
02-02-2007, 07:10 PM
|
 |
عضو مبدع
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: سوريا
الجنس :
المشاركات: 1,063
الدولة :
|
|
وكان بعض أهل الكتاب يُذكِّر البعض الآخر ، ويقيم الحجة عليهم ، فهذا مخيريق من أحبار بني النضير وعلمائها وأغنيائها يقيم الحجة على يهود ، وكان يعرف رسول الله - صلى الله عليه وسله - بصفته وما يجد في علمه ، وكان قد غلب عليه إلف دينه ، فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أحد - وكان يوم أحد يوم السبت من شهر ..شوال من السنة الثالثة للهجرة - قال : يا معشر يهود ! والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق .قالوا : إن اليوم يوم السبت . قال : لا سبت لكم . ثم أخذ سلاحه ، فخرج حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحد ، وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فأموالي لمحمد- صلى الله عليه وسلم - يصنع فيها ماشاء .
فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول مخيريق خير يهود ).[ ابن إسحاق ، انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/51 ].
و شاهد آخر في موقف (ضغاطر )كبير الأساقفة زمن هرقل ، عندما أرسل إليه هرقل بكتاب النبي - صلى الله عليه وسله - يستشيره فيه ، فقال الأسقف: هذا الذي كنا ننتظر ، وبشرنا به عيسى – عليه السلام - أما أنا فمصدقه ومتبعه . فقال له قيصر: أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي . ثم قال الأسقف لرسول النبي صلى الله عليه وسلم : خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك ، فأقرئ عليه السلام ،وأخبره أني أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله ، وأني قد آمنت به وصدقته ،وأنهم قد أنكروا على ذلك .ثم خرج إليهم فقتلوه .[ ابن حجر في فتح الباري 1/42-43].
وأورد شيخ الإسلام بن تيمية إقرار وشهادة الحسن بن أيوب ، و كان من أجلاء علماء النصارى ، وأخبرِ الناسِ بأقوالهم ، ومن أخبرِ الناس بمقالاتهم ، فأسلم على بصيرة ، وكتب رسالة إلى أخيه علي بن أيوب يذكر فيها سبب إسلامه ، ويذكر الأدلة على بطلان دين النصارى وصحة دين الإسلام ، قال في رسالته إلى أخيه لما كتب إليه يسأله عن سبب إسلامه ؟ ثم أعلمك أرشدك الله أن ابتداء أمري في الشك الذي دخلني فيما كنت عليه ،والاستبشاع بالقول به من أكثر من عشرين سنة !! لما كنت أقف عليه في المقالة من فساد التوحيد لله عز وجل ، بما أدخل فيه من القول بالثلاثة الأقانيم ، وغيرها مما تضمنته شريعة النصارى ،ووضع الاحتجاجات التي لا تزكو ، ولا تثبت في تقرير ذلك ، وكنت إذا تبحرته وأجلت الفكر فيه بان لي عواره ، ونفرت نفسي من قبوله ، وإذا فكرت في دين الإسلام الذي مَنّ الله علي به وجدت أصوله ثابتة ، وفروعه مستقيمة ، وشرائعه جميلة ، وأصل ذلك ما لا يختلف فيه أحد ممن عرف الله عز وجل منكم ومن غيركم ، وهو الإيمان بالله الحي القيوم السميع البصير الواحد الفرد الملك القدوس الجواد العدل ، إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وإله موسى وعيسى وسائر النبيين والخلق أجمعين ،....، إلى أن قال : ثم نؤمن بأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، ونؤمن بموسى وعيسى وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،لا نفرق بين أحد منهم ، ونؤمن بالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وسائر الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وأن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين ذلك بما كسبت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد .
