عند استلام الراتب والمكافأة ( 11 )
عندما تحين ساعة استلام الراتب في اليوم المعلوم لذوي الرواتب والمكافآت تتوارد في خاطري أمور عديدة , وهي وقفات عجلى من الأهمية بمكان :
1---الراتب كامل , فهل العمل مثله ؟ ألم يحدث تقصير وخلل ؟ وكيف أبرئ ذمتي لأن من قبض الأجرة حاسبه اللـه بالعمل ؟
2---هل دعوت اللـه تعالى عند استلامه أن يبارك لي فيه ؟ أم أنني اكتفيت بابتسامة وارتياح داخلي ؟
3---هل شكرت اللـه تعالى على هذه النعمة التي حباني إيّاها دون غيري من المعدمين المحتاجين ؟
4---هل فكرت في الصدقة وإطعام الطعام منه ولو بجزء يسير ؟
5---هل فكرت بأصحاب الديون التي التزمت بها لهم فقمت بسدادها قبل أن تتراكم , وقبل أن تفجأني المنية , فلقد تأخر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الصلاة على من كان عليه دين حتى تكفل أحد الصحابة – رضي الله عنهم – بسداده فقال : ( الآن برّت عليه جلدته )؟
6---هل أدخلت السرور على والديك وزوجتك وأولادك بشئ منه , ولو كان يسيراً ؟
7---هل فكرت بالحقوق والواجبات الأخرى التي لايتم ّ أداؤها إلا بشئ من المال ؟
8---هل فكرت في دعم مايمكن دعمه من جهات خيرية أو حتى كفالة أيتام .. إلخ وذلك باقتطاع شهري ؟
9---هل فكرت بالابتعاد عن الإسراف في المأكل والمشرب والملبس والكماليات و ...إلخ ؟
10---هل فكرت في إنفاقه كله في الحلال , والابتعاد عن الحرام والمشتبه ؟
11---هل فكرت بوضع الخطط المدروسة والاستراتيجيات الدقيقة في تصريفه بتوازن واعتدال لابفوضى وسوء تدبير ؟
أخي : تذكر هذه المطالب جيّداً عندما تقبض هذا المال , فهو وديعة وأمانة ستحاسب عليها , فأعد للسؤال جواباً وللجواب صواباً , وكلي أمل ألا تغيب عن ذهنك , ليس الآن وإنما قبيل قبضه وفقك الله , وبارك لك في مالك .
فــــــــــــــــــــــــــــــــكرة تساعدك على صلة الرّحم (12 )
أخي – وفقك الله وسددك – لو سألت نفسك عن آخر زيارة تمّت لأحد معيّن من أقربائك كعمّتك أوخالتك – مثلاً – لربما لم تجد إجابة دقيقة , وبعض الناس إذا سئل عن آخر مرّة زارفيها عمّه أوخاله لأجاب بقوله : أعتقد أنني منذ زمن ليس بالبعيد قد تمّت الزيارة , لكن لاأدري متى ؟ ولو فتّشنا لوجدناه منذ شهر أوشهرين أوسنة أو ...إلخ
ومن الطريف أن بعض كبار السنّ من الأقارب يعدون الأيام التي تغيبها عنهم فيقول مثلاً : ياابني مارأيتك منذ أربعة وعشرين يوماً لماذا تغيب عني وأنا أحبك ! ويقول أحدهم زرت خالة لي اعتقدت أني لست ببعيد عهد عنها , فلامتني وقالت : أتدري منذ متى مارأيتك ؟ فقلت لها : لاأدري ياخالة , لكن أتوقع منذ أسبوعين أوثلاثة , فقالت : بل منذ شهر وتسعة أيام .. وهكذا
إذاً ماالحل ؟
أقترح عليك تصميم جدول صغير في مفكرتك الخاصة وتضعه في جيبك , وتتعامل معه بدقة ولك أن تتصوره بهذا الشكل :
صلة القرابة آخر زيارة الزيارة القادمة تمت / لم تتم لماذا؟ الزيارة البديلة
العم ( محمد) يدون التاريخ يدون تاريخها نعم /لا السبب يقترح تاريخها
الخالة ( نورة )
وهذا يعينك – بعد توفيق الله تعالى – على صلة الرّحم بشكل منتظم , ويوقف سيل اللوم المتجّه إليك عند كل زيارة , ومن الطريف : أن شاباً زار امرأة مسنّة من قريباته , فلامته بانقطاعه عنها منذ زمن يقرب من شهر , فأفادها بأسلوب لبق بأن آخر زيارة تمّت لها قبل ثلاثة عشر يوماً فقط , فقالت : هاه هاه لاأدري , ثم غيّرت مسار الحديث إلى قولها : هلا هلا حيّاك الله , كيف الوالدة والوالد عساكم بخير ...
