عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19-03-2007, 11:53 AM
الصورة الرمزية saidabd
saidabd saidabd غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: maroc
الجنس :
المشاركات: 1,408
الدولة : Morocco
افتراضي

من خبث ابليس أنه طلب من الله تعالى فقال (فأنظرني الى يوم يبعثون) وردّ الله تعالى عليه (إنك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم). محور تفكير ابليس عندما دخل لآدم مدخلاً معيناً في الجنة (جنة الأرض كما عرضنا في حلقات سابقة) قال له جملة تبيّن مده فهمه لكُنه الانسان الذي يحب الدنيا ولا يريد الموت وليس له نصيب في الآخرة ويسمع كلام الشيطان. وطلب تبليس بيّن طبيعته ومحور تفكيره يريد أن يمر على مرحلة الموت (الى يوم يبعثون) زيّن لآدم عن طريق الخُلد فلما نسي آدم عصى (ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) ولو بحث عن قوة الارادة لما عصى. قوة الارادة عند البشر ضعيفة هذه الأيام فلو وجِدَت الارادة لما كانت صلاتنا وصيامنا وحجنا على ما هي عليه اليوم. ونحن يجب أن نأخذ من حوار ابليس المعنى المفيد لنا. نحن نستعيذ بالله تعالى (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) عندما نريد أن نطرد الشيطان عنّا لأنه تعالى أعلم بحال الشيطان وحالنا والاستعاذة بالله تعالى معناها أنني أستعين بالقادر على الشيطان والذي يمكنه أن يتخلص منه. والرسول صلى الله عايه وسلم علّمنا الاستعاذة حتى عند الجُماع "اللهم جنّبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا".
سؤال: لماذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالستر عند العلاقة الزوجية وهل أن الملائكة تستحي من هذا الأمر؟
هذا الكلام له أصل في الواقع وسواء أفهمنا الحكمة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم او لم نفهمه فيجب علينا ان نطيعه ونسمع كلامه بدون جدال لأن الله تعالى قال عنه (ما ضلّ صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى) (أفتمارونه على ما يرى) (ما كذب الفؤاد ما رأى) وهذه الرؤية ليست رؤية بصرية فقط. وكلمة (قُل) في القرآن الكريم دلالة على أمانة الرسول صلى الله عليه وسلم. الرسالة كلٌ لا يتجزّأ عليك الطاعة العمياء تكن لك الجنة بإذن الله تعالى.
سؤال: هناك العديد من المفكرين والكتّاب والمثقفين الذين يقولون أن القرآن يلغي العقل والتطور والمطلوب منا أن نكون كالأنعام نطيع بدون أن نُعمِل العقل فماذا تقول لهم؟
عندما شرحنا قوله تعالى (الله نور السموات والأرض) قلنا ان الله تعالى له نوران نور حسّي ونور مادي وقلنا أنه علينا كما نطفيء أنوارنا أمام نور الشمس فعلينا أن نطفيء كل المناهج أمام منهج الله تعالى فليس من البشر من يمكنه أن يضع منهجاً كمنهج الله تعالى. الكل يصلي بالفاتحة ولو أن الله تعالى ترك لكل منا أن يختار الصيغة المناسبة ليصلي بها فهل يمكن لأحدنا أن يأتي بصيغة أفضل من الفاتحة لقراءتها في الصلاة؟ بالطبع لا لأنه لو كان الأمر كذلك لجاء المثقف بنص منمق يختلف عن نص الأمي البسيط. الكل متساوي في الصلاة الأمي والمثقف والكاتب والجاهل يصلّون بصيغة واحدة ولكنهم يختلفون في الاخلاص والقلب والجِديّة. إعمال العقل يكون مع النص بالتدبر وإخراج المُراد منه ولازم المعنى والمعنى اللازم فإذا عجزنا عن فهم نقطة معينة نعمل بها على مُراد الله تعالى سواء فهمناها أو لم نفهمها بعقولنا البشرية القاصرة.
سؤال: في سورة الحجر وقوله تعالى عندما رفض ابليس السجود لآدم (فاخرج منها فإنك رجيم) على ماذا يعود الضمير في (منها)؟
احتار المفسرون في هذه المسألة ونحن قلنا أنه عندما نريد أن نفسر كلمة علينا أن نقرأها في سياق الآيات التي قبلها وبعدها ونربط الضمائر . معنى كلمة رجيم هي من الرجم أي الملعون المطرود المحروم من رحمة الله تعالى وهذا جماع آراء المفسرين في كلمة رجيم. والهاء في منها تعود على كل واحدة من المعاني السابقة (ملعون، مطرود ومحروم من رحمة الله تعالى) وأنا أقول أن ابليس طُرِد من الرحمة لأنه كان سبباً في طرده من الجنة فالطرد من الرجمة يشمل كل المعاني التي اختلف فيها المفسرون. وآدم عليه السلام طُرِد من الجنة لكنه لم يُطرد من رحمة الله تعالى ولم يقل إخراج منها وإنما قال (اهبطوا واهبطا) وسبق أن قلنا أن هذا هبوط منزلة لا هبوط مكان تماماً كما جاء في قوله تعالى على لسان موسى لبني اسرائيل (اهبطوا مصر). فالأشمل في قوله (فاخرج منها) الطرد من الرحمة وهو يشمل الطرد من كل شيء: من معيّة الملائكة ومن الرحمة ومن الملآ الأعلى.
