***قصة سيدنا لوط عليه السلام***
- وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وإذنه، فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر.
وكان أهلها من أفجر الناس، وأكفرهم وأسوئهم طوية، وأردئهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل، ويأتون في ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون. ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين، وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصالحين .
- و كانوا يتضارطون في مجالسهم، ولا يستحون من مجالسهم، وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون.
- نهاهم لوط عليه السلام عن تعاطي ما ذكرالله عنهم من الفواحش . ولم يستجيبوا بل هموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم. قالوا:
{أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون} (سورة النمل:56)
- وقالوا له فيما قالوا:
{ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين} (سورة العنكبوت:29)
- فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم، فسأل رب العالمين وإله المرسلين أن ينصره على القوم المفسدين ، واستجاب لدعوته،وبعث رسله الكرام، وملائكته العظام، فمروا على الخليل إبراهيم وبشروه بالغلام العليم وأخبروه بما جاءوا له من الأمر الجسيم :
{قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلي قوم مجرمين * لنرسل عليهم حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين} (سورة الذاريات:31ـ34)
وقال:
{ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل القرية، إن أهلها كانوا ظالمين * قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها، لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} (سورة العنكبوت:31ـ32)
-قال الله تعالى:
{ولما جاءت رسلنا لوطاً سيئ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيب} (سورة هود:77)
- وقال السدي: خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط. فأتوها نصف النهار، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها، وكانت له ابنتان: اسم الكبرى "أريثا" والصغرى "زغرتا". فقالوا لها: يا جارية، هل من منزل؟ فقال لهم: نعم مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم، فرقت عليهم من قومها، فأتت أباها فقالت: يا أبتاه! أرادك فتيان على باب المدينة، ما رأيت وجوه قوم قط هي أحسن منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم. وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلاً فقالوا: خل عنا فلنضيف الرجال فجاء بهم فلم يعلم أحد إلا أهل البيت، فخرجت امرأته فأخبرت قومها؛ فقالت: إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط، فجاءه قومه يهرعون إليه.
{قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} (سورة هود:78)يرشدهم إلي غشيان نسائهم وهن بناته شرعاً؛ لأن النبي للأمة منزله الوالد .
{أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم، بل أنتم قوم عادون} (سورة الشعراء:165ـ166)
- قال : {فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد} (سورة هود:78)
- فقال قومه عليهم لعنة الله ، مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد:
{لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} (سورة هود:79)
ولهذا قال عليه السلام
{لو أن لي بكم قوة أو آوى إلي ركن شديد} (سورة هود:80)
وقال تعالى:
{وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون * واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أو لم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين} (سورة الحجر:67ـ71)
ذكر المفسرون وغيرهم: أن نبي الله لوطاً عليه السلام جعل يمانع قومه الدخول ويدافعهم والباب مغلق، وهم يرمون فتحه وولوجه، وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب، وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح، فلما ضاق الأمر وعسر الحال وقال ما قال:
{لو أن لي بكم قوة أو آوى إلي ركن شديد} (سورة هود:80)
لأحللت بكم النكال. قال الملائكة:
{يا لوط إنا رسل لن يصلوا إليك} (سورة هود:81)
وذكروا أن جبريل عليه السلام خرج عليهم، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم، حتى قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر، فرجعوا يتحسسون مع الحيطان، ويتوعدون رسول الرحمن، ويقولون إذا كان الغد كان لنا وله شأن!.
قال الله تعالى:
{ولقد راوده عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر} (سورة القمر:37ـ38)
فذلك أن الملائكة تقدمت إلي لوط، عليه السلام، آمرين له بأن يسري هو وأهله من آخر الليل:
{ولا يلتفت منكم أحد} (سورة هود:81)
يعني عند سماع صوت العذاب إذا حل بقومه، وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم. وقوله:
{إلا امرأتك} (سورة هود:81) أي: فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم.
- وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة :
{إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} (سورة هود:81)
- قال الله تعالى:
{فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها وسافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضودٍ * مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيدٍ} (سورة هود:82ـ83)والسجيل: فارسي معرف، وهو الشديد الصلب القوي، منضود: أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم من السماء، مسومة: أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه .
***انتــــــــهى***