بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-------------
عيد القديس .....و تزييف الحقيقة
أبو عوف الدمشقي
بسم الله الرحمن الرحيم
و أشرف الصلاة و أتم التسليم على أميرنا الهادي الأمين محمد القرشي الهاشمي و أصحابه الطيبين الطاهرين
أما بعد يا أبناء امة محمد ، يا من شملتنا رابطة العقيدة و الدين
فإن المتتبع لاحوال هذه الامة العظيمة لسوف يعلم انها أبعد ما تكون عن الحال التي رضي بها الله و رسوله لها
و لسوف يجد أن من أهم الأسباب التي أدت إلى أنتكاسة أمتنا هي أبتعاد جمهور المسلمين عن اتباع هدي ربهم و شريعته..
بل و حتى تحريف زبانية الامة و علماء السوء لأصول هذا الدين و عقيدته الصحيحة من خلال نشر البدع و الشركيات و الصاقها زورا و بهتاناً به .
و من ذلك سكوتهم عن الأعياد الوثنية و الشركية – أن لم يكن نشرها - أو تأصيل الاعياد الباطل و الدفاع عنها بحجج أقل ما يقال عنها انها واهية
أما عن احوال شباب الامة فقد ألهتهم متاع الحياة عن الاهتمام بتعلم أصول دينهم فضلا عن الذب عنه...
فتجد الواحد منهم منجرفا في حياته اليومية لا يعرف حلالا أو حراما
يحتفل بهذا العيد و يقدس ذاك العيد...اما من تكلم في مشروعية هذا الاحتفال فهو أصولي متشدد ...!!!
و من هذه الاعياد الباطلة التي أثر عوام الامة على الاحتفال بها و خاصاً من جمهور الشباب هو "عيد الحب" أو "عيد القديس فالنتاين"
و قد آثرت الكلام عنه
لانه من أكثر الاعياد التي يهتم بأمرها الشباب و اكثرهم لا يعلم لهذا العيد الباطل معناً سوا أنه من مظاهر تقديس الحب بين الحبيب و معشوقته
أو احدى الوسائل للتعبير عن مدى التقدير الذي يكنه كل "حبيب لحبيبه"
فتراهم يتبادلون الهدايا و التذكارات في هذا اليوم بل و قد ترى بعضهم
يقترب أو يدخل في الحرام أو يتبادل كلمات الحب والعشق والغرام مع العشيق بحجة تقديس الحب في هذا العيد الباطل.
لكن الدارس أو على الأقل العارف بتاريخ هذا العيد أو حتى سبب نشوءه يعرف حق المعرفة انه أبعد ما يكون عن قيمنا و ثقافتنا بل و حتى عن المعنى الذي أعطي له في هذا الوقت.
فهو في حقيقة الامر عيد روماني وثني يشكل التعبير أو المفهوم الوثني عن الحب الإلهي، و قد جاء في حقه العديد من الأساطير و الخرافات التي تأصل تاريخه و قد جاء في الموسوعات الكاثوليكية أن الرومان كان يحتفلون بعيد يدعى "عيد لوبركيليا" في 15 شباط فبراير من كل عام حيث يمثل لهم هذا التاريخ عطلة الربيع و كان الدين المنتشر في ذاك الوقت هو الدين الوثني
فيقدمون في هذا اليوم الأضاحي للإلاه المزعوم (لركس) فيحمي مواشهم و دوابهم من الذئاب و نحوها .
إلى أن جاء الأمبراطور الروماني كلايديس الثاني الذي منع جنوده من الزواج حتى يتفرغوا للقتال و الحرب ولا يشغلهم عن ذلك شاغل ، لكن "القديس فلنتاين" وقف في وجه هذا القانون حيث أصبحت عقود الزواج تتم في الخفاء على يديه إلى أن تم كشف أمره و اعتقاله.
و في سجنه وقع في غرام أبنة السجان و كان هذا الحب سراً حيث يحرم على القساوسة و الرهبان تكوين العلاقات العاطفية مما أعطاه صفة المحب و راعي المحبين.
لكن الذي شفع له هو ثباته على دينه حيث عرض عليه الأمبراطور ترك دينه مقابل العفو عنه أو أن يواجه عقوبة الإعدام لكن رفض هذا العرض و آثر النصرانية فتم تنفيذ الحكم عليه
يوم 14 شباط فبراير ليلة 15 فبراير 270 ميلادي.
