عرض مشاركة واحدة
  #93  
قديم يوم أمس, 06:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,924
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي



للمعنى الذي قلنا فبقي زعمه معتبرا في حقه فلهذا فرق بينهما.
(قال وكذلك لو قال: تزوجتها ولها زوج أو هي معتدة من غيري أو هي مجوسية أو أختها عندي أو هي أمة تزوجتها بغير إذن مولاها؛ لأن هذه الموانع كلها معنى في محل العقد، والمحال في حكم الشروط فكان هذا واختلافهما في الشهود سواء على ما بينا، وهذا بخلاف ما إذا ادعى أحدهما أن النكاح كان في صغره بمباشرته؛ لأنه ينكر أصل العقد هنا فإن الصغير ليس بأهل لمباشرة النكاح بنفسه فإضافة العقد إلى حالة معهودة تنافي الأهلية يكون إنكارا لأصل العقد كما لو قال: تزوجتك قبل أن تخلقي أو قبل أن أخلق، وإذا كان القول قول المنكر منهما فلا مهر لها عليه إن لم يكن دخل بها قبل الإدراك، وإن كان دخل بها قبل الإدراك فلها الأقل من المسمى، ومن مهر المثل؛ لوجود الدخول بحكم النكاح الموقوف فإن عقد الصغير يتوقف على إجازة وليه إذا كان الولي يملك مباشرته، وإن كان الدخول بعد الإدراك فهذا رضا بذلك النكاح، وبعد الإدراك لو أجاز العقد الذي عقده في حالة الصغر جاز كما لو أجاز وليه قبل إدراكه فكذلك بدخوله بها يصير مجيزا
(قال وإذا زوج الرجل امرأة بأمره ثم اختلفا فقال الوكيل: أشهدت فيه على النكاح، وقال الزوج: لم تشهد فيه فإنه يفرق بينهما؛ لإقراره، وعليه نصف الصداق؛ لما قلنا: إن إقراره بأصل عقد الوكيل إقرار بشرطه، وإن اختلفت المرأة ووكيلها في مثل ذلك فالقول قول الزوج؛ لأنها أقرت بالوكالة والنكاح فيكون ذلك إقرارا منها بشرط النكاح
(قال وكذلك لو قالت: لم تزوجني لا يلزمها إقرار الوكيل، وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - خلافا لهما؛ لأن إقرار الوكيل بالنكاح في حال بقاء الوكالة صحيح، وقد بيناه، وكذلك وكيل الزوج إذا أقر بالنكاح، وجحد الزوج فهو على الخلاف الذي بينا هكذا ذكر المسألة هنا، وأعاد المسألة في كتاب الطلاق، وذكر أن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: سواء النكاح والخلع والبيع والشراء في أن إقرار الوكيل بفعله جائز؛ إذا كان الآمر مقرا أنه أمره بفعله ففي رواية كتاب الطلاق: الخلاف في إقرار الولي على الصغير في النكاح لا في إقرار الوكيل على الموكل؛ لأن الوكيل مسلط من جهة الموكل باختياره فإقرار الوكيل به كإقرار الموكل بنفسه فأما الولي مسلط شرعا، والشرع اعتبر الشهود في النكاح فلا يصح إقرار الولي بغير شهود، والأصح أن الخلاف في الكل كما ذكر هنا، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب




[باب نكاح أهل الذمة]
(قال - رضي الله تعالى عنه - اعلم أن كل نكاح يجوز فيما بين المسلمين فهو جائز فيما بين أهل الذمة؛ لأنهم يعتقدون جوازه، ونحن نعتقد ذلك في حقهم أيضا «فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بعثت إلى الأحمر» والأسود، وخطاب الواحد خطاب الجماعة فما توافقنا في اعتقاده يكون ثابتا في حقهم، فأما ما لا يجوز بين المسلمين فهو أنواع منها النكاح بغير شهود فإنه جائز بين أهل الذمة يقرون عليه إذا أسلموا عندنا، وقال زفر - رحمه الله تعالى: لا يتعرض لهم في ذلك إلا أن يسلموا أو يترافعوا إلينا فحينئذ يفرق القاضي بينهم لقوله تعالى {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} [المائدة: 49] ؛ ولأنهم بعقد الذمة صاروا منا دارا، والتزموا أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات فيثبت في حقهم ما هو ثابت في حقنا ألا ترى أن حرمة الربا ثابتة في حقهم بهذا الطريق، فكذلك حرمة النكاح بغير شهود، ولكنا نقول: نعرض عنهم؛ لمكان عقد الذمة لا لأنا نقرهم على ذلك كما نتركهم وعبادة النار والأوثان على سبيل الإعراض لا على سبيل التقرير والحكم بصحة ما يفعلون.
