الموضوع: تحت العشرين
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم يوم أمس, 10:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1285


الفرقان



أهمية الصدق في حياة المسلم
الجدّية ليست عبوسًا في الوجه، ولا قسوة في التعامل، بل هي شعور بالمسؤولية، وإدراك لقيمة الوقت، وعزيمة تسعى للإنجاز والبناء، إنها سمة المؤمن الصادق الذي يعرف لماذا خُلق؟ ويعيش لهدفٍ سامٍ يرضي الله -تعالى-، قال الله -سبحانه-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام:126)، فالمسلم الحق يجعل حياته كلها لله، عملاً وعبادة وسلوكًا.
والجدّية في حياة الشباب تعني أن تكون له رؤية، وغاية يسعى لتحقيقها بعزيمة لا تعرف الكسل، ولا تلتفت إلى اللهو والعبث الذي يستهلك أعمار الكثيرين في غير طائل، وقد أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على العمل الجاد والسعي الشريف، فقال: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده»، وقال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يُتقنه»؛ فالإتقان ثمرة الجدّية، وهو دليل الإيمان الراسخ والإحسان في العمل، والجدّية لا تعني الجمود أو الانغلاق، بل التوازن بين العبادة والعمل، وبين الطموح والراحة، وبين الروح والعقل، قال -تعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (القصص: 77)؛ فالحياة ميدان للاجتهاد في عمارتها، مع حفظ القلب من الغفلة والانشغال الفارغ. إنَّ الشباب الجادّ هو لبنة الإصلاح في أمته، يحمل همّ الدين والوطن، ويتقن ما يقوم به من علمٍ أو عمل، فيكون قدوة في الانضباط والعطاء، لا يعرف التسويف ولا التهاون، وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللاً! لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة»؛ فلنرفع شعار الجدّ والاجتهاد؛ فالجدية ليست مجرد خلقٍ شخصي، بل عبادة نتقرب بها إلى الله، وسلوك يُبنى به المستقبل، وتُستعاد به نهضة الأمة.
من آثار التمسك بالسُنَّة النبويَّة
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمـين -رحمه الله-: من آثار التمسك بالسُنَّة النبويَّة المطهرة أن الإنسان يكون وسطا بين الغالي والجافي عنه، فإن دين الإسلام دين الوسط لا غلو فيه ولا تفريط فيه؛ بل هو وسط بين هذا وهذا؛ فمتبع السُنَّة يكون سيره إلى الله -عزوجل- بما يتعبد لله به بين الغالي والجافي، وينزل كل شيء منزلته.
إحياء السنن المهجورة
إن السنن النبوية ليست شعائر جامدة، بل هي حياة تضيء الطريق للإنسان، وتربطه بخالقه وبأمته، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحيا سنَّةً من سنَّتي قد أميتت بعدي، فإنَّ لَه منَ الأجرِ مثلَ أجورِ من عملَ بِها، من غيرِ أن ينقصَ من أجورِهم شيئًا»؛ فالحرص على إحياء السنن المهجورة -ولا سيما من الشباب- يُعدّ عملًا مباركًا يُثاب عليه صاحبُه، ومن السنن المهجورة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تبسّمك في وجه أخيك صدقة»، فابتسم وكن لطيفًا في حديثك مع الآخرين، وأحسن إلى الناس، فقد تظن أنها أعمال صغيرة في ظاهرها، لكنها عظيمة الأثر في تزكية النفس وبناء مجتمع متراحم مؤمن.
الشباب ومهارات التواصل الفعّال
