عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 14-08-2007, 12:49 AM
الصورة الرمزية أمة_الله
أمة_الله أمة_الله غير متصل
هُـــدُوءُ رُوح ~
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: ღ تحت رحمة ربي ღ
الجنس :
المشاركات: 6,445
Arrow الجزء الثالث:الكلام المناسب


ثالثاً : الكلام المناسب


اختر الكلام المناسب للمقام وللمخاطب

فأنت تكلم الأمير بغير ما تكلم به صديقك ، فكيف ستكلم رب العالمين ؟
تكلمه – جل شأنه – بكل تذلل وخضوع تظهر بين يديه الضعف والفقر والحاجة
هذا نبي الله أيوب – عليه السلام - :{ وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين } [ الأنبياء: 83]
وموسى – عليه السلام - : { رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير} [ القصص:24] وزكريا – عليه السلام - : { قال رب وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا } [ مريم:4]
ومحمد – عليهالصلاة والسلام - : " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي "

وشاعرنا يناجي ربه :

أنا العبد الذي أضحى حزينــا... على زلاتـهقلقاً كثيبـــــــــا
أنا العبد الغريق بلج بحـــــــر ... أصيح لربما ألقىمجيبـــــــــا
أنا المضطر ارجو منك عفــوا ... ومن يرجو رضاك فلنيخيبـا

وعندما تكلم الخليفة أو الأمير أو القائد فأنت دقيق في كلامك حريص على انتقاء عباراتك .

أما عامة الناس فأنت تكلمهم على قدرهم لاتعطيهم من العلم إلا ما يناسبه .
قال صلى الله عليه وسلم : " كفى بالمرء إنما أن يحدث بكل ما سمع " رواه مسلم .
وقال علي – رضي الله عنه - : " حدثوا الناس بما يعرفون ؛ أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟ " رواه البخاري
وقال ابن مسعود – رضي الله عنه – " ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة "رواه مسلم
ومن الحكم : ( لا تعطوا الحكمة لغير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم)

وانتقاء الكلمة المناسبة يظهر عقلك وثقافتك ؛ فأنت تعلم أن الكلمة العربية لا تساوي مترادفاتها ، فـ " جلس " لا تؤدي معنى " قعد " .. تقولللنائم : أجلس ، وتقول للواقف : اقعد . وكذلك " قام " ليست كـ " وقف "

سمع ابن هرمة رجلاً ينشد قصيدة له :
بالله ربك إن دخلت فقل لهــــا ... هذا ابن هرمة قائماً بالبـــــــاب

فقال ابن هرمة : لم اقل " قائماً " وإنما قلت " واقفاً " .. فما الفرق ؟
إن القيام يقتضي الملازمة وكأنما هو حاجب على باب بيتها مقيم عليه ليلاً ونهاراً ينتظر الإذن بالدخول بما يوحي بالمذلة والضعة والصغار
أما الوقوف فغير ذلك

-انظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " رواه ابن ماجة وصححه الألباني
فما رأيك لو وضعت كلمة " تحصيل " مكان كلمة " يطلب " ؟
لاشك أنه يأثم الكثير ، فطلب العلم يستطيعه كلإنسان أما تحصيله واستيعابه بهذه نتيجة للطلب ولا يستطيعها كل إنسان فما أرحم ديننا!

وهذا حوار رجل مع هشام القرطبي :

- الرجل ( يسأل هشاماً عن عمره ): كم تعد؟
- هشام : من واحد إلى ألف ألف وأكثر .
- لم أرد هذا ، كمتعد من السن ؟
- اثنين وثلاثين : سنة : ستة عشر سناًمن أعلى وستة عشر من اسفل .
- لم أرد هذا ، كم لك من السنين ؟
- والله ليس لي منها شيء والسنون كلها لله .
- يا هذا ، ما سنك ؟
- عظم .
- ابن كم أنت ؟
- ابن اثنين : رجل وامرأة .
- كم أتى عليك ؟
- لو أتى علي شيء لقتلني .
- فكيف أقول ؟
- تقول : كم مضى من عمرك ؟

بل إن حروف الجر لا تؤدي معاني بعضها بنفس الدقة .

فهذا قوله سبحانه :
{إن فرعون علا في الأرض} [ القصص:4] فحرف الجر المناسب للعلو هو " على " ولكن عندما تسمع كلمة " علا " يتطاول عنقك إلى السماء ، تبحث عن هذاالعالي، وإذا بك تفاجأ بأنه مهما علا وعلا فهو في الأرض .
وقوله – سبحانه :{ولأصلبنكم في جذع النخل}[ طه:71] أي : على جذوع النخل ولكن " في " تدل في حقيقتها على أنهم داخل جذوع النخل وكأنهم من شدة إيثاقهم وتعذيبهم أصبحوا داخل جذوع النخل .
ويتأمل رحمة الله – سبحانه – بأمة محمد صلى الله عليه وسلم في قوله – جل شأنه :-
{فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون}[ الماعون :4-5]
ولو قال : في ،بدل : عن لهلكنا ، لماذا؟

ينبغي مراعاة مناسبة حديثك للزمن المتاح لك
فلا تفتح مواضيع ربما لها الوقت
ولا مانع من إعداد
النقاط الرئيسة لحديثك ولو كان مع فرد .
ولو ارتجلت الحديث فكن حاضر الذهن دقيقاً في كلامك ، وبخاصة لو كنت رجلاً مسؤولا إذ تحسب كل كلمة لك أو عليك .
لاحظ تعبيرات مستمعك فإن لاحظت تجاوبه معك وفهمه لحديثك وإلا فانه حديثك النهاية المناسبة .
كما تراعي حالة المستمع نفسه ؛ فإن كان مريضاً فهل يجوز أن تحكي له قصة مريض بنفس مرضه قد توفي بسبب هذا المرض ؟!
وإن أردت حديثاً قد يطول مع أحد أصدقائك في الهاتف فسأله سؤالاً صريحاً : هل عندك الاستعداد للحديث الآن ؟أم أن هناك وقتاً أنسب لك ؟ متى ؟ فأنت لا تراه ولا تعلم ما ظروفه الآن.




دمتم في أمان الله وإلى لقاء آخر بإذن الله





__________________

()

{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}
[الأعراف: 156]


اللَّهُمَّ مَغْفِرَتِكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَرَحْمَتَكَ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ عَمَلِي



رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]