ولا نعرض عنهم في عقد الربا؛ لأن ذلك مستثنى عن عقد الذمة قال - صلى الله عليه وسلم: «إلا من أربى فليس بيننا وبينه عقد ويروى عهد» «، وكتب إلى بني نجران إما أن تدعوا الربا أو فأذنوا بحرب من الله ورسوله»، وحجتنا في ذلك أن الإشهاد على النكاح من حق الشرع، وهم لا يخاطبون بحقوق الشرع بما هو أهم من هذا؛ ولأن النكاح بغير شهود يجوزه بعض المسلمين، ونحن نعلم أنهم لم يلتزموا أحكام الإسلام بجميع الاختلاف ثم من المنزل أن يترك أهل الكتاب وما يعتقدون إلا ما استثني عليهم، وأن حكم خطاب الشرع في حقهم كأنه غير نازل؛ لاعتقادهم خلاف ذلك، ألا ترى أن الخمر والخنزير يكون مالا متقوما في حقهم ينفذ تصرفهم فيهما بهذا الطريق، فكذا ما نحن فيه بخلاف الشرك فإن ذلك لم يحل قط ولن يحل قط، وإذا انعقد انعقد فيما بينهم صحيحا بهذا الطريق فما بعد المرافعة والإسلام حال بقاء النكاح، والشهود شرط ابتداء النكاح لا شرط البقاء
فأما إذا تزوج ذمية في عدة ذمي جاز النكاح في قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - حتى لا يفرق بينهما، وإن أسلما أو ترافعا، وعند أبي يوسف ومحمد - رحمه الله تعالى - يفرق؛ لأن النكاح في العدة مجمع على بطلانه فيما بين المسلمين فكان باطلا في حقهم أيضا ولكن لا نتعرض لهم؛ لمكان عقد




الذمة فإذا ترافعوا أو أسلموا وجب الحكم فيهم بما هو حكم الإسلام كما في نكاح المحارم.
فأما عند أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - من أصحابنا من يقول: العدة لا تجب من الذمي؛ لأن وجوبها؛ لحق الشرع أو؛ لحق الزوج، ولا يمكن إيجابها؛ لحق الشرع هنا؛ لأنهم لا يخاطبون بذلك، ولا لحق الزوج؛ لأنه لا يعتقد ذلك فإذا لم تجب العدة كان النكاح صحيحا، ومنهم من يقول العدة واجبة، ولكنها ضعيفة لا تمنع النكاح بناء على اعتقادهم كالاستبراء فيما بين المسلمين فكان النكاح صحيحا، وبعد المرافعة أو الإسلام الحال حال بقاء النكاح، والعدة لا تمنع بقاء النكاح كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة، وهذا بخلاف ما إذا كانت معتدة من مسلم؛ لأن تلك العدة قوية واجبة حقا للزوج
فأما إذا تزوج ذات رحم محرم منه من أم أو بنت أو أخت فإنه لا يتعرض له في ذلك، وإن علمه القاضي ما لم يترافعوا إليه في قول أبي يوسف - رحمه الله تعالى - الآخر وذكر في كتاب الطلاق أنه يفرق بينهما إذا علم بذلك؛ لما روي أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى عماله أن فرقوا بين المجوس وبين محارمهم، وامنعوهم من الرمرمة إذا أكلوا، ولكنا نقول: هذا غير مشهور، وإنما المشهور ما كتب به عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري - رضي الله تعالى عنهما - ما بال الخلفاء الراشدين تركوا أهل الذمة، وما هم عليه من نكاح المحارم، واقتناء الخمور والخنازير فكتب إليه إنما بذلوا الجزية؛ ليتركوا، وما يعتقدون، وإنما أنت متبع ولست بمبتدع، والسلام.
