنفقة؛ ليستوفي، والاستيفاء ينبني على تمام العقد فتكون خصومته في ذلك رضا منه بتمام النكاح بينهما
(قال وإذا تزوجت المرأة غير كفء ودخل بها وفرق القاضي بينهما بخصومة الولي، وألزمه المهر وألزمها العدة ثم تزوجها في عدتها بغير ولي، وفرق القاضي بينهما قبل الدخول بها كان لها عليه المهر الثاني كاملا وعليها عدة مستقبلة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وعند محمد - رحمه الله تعالى - لا مهر لها عليه، وعليها بقية العدة الأولى، وعند زفر - رحمه الله تعالى - لا عدة عليها، وعلى هذا الخلاف لو طلقها تطليقة ثانية في النكاح الأول ثم تزوجها في العدة فطلقها قبل الدخول عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى يجب المهر الثاني كاملا، وعليها العدة، وعند محمد وزفر رحمهما الله تعالى يجب نصف المهر الثاني، ولا عدة عليها إلا أن عند محمد يلزمها بقية العدة الأولى؛ لظاهر قوله تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237] الآية، وقال {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب: 49] ، وفي النكاح الثاني الطلاق حصل قبل المسيس؛ لأن العقد الثاني غير مبني على الأول والدخول في النكاح الأول لم يجعل دخولا في النكاح الثاني.
ألا ترى أن صريح الطلاق يبينها فصار في حق العقد الثاني كأن الأول لم يوجد أصلا إلا أن محمدا - رحمه الله تعالى - يوجب بقية العدة الأولى احتياطا؛ لأن تلك العدة كانت واجبة وبالطلاق قبل الدخول صار النكاح الثاني كالمعدوم وزفر - رحمه الله تعالى - يقول: العدة الأولى سقطت بالنكاح الثاني، والساقط من العدة لا يعود، وتجدد وجوب العدة يستدعي تجدد السبب، وهما قالا: العقد الثاني يتأكد بنفسه، والفرقة متى حصلت بعد تأكد العقد يجب كمال العدة والمهر، وبيان التأكد أن اليد والفراش يبقى ببقاء العدة فإنما تزوجها، والمعقود عليه في يده حكما فيصير قابضا بنفس العقد كالغاصب إذا اشترى من المغصوب منه المغصوب وبه يتأكد حكم النكاح سواء وجد الدخول أو لم يوجد كما يتأكد بالخلوة، وبه يبطل اعتمادهم على حصول البينونة بصريح الطلاق فإن بعد الخلوة صريح الطلاق يبينها.




ويكون النكاح متأكدا في حكم المهر والعدة؛ ولأن وجوب العدة؛ لتوهم اشتغال الرحم بالماء عند الفرقة، وهذا قائم في العقد الثاني؛ لأنه لا تأثير في تجديد العقد في براءة الرحم، وقد كان توهم الشغل ثابتا حتى أوجبنا العدة عند الفرقة الأولى، وهذا على قول محمد - رحمه الله تعالى - ألزم؛ لأنه يلزمها بقية العدة الأولى باعتبار توهم الشغل والعدة لا تتجزأ في الوجوب، وعلى هذا الأصل لو كانت الفرقة بسبب اللعان أو بخيار البلوغ أو بخيار العتق كله على الأصل الذي بيناه، وكذلك إن كان النكاح الأول فاسدا أو كان دخل بها بشبهة ثم تزوجها نكاحا صحيحا في العدة، وإن كان النكاح الأول صحيحا والثاني فاسدا ففرق بينهما قبل الدخول لا يجب المهر بالاتفاق؛ لأن صيرورته