قال :وكان يحملني إلف ديني ، وطول المدة والعهد عليه ، والاجتماع مع الآباء والأمهات والإخوة والأخوات ، والأقارب والإخوان والجيران ،وأهل المودات على التسويف بالعزم والتلبث على إبرام الأمر ، ويعرض مع ذلك الفكر في إمعان النظر ، والازدياد في البصيرة ، فلم أدع كتابا من كتب أنبياء التوراة والإنجيل والزبور، وكتب الأنبياء ، والقرآن ، إلا نظرت فيه ،وتصفحته ، ولا شيئا من مقالات النصرانية إلا تأملته ، فلما لم أجد للحق مدفعا ، ولا للشك فيه موضعا ، ولا للأناة والتلبث وجها خرجت مهاجرا إلى الله عز وجل بنفسي ، هاربا بديني عن نعمة وأهل مستقر ومحل وعز ومتصرف في عمل ، فأظهرت ما أظهرته عن نية صحيحة ، وسريرة صادقة ، ويقين ثابت ، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق ، وإياه تعالى نسأل أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.[ الجواب الصحيح 4/88].
رابعا : إخبار علمائهم ، بصفته ، ومكانه ، ووقت خروجه ،وهو ماكان سببا في إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه - وإليكم قصة سلمان العجيبة ، يرويها بنفسه فيقول: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جى ، وكان أبي دهقان قريته ، وكنت أحب خلق الله إليه ، فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية ، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة .
وكانت لأبي ضيعة عظيمة – الضيعة :هي تجارة الرجل ،أو صناعته ، أو زراعته - ، فشغل في بنيان له يوما ، فقال لي : يا بني !إني قد شُغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي ،فاذهب فاطلعها ،وأمرني ببعض ما يريد فخرجت أريد ضيعته ، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى ، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون ، وكنت لا أدرى ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته ، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم ، دخلت عليهم انظر ما يصنعون ، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ،ورغبت في أمرهم ، وقلت : هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه ؛ فو الله ما تركتهم حتى غربت الشمس. وتركت ضيعة أبي ولم آتها ، فقلت لهم : أين أصل هذا الدين ؟ قالوا : بالشام . ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله ، فلما جئته قال : أي بني! أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت ؟ قلت : يا أبت مررت بناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم ، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس . قال :أي بني ليس في ذلك الدين خير ، دينك ودين آبائك خير منه . قلت :كلا والله إنه لخير من ديننا .قال: فخافني ، فجعل في رجلي قيدا ، ثم حبسني في بيته .
وبعثت إلى النصارى فقلت لهم :إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم . فقدم عليهم من الشام تجار من النصارى ، فأخبروني بهم ، فقلت لهم : إذا قضوا حوائجهم ، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فأخبروني. فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم ،فألقيت الحديد من رجلي ،ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها ،قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا الأسقف في الكنيسة . فجئته ،فقلت : إني قد رغبت في هذا الدين ، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك ، وأتعلم منك ، وأصلى معك .قال : فادخل ، فدخلت معه ، فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها ،فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ، ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قِلال من ذهب ووَرِق ، فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع .
ثم مات ، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه ، فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء ، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها ،فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ، ولم يعط المساكين منها شيئا ، قالوا : وما علمك بذلك ، قلت :أنا أدلكم على كنزه ،قالوا: فدلنا عليه ، فأريتهم موضعه ، فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا ، فلما رأوها قالوا :والله لا ندفنه أبدا .فصلبوه ، ثم رجموه بالحجارة ،ثم جاؤوا برجل آخر ،فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجلا – يعني لا يصلي الخمس - أرى أنه أفضل منه ، أزهد في الدنيا ، ولا أرغب في الآخرة ، ولا أدأب ليلا ونهارا منه ، فأحببته حبا لم أحبه من قبله ، وأقمت معه زمانا ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له : يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك ، وقد حضرك ما ترى من أمر الله ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : أي بني ، والله ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه ، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل ، وهو فلان ، فهو على ما كنت عليه ، فالحق به .