ولأن الولاة والقضاة من ذلك الوقت إلى يومنا هذا لم يشتغل أحد منهم بذلك مع علمهم أنهم يباشرون ذلك ثم قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: لهذه الأنكحة فيما بينهم حكم الصحة، ولهذا قال: يقضى لها بنفقة النكاح إذا طلبت، ولا يسقط إحصانه إذا دخل بها حتى إذا أسلم يحد قاذفه، وقال أبو يوسف ومحمد - رحمه الله تعالى: هو باطل في حقهم، ولكنا لا نتعرض لهم في ذلك؛ لمكان عقد الذمة، وهذا لأن الخطاب بحرمة هذه الأنكحة شائع في دار الإسلام، وهم من أهل دار الإسلام فيكون الخطاب ثابتا في حقهم؛ لأنه ليس في وسع المبلغ التبليغ إلى كل واحد، وإنما في وسعه جعل الخطاب شائعا فيجعل شيوع الخطاب بمنزلة البلوغ إليهم، ولكن لا نتعرض لهم؛ لمكان عقد الذمة ألا ترى أنهم لا يتوارثون بهذه الأنكحة، ولو كانت صحيحة في حقهم لتوارثوا بها، وأما الخمر والخنزير فقد قيل: الحرمة بخطاب خاص في حق المسلمين، وهو قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر} [المائدة: 90] إلى قوله تعالى {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91] ، وقيل: ليس من ضرورة الحرمة سقوط المالية والتقوم، فالمال قد يكون حراما، وقد يكون




حلالا، وإنما تنبني المالية على التمول، وهم يتمولون ذلك فأما من ضرورة حرمة المحل بطلان النكاح، وقد ثبتت الحرمة في حقهم كما بينا وأبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: لو تزوج مجوسية صح بالاتفاق، والمجوسية محرمة النكاح بخطاب الشرع كذوات المحارم.
، وإنما حكمنا بجوازه بينهم؛ لأن الخطاب في حقهم كأنه غير نازل فإنهم يكذبون المبلغ، ويزعمون أنه لم يكن رسولا، وقد انقطعت ولاية الإلزام بالسيف أو بالحاجة؛ لمكان عقد الذمة فصار حكم الخطاب قاصرا عنهم، وشيوع الخطاب إنما يعتبر في حق من يعتقد كون المبلغ رسولا فإذا اعتقدوا ذلك بأن أسلموا ثبت حكم الخطاب في حقهم، فأما قبل ذلك لما قصر الخطاب عنهم بقي حكم المنسوخ في حقهم ما لم يثبت الناسخ، كما بقي حكم جواز الصلاة إلى بيت المقدس في حق أهل قباء لما لم يبلغهم الخطاب بالتوجه إلى الكعبة، فإذا ثبت حكم صحة الأنكحة بهذا الطريق ثبت به ما هو من ضرورة صحة النكاح كالنفقة، وبقاء الإحصان، وأما الميراث فليس استحقاق الميراث من ضرورة صحة النكاح فقد يمتنع التوارث بأسباب كالرق، واختلاف الدين مع أن التوارث: إنما يستحق الميراث على المورث بعد موته، وحكم اعتقاده بخلاف الشرع سقط اعتباره بالموت؛ لعلمنا أنه قد تيقن بذلك، ولما أشار الله تعالى إليه في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} [النساء: 159] فلا يكون اعتقاد الوارث معتبرا في الاستحقاق عليه، فلهذا لا يرثه بخلاف النفقة في حال الحياة، وبقاء الإحصان.
إذا ثبتت هذه القاعدة فنقول عند أبي حنيفة: إن رفع أحدهما الأمر إلى القاضي وطلب حكم الإسلام لم يفرق بينهما إذا كان الآخر يأبى ذلك وعندهما يفرق بينهما؛ لأن أصل النكاح كان باطلا، ولكن ترك التعرض كان للوفاء بعقد الذمة فإذا رفع أحدهما الأمر، وانقاد لحكم الإسلام كان هذا بمنزلة ما لو أسلم أحدهما، ولو أسلم أحدهما فرق القاضي بينهما فكان إسلام أحدهما كإسلامهما، فكذلك رفع أحدهما إليه كمرافعتهما، وأبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: أصل النكاح كان صحيحا فرفع أحدهما إلى القاضي، ومطالبته بحكم الإسلام لا يكون حجة على الآخر في إبطال الاستحقاق الثابت له باعتقاده بل اعتقاده يكون معارضا لاعتقاد الآخر فبقي حكم الصحة على ما كان بخلاف ما إذا أسلم أحدهما فإن الإسلام يعلو، ولا يعلى فلا يكون اعتقاد الآخر معارضا لإسلام المسلم منهما، وبخلاف ما إذا رفعا؛ لأنهما انقادا لحكم الإسلام فيثبت حكم الخطاب في حقها بانقيادهما له، وإليه أشار الله تعالى في قوله: {فإن جاءوك فاحكم بينهم} [المائدة: 42] .
