السحر والسحرة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي وضع أقسى عقوبة للساحر لما له من أكبر الأثر على عقيدة المسلمين فقد روى البيهقي عَنْ جُنْدَبٍ الْخَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - « حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ » صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين
وبعد :
الأخوة الزملاء .. الأبناء الأعزاء :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده خلقهم من عدم ورزقهم من الطيبات وحرم عليهم الخبائث ما ترك شيئا نافعا إلا وأحله لهم وما ترك شيئا مضرا إلا حرمه {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ }
والسحر من الأشياء المحرمة التي تضر بالفرد والمجتمع واليوم نتحدث بمشيئة الله تعالى عنه وعن أضراره وطرق تجنبه نسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطاكم وأن يحفظكم من من السحر والسحرة وأن يديم عليكم فضله وحفظه .
ونظرا لكثرة المشعوذين في الآونة الأخيرة ممن يدعون الطب ويعالجون عن طريق السحر أو الكهانة ، ويدعون العلاج بالقرآن وهم أجهل الناس به وقد صار السحرة واعوانهم يتوسعون في نشر باطلهم على مستوى المحليات والقنوات الفضائية وعبر الهاتف ونظرا لانتشارهم في كثير من البلاد الإسلامية ، واستغلالهم للسذج والبسطاء وممن يغلب عليهم الجهل ورأيت من باب النصيحة لله ولعباده أن أبين ما في ذلك من خطر عظيم على الإسلام والمسلمين لما فيه من التعلق بغير الله تعالى ومخالفة أمره وأمر رسوله- صلى الله عليه وسلم - .
وعالم السحر عالم غريب وعجيب وإن شئتم فقولوا عالم الأسرار الغامضة التي لا يعلمها إلا القليل من البشر ، فليس علم يدرس في المدارس والجامعات ، ولا نعرف له أصولاً فنقف على حقيقته ، وإذا جهلنا ألأصول تداخلت علينا الفروع وغالبا لا نعرف عنه إلا بعض مظاهره واثاره السلبية التي تؤدي لكثير من المهالك في الأنفس والأموال والأوطان والصاعقة الكبرى أنه يخل بعقيدة من يعمل به أو يرضى به .
الساحر يحصل على علوم السحر من السحرة الكفرة وبالممارسة التي تجره للكفر خطوة خطوة حتى إذا وقع فيه لا يمكنه الخروج منه إلا ما رحم ربي . والعمل بالسحر وممارسته هو تعامل مباشر مع الشياطين ومردة الجن فيتخذ الساحر له سيدا فيخلص له ويواليه فالسحر لا يخرج عن كونه :
عقد مبرم بين الساحر والشيطان يشرط فيه الشيطان على الساحر أن يقوم بعبادته وحده وأن يكفر بجميع الأديان والمعتقدات ويتنكر لكل الشرائع والكتب السماوية والقيم والمثل العليا وأن ينفذ كل ما يأمره به الشيطان من أعمال ويبرهن الساحر لسيده على ولائه فينفذ كل ما يطلبه منه حتى لو قال له أعلن كفرك بربك – والعياذ بالله - أو ضع قدمك على المصحف أو توضا باللبن أو غير ذلك . ويكون المقابل من الشيطان أن يعاونه على إيقاع الضرر بالناس وإنزال الأذى بهم بكافة الطرق والوسائل فيتكسب الساحر من ذلك ويتق الناس شره بأن يدفعوا له ليكف عنهم الأذى .
ولا تظن أن العقد الذي يبرمه الساحر مع الشيطان عقد وهمي أو خيالي . لا أنه عقد حقيقي يقوم الساحر بكتابته بناء على توجيهات سيده ووليه الشيطان على رقعة قذرة من جلد حيوان نتن ويستخدم في الكتابة أيضا مواد في منتهى القذارة ، وما زالت المتاحف الكبرى ودور الكتب في العديد من الدول الغربية تحتفظ بصور من هذه العقود التي أبرمها السحرة مع الشيطان منذ عصور بعيدة عندما كان السحر منتشرا في هذه البلاد بصورة خطيرة نسأل الله العافية .