و من يومها أطلق عليه لقب "قديس"
و بعد ان أصبحت أوربا معقلا للنصرانية تم تغيير عطلة الربيع و أصبح 14 فبراير عيداً للقديس "فلنتاين " أحياءً لذكراه لأنه فدى النصرانية بروحه و قام بالذود عن العشاق و الدفاع عنهم ، و كان من طقوس هذا العيد تبادل الورود الحمراء و الهدايا و بطاقات رسم عليها صورة إله الحب الروماني "كيوبيد" الممثل بصورة طفل مجنح يحمل قوساً و نشابا.
هذا و قد جاءت في تاريخ هذا العيد باطل روايات كثيرة لكنها تدور حول هذا المعنى.
و من نظر إلى ما سبق عرضه و تاريخه لهذا العيد الوثني الباطل يدرك:
أن أصل هذا العيد الوثني الروماني باطل عقيدة فاسدة تعبر عن الحب الزائف الزائل لآلهة الرومان المزعومة و انه لحد ذاته تقديس لها
و الأحتفال به يعد من تعظيم غير الله و الشرك به....
قال تعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه و على آله
( ولقد أوحي إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) (الزمر: 65 ، 66).
بل إن الشرك كما معلوم هو من أكبر الذنوب و اخطرها
حتى أن المتوفي على الشرك لا يجد روح الجنة و لا يغفر له
فهو و العلم عند الله خالد مخلد في النار ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا)(النساء: 116).
و من قوله تعالى (انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار)(المائدة: 72).
هذا و نستذكر قوله تعالى حين قال : سبحانه: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)
فديننا كما هو معلوم بالضرورة كامل شامل ليس بحاجة إلى تعديل من زيادة أو نقصان و ليس لنا أن نقوم بما منعنا من رسول الله أو حرمه علينا ربنا
كالاحتفال باعياد النصارى أو اليهود و غيرهم من أصحاب الاديان الباطلة
و ذلك من وجهين ...
الاول أنه تشبه بهم و موالاة لهم و تقليد و أتباع لضلالهم وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من تشبه بقوم فهو منهم" كما في سنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله و قد صححه الألباني.
قال شيخ الإسلام: ( هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى( ومن يتولهم منكم فانه منهم) (الاقتضاء 1/314)
و في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى، قال: فمن؟!) [ أخرجه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم 8/151 . ومسلم في العلم باب اتباع سنن اليهود والنصارى 4/2054].
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلا بمثل حذو النعل بالنعل حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله)
[أخرجه الحاكم 1/129].
أما رب العالمين فقد نهانا عن التشبه بهم فقال :
: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) (آل عمران 105)
وقال تعالى: ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) (الحديد 16)
و مجمل هذه الاحاديث و الآيات يفضي للنهي على أقل تقدير أن لم نقل التحريم عن اتباع أهواء و سير أهل الضلالات من أبناء الاديان الاخرى السماوية فكيف بالوثنية ...!!!!!
و الذين هم بحد ذاتهم كفار مشركون لا يعرفون حلالا و لا حراما مثواهم جهنم و بئس المصير أن لم يلحقوا بركب الهداية و التوبة قبل أن تصعد روحهم إلى بارئها بعد أن يعرفوا الحق ..
فعن النبي صلى الله عليه و على آله قال (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) (رواه مسلم 153).
و قد قال تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران: 19)
فكيف بأبناء أمة محمد يتبعون فسادهم و يستنون بضلالهم و يقتدون بحثالتهم ....و قد علموا ان التشبه بهم و موالاتهم هو من الكفر و العياذ بالله
لان جميع ما لدى تلك الأمم و الملل من الأعياد و الخرافات و نحوها بدع و ضلالات فوق ما عندهم من الكفر
قال الله تعالى:
(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) (آل عمران: 85)
أما الوجه الثاني : و هو الاهم فلأن ربنا شرع لنا عيدين أثنين هما الفطر و الاضحى و لم يقر لنا سواهما ...
فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه و على آله وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: "ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" رواه أبو داود والنسائي.
قد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر دخل عليها والنبي صلى الله عليه وسلم عندها يوم فطر أو أضحى وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث فقال أبو بكر : مزمار الشيطان ـ مرتين ـ فقال النبي الله صلى الله عليه وسلم: " دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً ، وأن عيدنا هذا اليوم"
لذلك فهذا العيد و غيره من الاعياد بطالة : كعيد الأم و عيد الكريسمس
و عيد مولد النبي صلى الله عليه و على آله و عيد النيروز و غيرهم من الأعياد الباطلة
فإذا كان الاحتفال بها محرماً كانت الإعانة على الاحتفال بها محرمةً من باب أولى كبيع الورود و القلوب الحمراء و بطاقات التهنئة و صور العشق و الغرام و الحب و الهيام.......إلخ
قال سبحانه و تعالى (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) .
