عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 26-05-2007, 10:26 PM
أبو إلياس أبو إلياس غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: مدينة الرياح
الجنس :
المشاركات: 1,680
الدولة : Morocco
افتراضي

مؤتمر مدريد للسلام 1991
لم يتم بحث مسألة القدس بشكل جاد في مختلف مراحل التفاوض الثنائي ومتعدد الأطراف المنبثقة عن مؤتمر مدريد لعام 1991. وأصر الجانب الإسرائيلي على موقف محدد بأن القدس الكبرى (الشرقية والغربية) تعتبر عاصمة إسرائيل الموحدة والأبدية، وأن السيادة عليها ستبقى إسرائيلية كاملة مع حفظ حقوق الأديان الأخرى في أداء شعائرها بأماكنها المقدسة، ولذلك سادت التوجهات نحو تأجيل بحث مسألة القدس بوصفها قضية معقدة. وبقبول الجانب العربي والفلسطيني لهذا الأمر الواقع تم تقديم التنازل الأول عن الحق والسيادة المطلقة للفلسطينيين على مدينة القدس بشطريها، وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أشارت في رسالة الضمانات للفلسطينيين أنه سيجري تحديد مكانة القدس النهائية في المفاوضات. ورغم رفض إسرائيل لإشراك ممثلين من شرقي القدس في الوفد الفلسطيني المفاوض في المراحل الأولى، فإنها قبلت في الجولة التاسعة من المفاوضات مشاركة فيصل الحسيني في الوفد الفلسطيني مع أنه من القدس الشرقية.(23)

كما تم في مؤتمر مدريد الاتفاق على تأجيل قضايا جوهرية أخرى يتعلق بعضها بالقدس أيضا ومنها المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين والترتيبات الأمنية والحدود(24)، وهو ما أعطى إسرائيل فرصة كافية للتوسع في فرض الأمر الواقع ديمغرافياً واستيطانياً، على الأخص فيما يتعلق بمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وشق الطرق الالتفافية وفصل القدس عن بقية المناطق الفلسطينية.

اتفاقيات أوسلو 13/9/1993

تم الاتفاق في إعلان المبادئ الإسرائيلي الفلسطيني على تأجيل البت في وضع القدس النهائي، حيث أخرجت القدس من مجال نفوذ مجلس الحكم الذاتي الفلسطيني حسب البند (7) من وثيقة التفاهم الملحقة بالاتفاق والبندين (4 و5) من الاتفاق نفسه. وعلى صعيد سكان القدس الفلسطينيين سمح لهم الاتفاق في البند (1) من الملحق (1) بالمشاركة في العملية الانتخابية الخاصة بالحكم الذاتي الفلسطيني تحت شروط معقدة، مما يشير إلى تشدد إسرائيل في الجانب الجغرافي والسياسي ومرونتها النسبية في موضوع السكان الفلسطينيين.
من جهة أخرى لم ينص الاتفاق المذكور على إبقاء الوضع القائم للمسائل المؤجلة مثل القدس على ما هو عليه، مما سمح لإسرائيل بالاستمرار في إجراءات التهويد المختلفة بين يدي المفاوضات النهائية التي ستشمل الوضع النهائي للقدس.(25)المفاوضات النهائية
في ظل تداعيات سياسية مختلفة على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي شهد منتصف شهر تموز/ يوليو من عام 2000 محاولة حاسمة لدفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى توقيع اتفاق إطار بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (الضفة والقدس وغزة)، وسربت العديد من نقاط الاتفاق المزعومة من الجانب الإسرائيلي حيث زعم الإسرائيليون أنهم سيقدمون تنازلات "مؤلمة" مع الإشارة إلى أنهم لا يقبلون بأن تكون بأي ثمن.(26)

وأطلق على هذه القمة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات وبرعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون قمة كامب ديفد، غير أن الأطراف لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق محدد، وأعلن عن فشل القمة رسميا بسبب عدم القدرة على الاتفاق على مسألة وضع القدس والأماكن المقدسة فيها، في حين أعلن الجانب الفلسطيني أنه رفض التنازل عن السيادة الفلسطينية على القدس الشرقية.