وأدخل في الموضوع مباشرة وأعرض أهم العناصر التي سنتناولها سويا في هذا اللقاء الطيب المبارك وهي بالتفصيل التالي :
1-السحر حقيقة أم وهم ؟
2- الصفات الحقيقية للساحر ؟
3- ما علوم السحر التي يتعلمها السحرة ؟
4 – ما حقيقة العقد الشيطاني ؟
5-ما علاج من ابتلي بالسحر ؟
6- ما حكم سؤال السحرة والمشعوذين
كلّ هذه التساؤلات المحيرة والمثيرة نحاول الإجابة عليها بمشيئة الله تعالى من خلال هذا اللقاء الطيب المبارك فأقول مستعينا بالله تعالى ومتوكلا عليه :
أولا : السحر حقيقة أم وهم ؟
السحر في اللغة : عبارة عما خفي ولطف سببه , ولهذا جاء في الحديث : (( إن من البيان لسحرا ))
وسمي السحور سحورا لأنه يقع خفيا آخر الليل قال تعالى : { قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } والمعنى والله أعلم : قال موسى للسحرة : ألقوا أنتم, فلما ألقَوا الحبال والعصيَّ سحروا أعين الناس, فخُيِّل إلى الأبصار أن ما فعلوه حقيقة, ولم يكن إلا مجرد صنعة وخيال, وأرهبوا الناس إرهابًا شديدًا, وجاؤوا بسحر قوي كثير.
و في الاصطلاح : عزائم و رقى و عقد و أدوية و تدخينات تؤثر في القلوب والأبدان فمنها ما يمرض و منها ما يقتل و منها ما يفرق بين المرء و زوجه قال تعالى : { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } وقال سبحانه : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4} يعني السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن في عقدهن . ولولا أن للسحر حقيقة لم يأمر بالاستعاذة منه .
وقد زعم قوم من المعتزلة وغيرهم أن السحر تخييل لا حقيقة له , وهذا ليس بصحيح على إطلاقه , بل منه ما هو تخييل ومنه ما له حقيقة كما يفهم مما تقدم .
ومع ذلك فقد يدعي السحر من ليس بساحر من أجل أن يأكل أموال الناس بالباطل بحجة أنه بوسعه أن يؤذيهم ومن ذلك أن رجلا كان بإحدى القرى المصرية يعيش على ما يأخذه من الناس لاتقاء شره وخاصة من يقدم على الزواج فكان قبل الزواج بعدة أيام يذهب إليه العريس ويدفع له مبلغا ماليا كي لا يفعل له ما يحول بينه وبين زوجته ليلة عرسه وفي يوم عرس أحد الأخوة الفضلاة وكان قد دعا لعقد القران الشيخ / كامل محمد مصطفى فقال أحد الحضور للشيخ كامل إن الذي يجلس أمامك مباشرة رجل خطير وسره باتع لا يجرؤ أحد من أهل القرية أن يتزوج حتى يدفع له أولا وإن لم يدفع - ربنا يعوض عليه – قال الشيخ للساحر المزعوم إن لي عندك خدمة فقال : مني أنا ؟ قال : نعم . فقال الساحر : دا انت تأمرني ياشيخ واقترب منه وقال له تكلم أنا أسمعك . قال الشيخ / كامل : كبرت زوجتي ولم تعد لها حاجة بي وأنا لا أريد الزواج بغيرها وأريدك أن تعمل لي شيئا يعطل عندي هذا الموضوع – والشيخ طبعا يختبره ويطلب عكس ما يطلبه الناس – فقال الساحر المزعزم بخبث ودهاء : أما أنت فلا يصلح لك مثل هذا العمل لأنك كما أرى سني ولا تعتقد في هذه الأمور التي نعملها للناس .
وهنا انتبه الحضور أنه نصاب ولا يؤثر إلا على من يصدقه فانصرفوا عنه وما هي إلا بضعة أيام حتى غادر قريتهم بلا رجعة فاستراحوا منه .
ثانيا : الصفات الحقيقية للساحر :
الساحر الذي أبرم العقد مع الشيطان وأعلن كفره بالله وموالاته لسيده اللعين تتوافر فيه الشروط التالية :
( 1 ) يببيع الساحر نفسه في حياته وبعد مماته للشيطان , وكذلك فأن كل ما يملك من مال وعقار وذرية هي ملك للشيطان يتصرف فيها كيف يشاء .
( 2 ) أن يكون لديه العناد والإصرار والقوة على التحمل إلى أقصى الحدود , وذلك حتى لا تتزعزع عقيدته الشيطانية ولو قاسى في سبيلها أشد وأقسى أنواع العذاب والإهانة .