فتكون مرافعتهما كإسلامهما، وبعد




إسلامهما يفرق بينهما؛ لأن المحرمية كما تنافي ابتداء النكاح تنافي البقاء بعدما انعقد صحيحا كما لو اعترضت المحرمية في نكاح المسلمين برضاع أو مصاهرة
(قال وإذا تزوج الذمي ذمية على خمر أو خنزير بعينه أو بغير عينه فهو جائز، ولا مهر لها غير ما سمي؛ لأن شرط صحة التسمية كون المسمى مالا متقوما، والخمر والخنزير مال متقوم في حقهم بمنزلة الخل والشاء في حقنا، وإن تزوجها على ميتة أو دم أو غير شيء فالنكاح جائز، لها مهر مثلها؛ لأنهم لا يتمولون الميتة والدم كما لا يتمولهما المسلمون، ولو كان المسلم هو الذي تزوج امرأة بهذه الصفة كان لها مهر مثلها فكذلك الذمي، وقيل: هذا قولهما أما على قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى: لا شيء لها إذا كانوا يدينون بالنكاح بغير مهر إلى هذا يشير في الجامع الصغير.
والخلاف مشهور فيما إذا تزوجها على أن لا مهر لها عند أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - لا يجب المهر، وإن أسلما وعندهما لها مهر مثلها، وهو بناء على ما ذكرنا من الأصل فإن تقييد الابتغاء بالمال ثبت بخطاب الشرع فعندهما يكون ثابتا في حق أهل الذمة؛ لشيوع الخطاب في دار الإسلام؛ وكونهم من أهلها، واشتراطهم بخلاف ذلك باطل إلا أنه لا يتعرض لهم ما لم يسلموا أو يرفع أحدهم الأمر إلى القاضي بخلاف أهل الحرب فإن الخطاب غير شائع في دار الحرب؛ ولأن الحربية محل للتمليك بالقهر فيتمكن من إثبات ملك النكاح عليها بغير عوض بخلاف الذمية وأبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: حكم هذا الخطاب قاصر عنهم من الوجه الذي قلنا.
فصح الشرط ووجب الوفاء به ما لم يسلموا، وبعد الإسلام أو المرافعة الحال حال بقاء النكاح، والمهر ليس بشرط بقاء النكاح فكان هذا والنكاح بغير شهود سواء، فأما إذا سكتا عن ذكر المهر فكذا في إحدى الروايتين عن أبي حنيفة - رحمه الله تعالى -؛ لأن تملك البضع في حقهم كتملك المال في حق المسلمين فلا يجب العوض إلا بالشرط، وفي الرواية الأخرى يجب؛ لأن النكاح معاوضة البضع بالمال فالتنصيص عليه بمنزلة اشتراط العوض كالتنصيص على البيع فيما بين المسلمين فما لم يوجد التنصيص على نفي العوض كان العوض مستحقا لها، وكذا عند تسمية الميتة والدم؛ لأن ذلك لغو باعتبار أنه ليس بمال فكان هذا والسكوت عن ذكر المهر سواء
(قال وإذا طلق الذمي امرأته ثلاثا ثم أقام عليها فرافعته إلى السلطان فرق بينهما؛ لأنهم يعتقدون أن الطلاق مزيل للملك، وإن كانوا لا يعتقدونه محصور العدد فإمساكه إياها بعد التطليقات الثلاث ظلم منه، وما أعطيناهم الذمة لنقرهم على الظلم أرأيت لو اختلعت بمال أكنا ندعه ليقوم عليها، وقد استوفى منها فأما إذا




تزوجها بعد التطليقات الثلاث برضاها؛ فلأن هذا ونكاح المحارم سواء؛ لأن الثلاث يوجب حرمة المحل بخطاب الشرع كالمحرمية، وهم لا يعتقدون ذلك، وحرمة المحل بهذا السبب تمنع بقاء النكاح كما تمنع الابتداء، فكان كالمحرمية فيما ذكرنا من التفريعات
(قال وإذا تزوج الذمي ذمية على خمر بعينها أو خنزير بعينه ثم أسلما أو أسلم أحدهما فليس لها غير ذلك المعين في قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى -.
فإن كانت الخمر بغير عينها فلها قيمتها، وفي الخنزير بغير عينه في القياس كذلك، ولكنه استحسن فقال: لها مهر مثلها، وفي قول محمد: لها القيمة على كل حال، وفي قول أبي يوسف الآخر: لها مهر مثلها على كل حال، ولم يذكر قوله الأول، وقيل: هو كقول محمد - رحمه الله -، أما حجتهما في العين: أن الإسلام ورد والحرام مملوك بالعقد غير مقبوض فيمنع الإسلام قبضه كما في الخمر المشتراة إذا أسلم أحدهما قبل القبض، وهذا لأن القبض يؤكد الملك الثابت بالعقد، ألا ترى أن الصداق تتنصف بنفس الطلاق قبل الدخول إذا لم يكن مقبوضا وبعد القبض لا يعود شيء إلى ملك الزوج إلا بقضاء أو رضاء، وكذلك الزوائد تنتصف قبل القبض، ولا تنتصف بعده، وكذلك لو مر يوم الفطر، والصداق عبد عند الزوج ثم طلقها قبل الدخول، لا تجب صدقة الفطر عليها بخلاف ما بعد القبض.