بسبب إبرة !! ( 13 )
مما سمعته قديماً واستثارني أيّما استثارة , وجعلني أفكر فيه كثيراً حتى انقلب عندى هاجساً لاينقطع أن ( أحد السلف حبس في قبره عن النظر إلى الجنة بسبب إبرة استعارها ولم يردّها ...) حيث رؤي في المنام فأفاد بذلك , والمؤمن ينظر – كما ورد – إلى مقعده في الجنة وهو في قبره .. فقلت في نفسي : ما أعظم حقوق الخلق إذا تساهلنا وفرّطنا فيها ..!!! ثم التفت إلى صور مزعجة في مجتمعنا ومايحدث فيه من عوارٍ لم تردّ إلى أصحابها وأموال وحقوق وممتلكات حتى وإن كانت صغيرة في نظر البعض فهي عظيمة , ولها تبعات جسيمة , وتأملوا الإبرة مع صاحبها , وكيف كان أثرها عليه !! ربما بتفريط منه , ولم يدوّن ذلك في وصيّته قبل وفاته , أخي : فتش في وضعك : هل بقي شئ من أمور الخلق في ذمّتك مال أو عرض أو غرض أو شئ تقادم العهد به فنسيته ؟ إذا كان كذلك فسارع – بارك الله فيك - إلى أدائه قبل أن لاتطيق تحمّله في قبرك ويوم القيامة , وهل تتوقع أن الناس يتخلّون عن حسنة واحدة من حسناتك , كلا وربي ولو كان على حساب هلاكك , فانتبه قبل أن لايكون دينار ولادرهم , وبادر ثم بادر , وانج بنفسك وابحث عن خلاصك , فإن مابينك وبين الله تعالى مبنيّ على المسامحة أما مابينك وبين الخلق فلامسامحة وإنما مقاضاة من حسناتك إن كان لك , أو من سيئاتهم إن لم يكن حسنات .