( 3 ) أن يكون وقحا عديم الحياء والإحساس والضمير ولا يكون لديه ذرة من الرحمة أو العطف أو الحنان وغيرها من العواطف والاحساسات البشرية النبيلة التي ترفع من قدر الإنسان وتسمو به .
( 4 ) أن لا ترتعد فرائصه عندما يرى سيده إبليس أو أحد معاونيه وهم في صورة مفزعة منفرة . فالشيطان يحلو له أن يكون قبيح المنظر ويفضل دائما أن يتمثل في صورة بشعة وكذلك على الساحر أن يكون قويا ثابت الجنان عندما يواجه الإعدام أو يلقى في النار ليحرق فيها جزاء على ما اقترفته يداه
( 5 ) أن لا يتضجر ولا يتذمر إذا ماطله إبليس في تقديم المساعدة التي طلبها منه وبدلا من ذلك فعليه أن يلح بكل قوته في طلب هذه المساعدة وفي نفس الوقت يجب أن يكون على أهبة الاستعداد إذا طلب منه أن يأتي بأي عمل ينافي الأديان والآداب والأعراف والتقاليد التي تعارفت عليها البشرية وذلك عن رضا وطيب خاطر
( 6 ) إن يجتهد بكل قوة في أعماله السحرية وان يثابر ويواظب على دراستها والقيام بما تتطلبه من طقوس شيطانية واحتفالات إبليسية غير عابىء بما يمكن أن ينال غيره من جراء ذلك وعليه أن يحضر هذه الحفلات أو الأجتماعات في مواعيدها تماما وأن يؤدي هذه الطقوس في الأوقات المخصصة لها
( 7 ) أن يكون جاهلا جهلا تاما, بكل ما هو جميل وحميد ومستحسن وأن لا يرضيه إلا كل مستقبح ومستقدر .
( 8 ) أن يعتقد اعتقادا راسخا في قوة الشيطان ومقدرته ومقدرة أعوانه من الأرواح الشريرة الخبيثة وأن يطيع أوامرها ويخضع لشروطها وقوانينها مهما كانت قاسية ظالمة
( 9 ) أن يكون عدوا لدودا لجميع الأديان وعليه أن يكون دائم السخط عليها والاستهزاء بها في كل مناسبة وأن يظهر ذلك على الملأ . ومحظور عليه تماما أن يدخل أي محل للعبادة إلا لغرض واحد فقط وهو تدنيسه أو سرقته أو تلويثه وان يتبرأ من دينه ومن جميع الكتب السماوية مع العمل على تمزيقها وحرقها .. الخ .
( 10 ) أن يكون مستعدا لارتكاب أية جريمة خلقية وكل معصية ورذيلة مع الانغماس في الفجور والمعاصي دون أدنى تفكير في الكف عن ذلك مهما حدث
( 11 ) أن يكون قذرا دنيء النفس وأن يكون ذلك في غاية الوضوح عليه وعلى ملابسه فمحرم عليه استعمال الماء والصابون إلى الأبد وذلك حتى يكتسب مسكنه وجسده وملابسه رائحة نتنة كريهة تلازمه طيلة حياته ، ويعرفه بها زملاؤه من السحرة عبيد الشيطان
( 12 ) أن يقضي معظم أو كل وقته منزويا منطويا على نفسه بعيدا عن الناس قدر استطاعته , لا يتعامل معهم ولا يتصل بهم إلا إذا طلب منه ذلك لأغراض السحر أو إلحاق الضرر بالناس
بالله عليكم من كانت هذه صفاته وأخلاقه فهل نذهب إليه أن نترأف بحاله أو ندافع عنه أم نقدمه للقضاء العادل ليريحنا من شره .
ثالثا : علــوم الســــــحر التي يتعلمها السحرة :
( 1 ) علم التنجيم
علم التنجيم أو علم النجوم هو علم يهدف إلى معرفة الحوادث المستقبلية عن طريق أوضاع الأفلاك والكواكب المختلفة ومقارنتها بما يسمى أوضاع التثليث والتربيع والتسديس وغيرها من الأوضاع التي لها مدلولات خاصة وينقسم هذا العلم بصفة عامة إلى ثلاثة أقسام :
الأول : الحسابيات : وهي العلوم اليقينية ولا مانع شرعا من تعلمها .
