الأبناء إلى أين؟
نعيش بمجتمع عربي متعدد فكرياً, متوحد دينياً, مختلف من ناحيتي العادات والتقاليد.
ولكن أختلف الماضي عن الحاضر, وتلاشت صورة الأسرة المترابطة بكافة الجوانب, في ظل ظهور تحديات عصرية كثيرة, إضافة إلي وجود انفتاح إعلامي وفكري كبير, ظهر بما يسمى بالفجوة الفكرية بين الأهل وأبنائهم.
وبمرور الزمن تسابقت أصابع الاتهام تجاه التكنولوجي التي يراها البعض سبباً من أهم أسباب وجود تلك الفجوة.
فتحنا باب الحوار للبحث عن مسببات تلك الأزمة, باحثين عن السلبيات لنتلافاها والإيجابيات لندعمها.
يبدأ أحد الشباب حديثه بصوت خافت تظهر عليه ملامح اليأس لما يراه من تضاربات فكرية سببها الأول عدم وجود باب الحوار بين الأبناء والآباء, ويقول أن المناقشة بين الابن ووالديه بأحد القرارات يراها بعض الآباء عدم احترام لرأيهم, بل ويراها بعض الآباء إنقاص لمكانتهم, ويرجع هذا الأمر بشكل كبير لعدم وجود باب الحوار بين الأبناء آبائهم, إضافة إلي اختلاف الثقافات.
وترى ربى رامي تعدد كبير لتفاقم وحدوث تلك الفجوة, بداية بفارق العمر حيث اختلاف الأفكار وتغير كبير برتم الحياة أدى بالطبع لاختلاف الرأي بين الجانبين, مروراً بكل من الاختلافات الزمنية والعادات والتقاليد, ختاماً بالوسائل التكنولوجية التي أدت بشكل كبير لاتساع تلك الفجوة, حيث أتى عصر الإنترنت ليقرب كل ما هو بعيد, بيئة من الصعب أن يتخيلها من يجهلها.
يأتينا أحد الشباب المقبلين علي الحياة الجامعية ليخبرنا برأيه حول هذه القضية, فيقول:
أرى وجوب توفير كمية من العطف تلائم حجم طموحات وأحلام الأبناء, حيث يأتي الابن حاملاًً لأفكار وأحلام التي بدأ في تكوينها بداية من اختياره للتخصص الذي يراه يلائم فكره وطموحاته, ولكنه يرى الرفض هو مقابل ما عرضه دون توضيح لأسباب الرفض, هذا ما يعود علي الشاب باليأس والفشل الدراسي أحياناً, وأرى أن دور الأهل أهم الأدوار لمساندة الأبناء, وإن كانت رؤى الأبناء خاطئة, فعلي الأهل رفضه بطريقة لا تعود بالسلب علي الأبناء.
الجانب التربوي
تعد مصادرة الرأي من أهم أسباب وجود هذا البعد, فعندما يكون الأبوان بعيدان كل البعد عن أبناءهم في كل مراحل حياتهم وبالأخص المراحل الأولى من نشأتهم تتولد وتنشأ مثل هذه الفجوات التي تجعل من شخصية الابن مهتزة .
وأيضا المعرفة بأسلوب الإقناع من قبل الأبناء يعتبر سبب مهم من وجهة نظري فالإقناع فن يستطيع من يجيده السيطرة على الآخرين فان كان الابن مقنع في طرحه لوجهة نظره ولهدفه الذي يخطط له اعتقد انه سيستطيع من تحقيقه .
أصبحت مشاغل الحياة سبباً كبيراً في إحداث البعد الفكري بين الآباء والأبناء, هذا ما توضحه علا محمد, حيث ترى الكم الهائل من مشاغل الحياة سبباً في هذا البعد والذي لا يجب أن يكون حائلاً بينهم وبين الواجب الأساسي وهو حماية الأبناء ورعايتهم, كثيراً ما يحتاج الابن لمناقشة والده في أمور كثيرة والفضفضة له, وإن غاب التقارب بين الأب والابن يولد البعد الفكري والاختلاف, وعلى الأهل التقرب من أبنائهم كي لا يرون اليوم الذي لا يعرفون فيه أبنائهم.
الرأي والرأي الآخر
حسين الصوفي عضو المجلس المحلي لمديرية الجرشة باليمن, يبدأ حديثه حول هذه القضية موضحاً تجربته ومروره بدور الأب والابن:
حاولت تطبيق وتوفير ما افتقدته في علاقتي بوالدي, وجدت بدوري كابن أن الأتساع الفكري متواجد لعومل الثقافات واختلاف العصر والتقدم التكنولوجي, ولكن كان علي البدء بالبحث طرق معالجة هذا الأمر من الناحية الدينية ومن الناحية الثقافية, ومن خلال وجودي بدور الأب وجب علي تطبيق ما مبدأ الحوار والحرية في اتخاذ القرارات, والتمثل بالمثل الذي يقول ( وإن كبر أبنك خاويه) فالتقرب من الأبناء ومحادثتهم بكل شيء من أهم عوامل نجاح الأبناء في حياتهم.
في عُجالة:
رأيت شراكة بين الآباء والأبناء, أدت لهذا الواقع
علي الآباء المبادرة واتخاذ خطوة هامة,و هي مواكبة عصر الشباب ودخولهم للمجتمع الشبابي بأفكاره وثقافاته وأهدافه وطموحاته, من دخولهم لهذا المجتمع الشبابي سيتطلعون لفكر أبنائهم, سيعرفون اتجاهاتهم الفكرية وسيتجنبون العناء الناتج عن اتخاذ أسلوب الشدة أحيانا, وعدم التحامل بشكل يؤدي إلي العناد أو الانغلاق واليأس الناجمان عن الخوف من العصيان.
أما الشباب يأتي دورهم كجيل من الشباب تفتحت أعينه فرأت عصر السرعة, رأت ما لم يراه ولم يكن يتخيله من ولد قبل 20 سنة, يحمل علي عاتقه مهمة كبيرة, يحتاج لكل للمساندة, ولكن..
علينا كجيل من الشباب التمسك بمبدأ التحاور في ظل إلمامنا بقواعد الحوار, والوضع بالحسبان بأن رضا الوالدين من رضا الرحمن, وعلينا كسبهم بشتى السبل ولا ننسى قول الله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً)
ختاماً: أدعو الله أن ننشئ جيلاً جديداً من الأبناء يرى في والده الصديق والحبيب, والناصح والقدوة الحسنة.
بقلم أخوكم حسام سعيد
مجلة اليوم السابع
الجمعة 24-11-2006
|