رسالة مقترحة لمن بين إخوانه وأخواته مشكلات !! (14 )
إلى الأخ العزيز أو الأخت العزيزة/ حفظه الله تعالى ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أكتب إليك هذه الرسالة والتي خرجت من صميم القلب للأسباب التالية :
1 – محبتك لأنك أخي الغالي والعزيز والحبيب
2 – لأن الله تعالى أوجب النصيحة فيما بيننا
3 – لعلمي أنك تفهم جيداً , ولايقفز إلى ذهنك أيّ تفسير آخر
4 – لم أكتب إليك بأيّ ضغط من أيّ جهة أخرى وإنما ما أملاه عليّ ضميري فقط
5 – ما لاحظته من تباعد العلاقة بين الإخوة والأخوات في الآونة الأخيرة وبشكل ملحوظ
6- مما أثّر على والديّ وأرى ذلك في عينيهما وصحّتهما
7 – التناقضات في علاقات إخواني وأخواتي والتي لايجد الجيل الجديد من أطفالنا تفسيراً لها
8 – اطّلاع بنات الناس ( زوجاتنا ) وبعض أبناء الناس ( أزواج أخواتي ) على مايظهر لهم مما خفي من أحوالنا
9 – تطاول بعض إخواني وأخواتي على بعض بعبارات لاذعة – بقصد أوبغير قصد – أمام الجميع
10 – إخبار الوالدين بكل مايحدث وإيغار صدريهما نحو الطرف الآخر, مما لايجد له الوالدان متنّفساً غير الدموع
11 – حيرتي في مايرد من أولادي الكبار الناضجين مما لاأجد له تفسيراً أحياناً كثيرة
الرســـــــــــــــــــالة : لعلك فهمت جزءاً منها ( هل يعجبك ماعليه إخوانك وأخواتك ؟؟ ) قد تقول : لا , لكن ما الحل؟ الحـــــــــــل بيدك . كيف ؟ المطلوب منك مايلي :
1 – لاتتحدث مع الوالدين عن أيّ شئ يجري بينك وبين أحد من إخوانك أو أخواتك , ولعلك تعرف من بينك وبينه خصومة , حتى وإن طال العهد بها .
2 – إذا حدثت مشكلة بينك وبين أحد من إخوانك فلتعالجها سرّاً في منزله بعيداً عن الأطفال , لأنه سُمع - إذاحدث ذلك فعلاً - عن أحد الأطفال يناجي طفلاً آخر يقول : خالي لايحبّ أمي .. إلى آخر تلك العبارات البريئة
3 – إذا أحد مسّ أيّ أحد من إخوانك أو أخواتك بسوء فردّ عليه مباشرة وصحح خطأه ولاتدع له فرصة للتطاول
4 – إذا حدّثك أحد الأطفال عن أحد أعمامه أوأخواله فافرح بحديثه , وأظهر حبّك أمامه للطرف الآخر, حتى وإن كان بينك وبينه مايكون بين الإخوان والأخوات من خصومات , والبيوت لاتخلو من المشاكل
5 – اتصل دائماً عبر الثابت والجوال ولو بالشهر مرّة , إن لم تتم الزيارة لمنزله أو لمنزلها
6 – ودّع المواقف القديمة من غير رجعة – احتساباً لله تعالى – لأنك مأجور بذلك حتى وإن كنت صاحب حق .
7 – صحيح أن الإنسان – أحياناً – يتملكه الغضب فينسى نفسه , لكن عليه أن يتذكّر أنه جنى على جيل من الأطفال الذين يلحظون ماتزلّ به الألسن وتبقى في ذاكرتهم , فاتق الله تعالى فينا وفي أطفالنا لأننا أسرة واحدة ولافرق في المشكلة أكانت معي أم مع غيري , فالمشكلة مع أحد إخواني أو أخواتي أعتبرها معي , لأننا لحمة واحدة لاتنفصل
8 – أعرف أسراً ليسوا على قلب واحد من المشكلات التي تدور بينهم , ولكنهم مع ذلك لاينقطعون بل في كل ليلة خميس يجتمعون , وكأن شيئاً لم يحدث , وأطفالهم ينعمون بالأمان في رحابهم , فعلى أقل تقدير لنكن مثلهم
9 – أنا لا أحاسبك وليس لي ذلك , ولكن أقول من عندك يبدأ التغيير , ولاتظن أنك المخاطب وحدك , بل خاطبت غيرك ممن بينهم وبين غيرهم سوء تفاهم عفا عليها الزمن , وهو مشروع إصلاح بدأت به اليوم معك , وكلي أمل أن تجد كلماتي وقعاً في قلبك
10 – فكّر – جيّداً – بكلامي واقرأه مرة ومرتين وثلاثاً حيث لايراك أحد وإذا انتهيت مزّق الرسالة إلا من قلبك .