قابضا باعتبار تمكنه من القبض شرعا، وذلك بالعقد الفاسد لا يكون ألا ترى أن الخلوة في النكاح الفاسد لا توجب المهر والعدة فهنا كذلك العدة الأولى لم تسقط بمجرد العقد الفاسد فبقيت معتدة كما كانت، ولا مهر لها عليه إذا فرق بينهما قبل الدخول، ولو كان العقد الثاني صحيحا فارتدت ووقعت الفرقة بينهما فهو على هذا الخلاف الذي قلنا: لها كمال المهر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعند محمد لا مهر لها؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل الدخول فلو كان تزوجها في جميع هذه الوجوه بعد انقضاء العدة كان الجواب عندهم كما هو قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى في الفصول المتقدمة؛ لأنه لم يبق له عليها تلك اليد بعد انقضاء العدة فالتزوج بها وبأجنبية أخرى سواء
(قال وإذا تزوجت المرأة رجلا خيرا منها فليس للولي أن يفرق بينهما؛ لأن الكفاءة غير مطلوبة من جانب النساء فإن الولي لا يتغير بأن يكون تحت الرجل من لا تكافئه؛ ولأن نسب الولد يكون إلى أبيه لا إلى أمه ألا ترى أن إسماعيل - عليه السلام - كان من قوم إبراهيم صلوات الله عليه لا من قوم هاجر، وكذلك إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان من قريش وما كان قبطيا، وأولاد الخلفاء من الإماء يصلحون للخلافة
(قال): وإذا تسمى الرجل لامرأة بغير اسمه وانتسب لها إلى غير نسبه فتزوجته فالمسألة على ثلاثة أوجه: (أحدها) : أن يكون النسب المكتوم أفضل مما أظهره بأن أخبرها أنه من العرب ثم تبين أنه من قريش، وفي هذا لا خيار لها، ولا للأولياء؛ لأنها وجدته خيرا مما شرط لها فهو كمن اشترى شيئا على أنه معيب فإذا هو سليم.
(والثاني): إذا كان نسبه المكتوم دون ما أظهره، ولكنه في النسب المكتوم غير كفء لها بأن تزوج قرشية على أنه من قريش ثم تبين أنه من




العرب أو من الموالي، وفي هذا لها الخيار، وإن رضيت هي فللأولياء أن يفرقوا بينهما؛ لعدم الكفاءة.
(والثالث إن كان النسب المكتوم دون ما أظهر، ولكنه في النسب المكتوم كفؤ لها بأن تزوج عربية على أنه من قريش ثم تبين أنه من العرب، وفي هذا ليس للأولياء حق المطالبة بالفرقة بالاتفاق؛ لأن حق الخصومة للأولياء؛ لدفع العار عن أنفسهم حتى لا ينسب إليهم بالمصاهرة من لا يكافئهم، وهذا غير موجود هنا، ولكن لها الخيار إن شاءت أقامت معه، وإن شاءت فارقته عندنا، وقال زفر - رحمه الله تعالى - لا خيار لها كما لا يثبت للأولياء؛ لأن الحق في المطالبة بالكفاءة، وهي موجودة ولكنا نقول: شرط لها زيادة منفعة، وهو أن يكون ولدها منه صالحا للخلافة فإذا لم تنل هذا الشرط كان لها الخيار كمن اشترى عبدا على أنه كاتب أو خباز فوجده لا يحسنه، وهذا لأن في الاستفراش ذلا في جانبها، والمرأة قد ترضى استفراش من هو أفضل منها، ولا ترضى استفراش من هو مثلها فإذا ظهر أنه غرها فقد تبين انعدام تمام الرضا منها فلهذا كان لها الخيار.