سؤال: بعدما عرف ابليس عقابه كله قال (رب بما أغويتني لأزينن لهم صراطك المستقيم) فكأنه ينفي التهمة عن نفسه وأنه تعرّض للإغواء؟
الشيطان يريد أن يثبت لله تعالى وهذه نقطة يجب أن نسلّم بها فطبيعة ابليس وطبيعة الملائكة وطبيعة البشر كلها من خلق الله تعالى لكن الذي يجب أن نفهمه أنه لمّا استثنى ابليس (لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلَصين) نفهم أن المخلَصين مستثنون رغماً عن الشيطان وليس تفضّلاًً منه. ولو قال تعالى (المخلِصين) لكانوا هم السبب في كونهم مخلصين لكن قوله تعالى مخلَصين تدل على أن الله تعالى هو الفاعل في اخلاصهم. ردّ الله تعالى عليه فقال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) بفعل الله تعالى وإعمال منهم وهذا الكلام ليس لابليس سلطان على العباد وإنما على العبيد لأن عباد الله تعالى مستثنون لا تفضلاً من ابليس ولكن بأمر من الله تعالى. هم عملوا كما في قوله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) وتحولوا من العبيد الى العباد. المخلَصين: هذه القضية تحلّ قضية احترنا فيها وهي مسألة المشيئة والى من ترجع (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) منهم من قال يغفر لمن يشاء هو ان يغفر الله تعالى له وهذا رأي أحترمه لكن يجب أن ننتبه لقوله تعالى (لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون الا أن يشاء الله) المشيئة لله تعالى أولاً ثم للناس فأنت لك مشيئة وإنما بفعل منك وفضل سابق من الله تعالى لا يمكن أن تكون المشيئة للبشر لأنه لا أحد يتمنى العذاب لنفسه فإذا فهمنا المشيئة أنها من الناس في (يغفر لمن يشاء) فكيف نفسّر (ويعذب من يشاء). وعلينا أن نقول دائماً "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله" وهذا كلام أهل الجنة لأنهم علموا أنهم لم يدخلوا الجنة بعملهم (فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز) فالحمد لله الذي هدانا في الدنيا للهداية فوفّقنا لأعمال تدخلنا الجنة فدخلنا. فالمخلَصين هم كذلك بفضل الله تعالى وفِعلهم.
سؤال: ما الفرق بين حوار ابليس وحوار المشركين الكفار في النار؟
الذي نجا يقول (تالله إن كدت لتردين) كان على وشك الهلاك ودخول النار وقلنا في الحلقة السابقة أن (كدت) من كاد وهو من أفعال المقاربة والذي أنجاه الله تعالى بفضله وبيّن له السبب والعلّة (ولولا نعمة ربي لكنت من المحضَرين) أي لكان من المحضرين للعذاب. الكافرون في النار يتبرّأون من بعضهم. في سورة ق ذُكر القرين مرتان (قال قرينه هذا ما لدي عتيد) هذا ما سجله القرين على العبد أما الثاني (قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد) ولم تذكر الآيات ماذا أجاب القرين الآخر ولكن القرآن أوضح لنا من الآيات أن هناك متخاصمين بدليل قوله تعالى (لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد) لكنه لم يشرح في الآيات ماذا قال المتخاصمون.
سؤال: في الحوار بين الشيطان وأتباعه هم يحاولون لومه وهو يتبرّأ منهم (لا تلوموني ولوموا أنفسكم) وقال تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين) فكيف يتحول القرين الى آمر وناهي وحاكم؟
كلمة قرين توصيف لحالة النهاية وليس البداية في العلاقة بين القرين والانسان ففي البداية هناك قرين يعرض وانسان يرفض فهذا لا يكون قرين سوء أبداً وهناك قرين عرض فوافق الآخر ثم عرض فوافق حتى بدأ يتحول من مقرون بِجنّ الى قرين سوء للبشر.
