هل هي حملة منسقة ضد الحجاب؟ - بقلم الحسن السراتتتزعم تونس حملة اضطهاد الحجاب بكل وقاحة في العالم العربي والإسلامي، متفوقة بذلك على تركيا الكمالية وعلى فرنسا العلمانية. الوقاحة التونسية تتضاعف نسبتها عندما نأخذ في الحسبان أنها دولة إسلامية عريقة وأن بها مركزا ثقافيا وعلميا كبيرا هو جامع الزيتونة. وأن الحملة ضد الحجاب هي جزء من حرب شرسة ضد منابع التدين في المجتمع، تصل إلى حد الإكراه البدني والاعتقال والحرمان من عدد من الحقوقالمتعارف عليها كونيا ودوليا كما يحلو للمنظمات النسائية والحقوقية العربية والمغربية أن تقول، لكنها تلوم الصمت عندما تضطهد المحجبات، والسكوت علامة الموافقة والرضى كما يقول المثل السائر.
الإسلام ذاته لا يكره أحدا على اعتناقه، ولا يحب أن يعبد الله إلا باقتناع واختيار وبأمن وطمأنينة دون أي شعور بالخوف أو القلق كما أنه لا يكره النساء على ارتداء الزي الشرعي لأن اللباس تعبير عن ضمير صاحبه، والحجاب نهاية طبيعية للإيمان بالله واليوم الآخر وتطابق بين الظاهر والباطن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإسلام لا يمارس الإكراه المعنوي والسياسي والتعليمي والإعلامي والاقتصادي والتجاري الذي تمارسه الحداثة والعلمانية اليوم لفرض نموذج واحد ووحيد من اللباس، ومنهج واحد ووحيد للحياة، بل يترك للإنسان حرية الاختيار بين سبل متعددة مع بيان محاسن ومساوئ كل سبيل على حدة.
لقد وجهت للإسلام تهم كثيرة على رأسها أنه انتشر بالقوة والسيف، في حين أن الواقع الحالي يكذب الذينروجوا لهذه الافتراءات عليه، وقضية الحجاب وحدها برهان على أن هذا الدين يختاره الناس بهدوء وإيمان، وأن الذي يشهر السيف في وجهه ووجه من اعتنقوه هم خصومه المتهمون له. فكيف تكفل حرية التبرج وحرية الجسد وحرية الإغواء والمراودة العلنية،وتضطهد حرية الحشمة والحياء والستر والعفاف.
ومما يثير الحفيظة أن الحملة ضد الحجاب أخذت أبعادا دولية هذه الأيام، وتبدو كأنها حملة منسقة بين عدة دول فيالشمال والجنوب وفي العالم الإسلامي والعالم الغربي: تونس ومصر والمغرب وبريطانياوهولندا وفرنسا، وغيرها من البلدان. أما تونس ففضيحتها يعرفها الخاص والعام، أما مصر فقد انبرى وزير الثقافة بنفسه للحديث عن الحجاب باعتباره عودة إلى الوراء، وأنهلو اختارت زوجته أن ترتدي الحجاب لمنعها، وهكذا تكون الحرية والديمقراطية وإلا فلا.
في المغرب، تشن الحملة على الحجاب بذكاء وهدوء، ولولا الإعلام لما عرف الناس ما يحاك للحجاب، والصلاة أيضا، من كيد ومكر في عدة شركات ومقاولات، على رأسها شركة الخطوط الملكية الجوية المعين مديرها العام بظهير شريف من الملك أميرالمؤمنين، فإذا به ينتهك حرمة الملة والدين، وكان أحسن شيء قرأته تعليقا على قراره بأولوية العمل على الصلاة قول القائل ''ليقم أحدكم بالترجمة الفرنسية لهذه الآية ما دام السيد المدير العام لا يعرف العربية وهي قوله تعالى ''إن الصلاة كانت علىالمؤمنين كتابا موقوتا''.
أما في فرنسا وبريطانيا وهولندا وغيرها من البلدان الغربية، فليس خافيا على أحد الحملات المتواصلة ضد خرقة صغيرة تخفي شعر المرأة يعتبرها المتحاملون تهدد النسيج السياسي والاجتماعي والفكري للحداثة والعلمانية.أليس هذه قمة الاسخفاف بعقول الناس.
قمة الاستخاف تتجلى في أن الذين يزعمون أنهم حراس الحرية الشخصية والمدافعون الأشداء عن حقوق الإنسان هم أول المنتهكين لهذه الحريات والحقوق، وفي أحسن الأحوال هم الساكتون عن ذلك. والساكت عن الحق شيطان أخرس.
أما إذا قيل إنكم تحاربون شريعة الله وأركان دينه، فسوف يقولون هذاتحريض على التشدد، فأي تشدد أشد من اضطهاد الناس بسبب عقائدهم واختياراتهم الشخصية عندما يتعلق الأمر بالتدين والعودة إلى الله ورسوله.