[quote=فاديا;402057]
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
حياكِ الله مشرفتنا الكريمة فاديا و بورك مرورك الطيب دوماً
التسول أصبح مهنة كما تفضلتِ و أصبح لها زبائن و أعمال و ميزانيات.. كل ذلك في الخفاء و الأرباح بالملايين صافية وبدون ضرائب !!
أذكر عندما كنت في بلد أوروبي منذ فترة ، استطعت ملاحظة أن هناك رجل و امرأة يلاحقاني بإستمرار ، فأخذت أمشي على خط دائري كبير لأرى كيف يتصرفان.. بالطبع المنظر كان مضحكاً جداً للشخص الذي كان يرافقني في سفري ، بحيث أصبحنا نحن الثلاثة نلف في دوائر الى أن وقفت و نظرت لهما و تبين أنهما يريدان التسول و بكميات كبيرة أيضاً !
برأيي أن المجتمع هو المُلام الأول و الأخير في قضية التسول ، و ذلك من النواحي التالية:
١. عندما تُتاح للمتسول فرصة الربح السريع على حساب عواطف الناس و طيبة قلبهم.. لا يجد احداً يردعه.
٢. عدم توفير بيوت مال المسلمين ، و الإستعاضة عنها بالجمعيات الخيرية و التي يتوه فيها ما يتوه.
٣. سكوت الدوائر الرسمية عن عصابات التسول التي يديرها أشخاص متنفذون في الدولة.
٤. تكاسل الناس عن الذهاب و البحث عن المعوزين حقاً و الفقراء الذين لا يسألون الناس من التعفف.
أرجو ان لا يُفهم من كلامي أنني ضد العطاء.. بالعكس و لكن المؤمن كيسٌ فطن.
فإن الله تعالى قد رغب في الصدقة، ووعد عليها بالخير الكثير، والثواب الجزيل، فقال: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [المعارج:24-25].
وذم بالمقابل البخل وأهله، فقال: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ) [آل عمران:180].
وانطلاقاً من هذه النصوص وغيرها الداعية والمرغبة في الصدقة والإنفاق من جهة، والتي تذم البخل وأهله من جهة أخرى، فلا ينبغي للمسلم أن يرد سائلاً ويبخل عليه، وخصوصاً إذا جهل حاله، أو علم أنه من الذين تحق لهم المسألة، سواء كان التسول في الشارع، أو في غيره.
و في الجهة الأخرى ، فإن المسلم مطالب بالجد والاجتهاد والبحث عن العمل، قال تعالى: ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) [الملك:15]
قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده" رواه البخاري. فأكل المرء من عمل يد له فضيلة عظيمة ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس على وجهه مزعة لحم".
وقد بين صلى الله عليه وسلم من تحل له المسألة، ففي صحيح مسلم عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه قال: تحملت حمالة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله، فقال: "أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة. فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش - أو قال: سداداً من عيش - فما سواهن من المسألة ياقبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتاً".
فهؤلاء الثلاثة فقط هم الذين تحل لهم المسألة: تحمل الحمالة للصلح، إصابة الجائحة في المال، الفاقة والفقر المدقع
برأيي أن العطاء يجب أن يكون لأناس ثقة و ليس لأي كان و يجب عدم نهر المتسول إن جاءنا و لكن لا نُعطي إلا إن كنا متأكدين أنه بحاجة.
أما عن سؤالك أختي الكريمة "لماذا نعطي المتسول"..
أقول ربما ذلك يعود الى أننا نريد أن نشكر الله على النعم التي احاطنا بها ، و أحد أوجه الشكر هو إعطاء الناس.. و هذا الامر ليس حكراً على المسلمين كما هو معروف ، بل أن العطاء وجدَ مع الإنسان منذ القِدَم ، فالطبيعي هو أن يُعطي الإنسان المحتاج و يُساعده ، و من لم يُساعد الناس فذلك شذوذاً عن الطبيعة الإنسانية بالتأكيد.
أشكر مداخلتك القيّمة و جزاكِ الله خيراً
__________________
. .
لا اله إلا الله محمد رسول الله . .
.
|