الثاني : الطبيعيات مثل الإستدلال على الأحداث من انتقال الشمس في البروج الفلكية إلى الفصول كالحر والبرد أو اعتدال الجو , وهذه أيضا لا مانع من تعلمها .
الثالث : الوهميات وهي الإستدلال على الحوادث والتنبؤ بها باستخدام القوى السفلية . وقد نهى الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم عن تعلم هذه العلوم السفلية والإكتفاء بمعرفة النوعين الأولين فقط لاستخدامهما في الأعمال النافعة , وفي الحديث (( تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر والبحر ثم انتهوا ))
( 2 ) علم العزائم أو التعزيم
العزائم مأخوذة عن العزم وتصميم الرأي على شيء معين وعقد النية عليه , وذلك بالتعزيم والتشديد على الجن والشياطين , وذلك بكلمات وأقوال معينة , وينهي ذلك بكلمة عزمت عليكم وبالتالي فقد أوجب عليهم الطاعة والإذعان والتسخير والتذليل لنفسه , وقد أجمع العلماء والمفسرون القدامى على أن الجن والشياطين مسخرون لخدمة الأنسان ومنهم هؤلاء الجواسيس والأشرار الذين ينقلون للإنسان بعض ما يصل إلى سماعهم من أخبار وأوامر
( 3 ) علم الطلاسم
هو العلم بكيفية التأثير في العناصر المختلفة باستخدام المعرفة بأحوال تفاعل القوى الخفية السماوية بالقوى الأرضية باستخدام بخور مقوية تجلب روحانيات الطلسم , وذلك من أجل الحصول على أفعال غريبة أو التأثير في بعض النواحي وإفسادها , وطرق التوصل إلى الطلاسم شديدة العناء والصعوبة
( 4 ) علم التنويم المغناطيسي
يتم عن طريق تأثير شخص قوي على شخص أضعف منه يكون في حالة وسط بين التنويم واليقظة يتم فيها طرد كل الأفكار من ذهن الشخص الآخر وإحلال الأفكار المطلوبة محلها ويكون له تأثيرا قويا
( ه ) خط الرمل
يلجأ بعض المنجمين إلى رسم خطوط وأشكال مختلفة على الرمال , وذلك بهدف استطلاع الغيب وكشف المجهول وغوامض الأمور أو معرفة خفايا سعادة أو شقاء الإنسان , وذلك عن طريق قراءة ما يوحيه أثر الخط أو الأشكال المتكونة من الخطوط . ويتم تكوين ستة عشر شكلا يتم تمييزها وتسميتها بأسماء مختلفة ويتعلق بعضها بحالات السعد والبعض الآخر بحالات النحس, ولكن ذلك من الخرافات والادعاءات ولا يوجد دليل على صحة هذه التقسيمات . لأنه لا يعلم الغيب إلا الله تبارك وتعالى وكل ما عدا ذلك فهو شعوذة ووهم باطل
( 6 ) فتح المندل
المندل هو عبارة عن فنجان من الخزف يملأ بالزيت والحبر الأسود ويؤتى بغلام صغير لم يبلغ الحلم أي بين التاسعة والثانية عشر ويكون في حالة طبيعية دون وهم أو فزع أو خوف ثم يكتب فاتح المندل عزيمة خاصة على جبهة الصبي ثم يأمره أن يخبره بما شاهد فإذا شاهد ملوك الجن طلب من الصبي أن يسألهم عن الشيء المفقود والذي قد يكون الكشف عن السرقات أو أسرار الجرائم الغامضة أو معرفة أماكن بعض الأشياء المختلفة وكذلك فقد يستخدم المندل في معرفة بعض النتائج مسبقا وبعد انتهاء الغرض يقوم فاتح المندل بتلاوة عزيمة خاصة ويعود الصبي إلى حالته الأولى
( 7 ) قراءة الكف
في رأي ممارسيه أن الخطوط التي في كف الإنسان إنما تولد معه وتمحى بموته , ويدعون أن خطوط اليد الطولية والعرضية والتعرجات الموجودة في الكف تحدد عمر الإنسان طولا وقصرا وتنبىء عما سيحصل لصاحبها من سعادة أو تعاسة وغيرها . فهناك خط القلب وخط المستقبل وخط العمر وخط الإنجاب أو عدم الإنجاب لكن من الواضح أن هذه الخطوط لا يمكن أن تنم عن حقيقة شخصيات البشر ولا تحدد مستقبلهم وإنما هذا العلم هو عبارة عن نوع من الفراسة والمهارة الناتجة عن الممارسة والخبرة في مشاهدة الخطوط على الأيدي
( 8 ) قراءة الفنجان والودع والحجارة وغيرها
