عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-12-2006, 11:26 AM
ابواحمد السلفي ابواحمد السلفي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
مكان الإقامة: السودان
الجنس :
المشاركات: 14
الدولة : Sudan
افتراضي كلام عجيب عن الناس بين العلم و الجهل.(من كتاب صيد الخاطر)

الناس بين العلم و الجهل


نظرت إلى الناس فرأيتهم ينقسمون بين عالم و جاهل

فأما الجهال فانقسموا فمنهم سلطان قد ربي في الجهل و لبس الحرير و شرب الخمور و ظلم الناس و له عمال على مثل حاله فهؤلاء بمعزل عن الخير بالجملة
و منهم تجار همتهم الإكتساب و جمع الأموال و أكثرهم لا يؤدي الزكاة و لا يتحاشى من الربا فهؤلاء في صور الناس
و منهم أرباب معاش يطففون المكيال و يخسرون الميزان و يبخسون الناس و يتعاملون بالربا و هم في الأسواق طوال النهار لا همة لهم إلا ما هم فيه فإذا جاء الليل وقعوا نياما كالسكارى فهمة أحدهم ما يأكل و يلتذ به و ليس عندهم من الصلاة خبر فإن صلى أحدهم نقرها أو جمع بينها فهؤلاء في عدد البهائم
و من الناس ذو رذالة في جميع أحوالهم فهذا كناس و هذا زبال و هذا نخال و هذا يكسح الحش فهؤلاء أرذل القوم و منهم من يطلب اللذات و لا يساعده المعاش فيخرج إلى قطع الطريق و هؤلاء أحمق الجماعة إذ لا عيش لهم

فإن إلتذوا لحظة بأكل أو شرب فحركة الريح قصبة هربوا خوفا من السلطان و ما أقل بقاءهم ثم القتل و الصلب مع إثم الآخرة

و منهم أرباب قرى قد عمهم الجهل و أكثرهم لا يتحاشى من نجاسة فهم في زمرة البقر
و رأيت النساء ينقسمن أيضا فمنهن المستحسنة التي تبغي و منهن الخائنة لزوجها في ماله
و منهن من لا تصلي و لا تعرف شيئا من الدين فهؤلاء حشوا النار
فإذا سمعن موعظة فإنها كما مرت على حجر إذا قرئ عندهن القرآن فكأنهن يسمعن السمر
و أما العلماء فالمبتدئون منهم ينقسمون إلى ذي نية خبيثة يقصد بالعلم المباهاة لا العمل و يميل إلى الفسق ظنا إن العلم يدفع عنه و إنما هو حجة عليه
و أما المتوسطون و المشهورون فأكثرهم يغشى السلاطين و يسكت عن إنكار المنكر
و قليل من العلماء من تسلم له نيته و يحسن قصده
فمن أراد الله به خيرا رزقه حسن القصد في طلب العلم فهو يحصله لينتفع به و ينفع و لا يبالي بعمل مما يدل عليه العلم
فتراه يتجافى أرباب الدنيا و يحذر مخالطة العوام و يقنع بالقليل خوفا من المخاطرة في الدنيا في تحصيل الكثير
و يؤثر العزلة فليس مذكرا للآخرة مثلها
و ليس على العالم أضر من الدخول على السلاطين فإنه يحسن للعالم الدنيا و يهون عليه المنكر
و ربما أراد أن ينكر فلا يصح له فإن عدم القناعة و غلبت نفسه في طلب فضول الدنيا سلم عليه لأنه يتعرض بأربابها
و إن الإنسان ليمشي في السوق ساعة فينسى بما يرى ما يعلم فكيف إذا انضم إلى ذلك التردد إلى الأغنياء و الطمع في أموالهم
فأما الوحدة فإنها سبب رجوع القلب و جمع الهم و النظر في العواقب و التهيؤ للرحيل و تحصيل الزاد
فإذا انضمنت إليها القناعة جلبت الأحوال المستحسنة
و لا تحسن اليوم المجالسة إلا لكتاب يحدثك عن أسرار السلف
فأما مجالسة العلماء فمخاطرة إذ لا يجتمعون على ذكر الآخرة في الأغلب
و مجالسة العوام فتنة للدين إلا أن يتحرز في مجالسهم و يمنعهم من القول فيقول هو و يكلفهم السماع
ثم يستوفز للبعد عنهم و لا يمكن الإنقطاع الكلي إلا بقطع الطمع و لا ينقطع الطمع إلا بالقناعة باليسير أو يتجر بتجارة أو أن يكون له عقار يستغله
فإنه متى احتاج تشتت الهم و متى إنقطع العالم عن الخلق و قطع طمعه فيهم و توفر على ذكر الآخرة فذاك الذي ينفع و ينتفع به و الله الموفق
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.25 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.84%)]