الموضوع: أنت أنت الله
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-02-2007, 01:49 AM
الصورة الرمزية إبن الإسلام
إبن الإسلام إبن الإسلام غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مكان الإقامة: فلسطين
الجنس :
المشاركات: 2,715
الدولة : Palestine
افتراضي أنت أنت الله

أنت أنت الله
اذا مااتجه الفكر فى السماوات حيث انتشرت النجوم فى الليل, واذا ماكل البصر فيما لانهاية له من الآفاق المظلمة, واذا ماخشعت النفس من رهبة السكون, فانك تشــرف بـــــنور وجهك الكريم من خلال هذه الآفاق ونسمع صوتك فى ذلك السكون, وتمس بعظمتك النفس الخاشعة المطمئنة, وحينئذ تبدو الآفاق المظلمة كأنها باسمة مشـــرقة, ويتحول السكــــون الى نبرات مطربة تنبعث من كل صـــــوب, وحينئذ تتغنى النفس الخاشعة لتقول: أنت أنت الله.
واذا ماكان المتامل على البحر الخضم, وأرسل الطرف بعيدا بعيدا, حيث تختلط زرقة السمـاء بزرقة الماء, وحيث تنحدر شمس الأصيل رويدا رويدا, لتغيب فى هذا المتسع الملح الأجاج, وحيث تتهادى الفلك ذات الشراع الأبيض فى حدود الأفق الملون بألوان الشفق, كأنهــا طـائر يسبح فى النعيم- اذ ذاك يشــعر المتأمل بعظمة واسعة دون عظمة البحر الواسـع, واذ ذاك تقر العين باطمئنان الفلك الجارى على أديم الماء الممهد, وفى رعاية الله الصمد, حيث تكون مظهر العظمة, وحيث تطمئن النفس لرؤية ماتطمئن اليه فى منظر جميل,اذ ذاك يدق الفؤاد بدقات صداها فى النفس: أنت أنت الله.
واذا مــانطلقت السفينة بعيدا بعيدا فى البحر اللجى, وهبت الزوابـع, وتسابقت الرياح, وتلبد بالسحب الفضــاء, واكفهر وجه السمــاء, وأبرق البرق, وأرعد الرعد, وكـانت ظلمــات بعضها فوق بعض, ولعبت بالسفينة الأمواج, وأجهد البحــار جــهده, وأفرغ الربان حيلته, وأشرفت السفينة على الغرق, وتربص الموت من كل صوب ومكان- اذ ذاك يشــق ضياؤك هذه الظلمـات والمســالك, وتحيط رأفتك بهذه الأخطـار والمهـالك, وتصل بحبـال نجدتك المكروبين البائسين, واذ ذاك يردد القلب واللسان : أنت أنت الله.
واذا مـااشتد السقـم بمن أحــاطت به عناية الأطبــاء, وسهر الأوفيــاء, ونـام بين أمـال المخلصــين ودعوات المحبــيـن, ثم ضعفت حيــلة الطبيــب, ولم ينفع وفـاء الحبيــب, واستحـال الـى بلاء- اذ ذاك تتجلى مستويـا على عرش عظمتك, والنواصى خــاشعة, والنفـوس جازعة, والأيدى راجفة, والقلوب واجفة لتقول : أنا قضيت, ويقول الطبيب والقريب والحبيب : لك الأمر , أنت أنت الله.
واذا مـابـاين الدنيا انسـان وبـاينته, اذ ينظر الى المـال فيلقاه فانيا, والى الأمانى فيلقاها زائلة, والى الآمال فيجدها باطلة, والى الشهوات فيلقاها خادعة كاذبة, والى المسرات فيجدهـا أفـلة غاربة, اذ ذاك يستغنى عن الجاه والمال, وتشل فى نفسه حركـة الآمـال, وبين جاه يدول وأمل يزول, لايملأ فراغ النفس الا ذكرك : أنت أنت الله.
واذا ماوقعت العين على زهرة تتفتق فى الأكمام, أو تلاقت العين بعين يملؤها الحسن والابتسـام, واذا مـاأعجب المعجبون بجمال الفجر المتنفس, وتغريد الطير المتربص, وعاود الصدر انشراحه, وملأ القلب ارتياحه, اذ ذاك يشرق فى قلوبنا نورك الجميل فنراك ونقول : أنت أنت الله.
فيمـا يمس النفس من مظـاهر العظمة, ومظـاهر الوسعة, ومظـاهر الرحمة, ومظـاهر الـقدرة والقضاء, ومظـاهر الدوام والبقـاء, ومظـاهر الجمال والجلال اعتـاد النـاس أن يصفوك بالعظيم, والواسع والرحيم, والقادر والدائم, والجميل والجليل, وأوتار القلوب تردد : أنت انت الله..أنت أنت الله.
__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.12%)]