إذا ثبت هذا فنقول: الإسلام كما يمنع تملك الخمر بالعقد ابتداء يمنع تأكد الملك فيها بالقبض، وبه فارق الخمر المغصوبة فإنه ليس في الاسترداد تأكد الملك إنما فيه مجرد النقل من يد إلى يد وأبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: الإسلام ورد، وعين المسمى مملوك لها مضمون بنفسه في يد الزوج فلا يمنع الإسلام قبضه كالخمر المغصوبة لا يمنع الإسلام استردادها، وهذا لأن ملكها في الصداق يتم بنفس العقد حتى تملك التصرف فيه كيف شاءت، ومع من شاءت ببدل، وغير بدل فليس القبض هنا بموجب ملك التصرف، ولا تملك العين بخلاف المبيع فإن بالقبض هناك يستفاد ملك التصرف، والإسلام المانع منه؛ ولأن ضمان المبيع في يد البائع ضمان ملك حتى لو هلك يهلك على ملكه فكان قبض المشتري ناقلا لضمان الملك فأما ضمان المسمى في يد الزوج فليس بضمان ملك حتى لو هلك على ملكها، ولهذا وجب لها القيمة فلا يكون الإسلام مانعا من القبض الناقل للضمان، إذا لم يكن ضمان ملك كاسترداد المغصوب، وهذا بخلاف ما إذا كان المسمى بغير عينه؛ لأن القبض هناك موجب ملك العين.
والإسلام يمنع من ذلك، وإذا عرفنا هذا فمحمد - رحمه الله تعالى - يقول في الفصول كلها: تعذر بالإسلام تسليم المسمى




بعد صحة التسمية، وذلك موجب للقيمة على كل حال، كما لو تزوجها على العبد فاستحق أو هلك قبل التسليم وأبو يوسف - رحمه الله تعالى - يقول: الإسلام الطارئ بعد العقد قبل القبض يجعل في الحكم كالمقارن للعقد كما في البيع، ولو اقترن الإسلام بالعقد وجب لها مهر المثل على كل حال، فهذا مثله وأبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: القياس ما قاله محمد - رحمه الله تعالى -؛ لأن التسمية صحيحة، وبطريان الإسلام لا يتبين فساد التسمية بخلاف ما إذا اقترن الإسلام بالعقد فإن التسمية هناك مفسدة، وبخلاف البيع؛ لأن أصل السبب هناك يفسد بالإسلام الطارئ، وهنا أصل السبب باق، وقد كانت التسمية صحيحة فإذا تعذر تسليم المسمى كان لها القيمة، غير أني أستقبح إيجاب قيمة الخنزير فأوجب لها مهر مثلها قيل: إنما استقبح ذلك؛ لبعد الخنزير عن المالية في حق المسلمين؛ ولأن المسلمين لا يعرفون قيمته، والرجوع إلى أهل الذمة في معرفة قيمة الخنزير؛ ليقضى به مستقبح، ولكن هذا ضعيف فإن المسلم إذا أتلف خنزير الذمي يضمن قيمته كما إذا أتلف خمره، والصحيح أن يقال قيمة الخنزير كعينه ألا ترى أن قبل الإسلام لو أتاها بالقيمة أجبرت على القبول كما إذا أتاها بالعين فكما تعذر قبض عين الخنزير بالإسلام فكذلك القيمة بخلاف الخمر.