قد يأخذ بعض الأشخاص في التحديق في فنجان القهوة بعد أن ينتهي صاحبها من احتسائها وذلك لمعرفة المستقبل وتحديد الآمال والأحلام , وذلك دون أي أساس من الصحة , ولكن ذلك نوع من التنبؤات والادعاءات التي غالبا ما تكون غير صحيحة ولكن الذي يحدث أن الناس يكونون مهيئين لتصديق ما يقال لهم وقد وضعوا ثقتهم في هذا القارئ العالم في نظرهم وكذلك من يستخدمون الودع والحجارة فيلقونها على الأرض وقراءة ما توحيه لهم أشكالها التي تشكلت بها من خلال إلقائها على الأرض ولكنهم كلهم دجالون يحفظون تلك العبارات التي يقولونها عن ظهر قلب ويذكرونها دائما وربما صدق قارئ الفنجان أو ضارب الودع مرة ولكن تأكد أنها مصادفة بحتة والمصادفة كما تعلم ليست أساسا سليما للمعرفة الصحيحة
( 9 ) التوقيع
قد ينظر أحد الأشخاص إلى توقيعك الذي خطته يدك ثم يقول لك انك متفائل أو متشائم أو عصبي المزاج أو عاطفي ... الخ وذلك في صورة متشابهة لقراءة الكف وهي أيضا نوع من الفراسة
( 10 ) الحاسة السادسة
هي عبارة عن توقع الإنسان للحدث قبل وقوعه , ولكن هذه الحاسة السادسة يمكن أن نردها إلى نوع من الفراسة تميز الشخص العادي وليس الساحر , وهذه الفراسة هي شيء معنوي فطري في الإنسان يمكن تنميته بالخبرة والممارسة فقد يشعر الإنسان في وقت ما بهاتف داخله يخبره بما يتوقع حدوثه من أمور ويمكنه إدراك ذلك باستخدام عقله , كما قد ينتاب الشخص شعورا قويا بأن الخطر يكمن قريبا جدا منه مما يجعله متأهبا حذرا , ولكن إذا رجعنا إلى الوراء قليلا فربما وجدنا تجربة ما أو حادثة قد وقعت لهذا الشخص في نفس المكان أو في مكان قريب منه مما جعل هذا الشعور ينتابه مرة أخرى
( 11 ) التمائم والاحجبة
يلجأ بعض السحرة والمشعوذون إلى كتابة أحجبة يحملها الشخص أو صاحب الحاجة حتى تقيه من شر ما أو تدفع عنه الأذى أو الخوف والمكروه أو لتحقق له ما يطلبه . والأحجبة عبارة عن كلمات متداخلة ببعضها أو خطوط متراكبة فوق بعضها أو كلمات أعجمية أو أسماء جن والحجاب بهذا الشكل هو إشراك بالله سبحانه وتعالى وكفر به وبقدرته لأنه لا يدفع الضر والأذى إلا الله سبحانه ويكفي من يخشى أمرا من الأمور أن يتلو آيات الله المحكمات حتى تقيه من الشر وتفتح له أبواب الخير والبركة كذلك فالتمائم أو التعاويذ ومفردها عوذ وهي ما يتعوذ به الناس لدفع الشر أو الأذى أو لتحقيق حاجة ما , وكانت عبارة عن خرزة صغيرة يعلقها الأعراب لأولادهم , وهذه التعاويذ أيضا من صور الإشراك بالله تعالى لأنه جل شأنه هو الذي يملك دفع الأذى وجلب الخير ولا أحد سواه يملك ذلك
رابعا : العـقـــــــد الشـــــيطاني بين الساحر والشيطان
العقد المبرم بين الساحر والشيطان هو عقد حقيقي وليس ضرب من الخيال وهو يعقد بين طرفين لإثبات بيع الساحر للشيطان روحه ونفسه ومتاعه نظير ما يمنحه الشيطان له من القوة والمقدرة لأتيان السحر وقد ذكر المحامي الكبير ( موريس جارسون ) وهو أحد أقطاب المحاماة في فرنسا وهو مرجع موثوق به في عالم السحر والسحرة
إن كل الإلتزامات الواردة في العقد من الطرف الأول وهو الساحر يقوم بها دون أي التزام نحو الطرف الثاني وهو الشيطان حتى يرجع الطرف الأول في حالة إخلال الشيطان بمساعدته وأضاف المحامي قائلا : ( إن لدي أحد هذه العقود ) . وفي عام ( 1619 م ) أعدمت الساحرة الكبيرة ( ستيفنون دي أوديرت ) المشهورة بساحرة ( البرنية ) وأظهرت للقاضي صورة عقد أبرمته مع الشيطان وهذا العقد عبارة عن قطعة قذرة من جلد القط أو الكلب ملوثة ومحررة بدماء الحيض وغيرها من القاذورات التي يستحيل على الأنسان أن يتحمل رؤيتها أو رائحتها الكريهة
