عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27-03-2008, 02:44 PM
الصورة الرمزية saidabd
saidabd saidabd غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: maroc
الجنس :
المشاركات: 1,408
الدولة : Morocco
افتراضي

السلام علكيم ورحمة الله ليس الأمر تصفية حسابات


بالعكس النصيحة
22- باب النصيحة

قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةَ) (الحجرات:10) ، وقال تعالى إخباراً عن نوح صلى الله عليه وسلم : (وَأَنْصَحُ لَكُمْ )(لأعراف:62)، وعن هود صلى الله عليه وسلم : (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)(لأعراف:68).
الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى-: " باب النصيحة" النصيحة : هي بذل النصح للغير، والنصح معناه أن الشخص يحب لأخيه الخير ، ويدعوه إليه، ويبينه له، ويرغبه فيه، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصحية ، فقال " الدين النصيحة " ثلاث مرات، قالوا: لمن يا رسول الله ؟ قال :" لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" [264]وضد النصيحة المكر والغش والخيانة والخديعة.
ثم صدر المؤلف هذا الباب بثلاث آيات.
الآية الأولى: قوله تعالى : ِ(إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةَ) (الحجرات:10)، مثل أي: إذا تحقق فيهم الأخوة واتصفوا بها، فإنه لابد أن تكون هذه الأخوة مثمرة للنصيحة.
والواجب على المؤمنين أن يكونوا كما قال الله عزّ وجلّ : : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةَ) وهم إخوة في الدين، والأخوة في الدين أقوى من الأخوة في النسب، بل إن الأخوة في النسب مع عدم الدين ليست بشيء، ولهذا قال الله - عزّ وجلّ - لنوح لما قال : ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ ) قال تعالى : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ )(هود:45،46).
أما المؤمنون فإنهم وإن تباعدت أقطارهم وتباينت لغاتهم، فإنهم إخوة مهما كان ، والأخ لابد أن يكون ناصحاً لأخيه ، مبدياً له الخير ، مبيناً ذلك له، داعياً له.
أما الآية الثانية: فهي قول نوح ، وهو أول الرسل، يقول لقومه حين دعاهم إلى الله تعالى( وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)(لأعراف: 62)، يعني لست بغاش لكم ، ولا خادع ، ولا غادر ، ولكني ناصح.
أما الآية الثالثة: فقول الله تعالى عن هود: ( وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)(لأعراف:68) .
وعلى كل حال يجب على المرء أن يكون لإخوانه ناصحاً مبدياً لهم الخير ، داعياً لهم إليه ، حتى يحقق بذلك الأخوة الإيمانية، والله الموفق.
وأما الأحاديث : 181- فالأول عن أبي رقية تميم بن أوسٍ الدارس- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الدين النصيحةُ" قلنا: لمن؟ قال:" لله، ولكتابه ، ولرسوله، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم" رواه مسلم[265].
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى - في باب النصيحة ثلاثة أحاديث : الحديث الأول عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الدين النصيحة ، الدين النصيحة، الدين النصيحة" كررها ثلاثاً صلى الله عليه وسلم لأجل أن ينتبه المخاطب والسامع حتى تتلقى ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم بانتباه . قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال :" لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم" خمسة أشياء هي محل النصيحة.
والنصيحة لله- عزّ وجلّ- تكون بالإخلاص لله تعالى، والتعبد له محبة وتعظيماً ؛ لأن الله عزّ وجلّ يتعبد له العبد محبة ، فيقوم بأوامره طلباً للوصول إلى محبته عزّ وجل، وتعظيماً فينتهي عن محارمه خوفاً منه سبحانه وتعالى.
ومن النصيحة لله: أن يكون الإنسان دائماً ذاكراً لربه بقلبه ولسانه وجوارحه، أما القلب فإنه لا حدود لذكره، والإنسان يستطيع أن يذكر الله بقلبه على كل حال، وفي كل ما يشاء، وفي كل ما يسمع؛ لأن في كل شيء لله تعالى آية تدل على وحدانيته وعظمته وسلطانه، فيفكر في خلق السماوات والأرض، ويفكر في الليل والنهار، ويفكر في آيات الله من الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وغير ذلك ، فيحدث هذا ذكراً لله عزّ وجلّ في قلبه.