بخلاف الأولياء فإن ثبوت الخيار لهم؛ لعدم الكفاءة فقط وللشافعي - رحمه الله تعالى - في هذه المسألة ثلاثة أقوال: قول مثل قولنا وقول مثل قول زفر - رحمه الله تعالى - وقول آخر: أن النكاح باطل؛ لأنها زوجت نفسها من رجل هو قرشي، ولم يوجد ذلك الرجل ولكنا نقول الإشارة مع التسمية إذا اجتمعا فالعبرة للإشارة؛ لأن التعريف بالإشارة أبلغ، وبهذا ونحوه نستدل على قلة فقهه فإن مثل هذا الجواب لا يعجز عنه غير الفقيه، ومن سئل عن طريق فقال: إما من هذا الجانب وإما من هذا الجانب فيشير إلى الجوانب الأربعة علم أنه لا علم له بالطريق أصلا
(قال وإن كانت المرأة هي التي غرت الزوج وانتسبت إلى غير نسبها فلا خيار له فيه إذا علم، وهي امرأته إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها؛ لما بينا أنه لا يفوت عليه شيء من مقاصد النكاح بما ظهر من غرورها لا في حق نفسه، ولا في ولده؛ ولأنه يتمكن من التخلص منها بالطلاق فلا حاجة إلى إثبات الخيار، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
[باب النكاح بغير شهود]
(قال بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا نكاح إلا بشهود» وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى وكان مالك وابن أبي ليلى وعثمان البتي رحمهم الله تعالى يقولون




الشهود ليسوا بشرط في النكاح إنما الشرط الإعلان حتى لو أعلنوا بحضرة الصبيان والمجانين صح النكاح، ولو أمر الشاهدين بأن لا يظهرا العقد لا يصح، وحجتهم في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم: «أعلنوا النكاح ولو بالدف» «وحضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إملاك رجل من الأنصار فقال أين شاهدكم فأتى بالدف فأمر بأن يضرب على رأس الرجل»، وكان لعائشة - رضي الله عنها - دف تعيره للأنكحة، وهذا لأن حرام هذا الفعل لا يكون إلا سرا فالحلال لا يكون إلا ضده، وذلك بالإعلان؛ لتنتفي التهم، وحجتنا في ذلك الحديث الذي رويناه؛ ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح: خاطب وولي وشاهدان».
، وقال عمر - رضي الله عنه - لا أوتى برجل تزوج امرأة بشهادة رجل واحد إلا رجمته؛ ولأن الشرط لما كان هو الإظهار يعتبر فيه ما هو طريق الظهور شرعا، وذلك شهادة الشاهدين فإنه مع شهادتهما لا يبقى سرا قال: القائل
وسرك ما كان عند امرئ ... وسر الثلاثة غير الخفي
؛ ولأن اشتراط زيادة شيء في هذا العقد؛ لإظهار خطر البضع فهو نظير اشتراط زيادة شيء في إثبات إتلاف ما يملك بالنكاح، وإنما اختص ذلك من بين سائر نظائره بزيادة شاهدين فكذلك هذا التمليك مختص من بين سائر نظائره بزيادة شاهدين
ثم الأصل عندنا أن كل من يصلح أن يكون قابلا للعقد بنفسه ينعقد النكاح بشهادته، وكل من يصلح أن يكون وليا في نكاح يصلح أن يكون شاهدا في ذلك النكاح، وعلى هذا الأصل قلنا: ينعقد النكاح بشهادة الفاسقين، ولا ينعقد عند الشافعي - رحمه الله تعالى -؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل»، ولكنا نقول: ذكر العدالة في هذا الحديث، والشهادة مطلقة فيما روينا فنحن نعمل بالمطلق والمقيد جميعا مع أنه نكر ذكر العدالة في موضع الإثبات فيقتضي عدالة ما، وذلك من حيث الاعتقاد، وفي الحقيقة المسألة تنبني على أن الفاسق من أهل الشهادة عندنا، وإنما لا تقبل شهادته؛ لتمكن تهمة الكذب، وفي الحضور والسماع لا تتمكن هذه التهمة فكان بمنزلة العدل، وعند الشافعي - رحمه الله تعالى - الفاسق ليس من أهل الشهادة أصلا؛ لنقصان حاله بسبب الفسق، وهو ينبني أيضا على أصل أن الفسق لا ينقص من إيمانه عندنا فإن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، والأعمال من شرائع الإيمان لا من نفسه، وعنده الشرائع من نفس الإيمان، ويزداد الإيمان بالطاعة، وينتقص بالمعصية فجعل نقصان الدين بسبب الفسق




كنقصان الحال بسبب الرق والصغر.
واعتبر بطرف الأداء فإن المقصود إظهار النكاح عند الحاجة إليه، والصيانة عن خلل يقع بسبب التجاحد، ولا يحصل ذلك بشهادة الفاسق، ولكنا نقول الفسق لا يخرجه من أن يكون أهلا للإمامة والسلطنة فإن الأئمة بعد الخلفاء الراشدين - رضي الله تعالى عنهم - قل ما يخلو واحد منهم عن فسق فالقول بخروجه من أن يكون إماما بالفسق يؤدي إلى فساد عظيم، ومن ضرورة كونه أهلا للإمامة كونه أهلا للقضاء؛ لأن تقلد القضاء يكون من الإمام، ومن ضرورة كونه أهلا لولاية القضاء أن يكون أهلا للشهادة وبه ظهر الفرق بينه وبين نقصان الحال بسبب الرق، والأداء ثمرة من ثمرات الشهادة.