يعد التواصل الفعّال من أعظم مهارات الحياة التي يحتاجها الشباب في بناء علاقاتهم، وتوجيه رسائلهم ودعوتهم إلى الخير؛ فالكلمة الطيبة جسرُ القلوب ومفتاحُ النفوس، وقد أمر الله -تعالى- بها فقال: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (البقرة: 83)، والتواصل في الإسلام ليس مجرد كلامٍ منمّق، بل خلقٌ رفيع ينبع من قلب صادق، يُحسن اختيار الكلمة، ويستمع قبل أن يتكلم، ويبتغي بحديثه وجه الله، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الكلمة الطيبة صدقة»، وقال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»؛ فالشاب المسلم الحقّ هو من يملك لسانه، ويجعل حديثه سلاحًا للبناء لا للهدم، وبابًا للتأثير لا للجدل، يعبّر عن رأيه بأدبٍ، ويستمع للآخرين باحترامٍ، ويجعل تواصله وسيلةً لنشر الخير، وربط القلوب على المحبة والإيمان.
الندم على التفريط في الآخرة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كم يحصل للمرء من ندامة على ما يقع منه من تفريط في بعض مصالحه الدنيوية! والجاد من الناس يعمل بجد حتى لا تقع له هذه الندامة، لكنَّ الكثير منهم يغفل عن العمل الجاد للدار الآخرة؛ فيبوء في ذلك اليوم بندامة وحسرة لا تجدي {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}.
الشباب وإدارة المال الشخصي
المال نعمةٌ من نعم الله، وهو أمانة في يد الإنسان يُسأل عنها يوم القيامة، قال -تعالى-: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (التكاثر: 8)، والشاب الحكيم هو من يتعلّم فنّ إدارة ماله مبكرًا، فيوازن بين الكسب والإنفاق، ويجعل من رزقه وسيلةً للخير لا للترف والإسراف، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن: عمره فيم أفناه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟... الحديث»؛ فتعلُّم مهارة إدارة المال ليس رفاهية، بل ضرورة تبني وعيًا ماليا راشدًا، وتُربّي في الشاب المسؤولية والانضباط، وتجعله يحيا كريمًا منتجًا بعيدًا عن التبذير والدَّين، قال -تعالى-: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الإسراء: 27)، فابدأ من الآن، دوّن مصروفك، وخطّط لادخارك، وتدرّب على إدارة مالك بحكمة؛ فذلك من تمام النضج والإيمان، ومن دلائل القوة والرشد في زمنٍ تكثر فيه المغريات وتضيع فيه الأولويات.
تقنيات التعلّم الذاتي
في زمنٍ تتسارع فيه المعرفة وتتنوع مصادرها، لم يعُد التعلم حبيس الصفوف والكتب، بل أصبح مهارةً حياتية يكتسبها الشاب الواعي بإرادته وسعي؛ فالتعلّم الذاتي هو سبيل النمو والتميّز، يفتح للعقل آفاقًا، ويُنمّي روح المبادرة والمسؤولية، وقد رفع الإسلام من شأن طلب العلم، وحثّ على السعي إليه، فقال الله -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114)، وقال -سبحانه-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة»، فالشاب الذي يتدرّب على تقنيات التعلّم الذاتي: كتنظيم وقته، وتحديد أهدافه، والبحث عن المعلومة من مصادرها الموثوقة، واستخدام الوسائل التقنية بوعي، إنما يسير على نهجٍ نبويٍّ في طلب العلم والعمل به؛ فالعلم في الإسلام عبادة، والتعلّم المستمر علامة نضجٍ وإيمانٍ وعزيمة؛ فتعلّم بنفسك، ودرّب عقلك على البحث والتفكير؛ فكل لحظة تعلّم تفتح لك بابًا من أبواب النور، وتقرّبك إلى الله الذي جعل العلم سبيل الرفعة والكرامة في الدنيا والآخرة.
الانضباط والعمل المستمر
يُعد الانضباط والعمل المستمر من أهم أسباب النجاح في حياة الشباب؛ فالاستمرارية تصنع فرقًا كبيرًا في حياة الفرد، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ»، ويشمل ذلك الحرص على الفروض الأساسية، ولا سيما أداء الصلاة في وقتها في المسجد، والمواظبة على ورد ثابت من القرآن الكريم، والاهتمام بالقراءة والمطالعة، وممارسة الرياضة؛ فهذه الخطوات تساهم في بناء شخصية إيمانية متكاملة متوازنة للشاب المسلم


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]