فلما مات وغيب ،لحقت بصاحب الموصل ،فقلت له : يا فلان ، إن فلانا أوصاني عند موته أن الحق بك ،وأخبرني أنك على أمره . فقال لي : أقم عندي .فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه ، فلما حضرته الوفاة قلت له :يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك ،وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى ،فإلى من توصى بي ؟ وما تأمرني ؟ قال : أي بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه ، إلا رجلا بنصيبين ، وهو فلان ، فالحق به .فلما مات وغيب ،لحقت بصاحب نصيبين ، فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي ، قال : فأقم عندي .فأقمت عنده .فوجدته على أمر صاحبيه ، فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حُضر قلت له : يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي ، وما تأمرني . قال : أي بني والله ما نعلم أحدا بقى على أمرنا آمرك أن تأتيه ، إلا رجلا بعمورية ، فإنه بمثل ما نحن عليه ،فإن أحببت فأته ،فإنه على أمرنا . فلما مات وغيب ،لحقت بصاحب عمورية ، وأخبرته خبر ي ، فقال :أقم عندي. فأقمت مع رجل على هدى أصحابه وأمرهم ، واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة ، ثم نزل به أمر الله ، فلما حُضر قلت له : يا فلان إلى من توصى بي ؟وما تأمرني ؟ قال : أي بني ! والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي ، هو مبعوث بدين إبراهيم ، يخرج بأرض العرب( وفي رواية :يبعث من أرض الحرم)،مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل ، به علامات لا تخفى : يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة ،فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل .
ثم مات وغيب ، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ،ثم مر بي نفر من تجار العرب من كلب فقلت لهم : تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه .قالوا: نعم . فأعطيتهم إياها وحملوني ، حتى إذا قدموا بي وادي القرى – هو وادٍ بين المدينة والشام كثير القرى -، ظلموني ، فباعوني عبداً من رجل من يهود ، فكنت عنده ورأيت النخل ، ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي ، فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة ، فابتاعني منه ، فاحتملني إلى المدينة ،فوالله ما هو إلا أن رأيتها ، فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها ، وبعث الله رسوله ، فأقام بمكة ما أقام ، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ، ثم هاجر إلى المدينة ، فوالله إني لفي رأس نخلة لسيدي ، وسيدي جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه ، فقال :يا فلان ! قاتل الله بنى قيلة _ يعني الأوس والخزرج - والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي .
فلما سمعتها أخذتني العرواء – يعني الرعدة - حتى ظننت سأسقط على سيدي ، ونزلت عن النخلة ،فجعلت أقول لابن عمه ذلك : ماذا تقول ؟ ماذا تقول ؟ قال: فغضب سيدي ،فلكمني لكمة شديدة ،ثم قال : مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك .فقلت :لا شيء إنما أردت أن استثبت عما قال .وقد كان عندي شيء قد جمعته ، فلما أمسيت أخذته ،ثم ذهبت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بقباء ، فدخلت عليه فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، وهذا شيء كان عندي للصدقة ،فرأيتكم أحق به من غيركم . فقربته إليه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : كلوا .وأمسك يده ، فلم يأكل . فقلت في نفسي : هذه واحدة ، ثم انصرفت عنه ، فجمعت شيئا وتحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، ثم جئت به فقلت :إني رأيتك لا تأكل الصدقة ،وهذه هدية أكرمتك بها . فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها ،وأمر أصحابه فأكلوا معه ، فقلت في نفسي :هاتان اثنتان، ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ببقيع الغرقد ، وقد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه ، فسلمت عليه ، ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ،فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استدرته ، عرف أني استثبت في شيء وصف لي ، فألقى الرداء عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم ، فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكى .فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تحول ) . فتحولت ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس .قال :فأعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمع ذلك أصحابه .[ أخرجه الإمام أحمد 5/441-444،قال شعيب الأرنؤوط ،و حسين الأسد في تحقيق سير أعلام النبلاء للذهبي 1/511:رجاله ثقات وإسناده قوي ].
|