وفوت الثمرة لا يدل على انعدام الشيء من أصله ألا ترى أن بشهادة المستور الذي ظاهر حاله العدالة ينعقد النكاح، ولا يظهر بمقالته، كذلك بشهادة ابنته منها، وكذلك
ينعقد بشهادة الأعميين بالاتفاق أما عندنا فلأن الأعمى إنما لا تقبل شهادته؛ لأنه لا يميز بين المشهود له والمشهود عليه إلا بدليل مشتبه، وهو النغمة والصوت، وذلك لا يكون في حالة الحضور والسماع، وعند الشافعي - رحمه الله تعالى -؛ لأن الأعمى من أهل أداء الشهادة، ولهذا قال: لو تحمل، وهو بصير ثم عمي تقبل شهادته
فأما بشهادة المحدودين في القذف فإن لم تظهر توبتهما فهما فاسقان، وإن ظهرت توبتهما ينعقد النكاح بشهادتهما بالاتفاق عند الشافعي - رحمه الله تعالى -؛ لجواز الأداء منهما بعد التوبة، وعندنا لا تقبل شهادة المحدود في القذف؛ لكونه محكوما بكذبه فإنما يؤثر ذلك فيما يتصور فيه تهمة الكذب أو فيما يستدعي قولا من جهتهما، وذلك لا يكون في الحضور والسماع
[شهادة العبدين والصبيين في النكاح]
فأما بشهادة العبدين والصبيين لا ينعقد النكاح؛ لأنهما لا يقبلان هذا العقد بأنفسهما؛ ولأنهما لا يصلحان للولاية في هذا العقد، وهذا لأن النكاح يعقد في محافل الرجال، والصبيان والعبيد لا يدعون إلى محافل الرجال عادة فلهذا جعل حضورهما كلا حضورهما
وعلى هذا الأصل ينعقد النكاح بشهادة رجل وامرأتين عندنا، وعند الشافعي - رحمه الله تعالى - لا ينعقد بناء على أصله أن شهادة النساء مع الرجال إنما تكون حجة في الأموال، وفيما يكون تبعا للأموال باعتبار أن المعاملة تكثر بين الناس، ويلحقهم الحرج بإشهاد رجلين في كل حادثة فكانت حجة ضرورية في هذا المعنى، ولا ضرورة في النكاح والطلاق، وما ليس بمال؛ لأن المعاملة فيها لا تكثر فكانت كالحدود والقصاص، وكذلك هذا ينبني على أصله أن المرأة لا تصلح أن تكون موجبة للنكاح، ولا قابلة فكذلك لا تصلح




شاهدة في النكاح، وعندنا هي تصلح لذلك، وللنساء مع الرجال شهادة أصلية، ولكن فيها ضرب شبهة من حيث إنه يغلب الضلال والنسيان عليهن كما أشار الله تعالى في قوله {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} [البقرة: 282] وبانضمام إحدى المرأتين إلى الأخرى تقل تهمة النسيان، ولا تنعدم؛ لبقاء سببها، وهي الأنوثة فلا تجعل حجة فيما يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص فأما النكاح والطلاق يثبت مع الشبهات فهذه الشهادة فيها نظير شهادة الرجال، ولا إشكال أن تهمة الضلال والنسيان في شهادة الحضور لا تتحقق فكان ينبغي أن ينعقد النكاح بشهادة رجل وامرأة، ولكنا نقول: قد ثبت بالنص أن المرأتين شاهد واحد فكانت المرأة الواحدة نصف الشاهد وبنصف الشاهد لا يثبت شيء
ولهذا لو شهد رجلان وامرأة ثم رجعوا لم تضمن المرأة شيئا وسنقرر هذه الأصول في موضعها من كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى واعتمادنا على حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - حيث أجاز شهادة رجل وامرأتين في النكاح والفرقة
