الموضوع: جهاز المناعة
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 14-12-2005, 01:38 AM
الصورة الرمزية د / أحمد محمد باذيب
د / أحمد محمد باذيب د / أحمد محمد باذيب غير متصل
استاذ الباطنة والاورام المشارك بكلية الطب جامعة حضرموت
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
مكان الإقامة: اليمن
الجنس :
المشاركات: 2,034
الدولة : Yemen
افتراضي الانسان واكتساب المناعة

يعتبر علم المناعة علماً حديثاًً نسبياًً، وتعزى بدايته الى الطبيب الانجليزي إدوارد جينر الذي استطاع أن يطوّّر طريقة لحماية الناس من العدوى بمرض الجدري الأسود smallpox) ) قبل أكثر من مئتي سنة (عام 1798 ). والجدري مرض معد يسببه فيروس ينتقل عن طريق المسالك التنفسية ويؤدي الى ندب بشعة في الجلد، غير أن تأثيره القاتل يكمن في اصابته للأعضاء الداخلية.

لقد فتك مرض الجدري بالكثير من الناس منذ القدم. وسجل التاريخ المعاناة التي سببها الجدري لسكان اوروبا في القرون الوسطى. انتقل هذا المرض الى امريكا الجنوبية مع المحتلين الإسبان وفتك عام 1553 بمئتي ألف من قبائل الإنكا التي كانت تعيش هناك.


لا شك أن مرض الجدري، مثله مثل أمراض معدية كثيرة ، قد سبب الرعب للبشرية فترة طويلة من الزمن. وعلى مر التاريخ كانت هناك محاولات لمنع انتشار هذا الوباء. ففي الصين القديمة اعتادوا أن ياخذوا القروح الجافة من الاشخاص المصابين بالجدري ويستنشقوها لكي يتقوا الاصابة بالمرض. نجحت هذه الطريقة مع البعض وفشلت مع البعض الاخر. طريقة مشابهة كانت متبعة في تركيا في القرون الوسطى، حيث كانوا يأخذون قليلاً من قروح المصابين بالجدري ويحقنونه في جلد الاشخاص الذين كانوا يرغبون في حماية أنفسهم من الاصابة بالمرض.

في أواخر القرن الثامن عشر، وصل الى علم الطبيب إدوارد جينر أن الفلاحات اللواتي اعتدن على حلب الابقار وأصبن بجدري خفيف الاعراض هو الجدري الذي يصيب البقر(cowpox) لم يمرضن بالجدري القاتل الذي يصيب الانسان. قرر جينر أن يقوم بتجربة لفحص ذلك. إذ أخذ من قروح الأبقارالمريضة وحقن بها مجموعة من الأشخاص الأصحاء. راقب جينر هذه المجموعة من الأشخاص، ولاحظ أنهم لم يمرضوا بالجدري على الرغم من الموجات المتلاحقة من العدوى التي ألمّت بالمناطق التي كانوا يسكنونها.

تدعى الطريقة التي تهدف الى إكساب الانسان وقاية من المرض " تطعيماً" او "تحصيناً" (-vaccination ).

عندما قام جينر بتطعيم الناس ضد مرض الجدري لم يكن يعرف يومها شيئاً عن المسببات التي تؤدي الى الأمراض المعدية، بل إن فهم ذلك قد تم في أواخر القرن التاسع عشر بواسطة الأبحاث الرائدة التي قام بها العالم روبرت كوخ. لقد أثبت روبرت كوخ أن الامراض المعدية تسببها كائنات دقيقة (microorganisms ) مختلفة. ونحن نعرف اليوم أربع مجموعات من الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض، هي: الفيروسات ، البكتيريا، الفطريات والطفيليات.

لقد أدّّت اكتشافات روبرت كوخ وسائر علماء الميكروبيولوجيا في القرن التاسع عشر وخاصة لويس باستير الفرنسي (الذي نجح في تطعيم الأغنام ضد مرض الجمرة الخبيثة) الى شق الطريق أمام علم جديد هو علم المناعة. وبفضل هذا العلم، تم تطوير طرق تطعيم ناجحة ضد كثير من الامراض المعدية الفتاكة التي طالما أودت بحياة الكثير من الناس مثل الجدري والتهاب غشاء المخ وغيرها.

لقد دأب العلماء منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا على دراسة الآليات التي يعمل بواسطتها الجسم لحماية نفسه من مسببات الأمراض. ويتوفر الآن قدر هائل من المعرفة في هذا المجال، تم استغلالها للتغلب على كثير من الامراض وما زالت حجر الاساس الذي يعتمد عليه العلماء لمقاومة أمراض لم يتم التغلب عليها حتى الآن مثل السرطان والايدز وغيرها.

توجد لدى الكائنات الحية على أنواعها أنظمة مناعية تحميها من مسببات الأمراض. الأنظمة المناعية لدى الحيوانات اللافقرية بسيطة، لكنها متطورة لدى الحيوانات الفقرية وخاصة الطيور والثدييات. ولو تأملنا هذه الأنظمة لدى الانسان لوجدناها تتألف من نوعين رئيسيين: مناعة غير تخصصية ومناعة تخصصية مكتسبة.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.70 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.99%)]