ورغم هذا الفشل دخلت عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية مرحلة حاسمة، لأن القضايا الجوهرية في الصراع -وعلى رأسها القدس- أصبحت محط بحث على طاولة المفاوضات. واستمر الاتجاه الإعلامي بتبادل الاتهامات بالمسؤولية عن فشل المفاوضات بين الجانبين إلى أن قامت السلطات الإسرائيلية باستفزاز المشاعر الدينية الإسلامية لدى الفلسطينيين والعرب عندما دنس أرييل شارون أرض الحرم الشريف يوم 28/9/2000، مما أدى إلى حدوث مجزرة دامية في الحرم القدسي قامت بها قوات الاحتلال في اليوم التالي عقب انتهاء صلاة الجمعة ومن ثم ممارسة شتى أنواع العنف والإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، الأمر الذي أجج غضب الأمة الإسلامية والعربية وفتح تساؤلات أكبر تتعلق بمستقبل إسرائيل في المنطقة وتطالب بعضها بإزالة هذا الكيان من المنطقة.
وعلى أثر ذلك تحركت الدبلوماسية الأميركية والأوروبية والأمم المتحدة وبعض حلفائها في المنطقة بالضغط على الجانب الفلسطيني لوقف الانتفاضة وإعادة التفكير بما طرحه الجانب الإسرائيلي في كامب ديفد الثانية، وأثمرت هذه الجهود عن تسخين الاتصالات الثنائية الفلسطينية الإسرائيلية والتوصل إلى اتفاق على استئناف المفاوضات في واشنطن في 20/12/2000 بعد انهيار الوضع السياسي لرئيس الوزراء إيهود باراك، وازدياد عناصر التهديد لمستقبل عملية السلام التي يطاردها شبح اليمين الإسرائيلي بزعامة أرييل شارون في ظل الانتخابات الإسرائيلية برئاسة الحكومة في شهر شباط/ فبراير 2001.

وبذلك يمكن القول إن القدس -وعلى الأخص الأماكن المقدسة فيها- تشكل جوهر الصراع بمعناها الرمزي والسياسي والقانوني، وجوهر المفاوضات النهائية الفلسطينية الإسرائيلية والتي يصر باراك على أنها يجب أن تفضي إلى "تعزيز قوة إسرائيل وتدعيم القدس الكبرى (الشرقية والغربية) بأكثرية يهودية راسخة للأجيال المقبلة".(27)

وهو ما يشير إلى المفهوم الحقيقي لما يسميه تنازلات "مؤلمة" واتفاقات متوازنة، وأضاف "أنه ينبغي لنا أن نفكر في ضم مدن استيطانية في الضفة إلى القدس مثل معاليه أدوميم وغفآت زئيف وغوش عتصيون(28) التي تقع جميعها خارج حدود القدس الحالية وعلى بعد عشرة كيلومترات منها أحيانا، وهو ما يلزم تنازلات فلسطينية جديدة فيما يتعلق بالطرق الاستيطانية التي تجتاح مناطق الضفة الغربية وغزة المختلفة.

وخلاصة القول إنه في ظل موازين القوى القائمة وبرغم تصاعد انتفاضة الأقصى الفلسطينية ضد الاحتلال، فإن المفاوضات النهائية لا تزال تخضع لأسس مصلحة الأمن الإسرائيلي وتصوراته للسلام ولاستعداده المحدود لإعطاء الفلسطينيين بعض الحقوق الدينية والسياسية والديمغرافية فيما يتعلق بمدينة القدس.

ثالثاً: المواقف العربية والإسرائيلية والدولية الأساسية تجاه قضية القدس

تجمع المواقف العربية والدولية الأساسية بأن القدس الشرقية هي أراض فلسطينية محتلة وأن على إسرائيل أن تنسحب منها، وأن إجراءات إسرائيل المختلفة فيها باطلة بعشرات القرارات التي تم اتخاذها من قبل الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى والقمم العربية، بل إن إعلان إسرائيل القدس الغربية عاصمة لها منذ عام 1948 لم يحظ باعتراف أي دولة في العالم حتى اليوم، حيث إن مسألة القدس ومكانتها القانونية لم تحسم منذ اتخاذ قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 المتعلق بتدويل القدس رغم توقيع إعلان مبادئ عام 1993 الذي فتح الطريق أمام القبول الدولي بالأمر الواقع عام 1948 وفي القدس الشرقية عام 1967، خاصة عندما أشار إلى أن أساس الحل هو القرار 242.(29)
الإشكالية في اتفاق أوسلو
ولذلك فتح اتفاق أوسلو مجالا لاتخاذ مواقف غير حاسمة عربيا ودوليا تجاه الحق العربي في القدس، فوقع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1994 حيث نصت المادة رقم (9) بند (2) منها على أن إسرائيل تحترم دور الأردن في الأماكن الإسلامية المقدسة وستولي لدوره أولوية كبرى(30)، مما خرق مفهوم السيادة العربية الفلسطينية الكاملة على القدس سياسيا كما هي دينيا.