(قال ولو تزوجها بشهادة ابنته أو ابنتها أو بنته منها ينعقد النكاح بالاتفاق؛ لحضور من هو أهل للشهادة فإن امتناع قبول شهادة الولد لوالده لا؛ لنقصان حاله بل؛ لتهمة ميل كل واحد منهما إلى صاحبه، ولا تتمكن هذه التهمة في انعقاد العقد بشهادتهما
[تزوج مسلم نصرانية بشهادة نصرانيين]
(قال ولو تزوج مسلم نصرانية بشهادة نصرانيين جاز النكاح في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى، ولم يجز في قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى لأن هذا نكاح لا يصح إلا بشهود فلا يصح بشهادة الكافرين كالعقد بين المسلمين بخلاف أنكحة الكفار فإنها تنعقد بغير شهود، وحقيقة المعنى أن هذا السماع شهادة، ولا شهادة للكافر على المسلم فلم يصح سماعهما كلام المسلم بطريق الشهادة، وشرط الانعقاد سماع البينة كلا شطري العقد، ولم يوجد فكان هذا بمنزلة ما لو سمع الشاهدان كلام المرأة دون كلام الزوج، ولهما طريقان (أحدهما) ما بينا أن الكافر يصلح أن يكون وليا في العقد ويصلح أن يكون قابلا لهذا العقد بنفسه فيصلح أن يكون شاهدا فيه أيضا كالمسلم، وهذا استدلال بطريق الأولى فإن الإيجاب والقبول ركن العقد والشهادة شرطه فإذا كان يصلح الكافر للقيام بركن هذا العقد بنفسه فلأن يقوم بشرطه كان أولى بخلاف ما يجري بين المسلمين؛ ولأن المخاطب بالإشهاد هو الرجل؛ لأنه يتملك البضع، ولا يتملك إلا بشهادة الشهود فأما المرأة تملك المال، والشهود ليسوا بشرط؛ لتملك المال ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان




مخصوصا بالنكاح بغير شهود» ثم كانت المرأة لا تحتاج إلى الإشهاد عليه إذا ثبت هذا فنقول: الرجل قد أشهد عليها من يصلح أن يكون شاهدا عليها بخلاف ما إذا كانت مسلمة، وبخلاف ما إذا سمعوا كلامها؛ لأنه مخاطب بالإشهاد عليها بالعقد، والعقد لا يكون إلا بكلام المتعاقدين، وسماعهما كلام المسلم صحيح ألا ترى أنه لو تزوجها بشهادة كافرين ومسلمين ثم وقعت الحاجة إلى أداء هذه الشهادة تقبل شهادة الكافرين بالعقد عليها إذا جحدت، وعلى الزوج لو كانا أسلما بعد ذلك فظهر أن سماعهما كلام المسلم صحيح فيحصل به الإشهاد عليها بالعقد، وهذا بخلاف ما إذا تزوجها بغير شهود فإنه لا يجوز ذلك، وإن كان في دينهم حلالا؛ لأن صاحب العقد هو الزوج، وهو مسلم مخاطب بالإشهاد فلا يعتبر اعتقادها في حقه
(قال وإذا زوج ابنته بشهادة ابنيه ثم جحد الزوج النكاح، وادعاه الأب والمرأة فشهد الابنان بذلك فشهادتهما لا تقبل في قول أبي يوسف - رحمه الله تعالى - وعند محمد - رحمه الله تعالى - تقبل، ولو كان الزوج هو المدعي، وجحد الأب والمرأة لذلك فشهادة الابنين فيه تكون مقبولة على أبيهما، والحاصل أن شهادتهما لأختهما، وعلى أختهما تكون مقبولة، وشهادتهما على أبيهما فيما يجحده الأب مقبولة، فأما إذا شهدا لأبيهما فيما يدعيه إن كان للأب فيه منفعة نحو أن يشهدا بعقد تتعلق الحقوق به لا تقبل شهادتهما.