وفي عام ( 1934 م ) تم إعدام الساحر الكبير ( أوربان جواندييه ) وقدم للمحكمة أقذر و أخبث عقد بينه وبين الشيطان و ما زالت صورة هذا العقد محفوظة بالمكتبة العمومية بباريس ويوجد بمكتبة ( أبسالا ) صورة العقد المبرم بين الشيطان و الساحر ( دانيال سالثنوس ) أستاذ اللغة العبرية , ولكنه باع روحه و نفسه فلقي حتفه سريعا ,, وبدفتر خانة كاتدرائية ( جرجينتي ) عقد عجيب يقولون أنه ممهور بتوقيع من الشيطان الكبير نفسه وقد حرره أحد القساوسة مع إبليس بالذات وبلغة معقدة جدا عجز عن حلها أساتذة اللغات أو ترجمتها أو معرفة أي نص من نصوصه وهو مكتوب سطور منحدرة هائلة ولم يفهم من العقد إلا اسم القس الذي وقع عليه
وقد شغل هذا العقد الكثيرون من رجال الدين والقضاء وما ورد فيه من شروط نصوص والتزامات كما جاء في كتاب الأسقف ( فرانسيسكو ماريا جوتش ) وعنوانه ( ميثاق الساحر مع الشيطان ) وقد ترجم هذا المؤلف إلى الأنجليزية و نشر بإنجلترا عام ( 1929 م )
خامسا : ما علاج من ابتلي بالسحر ؟
من ابتلي بالمرض فلا يتسرع في التشخيص ويقول أنه مسحور فلعله مرض عضوي فليراجع الطبيب ليشخص له مرضه ويعالجه بما يناسبه من الأدوية المباحة شرعا حسبما يعرفه في علم الطب ؛ لأن ذلك من باب الأخذ بالأسباب العادية ولا ينافي التوكل على الله، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى الداء وأنزل معه الدواء عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله، ولكنه سبحانه لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم.
فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه، كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجما بالغيب، أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء حكمهم الكفر والضلال إذا ادعوا علم الغيب، وقد روى أن النبي قال :
{ من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما }
وعن أبي هريرة عن النبي قال: {من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد } وصححه الحاكم عن النبي بلفظ: {من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد {
وعن عمران بن حصين قال قال رسول الله : {ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد }
ففي هذه الأحاديث الشريفة النهي عن إتيان العرافين والكهنة والسحرة وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد على ذلك، فالواجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين ونحوهم، ومنع من يتعاطى شيئا من ذلك في الأسواق وغيرها والإنكار عليهم أشد الإنكار، والإنكار على من يجيء إليهم، ولا يجوز أن يغتر بصدقهم في بعض الأمور ولا بكثرة من يأتي إليهم من الناس فإنهم جهال لا يجوز اغترار الناس بهم؛ لأن الرسول قد نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم لما في ذلك من المنكر العظيم والخطر الجسيم والعواقب الوخيمة ولأنهم كذبة فجرة.
كما أن في هذه الأحاديث دليلا على كفر الكاهن والساحر لأنهما يدعيان علم الغيب وذلك كفر، ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصدهما إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون الله وذلك كفر بالله وشرك به سبحانه والمصدق لهم في دعواهم علم الغيب يكون مثلهم، وكل من تلقى هذه الأمور عمن يتعاطاها فقد برئ منه رسول الله ، ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجا كنمنمتهم بالطلاسم أو صب الرصاص ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها، فإن هذا من الكهانة والتلبيس على الناس ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم.