سؤال: كثيراً ما نسمع جملة خطيرة يرددها العامة والناس البسطاء وهي قولهم أنا عبد مأمور وهذا التعبير فيه مشكلة من حيث التوصيف اللغوي ومن حيث منهج التفكير ويقولون طالما أنني عبد مأمور فلن أحاسب وهذا هو نفس الحوار الذي يدور في النار بين الشيطان وأتباعه فما خطورة هذه الجملة؟
إن كنا عبيد أو عباد فنحن عبد الآمر ووليس عبد المأمور لأن المأمور مأمور من أحد ولا يمكن أن أكون عبداً له لكن أكون تابعاً له في الأمر لأنه رئيسي مثلاً في العمل أو ما شابه لأنه لا عبد إلا لله تعالى على الناس أن يمتنعوا عن هذا القول وليقولوا هذا أمر من رئيسي.
سؤال: الذي يعصي ويذهب باتجاه قرينه تتحول الوسوسة من مجرد مشورة سوء الى سلطان لا يمكن أن افلت منه. المولى سبحانه وتعالى يتحدث عن مشهد ثاني يوم القيامة (قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض)؟
الاستضعاف هنا ليس معناه تسليم للحرام ولكنه من حيث التوصيف هو واقع حال أنماس كثيرون فقير مالياً أو ضعيف الحيلة. وعندما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء الطائف "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا ارحم الراحيم أنت رب المستضعفين وأنت ربي ) شكا ضعف قوته أي كان لديه قوة وحيلة وقال رب المستضعفين ولم يقل الضعفاء فالاستضعاف هنا لله تعالى. وتوصيف المؤمنون أنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين. وقال تعالى (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) فمن الرحمة أن تخفض لوالديك جناحك الذي هو سبب ارتفاعك وعلوّك تكون أمام والديك ذليلاً من رحمة الله تعالى أن الابناء أمام والديهم في قمة الذل وهذا ليس من منطلق الاهانة وإنما من منطلق الرحمة والأبناء لا يقدمون للوالدين فضل وإنما هو من باب رد الجميل على تربيتهم صغاراً (رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) فهما ربياني بهذه الرحمة فأسأل الله تعالى لهما الرحمة وهذا يحتاج إلى تدبر قال تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر) فالقرآن ميسّر للذكر لكن لمن يدّكر.
ما دلالة كلمة سلطان في قوله تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان)؟
لماذا أصبح سلطاناً؟ شارب الخمر مثلاً أو لاعب القمار قد يسرق أو يقتل حتى يحصل على المال الذي يبدده في شرب الخمر أو لعب القمار فتحول الخمر والميسر والزنا الى سلطان ويتحول الناس الى عبيد لهذا الحال فلا يمكن أن يخرج منه لأنه لا يعتصم بالله تعالى. في لحظة المعصية يترك الانسان معيّة الله تعالى وولايته ويذهب مع الشيطان فلا توجد معصية في معية الله تعالى فلا يمكن لأحد أن يعصي الله تعالى وهو في الصلاة. جاء في القرآن الكريم (ويأتون الزكاة وهم راكعون) كيف يمكن أن تزكّي وأنت راكع؟ الركوع المقصود هنا ليس ركوع الجسد لله تعالى وإنما الخضوع لله تعالى تحوّل ركوعك في الصلاة خاضعاً لله تعالى إلى حال فأصبحت خاضعاً لله تعالى في غير الصلاة. ولو\كنت مصلياً لا يمكنك أن تعصي.
سؤال: قال تعالى (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) ما هي الهجرة هنا وكيف تتفق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم :"لا هجرة بعد الفتح وإنما جهاد ونيّة" ؟
لماذا يهاجر أهل مكة بعد فتح مكة ؟ أهل مكة هاجروا لما كان هناك كفر في مكة فلما فُتحت مكة انتهت الهجرة هجر وتحولت من هجرة مكانية الى هجرة حال فتهجر المعاصي وأنت في مكة فإذا استضعفت في هذا المكان فأرض الله تعالى واسعة ويمكنك الانتقال الى مكان لست فيه في معية الله تعالى إلى مكان فيه معية الله تعالى. والحديث الشريف عن الهجرة "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر إليه" فالنتيجة من جنس العمل ولمثل هذا فليعمل العاملون فإذا عملت لشهرة أو مال فإنه سيذهب وإذا عملت لله تعالى فهذا العمل باق. ةقال الشاعر:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها
فمن بناها لخير طاب مسكنه ومن بناها لشرّ خاب بانيها
فإذا عملت لله تعالى فالأجر مضمون أما إن كان لغير الله تعالى فلا وقال تعالى في الحديث القدسي "أنا أغنى الشركاء عن الشِرك فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري فأنا بريء منه وهو للذي أشرك"
بُثّت الحلقة بتاريخ 3/7/2005م

عنوان الحلقة: اعرف عدوك


تقديم علاء بسيوني

__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.70%)]