وإن لم يكن للأب فيه منفعة لا تقبل الشهادة عند أبي يوسف - رحمه الله تعالى - أيضا، وعند محمد تقبل، وأصل المسألة فيما إذا قال لعبده: إن كلمك فلان فأنت حر فشهد ابنا فلان أن أباهما كلم العبد، فإن كان الأب يجحد ذلك فشهادتهما مقبولة، وإن كان الأب يدعي ذلك لا تقبل الشهادة عند أبي يوسف - رحمه الله تعالى -، وعند محمد - رحمه الله تعالى - تقبل قال: لأن امتناع قبول شهادة الولد لوالده؛ لتمكن تهمة الميل إليه؛ وإيثاره بالمنفعة على غيره، وهذا لا يتحقق فيما لا منفعة للأب فيه فقبلت الشهادة جحدها أو ادعاها وأبو يوسف - رحمه الله تعالى - يقول: شهادة الولد لوالده لا تكون مقبولة بالنص، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تقبل شهادة الولد لوالده»، وإنما تكون شهادة له إذا كان مدعيا بشهادته، ولا معتبر بالمنفعة فإن جحوده الشهادة يقبل، وإن كان له فيه منفعة بأن شهدوا عليه ببيع ما يساوي مائة درهم بألف درهم مع أن المنفعة هنا تتحقق فإن ظهور صدقه عند القاضي والناس من جملة المنفعة، والعاقل يؤثر هذا على كثير من المنافع الدنيوية ثم ذكر في الكتاب، وقال محمد - رحمه الله تعالى: كل شيء للأب فيه منفعة جحد أو ادعى فشهادة ابنيه فيه باطل




وكذلك كل شيء تولاه مما يكون فيه خصما كالبيع، وما أشبهه، والمراد بهذا أن عند دعوى الأب لا تقبل شهادة الابن؛ للتهمة، وعند جحود الأب إن كان الآخر جاحدا أيضا لا تقبل الشهادة؛ لعدم الدعوى فأما إذا كان الآخر مدعيا كانت الشهادة مقبولة، وإن كان للأب فيها منفعة كما إذا شهدوا عليه ببيع ما يساوي مائة درهم بألف درهم، والمشتري يدعيه، وهذا لأن هذه منفعة غير مطلوبة من جهة الأب، والمنفعة التي هي غير مطلوبة لا تؤثر في المنع من قبول الشهادة.
(قال): وأما شهادة الشاهد على فعل تولاه لنفسه أو لغيره مما يكون فيه خصما، ومما لا يكون خصما فساقطة بالاتفاق، وبهذا يستدل أبو يوسف - رحمه الله تعالى - فقال: الابن جزء من أبيه فشهادته كشهادة الأب لنفسه فكما أن شهادة الأب فيما باشره لا تكون مقبولة، وإن لم يكن له فيه منفعة فكذلك شهادة الابن للأب، ولكنا نقول: فيما باشره يكون مدعيا لا شاهدا فأما الابن فيما باشر أبوه يكون شاهدا فبعد تحقق الشهادة المانع من القبول هو التهمة ففي كل موضع لا تتحقق التهمة تكون الشهادة مقبولة
[زوج الرجل ابنته فأنكرت الرضا]
(قال وإذا زوج الرجل ابنته فأنكرت الرضا فشهد عليها أخوها وأبوها بالرضا لم تقبل؛ لأن الأب يريد تتميم ما باشره، ولو شهد عليها أخواها بالرضا كانت مقبولة؛ لأنه لا تهمة في شهادتهما عليها.
[تزوج امرأة بغير شهود أو بشاهد واحد ثم أشهد بعد ذلك]
(قال ولو تزوج امرأة بغير شهود أو بشاهد واحد ثم أشهد بعد ذلك لم يجز النكاح؛ لأن الشرط هو الإشهاد على العقد، ولم يوجد، وإنما وجد الإشهاد على الإقرار بالعقد الفاسد، والإقرار بالعقد ليس بعقد، وبالإشهاد عليه لا ينقلب الفاسد صحيحا.