كما لا يجوز أيضا لأحد من المسلمين أن يذهب إليهم ليسألهم عمن سيتزوج ابنه أو قريبه أو عما يكون بين الزوجين وأسرتيهما من المحبة والوفاء أو العداوة والفراق ونحو ذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
والسحر من المحرمات الكفرية كما قال الله عز وجل في شأن الملكين في سورة البقرة: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }
فدلت هذه الآيات الكريمة على أن السحر كفر وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه. كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعا ولا ضرا وإنما يؤثر بإذن الله الكوفي القدري لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخير والشر.
ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين ولبسوا بها على ضعفاء العقول فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل.
كما دلت الآية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم وأنه ليس لهم عند الله من خلاق أي: (من حظ ونصيب)، وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة، وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله : {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } والشراء هنا بمعنى البيع.
نسأل الله العافية والسلامة من شر السحرة والكهنة وسائر المشعوذين، كما نسأله سبحانه أن يقي المسلمين شرهم، وأن يوفق حكام المسلمين للحذر منهم وتنفيذ حكم الله فيهم حتى يستريح العباد من ضررهم وأعمالهم الخبيثة إنه جواد كريم.
وقد شرع الله سبحانه لعباده ما يتقون به شر السحر قبل وقوعه، وأوضح لهم سبحانه ما يعالج به بعد وقوعه رحمة منه لهم، وإحسانا منه إليهم، وإتماما لنعمته عليهم.
وفيما يلي بيان للأشياء التي يتقى بها خطر السحر قبل وقوعه والأشياء التي يعالج بها بعد وقوعه من الأمور المباحة شرعا:
أما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو: التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والتعوذات المأثورة، ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام، ومن ذلك قراءتها عند النوم، وآية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم وهي قوله سبحانه: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }
ومن ذلك قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق } و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، خلف كل صلاة مكتوبة وقراءة هذه السور الثلاث ثلاث مرات في أول النهار بعد صلاة الفجر، وفي أول الليل بعد صلاة المغرب، وعند النوم، ومن ذلك قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في أول الليل وهما قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير } إلى آخر السورة.
وقد صح عن رسول الله أنه قال { من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح } وصح عنه أيضا أنه قال { من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه } والمعنى والله أعلم: كفتاه من كل سوء.
ومن ذلك: الإكثار من التعوذ بـ"كلمات الله التامات من شر ما خلق" في الليل والنهار، وعند نزول أي منزل في البناء أو الصحراء أو الجو أو البحر لقول النبي : { من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك }. ومن ذلك أن يقول المسلم في أول النهار وأول الليل ثلاث مرات: { بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم } لصحة الترغيب في ذلك عن رسول الله ، وأن ذلك سبب للسلامة من كل سوء.
وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليه، وهي أيضا من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه مع الإكثار من الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس.
ومن الأدعية الثابتة عنه في علاج الأمراض من السحر وغيره وكان يرقي بها أصحابه: { اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما } يقولها ثلاثا، ومن ذلك الرقية التي رقى بها جبرائيل النبي وهي قوله: { بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك } وليكرر ذلك ثلاث مرات.
ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضا وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها: آية الكرسي و سورة الكافرون : و وسورة الإخلاص: و سورةالفلق وسورة الناس وآيات السحر التي في سورة الأعراف وهي قوله سبحانه {: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ } [، والآيات في سورة يونس وهي قوله سبحانه: { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } ، والآيات في سورة طه: { قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } .
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث حسوات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء.
ومن علاج السحر أيضا - وهو من أنفع علاجه - بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر.
هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يتقى بها السحر ويعالج بها والله ولي التوفيق.
وأما علاجه بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات فهذا لا يجوز؛ لأنه من عمل الشيطان بل من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون لأنهم لا يؤمنون، ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس، وقد حذر الرسول من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم كما سبق بيان ذلك في أول هذه الرسالة. وقد صح عن رسول الله {أنه سئل عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان}
والنشرة هي حل السحر عن المسحور ومراده بكلامه هذا النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية، وهي: سؤال الساحر ليحل السحر، أو حله بسحر مثله من ساحر آخر.
أما حله بالرقية والتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك كما تقدم. وقد نص على ذلك العلامة ابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد رحمة الله عليهما، ونص على ذلك أيضا غيرهما من أهل العلم.
