حتى تتفتح الزهرة ... وتنمو النبتة ....
لا بد من حرث الارض وتقليبها وتعريضها للشمس...
لنكشف لماذا تستقر الخرافة في عقولنا...
لنعود الى طفولتنا والتي تعانق العلاقة الوثيقة مع الخرافة والجهل....
فهناك القصص المسلية !!! التي كنا نستمع اليها قبل النوم...
ابو رجل مسلوخة... والتنين الذي يخرج من فمه البركان....
وتلك الفتاة الفظيعة التي تقطع اجسام الناس بيدها المنشارية وتلتهمهاا كلما غضبت.
حكايات افظع بكثير من قصص " ليلى والذئب" و " بلاد العجائب ".
الى ....الكوارث التي كانت تُعزى الى الخرافات...
الى هذه التربية الاسطورية التي زُرعت في أذهاننا ،
فكل انحراف خلقي ، او انحلال اجتماعي.... لم يكن يهّذب بالطريقة القويمة...
طريق الدين الصحيح.....
بل أن لكل تصرّف شائن.... هناك كائن خرافي مهمته ردع من تجرأ على تجاوز تلك الحدود ...
كانت تُرسل الى تلك الآفات الاجتماعية... تطعيمات مؤلمة في الصغر ، تستقر في أقصى الذاكرة وتساعد على التحصن من الاقتراب منها !
فأصبحنا كمن يهرب من " الدلف" الى " المزراب "!!
وكمن يستجير من الرمضاء بالنار......
ولم يساعد هذا ... الاّ على تكوين الشخصيات المهزوزة الضعيفة ، سهلة الانقياد ، وذات استعداد نفسي قابل للتأثّر بإسلوب العرّافين والدّجالين ، حتى وان لم يكونوا يملكون هذا الاسلوب المقتع...
فألقت العرافة بجذورها في عمق النفوس واستولت عليها....
واستمرّ البحث عن المجهول في فنجان القهوة المقلوب....
بل وكثير من الاغاني ، تغنّت بضرب الودع.... والفنجان المقلوب......!!!
تسعى لتخليد التخلّف والعودة الى الرجعية في ذهن من يستمع لها ...
على الرغم من وفاة مؤلف القصيدة ومغنّيها.....
الاّ ان قارئة الفنجان...... لم تزل تمارس مهنتها
وتقلب فنجانها كل يوم عشرات المرّات لكل من يطرق بابها
من الشخصيات المهمّة وغير المهمّة على حد سواء.
تؤكد حقيقة ...
" ان سوق الخرافة مكتظ بالزبائن هذه الايام...
والبضاعة المعروضة هي بضاعة فاسدة في طرد خادع..."
ما الذي يجعل مثل هذه الامور البديهية تحتاج الى نقاش وجدال، ومع منْ؟!
مع اشخاص يفترض فيهم انهم من ينير للناس سبيل الرؤية العلمية البعيدة
عن بخور الاساطير ودخان الاكاذيب....
ذلك الانسان... الذي استطاع ان يستعمل قوة الماء في توليد الكهرباء....
واستعمل قوة الغاز.... وقوة النفط...
ووصل الى سطح القمر....
فشل في السيطرة على نفسه....
وارتمى في أحضان الخرافة التي تعيق تقدّمه .....
كفى عبثا..... ولنكف عن هذه الترهات......
ولنفعل لانفسنا ولمجتمعنا ولامتنا وديننا ما هو نافع ...
بعيد عن الضلالات والجهالات والخرافات والاساطير.....
ولننظر حولنا....
ففي الوقت الذي تصل فيه تكنولوجيا هذا العالم الى اختراع الانترنت والصواريخ دقيقة التصويب فاننا لم نزل نستورد نكاشات بوابير الكاز من السويد ..
قد يظن البعض اننا تقدمنا في العلم وغدونا نستخدم افران الغاز والكهرباء المنزلية !
ولكني اطمئن هذه الفئة المرفهة التفكير ان ثلث سكان الوطن العربي ممن يعيشون في الصحراء وفي البوادي والمناطق الجبليه التي لم تصلها الكهرباء بعد..
ما زالوا يستخدمون بوابير الكاز في طبخهم ونفخهم ..
والذي عندما يتعطّل.... عبق دخانه فضاء الغرف الطينية فغدا الناس يتنفسون
ثاني اوكسيد الكربون بدلا من الاوكسجين ..
واختنق الصغار واصابتهم الكحة وعطب الرئات والسرطان في سن مبكرة ..
لم تعجز نساء الامة عن ان تلد عباقرة وعلماء ومخترعين.....
ولكننا لا زلنا مشغولين بعالم الخرافة ... الذي يغني عن العمل والتفكير والجد
وبدل ان نفكر في اختراع نكاشة لبابور الكاز....
أو حتى نتذكر قول اديسون..... ها قد أضاء المصباح !
ما زلنا مشغولين بصنع نكّاشة لمواطن الجهل فينا
للاسف...... ما زلنا فريسة مروّجي المخدرات الفكرية والنفسية]