(قال): ولا يجوز النكاح بين مسلمين بشهادة عبدين أو كافرين أو صبيين أو معتوهين أو نساء ليس معهن رجل؛ لما قلنا فإن كان معهم شاهدان حران مسلمان جاز النكاح؛ لوجود شرطه، فإن أدرك الصبيان وعتق العبدان، وأسلم الكافران ثم شهدوا بذلك عند الحاكم جازت شهادتهم؛ لأن شرائط أداء الشهادة إنما تعتبر عند الأداء، وهو موجود، والعتق والإسلام والبلوغ ليسوا من شرائط التحمل فتحملهما كان صحيحا حين تحملا؛ لأن التحمل ليس بشهادة، والحرية والإسلام والبلوغ تعتبر في الشهادة فلهذا جازت شهادتهما
(قال): وإذا شهد شاهد أنه تزوجها أمس وشهد شاهد أنه تزوجها اليوم فشهادتهما باطلة؛ لأن النكاح، وإن كان قولا إلا أن من شرائطه ما هو فعل، وهو حضور الشهود فكان بمنزلة الأفعال، واختلاف الشهود في المكان والزمان في الأفعال يمنع قبول الشهادة. توضيحه: أن كل واحد منهما شهد بعقد




عقد بحضوره وحده، وذلك فاسد
[جحد الزوج النكاح فأقامت المرأة البينة]
(قال وإذا جحد الزوج النكاح فأقامت المرأة البينة جاز، ولم يكن جحوده طلاقا، ولا فرقة؛ لأن الطلاق تصرف في النكاح، وهو منكر لأصل النكاح فلا يكون إنكاره تصرفا فيه بالرفع والقطع، ألا ترى أن بالطلاق ينتقص العدد، وبانتفاء أصل النكاح لا ينتقص فإن أقامت البينة على إقراره بالنكاح جاز أيضا؛ لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة
(قال ولو زوج عبده أمته بغير شهود لم يجز؛ لأنه نكاح بين مسلمين، واشتراط الشهود في نكاح المسلمين لإظهار خطر البضع، وذلك المعنى لا يختلف في الأحرار والعبيد، وهذا بخلاف المهر؛ لأنه على طريق بعض مشايخنا يجب المهر بهذا العقد؛ لإظهار خطر البضع حقا للشرع ثم يسقط بعد ذلك؛ لأنه لو بقي كان للمولى، ولا دين للمولى على عبده، وإن قلنا: لا يجب فإنما امتنع وجوبه؛ لوجود المنافي له، ولكونه غير مفيد؛ لأن فائدة الوجوب الاستيفاء، وهذا لا يوجد في الشهود فإن ملكه رقبتهما لا ينافي الإشهاد على النكاح ويحصل به ما هو مقصود الإشهاد
(قال): وإن طلقها الزوج في النكاح بغير شهود لم يقع طلاقه عليها، ولكنه متاركة للنكاح؛ لأن وقوع الطلاق يستدعي ملكا له على المحل، إما ملك العين أو ملك اليد، وذلك لا يحصل بالنكاح الفاسد فإن العدة، وإن وجبت بالدخول لا يثبت ملك اليد باعتباره، ولهذا لا تستوجب النفقة، ولكنه يكون متاركة فإن الطلاق في النكاح الصحيح يكون رافعا للعقد موجبا نقصان العدد لكن امتنع ثبوت أحد الحكمين هنا فبقي عاملا في الآخر، وهو رفع الشبهة؛ لأن رفع الشبهة دون رفع العقد ثم بين حكم الدخول في النكاح الفاسد، وما لو تزوجها في العدة ثانية بشهود ثم طلقها قبل الدخول، وقد بينا الخلاف فيما سبق
(قال وإذا قال: تزوجتك بغير شهود، وقالت هي: تزوجتني بشهود فالقول قولها؛ لأنهما اتفقا على أصل العقد فيكون ذلك كالاتفاق منهما على شرائطه؛ لأن شرط الشيء يتبعه فالاتفاق على الأصل يكون اتفاقا على الشرط ثم المنكر منهما للشرط في معنى الراجع فإن كانت هي التي أنكرت الشهود فالنكاح بينهما صحيح، وإن كان الزوج هو المنكر يفرق بينهما؛ لإقراره بالحرمة عليه؛ لأنه متمكن من تحريمها على نفسه فجعل إقراره مقبولا في إثبات الحرمة، ويكون هذا بمنزلة الفرقة من جهته فلها نصف المهر إن كان قبل الدخول، وجميع المسمى ونفقة العدة إن كان بعد الدخول، وهذا بخلاف ما إذا أنكر الزوج أصل النكاح؛ لأن القاضي كذبه في إنكاره بالحجة، والمكذب في زعمه بقضاء القاضي لا يبقى لزعمه عبرة، وهنا القاضي ما كذبه في زعمه بالحجة ولكنه رجح قولها






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]