والله المسئول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء، وأن يحفظ عليهم دينهم، ويرزقهم الفقه فيه، والعافية من كل ما خالف شرعه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.
6- ما حكم سؤال السحرة والمشعوذين ؟
سؤال وجه للشيخ / عبدالعزيز بن باز – رحمه الله -:
يوجد في بعض جهات اليمن أناس يسمون: (السادة) وهؤلاء يأتون بأشياء منافية للدين مثل الشعوذة وغيرها، ويدعون أنهم يقدرون على شفاء الناس من الأمراض المستعصية، ويبرهنون على ذلك بطعن أنفسهم بالخناجر أو قطع ألسنتهم ثم إعادتها دون ضرر يلحق بهم، وهؤلاء منهم من يصلي ومنهم من لا يصلي. وكذلك يحلون لأنفسهم الزواج من غير فصيلتهم، ولا يحلون لأحد الزواج من فصيلتهم، وعند دعائهم للمرضى يقولون: (يا الله يا فلان) أحد أجدادهم.
وفي القديم كان الناس يكبرونهم، والآن الناس مختلفون فيهم. فما حكم الدين في أمثال هؤلاء؟
الجواب: هؤلاء وأشباههم من جملة المتصوفة الذين لهم أعمال منكرة وتصرفات باطلة، وهم أيضا من جملة العرافين الذين قال فيهم النبي : }من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما{ وذلك بدعواهم علم الغيب، وخدمتهم للجن، وعبادتهم إياهم، وتلبيسهم على الناس بما يفعلون من أنواع السحر الذي قال الله فيه في قصة موسى وفرعون{ قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } ، فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم لهذا الحديث الشريف ولقوله : { من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد } وفي لفظ آخر {من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد }.
وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله، أو زعمهم أن آباءهم وأسلافهم يتصرفون في الكون، أو يشفون المرضى، أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو غيبتهم فهذا كله من الكفر بالله عز وجل ومن الشرك الأكبر، فالواجب الإنكار عليهم وعدم إتيانهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم؛ لأنهم قد جمعوا في هذه الأعمال بين عمل الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير الله والمستغيثين بغير الله والمستعينين بغير الله من الجن والأموات وغيرهم ممن ينتسبون إليهم ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلافهم أو من أناس آخرين يزعمون أن لهم ولاية أو لهم كرامة، بل كل هذا من أعمال الشعوذة ومن أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر.
وأما ما يقع من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم ألسنتهم فكل هذا تمويه على الناس، وكله من أنواع السحر المحرم الذي جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، وهذا من جنس ما قاله الله سبحانه وتعالى عن سحرة فرعون: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى } ، فهؤلاء قد جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين الشرك الأكبر والاستعانة بغير الله والاستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف في علم الكون، وهذه أنواع كثيرة من الشرك الأكبر والكفر البواح ومن أعمال الشعوذة التي حرمها الله عز وجل ومن دعوى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ }
فالواجب على جميع المسلمين العارفين بحالهم: الإنكار عليهم وبيان سوء تصرفاتهم وأنها منكرة ورفع أمرهم إلى ولاة الأمور إذا كانوا في بلاد إسلامية حتى يعاقبوهم بما يستحقون شرعاً؛ حسماً لشرهم وحماية للمسلمين من أباطيلهم وتلبيسهم.
والله ولي التوفيق.
1- سورة المؤمنون117
2- رواه البهقي في السنن برقم 16942
3- سورة الشورى19
4 سورة الأعراف 116
5- سورة البقرة 102
6- سورة الفلق 1-4
7- ملتحي بالعرف المصري
8- رواه ابن مردويه وورد في الجامع الصغير للسيوطي
من رسالة للشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – في حكم إتيان السحر والمشعوذين بتصرف يسير
9 - رواه مسلم في صحيحه
10- رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الأربع،
11- رواه البزار بإسناد جيد
12- سورة البقرة:102
13- سورة البقرة : 255
14- سورة الاخلاص:1
15- سورة الفلق:1
16- سورة الناس:1
17- سورة البقرة:285
18- سورة الأعراف:117-119]
19- سورة يونس:79-82
20- سورة طه:65-69
21- رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد
22- - سورة الأعراف:116
23-سورة طه:66
24-سورة النمل:65
منقول
سالم