يقرره: أن قيمة الخنزير من موجبات صحة التسمية، وبالإسلام قد تغير حكم التسمية فإنما يجوز أن يستوفى بعد الإسلام ما ليس من موجبات صحة التسمية، وذلك مهر المثل فأما قيمة الخمر ليس من موجبات صحة التسمية؛ لأن الخمر من ذوات الأمثال فلهذا يصار إلى قيمة الخمر ثم إن طلقها قبل الدخول ففي العين لها نصف العين في قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى -، وفي غير العين في الخمر لها نصف القيمة، وفي الخنزير لها المتعة؛ لأن مهر المثل لا يتنصف بالطلاق قبل الدخول بل في كل موضع كان الواجب مهر المثل قبل الطلاق، فالواجب المتعة بعد الطلاق على ما نذكره في باب المهور إن شاء الله تعالى، وعند محمد - رحمه الله تعالى - لها بعد الطلاق نصف القيمة على كل حال، وعند أبي يوسف - رحمه الله تعالى - لها المتعة على كل حال
(قال): مسلم تزوج مسلمة على خمر أو خنزير أو شيء مما لا يحل كان النكاح جائزا؛ لأن صحة التسمية ليس من شرائط أصل النكاح فالنكاح صحيح بغير تسمية المهر فكذلك مع فساد التسمية؛ لأن ما كان فاسدا شرعا فذكره كالسكوت عنه في حكم الاستحقاق، وتقدم اشتراطه غير مبطل للنكاح، فإن النكاح يهدم الشرط، ولا ينهدم به هكذا قال إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى: النكاح يهدم الشرط، والشرط يهدم البيع، وإذا صح النكاح فلها مهر




مثلها؛ لأن البضع لا يتملك إلا بعوض، وقد تعذر إيجاب المسمى فيصار إلى العوض الأصلي، وهو قيمة البضع على ما نبينه في باب المهور إن شاء الله تعالى
(قال وتجوز المناكحة بين اليهود والنصارى والمجوس، وقد دللنا على جواز أصل المناكحة فيما بينهم ثم هم أهل ملة واحدة، وإن اختلفت نحلهم؛ لأنه يجمعهم اعتقاد الشرك، والإنكار؛ لنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - فتجوز المناكحة فيما بينهم كأهل المذاهب فيما بين المسلمين، ولهذا جوزنا شهادة بعضهم على بعض، وورثنا بعضهم من بعض، ثم المولود بينهما على دين الكتابي من الأبوين عندنا تحل ذبيحته ومناكحته للمسلمين، ولا يحل ذلك عند الشافعي - رحمه الله تعالى -؛ لأن المعارضة تتحقق بينهما، وأحدهما يوجب الحرمة، والآخر الحل فيغلب الموجب للحرمة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - «ما اجتمع الحلال والحرام في شيء إلا غلب الحرام الحلال» بخلاف ما إذا كان أحدهما مسلما؛ لأن الكفر لا يعارض الإسلام على ما بينا، ولكنا نستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم - «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه» الحديث، فقد جعل اتفاق الأبوين علة ناقلة عن أصل الفطرة فيثبت ذلك فيما إذا اتفق عليه الأبوان، وفيما اختلفا فيه يبقى على أصل الفطرة؛ ولأن حل الذبيحة والمناكحة من حكم الإسلام فإذا كان ذلك اعتقاد أحد الأبوين يجعل الولد تبعا له في ذلك كما في نفس الإسلام، وهذا؛ لأن اليهودية إذا قوبلت بالمجوسية فالمجوسية شر فلا تقع المعارضة بينهما، ولكن يترجح جانب التبعية للكتابي؛ لأنه يعتقد التوحيد أو يظهره فكان في جعل الولد تبعا له نوع نظر للولد، وذلك واجب.
(قال وإذا زوج صبية من صبي، وهما من أهل الذمة جاز ذلك كما يجوز بين المسلمين؛ لأن الولاية ثبتت للأولياء فيما بينهم قال الله تعالى: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} [الأنفال: 73] ثم إن كان المزوج هو الأب والجد، فلا خيار لهما إذا أدركا؛ لشفقة الأبوة فإن ذلك لا يختلف باختلاف الدين على ما قيل: كل شيء يحب ولده حتى الحبارى، وإن كان المزوج غير الأب والجد فلهما الخيار في قول أبي حنيفة ومحمد على ما بينا فيما بين المسلمين
(قال وإذا تزوجت الذمية ذميا فقال وليها: هذا ليس بكفء لم يلتفت إلى قوله؛ لأن ذل الشرك، وصغار الجزية يجمعهم فلا يظهر مع ذلك نقصان النسب بل هم أكفاء بعضهم لبعض ألا ترى أنهم لو استرقوا كانوا أكفاء، ولو أعتقوا كذلك، ولو أسلموا كانوا أكفاء فعرفنا أنه لا يظهر التفاوت بينهم فلا يكون للولي أن يخاصم.