ومن النصيحة لله أن تكون غيرته لله فيغار لله عزّ وجلّ إذا انتهكت محارمه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، فإنه عليه الصلاة والسلام كان لا ينتقم لنفسه أبداً ، مهما قال الناس فيه، لا ينتقم لنفسه، ولكنه إذا انتهكت محارم الله صار أشد الناس انتقاماً ممن ينتهك حرمات الله تعالى[266]، فيغار الإنسان على ربه؛ فلا يسمع أحداً يسب الله أو يشتم الله أو يتسهزىء بالله إلا غار من ذلك وأنكر عليه حتى ولو رفع أمره لولي الأمر ؛ لأن هذا من النصيحة لله عزّ وجلّ.؟
ومن النصيحة لله : أن يدب عن دين الله تعالى الذي شرعه لعباده، فيبطل كيد الكائدين، ويرد على الملحدين الذين يعرضون الدين وكأنه قيود تقيد الناس عن حرياتهم، والحقيقة أن الدين قيود حرية؛ لأن الإنسان يتقيد لله عزّ وجلّ، وبالله ، وفي دين الله، ومن لم يتقيد بهذا تقيد للشيطان؛ وفي خطوات الشيطان ، لأن النفس همامه دائماً، فلا تسكن نفس أحد أبداً، بل لابد أن تكون لهما همم في أي شيء: إما في خير ، وإما شر.
وما أحسن قول ابن القيم رحمه الله في النونية، حيث قال:
هـربـوا من الـرق الـذي خلقــوا لــه
وبلــوا بـرق النفـــس والشيطــــان
هربوا من الرق الذي خلقوا له وهو عبادة الله ، قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)
، ولكنهم هربوا من هذا الرق الذي هو كمال الحرية وكمال السعادة إلى رق النفس والشيطان والنفس- نعوذ بالله من شرها- تسترق الإنسان وتملي عليه الهوى فيكون خاضعاً لهواها، وإذا غلب الهوى ؛ زال العقل ، وكما قال الشاعر:
سُـكرانِ : سُـكر هــوى وسُـكر مدامــة
فمتــى إفاقة من بــه سكــران
يصف شخصاً يشرب الخمر والعياذ بالله ، فيقول : إنه فيه سكران، سكر الهوى وسكر المدامة، فمتى إفاقة من به سكران؟ وواضح أن هذا لا ترجى له إفاقة.
فالحاصل أن الإنسان يتعبد لله عزّ وجلّ لا للنفس ولا للشيطان، حتى يتحرر من القيود التي تضره ولا تنفعه.
ومن النصيحة لله عزّ وجلّ : أن يكون باثاً دين الله في عباد الله؛ لأن هذا مقام الرسل كلهم، فهم دُعاة إلى الله يدعون الناس إلى الله عزّ وجلّ، كما قال الله تعالى عنهم : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةَُ) (النحل:36) ، وقوله تعالى: (فَمِنْهُمْ) أي من الأمة التي بعث فيها الرسول. نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم.
ثم قال صلى الله عليه وسلم :"ولكتابه" يعني أيضاً من الدين النصيحة لكتاب الله عزّ وجلّ ، وهذا يشما كتاب الله الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، والذي أُنزل من قبل، والنصيحة لهذه الكتب بتصديق أخبارها، أي أن ما أخبرت به يجب أن نصدقه.
أما بالنسبة للقرآن فظاهر؛ لأن القرآن- ولله الحمد- نُقل بالتواتر من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وإلى أن يرفعه الله عزّ وجلّ في آخر الزمان، يقرؤه الصغير والكبير، وأما الكتب السابقة فإنها قد حرفت وغيرت وبدّلت ، لكن ما صحّ منها فإنه يجب تصديق خبره واعتقاد صحة حكمه، لكننا لسنا متعبدين بأحكام الكتب السابقة إلا بدليل من شرعنا.
ومن النصيحة لكتاب الله: أن يدافع الإنسان عنه، يدافع من حرفه تحريفاً لفظيّاً ، أو تحريفاً معنويّاً ، أو من زعم أن فيه نقصاً، أو أن فيه زيادة، فالرافضة مثلاً يدّعون أن القرآن فيه نقص، وأن القرآن الذي نزل على محمد أكثر من هذا الموجود بين أيدي المسلمين. فخالفوا بذلك إجماع المسلمين، والقرآن - ولله الحمد- لم ينقص منه شيء، ومن زعم أنه قد نقص منه شيء؛ فقد كذّب قوله تعالى:" (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ، فالله عزّ وجلّ تكفل بحفظه، ومن ادعى أنه قد نقص حرفاً واحداً اختزل منه؛ فقد كذّب الله عزّ وجلّ، فعليه أن يتوب ويرجع إلى الله من هذه الردة.
