السلام عليكم و رحمة الله
" و اغترب "
ما في المقام لذي عقل و ذي أدب ******* من راحة فدع الأوطان و اغترب
سافر تجد عوضا عمن تفارقه ******* و انصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده ******* إن ساح طاب و إن لم يجر لم يطب
و الأسد لولا فراق الأرض ما افترست ******* و السهم لولا فراق القوس لم يصب
و الشمس لو وقفت في الفلك دائمة ******* لملها الناس من عجم ومن عرب
و التبر1 كالترب ملقى في أماكنه ******* و العود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرب هذا عز مطلبه ******* و إن تغرب ذاك عز كالذهب
1 : التبر بكسر التاء الذهب و الفضة قبل الصياغة
" معرفة حق الأديب "
أصبحت مطرحا في معشر جهلوا ******* حق الأديب فباعوا الرأس بالذنب
و الناس يجمعهم شمل و بينهم ******* في العقل فرق و في الآداب و الحسب
كمثل ما الذهب الإبريز1 يشركه ******* في لونه الصفر2 و التفضيل للذهب
و العود لو لم تطب منه روائحه ******* لم يفرق الناس بين العود و الحطب
1 : الإبريز الخالص ---2 : الصفر النحاس الأصفر
" دعوة "
سمع محمد بن عبد الحكم الشافعي ينشد :
سقى الله أرض العامري غمامة ******* و رد إلى الأوطان كل غريب
و أعطى ذوي الحاجات فوق مناهم ******* و أمتع محبوبا بقرب حبيب
" هكذا الدهر "
قال المزني : سمعت الشافعي يتمثل بهذا البيت عندما غاب ابنه :
و ما الدهر إلا هكذا فاصطبر له ******* رزية 1مال أو فراق حبيب
1 : الرزية المصيبة
" الغنى عن الشيء لا به "
بلوت بني الدنيا فلم أر فيهم ******* سوى من غدا و البخل ملء إهابه 1
و جربت أبناء الزمان فلم أجد ******* سوى غادر و الغدر ملء ثيابه
فجردت من غمد القناعة صارما ******* قطعت رجائي منهم بذبابه 2
فلا ذا يراني واقفا في طريقه ******* و لا ذا يراني قاعدا عند بابه
غني بلا مال عن الناس كلهم ******* و ليس الغنى إلا عن الشيء لا به
إذا ظالم يستحسن الظلم مذهبا ******* ولج عتوا في قبيح اكتسابه 3
فكله إلى صرف الليالي فإنها ******* ستبدي له مالم يكن في حسابه
فكم قد رأينا ظالما متمردا ******* يرى النجم تيها تحت ظل ركابه 4
فعما قليل و هو في غفلاته ******* أناخت صروف الحادثات ببابه 5
فأصبح لا مال و لا جاه يرتجى ******* ولا حسنات تلتقي في كتابه
و جوزي بالأمر الذي كان فاعلا ******* و صب عليه الله سوط عذابه
1 : الإهاب الجلد قبل أن يدبغ--- 2 : ذباب السيف حده--- 3 : لج تمادى و العتو الاستكبار
4 : التيه الكبر--- 5 : صروف الحادثات المصائب
في حفظ الله و رعايته