(قال إلا أن يكون شيئا مشهورا يعني كابنة ملك منهم خدعها حائك أو سائس ونحوه فهنا يفرق




بينهما لا لانعدام الكفاءة بل لتسكين الفتنة؛ لأن هذا يهيج الفتنة، والقاضي مأمور بتسكين الفتنة بينهم كما هو مأمور بذلك بين المسلمين
[تزوج الذمي مسلمة حرة]
(قال وإذا تزوج الذمي مسلمة حرة فرق بينهما لقوله تعالى {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا} [البقرة: 221] ؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم - «الإسلام يعلو، ولا يعلى» فاستقر الحكم في الشرع على أن المسلمة لا تحل للكافر، وإن كان ذلك حلالا في الابتداء فيفرق بينهما، ويوجع عقوبة إن كان قد دخل بها، ولا يبلغ به أربعين سوطا وتعزر المرأة والذي سعى فيما بينهما، وفي حق الذمي لم يذكر لفظ التعزير؛ لأنه ينبئ عن معنى التطهير والتوقير قال الله تعالى: {وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} [الفتح: 9] فلهذا قال: يوجع عقوبة، وهذا لأنه أساء الأدب فيما صنع، واستخف بالمسلمين، وارتكب ما كان ممنوعا منه فيؤدب على ذلك، وكان مالك بن أنس - رحمه الله تعالى - يقول: يقتل؛ لأنه يصير بهذا ناقضا للعهد حين باشر ما ضمن في العهد أن لا يفعله فهو نظير الذمي إذا جعل نفسه طليعة للمشركين على قوله، ولكنا نقول: كما أن المسلم بارتكاب مثله لا يصير ناقضا لأمانه فالذمي لا يصير ناقضا لأمانه فلا يقتل، ولكن يوجع عقوبة، وكذلك يعذر الذي سعى بينهما؛ لأنه أعان على ما لا يحل، والأصل فيه قوله - صلى الله عليه وسلم - «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش»، وهو الذي يسعى بينهما، وإن أسلم بعد النكاح لم يترك على نكاحه؛ لأن أصل النكاح كان باطلا فبالإسلام لا ينقلب صحيحا
(قال ولو أسلم الزوج وامرأته من أهل الكتاب بقي النكاح بينهما، ولا يتعرض لهما؛ لأن ابتداء النكاح صحيح بعد إسلام الرجل فلأن يبقى أولى، وإن كانت من غير أهل الكتاب فهي امرأته حتى يعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا فرق بينهما، وكذلك إن كانت المرأة هي التي أسلمت، والزوج من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب فهي امرأته حتى يعرض عليه الإسلام فإن أسلم، وإلا فرق بينهما، ويستوي إن كان دخل بها أو لم يدخل بها عندنا، وقال الشافعي - رحمه الله تعالى: إن كان قبل الدخول تقع الفرقة بإسلام أحدهما، وإن كان بعد الدخول يتوقف وقوع الفرقة بينهما على انقضاء ثلاث حيض، ولا يعرض الإسلام على الآخر، واستدل في ذلك فقال: قد ضمنا بعقد الذمة أن لا نتعرض لهم في الخيار على الإسلام، وذلك يقطع ولاية الإجبار، والتفريق عندنا بالإسلام، ولكن النكاح قبل الدخول غير متأكد فينقطع بنفس اختلاف الدين؛ إذا كان على وجه يمنع ابتداء النكاح، وبعد الدخول النكاح متأكد فلا يرتفع بنفس اختلاف الدين حتى ينضم إليه ما يؤثر




في الفرقة، وهو انقضاء العدة.
وقاس بالطلاق فإن بنفس الطلاق قبل الدخول يرتفع النكاح، وبعد الدخول لا يرتفع إلا بانقضاء العدة، وحجتنا في ذلك ما روي أن دهقانة بهز الملك أسلمت فأمر عمر - رضي الله عنه - أن يعرض الإسلام على زوجها فإن أسلم، وإلا فرق بينهما، وأن دهقانا أسلم في عهد علي - رضي الله عنه - فعرض الإسلام على امرأته فأبت ففرق بينهما وكان المعنى فيه: أن النكاح كان صحيحا بينهما فلا يرتفع إلا بعد وجود السبب الموجب له، وإسلام المسلم منهما لا يصلح سببا لذلك؛ لأنه سبب لإثبات العصمة، وتأكيد الملك له، وكذلك كفر من أصر منهما على الكفر؛ لأنه كان موجودا قبل هذا، وما كان مانعا لابتداء النكاح، ولا بقائه، وكذلك اختلاف الدين فإن عينه ليس بسبب كما لو كان الزوج مسلما، والمرأة كتابية فلا بد من أن يتقرر السبب الموجب للفرقة لما تعذر استدامة النكاح بينهما، وذلك السبب عرض الإسلام على الكافر منهما لا بطريق الإجبار عليه، ولكن؛ لأن بالنكاح وجب عليه الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان فالإمساك بالمعروف في أن يساعدها على الإسلام فإذا أبى ذلك تعين التسريح بالإحسان فإذا امتنع من ذلك ناب القاضي منابه في التفريق بينهما، ثم إن كانت المرأة هي التي أبت الإسلام حتى فرق القاضي بينهما فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها، وإن كان بعد الدخول فليس لها نفقة العدة؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها، وتكون الفرقة بغير طلاق بالاتفاق؛ لأنه ليس إليها من الطلاق شيء، وإنما فرق القاضي بينهما بإصرارها على الخبث، والخبيثة لا تصلح؛ للطيب، فأما إذا كان الزوج هو الذي أبى الإسلام فإن كان قبل الدخول فلها نصف المهر، وإن كان بعد الدخول فلها نفقة العدة، وتكون الفرقة بطلاق عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، وعند أبي يوسف - رحمه الله تعالى - تكون فرقة بغير طلاق، وأما الفرقة بردة المرأة تكون بغير طلاق وردة الزوج كذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى، وفي قول محمد - رحمه الله تعالى - تكون بطلاق.
