ولذا سمى يوم القيامة بيوم الحشر
والحشر هو ان تضع فى المكان أكثر من سعته بحيث يكون كل شىء متلاصقا ؛ يتحرك بصعوبة شديدة و يجد مكانا بصعوبة وتتلاصق كل المخلوقات من انس وجن وغير ذلك من خلق الله عز وجل كلها حشرت حشرا فوق الأرض التى عشنا عليها وفى هذا يقول الحق تبارك وتعالى :
" منها خلقنكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة" أخرى" ( الأية 55 سورة طه ) ..
وهنا نتطرق الى سؤال هام :
هل سيخرج كل انسان ويكون حرا يذهب كيف يشاء ؟
هل سنخرج جميعا لنختلط ببعضنا البعض فى فوضى هائلة ؟؟
لآ
لقد أنتهى الأختيار الأدمى .. ولم يعد لنا أختيار فى اى شىء ..
كل انسان سيكون مكلف به ملك ؛ يأخذه من الأرض التى خرجنا منها الى ارض الميعاد التى سيحاسب فيها .. لا احد يترك هكذا .. بل كل انسان له مكان محدد يخرج منه وملك موكل به هو الذى يقوده ولا يستطيع الأنسان الأفلات أو الفرار من قضاء الله وقدره ..
يخرج كل أنسان ومعه عمله
فلن يكون الجميع فى الخروج على هيئة واحده ..
فمن عملوا الصالحات يخرجون خفافا لا يحسون هول يوم القيامة ولا بشدة الموقف فالله سبحانه يخفف عنهم..
ومن ساءت اعمالهم والعياذ بالله
يخرجون وهم يتخبطون مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى :
" يأيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكرى وماهم بسكرى ولكن عذاب الله شديد "( الأيتان 1؛2 من سورة الحج ) ..
وهكذا سيخرج الناس يترنحون من قبورهم من هول الموقف وكأنهم سكارى وليسوا بسكارى ولكن هول العذاب الذى ينتظر العاصين والمذنبين شديد واليم يزلزل اقوى النفوس وأقدرها على التحمل ؛ ولقد بيننا مسبقا أن كل انسان فى قبره يعلم مصيره الى أين ؟ جنة ام نار .. ويرى مقعده من الجنة أو النار وهو لازال فى قبره ويعلم الى اين هو ذاهب ..
ويوم القيامة يخرج الكافر
وهو يتمنى لو لم تأتى هذه اللحظة .. يتمنى لو تحول الى تراب يدوسه الناس بأقدامهم ولا يقف أمام الله ليحاسب ..
واقرا قول الحق تبارك وتعالى :
" ويقول الكافر يليتنى كنت تربا" ( من الأية 40 من سورة النبأ ) ..
ساعة الخروج
؟
يحاول كل انسان أن ينجو بنفسه ويحاول ان يتخذ اى وسيلة لعلها تنقذه من هول هذا اليوم ومن العذاب الذى ينتظره ويعلمه مسبقا !
وهنا تبدأ استغاثة العاصين والمذنبين بالمؤمنين .. وهم يرونهم وجوههم مشرقة وحالهم مختلف تماما عن حالهم .. ولكن المؤمنون يفرون منهم فكل واحد لا يهمه الا نفسه وكل يلتمس لنفسه طريق النجاة ..
يقول الحق تبارك وتعالى :
" يوم يفر المرء من أخيه وأمه وابيه وصحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه " ( الأيات من 34 _ 37 سورة عبس ) ..
والأنساب فى هذا اليوم تلغى تماما
ولا يتبقى سوى العمل فقط ولذلك فأذا حاول ان يستنجد الأبن بأبيه أو أمه يفرا منه رغم أنهما اقرب الناس اليه والفرار يكون من هول الموقف ؛ فالأب يفر من ابنه العاصى والأم تفر من ابنتها العاصية والأصدقاء يفرون من بعض وكل لا يقول سوى نفسى نفسى نفسى ..
يارب سلم يارب سلم يارب سلم
والى لقاء آخر