11 – سارع بعد قراءة الرسالة – إرغاماً للشيطان – بالاتصال والاعتذار على من بدر بينك وبينه شئ ..فهو أخوك / أو هي أختك
12 – لو افترضنا صدود الطرف الآخر عنك حتى بعد اعتذارك , هل يعني هذا أننا نبادله بالمثل ونجعل الناس يستشرفون قضايانا, كلا بل يتوجب علينا الصبر حتى يملّ الصبر من صبرنا, وهذا من الابتلاء فأشد بلاءً الأنبياء فالأمثل فالأمثل بيتلى المرء على قدر دينه قال تعالى ( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله يحب الصابرين ) ومايدريك ربما : إذا لمس منك الطرف الآخر صدق المصالحة سارع إليها قبلك , واصبر على مايبدر منه من جفاء وسوء ظن فأنت الكسبان بدءاً ونهاية , تحياتي لك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .........
أعمال لاتنتهي ( 15 )
كم من الأعمال التي لا ولن تنتهي وطموحات الإنسان فيها لاتنقضي يسعى ويكدح ويغدو ويروح و يتصل وينسّق ويخطط وينفذ , ويتابع ويحرص , ويهتمّ ويشقى ويوصي ويؤكّد , ومع ذلك لا ولن تنتهي أعماله بالصورة التي يرضاها, ولربما دعاه قريبه أو جاره إلى زيارته لكنه يكثر الاعتذار, ويتعلل بهذه الأعمال التي تحتاج إلى متابعة واستكمال , فطال به الزمن عن رؤية إخوانه وذويه والجلوس معهم , ولربما تأخر كثيراً عن إدراك صلاة الجماعة لهذه الأسباب , ونرى وترون فئاماً من الناس قد خف ميزان الصلاة لديهم , يقضون ما فاتهم إن أدركوا منها شيئاً , ثم ينصرفون إلى هذه الدنيا التي تغري وتفتن أبناءها ممن اصطادتهم ووقعوا في حبائلها , ثم يعقب ذلك خبر كالصاعقة على الورثة ( مــــــــات فلان ) نعم تصوّر أنها قيلت عنك ( مـــــــات فلان ) وهو أنت ياترى ماموقفك من هذا الخبر وبين يدك حقوق وواجبات لم تؤدى بسبب هذه السكرة ؟ ديون لم توثّق وقروض في نظرك يسيرة – وهي دين عليك للخلق – لم يعلم بها أحد وأمور أخرى لم تتحلل أصحابها – كسلاً منك – قد دوّنت عليك , وورثة لم تخلص النصيحة لهم في حياتك , أوأموال واعدت نفسك بالتصدق منها لكنك لم تفعل طمعاً وخوفاً من نقصها والشيطان يعدكم الفقر , ووصية وعدت نفسك بكتابتها وتدوينها وحفظها لكنك – أيضاً – لم تنفذّ ولم تكتب
أخي : هل فكّرت بجدٍ فيما مرّ ؟ هل دار في ذهنك ؟ لمَ لاتبادر من الآن وتقوم بتصفية كل ذلك , وتستعدّ لما أمامك ؟ لمَ لاتذكّر نفسك وأهلك وإخوانك - بين الفينة والأخرى – بذلك ؟ تلك غشاوة آن أن نزيلها ونبددها ونستيقظ من سباتنا العميق أخي : عش لحظة وصول نبأ موتك لأهلك , وتصور ذلك ماالذي تستطيع أن تعمله لو مدّ لك في عمرك ؟ إذاً افعله الآن من تجديد التوبة والفرار إلى الله ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) والله ياأخي لاينفع الندم , وورثتك لايغنون عنك من الله شيئاً ولن يؤنسك في قبرك سوى عملك الصالح فهل أكثرت من الصالح ؟ لاتدع للطالح من العمل فرصة في حياتك واعمرها بما يقرّبك من مولاك , عِ النصيحة وافتح لها أبواب قلبك تفلح وتنجح وفقك الله وسددك .. آمين