السلام عليكم:اليوم ساحدثكم عن موضوع جميل وهو عن الجنة والحق أن جنة المأوى التى أعدت للمتقين ،إذ هى المعهودة ، مخلوقة الآن ،لظواهر الآيات و الأخبار الصحيحة التى منها ما رواه مسلم عن أبى هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( يجمع الله الناس ،فيقوم المؤمنون حيث تزلفلهم الجنة ،فيأتون آدم ، فيقولون : يا أبانا استفتح لنا الجنة ، فيقول : و هل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ؟ )
وكأن الحكمة فى إسكان آدم الجنة هذه المدة أن يتعرف أولاً على وطنه الحقيقى السعيد ،حتى إذا اخرج منها و اشتاق لها ، و سعى لها سعى من رآها فعرف قيمتها ، فتفانى فى طلبها !
لا يعرف الشوق إلا من يكا بده
ولا الصبابة إلا من يعانيها
ونحن قد كنا فى صلب آدم إذ سكن الجنة ، فهى وطننا الأول ، إليه نحن ، و فى طلبه نسعى ما دمنا فى سجن هذه الدنيا ، فكيف الخلاص ! و متى العود للوطن السعيد ، و العيش الرغيد ؟
و إن من علامات الرشد الحنين إلى الوطن
فحى على جنات عدن ،فإنها
منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبى العدو ،فهل ترى
نعود إلى أوطننا و نسلم ؟
ونحن فى هذه الدنيا : دار الهموم و الأذى و الأكدار ،لا تستقيم لنا حال ،و لا يقر لنا فيها قرار
إذا أقبلت ولت ، و إن هى أحسنت
أساءت ،و إن صافت أتت بالكدرة
فكيف تطيب الحياة لمدد ؟ كيف يلتذ بالنعيم فيها معنى منغص ؟
لا طيب للعيش ما دامت منغصة
لذاته بادكار الموت و الهرم
فما لنا لا نحن إلى الجنة : دار النعيم المقيم ؟ : دار أبينا الأول ، وقد وعدنا الله بإرثها و سكناها ؟ ! .
أيصبرذولب عن الشوق إلى دار سرور لا يعقبه غم ، و غنى غير مهدد بفقر ،و صحة
لا يعتريها سقم و شباب ليس بعده هرم ، فى نعيم مقيم و ملك لا يبيد ...
فى حياة خالدة ، و عيشة راضية .
نور يتلألأ ، و ريحانة تهتز ، و قصر مشيد ، و زوجة حسناء ، و نهر مطرد ، و فاكهة كثيرة نضيجة ، أرضها المسك ، و حصباؤها اللؤلؤ ، و فيها ما تشتهيه الأنفس
و تلذ الأعين ، و فوق هذا كله رؤيه الرحمن و جواره .
(وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة )
مع الأمن من سلب نعمته ورضوان من الله أكبر .
لمثل هذا فليعمل العاملون .