و قد يتسائل أحدهم إذا كان هذا العيد و غيره باطلا بنص القرآن و صحيح السنة فما الذي أدى إلى أنتشاره هذا الأنتشار الكبير؟؟؟
و قد يتسائل آخر لماذا كل هذه الضجة حول موضوع نتيجته محسومة
بل ان إثارة الموضوع قد تؤدي إلى تنبيه الغافلين عنه ؟؟؟
و هذا سؤال جائز فالذي أدى إلى هذا هو الانفتاح الاعلامي الكبير و انتشار ثقافة العولمة بين الشعوب حيث عدت شعائر الكفار مزخرفة مبهرجة تحن لها النفوس و تشخف بها العقول فخدع بها شباب المسلمين لقلة دينهم ووعيهم و ضعف صلتهم ببارئهم... أو أنهم مصابون بمرض التقليد و الانبهار لكل ما هو غربي او "حداثي" أو لأنهم من أصحاب الشخصيات الأنهزامية و التي ترى كل ما في الغرب مثالا يحتذى و أسلوبا للحياة ينتهج
و قد نبهنا رسول الله صلى الله عليه و على آله إلى هذا الامر
فعن أبو واقد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات انواط . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبحان الله ، هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم ) أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح .
اما عن إثارة الموضوع و أنه سبب في تنبيه البعض لموضوع قد يكونون لا يعلمون له وجودا فما من أسهل من متابعة قناة تلفزيونية أو فضائية
أو حتى المشي في أحد الشوارع التجارية لتدرك مدى أنتشار هذه الافة و ان أغلب الناس أن لم نقل كلهم قد سمعوا بهذا العيد –على أقل تقدير –
لذلك فإن هذه الرسالة ليست سوا تبيان حاولت أن يكون جلياً بعد توفيق الله
لأظهار الوجه الاخر لهذا العيد الشركي الوثني الباطل
أما الواجب على المسلمين اليوم فهو مقاطعة كل ما يمت للنصارى و اليهود الحاقدين بصلة مثل هذا العيد الباطل و محاربته بشتى الوسائل المشروعة منها و عدم الاحتفال به أو بغيره من الاعياد الباطلة و عدم الاعانة عليها
– كبيع الهدايا المتصلة بهذه الأاعياد – او التسهيل لهم بل وجب الانكار عليهم كما لا يجوز التهنئة او تبادل التهاني لا في هذا العيد ولا في غيره من الاعياد الباطلة لأنه ليس عيدًا للمسلمين. وإذا هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة.
قال ابن القيم رحم الله تعالى: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه) (أحكام أهل الذمة 1/441-442).
كما يجب على المسلم توضيح هذا المنكر – وغيره من المنكرات - و بيانه لعوام المسلمين و خاصة من الشباب كما يجب عليه توعية من حوله بالكلمة و الموعظة و هذا من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
عن أبي سعيد الخدري قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "من رأى منكراً فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده" وقطع هنَّاد بقية الحديث وفاه ابن العلاء "فإِن لم يستطع فبلسانه، فإِن لم يستطع [بلسانه] فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان".
و في نهاية المطاف لا يسعني سوى ان أذكركم أخوتي بان الامة اليوم مهددة في عقيدتها و في تراثها و في شريعتها بل بكل ما يمت لدينها بصلة
و ليس هنا من طريقة اسهل للانقضاض عليها و تغير ملامحها من تفتيت الشباب المسلم و تغير ثقافته و قتل روح الانتماء لهذه الامة..
لذلك وجب علينا الرجوع لشرعة ربنا و منهاجه ...فالأمل فيكم يا معشر الشباب بعد الله سبحانه و تعالى .....فلا تخونوا الامة لا تخونوا الأمة
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

أصدر المولى بيانه أين أنت يا فلانة؟
افتحوا ديوانها وانظروا في كل خانة
موقف صعب رهيب أسأل الله الإعانة
حين أدنو من إلهي دون ستر أو بطانة
يحاكيني جهارا كيف أديت الأمانة
من يجيب الله عني؟ من سيعطيني لسانه