وعلى صعيد آخر اتخذ الفاتيكان موقفا دينيا أضعف كالموقف السياسي للفلسطينيين بتوقيعه اتفاقا مع إسرائيل في 30/12/1993 للاعتراف المتبادل وإشارته فقط إلى تسهيل حجّ المسيحيين إلى الأماكن المقدسة المسيحية، أي أن جزءأً من الموقف العربي وجزءاً آخر من الموقف الدولي، ناهيك عن تطور الموقف الفلسطيني، قد سببت جميعها تآكل مفهوم الحق العربي الفلسطيني السياسي السيادي على مدينة القدس بشقيها لصالح الأمر الواقع الإسرائيلي فيها منذ عام 1948, وهو ما يشير إلى إمكانية قبول الأطراف الدولية وبعض الأطراف العربية لمواقف فلسطينية تمثل الحلول الوسط بين الحق الفلسطيني الشرعي وبين الأمر الواقع الإسرائيلي فيما يتعلق بالقدس الشرقية والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، مما يمثل قاعدة خط للانطلاق في مفاوضات الحل النهائي من موقف متراجع ابتداءً وبدعم غير كامل ولا متماسك دوليا وإلى حد ما عربياً.

أسس الموقف العربي

وبذلك يمكن تحديد أسس ومكونات الموقف العربي الدولي بما يلي:
- أن القدس الغربية (المحتلة عام 1948) أصبحت جزءًا من الدولة الإسرائيلية.
- أن القدس الشرقية بما فيها البلدة القديمة المقدسة والأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية تعتبر أراضي محتلة بالقوة من قبل إسرائيل ويجب الانسحاب الكامل منها وفق قرار 242 عام 1967.
- أن الإجراءات الإسرائيلية بالمصادرة والهدم والاستيطان وخلافه في القدس الشرقية (وفق حدود 4 يونيو/ حزيران 1967) تعد باطلة وغير قانونية.

الموقف الإسرائيلي
وعلى صعيد الموقف الإسرائيلي -وهو الطرف المعتدي والمحتل في القدس بشقيها- فإنه يتعامل بشرعية كاملة لمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات والتحكم الكامل في المصالح الدينية والسياسية لسكان القدس والشعب الفلسطيني بشكل عام، حيث تجمع القوى السياسية الإسرائيلية على الحق اليهودي المقدس في القدس بصفتها عاصمة إسرائيل والشعب اليهودي، والذي تكرس بالقانون الذي سنه الكنيست عام 1980 باعتبار القدس موحدة عاصمة أبدية لإسرائيل، الأمر الذي يعيق أي محاولة لإعادة تقسيم المدينة وفق أي اتفاق يتم توقيعه إلا بموافقة الكنيست على تعديل القانون أو إلغائه، وبذلك يمكن تحديد أسس ومكونات الموقف الإسرائيلي بما يلي:
- عدم العودة إلى تجزئة المدينة كما كانت قبل عدوان 1967.
- تكريس السيادة الإسرائيلية على القدس الكبرى بأغلبية سكانية يهودية.
- ضم كل المستوطنات اليهودية المحيطة بالقدس إلى بلديتها.
- إمكانية تقاسم السيادة الوظيفية على الحرم القدسي والأماكن المقدسة الأخرى بين الأديان.
- القبول بالسيادة الرمزية الفلسطينية على السكان العرب، مع إعطاء الأحياء العربية في القدس الشرقية نوعا من الإدارة الذاتية لشؤونهم.
- استمرار السيطرة الأمنية العليا لإسرائيل على كافة أجزاء المدينة الموسعة.(31)

__________________

كُن مَعَ اللهِ وَلَا تُبَالِي ،،، فَإِن شَغَلَكَ شَيءٌ عَنِ اللهِ فَذَرهُ ...
فإنَّ في ذرئِه بُلُوغ المَرَامِ وسيرٌ ،،، نحوَ الهَدفِِ إن أفلَحت تصلهُ ...
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]