وحجة أبي يوسف - رحمه الله تعالى - في الفصلين أن سبب هذه الفرقة يشترك فيه الزوجان على معنى أنه يتحقق من كل واحد منهما، وهو الإباء والردة، ومثل هذه الفرقة تكون بغير طلاق كالفرقة الواقعة بالمحرمية، وملك أحد الزوجين صاحبه، وهذا لأنه ليس إليها من الطلاق شيء فكل سبب للفرقة يتحقق من جهتها يعلم أنه ليس بسبب للطلاق، وحجة محمد - رحمه الله تعالى - في الفصلين أن سبب الفرقة قول من جهة الزوج إما إباء أو ردة فيكون بمنزلة إيقاع




الطلاق.
وهذا لأنه يفوت الإمساك بالمعروف بهذا السبب فيتعين التسريح بالإحسان، والتسريح طلاق ألا ترى أن الفرقة بين العنين وامرأته تجعل طلاقا بهذا الطريق وأبو حنيفة يفرق بينهما، والفرق من وجهين: أحدهما: أن الفرقة بالردة كانت لفوات صفة الحل، وذلك مناف للنكاح ألا ترى أن الفرقة لا تتوقف على قضاء القاضي فإنه ينافي النكاح ابتداء وبقاء، فيكون نظير المحرمية والملك، فأما إباء الإسلام فإنه غير مناف للنكاح ألا ترى أن الفرقة به لا تقع إلا بقضاء القاضي، والفرقة بسبب غير مناف للنكاح إذا كان مضافا إلى الزوج يكون طلاقا.
توضيح الفرق: أن في فصل الإباء لما كانت الفرقة لا تقع إلا بقضاء القاضي أشبه الفرقة بسبب العنة من حيث إن القاضي ينوب فيه عن الزوج، وفي مسألة الردة لما لم تتوقف الفرقة على القضاء أشبه الفرقة بسبب المحرمية والملك، ألا ترى أنه يتم بالمرأة، وليس إليها من الطلاق شيء ثم في الفصلين يقع طلاقه عليها ما دامت في العدة، أما في الإباء فظاهر؛ لأن الفرقة كانت بالطلاق، وأما في الردة فلأن حرمة المحل بهذا السبب غير متأبدة ألا ترى أنه يرتفع بالإسلام فيتوفر على الطلاق ما هو موجبه، وهو حرمة المحل إلى غاية إصابة الزوج الثاني، فلهذا يقع طلاقه عليها في العدة بخلاف ما بعد المحرمية، فإن حرمة المحل هناك مؤبدة فلا يظهر معها ما هو موجب الطلاق
(قال وإذا عقد النكاح على صبيين من أهل الذمة ثم أسلم أحدهما، وهو يعقل الإسلام صح إسلامه عندنا استحسانا ويعرض على الآخر الإسلام إن كان يعقل فإن أسلم فهما على نكاحهما، وإن أبى أن يسلم فإن كان الزوج هو الذي أسلم والمرأة كتابية لم يفرق بينهما كما لو كانا بالغين، وإن كان بخلاف ذلك ففي القياس لا يفرق بينهما أيضا؛ لأن الإباء إنما يتحقق موجبا للفرقة ممن يكون مخاطبا بالأداء، والذي لم يبلغ، وإن كان عاقلا فهو غير مخاطب بذلك، ولكنه استحسن فقال: كل من صح منه الإسلام إذا أتى به صح منه الإباء إذا عرض عليه، وعند تقرر السبب الموجب للفرقة الصبي يستوي بالبالغ كما لو وجدته امرأته مجنونا، وقيل: هذا على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فأما أبو يوسف - رحمه الله تعالى - فإنه يأخذ بالقياس، وهو نظير اختلافهم في ردة الصبي عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تجب الفرقة خلافا لأبي يوسف - رحمه الله تعالى -.
والأصح أنه قولهم جميعا، والفرق لأبي يوسف - رحمه الله تعالى - أن الإباء تمسك بما هو عليه، فيكون صحيحا منه فأما الردة إنشاء لما لم يكن موجودا، وهو يضره فلا يصح منه، ألا ترى أن رده الهبة بعدما قبض لا يصح وامتناعه من القبول في الابتداء






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]