ومن النصيحة لكتاب الله: أن ينشر الإنسان معناه بين المسلمين؛ المعني الصحيح الموافق لظاهره، بحيث لا يكون فيه تحريف ولا تغيير، فإذا جلس مجلساً فإن من الخير والنصيحة لكتاب الله أن يأتي بأية من كتاب الله عزّ وجلّ يبينها للناس، ويوضح معناها، ولا سيما الآيات التي تكثر قراءتها بين المسلمين؛ مثل الفاتحة، فإن الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة؛ للإمام والمأموم والمنفرد، فيحتاج الناس إلى معرفتها ، فإذا فسرها بين يدي الناس وبيّنها لهم؛ فإن هذا من النصيحة لكتاب الله عزّ وجلّ.
ومن النصيحة لكتاب الله: أن تؤمن بأن الله تعالى تكلم بهذا القرآن حقيقة، وأنه كلامه عزّ وجلّ؛ الحرف والمعنى، ليس الكلام الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، بل إنه كلام الله لفظاً ومعنىً تكلم به وتلقاه منه جبريل عليه السلام، ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (الشعراء:192، 195)، وتأمل كيف قال: (عَلَى قَلْبِكَ ) مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يسمعه بأذنيه، ولكن الأذن إن لم يصل مسموعها إلى القلب؛ فإنه لا يستقر في النفس، فلا يستقر في النفس إلا ما وصل إلى القلب عن طريق الأذن، أو عن طريق الرؤيا بالعين، أو المس باليد ، أو الشم بالأنف، أو الذوق بالفم، فالمهم القرار وهو القلب، ولهذا قال (عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) وعلى هذا فليس من النصيحة أن يقول القائل: إن هذا القرآن عبارة عن كلام الله وليس كلام الله، أو أن يقول : إنه خلق من مخلوقات الله ، أو ما أشبه ذلك، بل من النصيحة أن تؤمن بأنه كلام الله حقا: اللفظ والمعنى.
ومن النصيحة لكتاب الله عزّ وجل أن يقوم الإنسان باحترام هذا القرآن العظيم، فمن ذلك أن لا يمس القرآن إلا وهو طاهر من الحدثين: الأصغر والأكبر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يمسّ القرآن إلا طاهر"[267] أو من وراء حائل؛ لأن من مس من وراء حائل فإنه لم يمسه في الواقع، وينبغي لا على سبيل الوجوب أن لا يقرأ القرآن ولو عن ظهر قلب إلا متطهراً ؛ لأن هذا من احترام القرآن.
ومن النصيحة لكتاب الله عزّ وجلّ : أن لا تضعه في موضع يمتهن فيه، ويكون وضعه فيه امتهاناً له، كمحل القاذورات وما أشبه ذلك، ولهذا يجب الحذر مما يصنعه بعض الصبيان إذا انتهوا من الدروس في مدارسهم ، ألقوا مقرراتهم والتي من بينها الأجزاء من المصحف في الطرقات أو في الزبالة أو ما أشبه ذلك ، والعياذ بالله.
وأما وضع المصحف على الأرض الطاهرة الطيبة، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه ؛ لأن هذا ليس فيه امتهان للقرآن، ولا إهانة له، وهو يقع كثيراً من الناس إذا كان يصلي ويقرأ من المصحف وأراد السجود يضعه بين يديه، فهذا لا يعد امتهاناً ولا إهانة للمصحف فلا بأس به ، والله اعلم.
وأما الثالثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ولرسوله" والنصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تتضمن أشياء:
الأول: الإيمان التام برسالته، وأن الله تعالى أرسله إلى جميع الخلق: عربهم وعجمهم، بل إنسهم وجِنّهم ، قال الله تعالى ( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(النساء: 79)، وقال تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1)، والآيات في هذا كثيرة، فتؤمن بأن محمداً رسول الله إلى جميع الخلق من جن وإنس.
ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تصديق خبره، وأنه صادق مصدوق صادق فيما يخبر به، مصدوق فيما أخبر به من الوحي، فما كذب ولا كذَّب صلى الله عليه وسلم .

__________________
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.88 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]