غزة – صوت الأقصى
اصطفت طوابير طويلة من السيارات قرب محطات الوقود فى قطاع غزة فى محاولة للتزود به، فى حين انعكس تقلص الكميات الواردة منه بنسبة تزيد عن 70% على الحركة العامة فى القطاع.
يُذكر أن معظم الوقود في العالم يتم استخراجه من الدول العربية, لاسيما دول الخليج.
وأمام محطة 'بهلول' للبترول فى مخيم خان يونس توقفت عشرات السيارات فى طابور طويل تنتظر دورها للتمكن من التزود بالوقود.
وقال سائق سيارة أجرة عرف عن نفسه بـ'أبى محمود' كمية الوقود لديه نفذت منذ يومين، مضيفاً أن وقف أمس 'لأكثر من خمس ساعات فى طابور ولكن كمية الوقود فى المحطة نفدت لذلك جئت مبكراً بعدما علمت أن بعض الكميات موجودة'.
حال هذا السائق لم تكن أفضل من غيره من السائقين الذين اصطفوا فى طابور طويل، وكادت تقع بينهم بعض المشاحنات نتيجة محاولة كل منهم أن يتقدم فى الطابور خشية نفاد كمية الوقود قبل أن يصله الدور.
وقال السائق حسين عبد المطلب إنه أوقف سيارته منذ ثلاثة أيام أمام محطة بهلول للوقود أملاً فى تعبئة أية كمية ممكنة من الوقود.
وأوضح أنه يتفهم اقتطاع ما يلزم من وقود للنواحى الأساسية الحياتية كالصحة وسيارات الإسعاف وآبار المياه والصرف الصحي، إلا أنه لا يتفهم كيفية توزيع الباقي، بعد تجميعه كل أسبوعين أو أكثر، على المواطنين عبر محطات توزيع الوقود بشكل متساوٍ على جميع مناطق القطاع.
وقال أحد العاملين فى المحطة إن ما يصل إليهم لا يتعدى بضعة آلاف من الليترات لا تكفى لعشرات المركبات، الأمر الذي يوقعهم فى حرج مع المواطنين والسائقين ممن ينتظرون أحياناً أمام المحطة لأيام متواصلة.
وأكد أنه يعمل على تدبير الشرائح الهامة بالدرجة الأولى ويلبى متطلبات الفئات الأكثر حاجة للوقود، إلا أن ما يتوفر لا يفى بحاجة جزء من أعداد المحتاجين للوقود ويعمل على أن يأخذ كل شخص كمية مقلصة.
حركة مشلولة
وانعكست أزمة تقلص كميات الوقود بشكل ملحوظ على انسيابية الحركة فى قطاع غزة فتراجعت حركة السيارات بشكل كبير، بعدما اضطر أصحاب العاملة منها على 'البنزين' إلى وقفها منذ نحو أسبوعين، جاء الدور على السيارات العاملة على 'السولار' 'المازوت' التى قلص الاحتلال الصهيوني الكميات الداخلة منه إلى القطاع.
وقال نائب رئيس جمعية أصحاب شركات الوقود محمود الخزندار إن (إسرائيل) قلصت كميات السولار التى تسمح بدخولها للقطاع إلى 800 ألف لتر أسبوعياً فقط بما يمثل 30% من احتياجاته، وما يقارب من 70 ألف ليتر من البنزين أسبوعياً، وتمثل الكمية الواردة أقل من 6% من الحاجة اليومية للقطاع وهى 120 ألف ليتر، فيما يدخل القطاع ما بين 200 إلى 250 طن من الغاز المنزلى بينما الاحتياج الفعلى يصل لنحو 850 طن غاز منزلى يومياً، لكن الاحتلال يدخل للقطاع.
وأشار الخزندار إلى أن المشكلة بدأت منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2007 حين اتخذت 'السلطات الإسرائيلية' قراراً بتقليص الوقود باعتبار القطاع كياناً معادياً، حيث قلص فى البداية بنسبة 15% ثم إلى 50% ثم وصل إلى تقليص ما نسبته 80%، ولكن بعد الضغوطات والإضرابات عاد ليقلص ما نسبته 60%.
وأمام هذا التقليص الكبير انتشرت ظاهرة بيع البنزين والسولار فى السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
ففى حين بلغ السعر الرسمى للتر البنزين الواحد 5.99 شيكل ' الدولار 3.55 شيكل' وليتر 'السولار' 71ر5 شيكل فإنه يباع فى الغالونات بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة تصل إلى 30 شيكل لليتر الواحد.
أزمة الوقود أجبرت الفلسطينيين البحث عن بدائل
تعميم
وقال الخزندار إن الجمعية أوعزت إلى محطات التوزيع كافة بعدم تعبئة أى غالونات أو ما شابه، وذلك تفادياً لبيعها بأسعار مرتفعة غير التى تقررها وزارة المالية، مشيراً إلى أن الجمعية طالبت الحكومة الفلسطينية بملاحقة كل من يثبت تلاعبه بالأسعار سواء من أصحاب المحطات أو الباعة الذين يضبطون فى مفترقات الطرق.
وأشار إلى أن الجمعية والهيئة العامة للبترول لوضع آلية لتوزيع كميات الوقود المتبقية من بعد استقطاع كميات معينة للقطاعات الحيوية كالصحة والزراعة والصيد والمؤسسات العامة وغيرها.
وأمام تراجع حركة السيارات لم تتمكن أعداد كبيرة من الطلبة والموظفين من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم فيما تشهد مواقف السيارات إزدحامات كبيرة أمام شبه شلل على الطرقات.
وقف استلام الوقود
وذكر الخزندار إن أصحاب شركات النفط يدرسون بشكل جدى اتخاذ قرار بوقف استلام هذه الكميات المقلصة والإضراب الشامل كى يتحمل الاحتلال والعالم بأسره المسؤولية عن أى تداعيات إنسانية لهذا القرار الخطير.
ولا تتوقف آثار تقلص كميات الوقود على حركة السيارات وحركة النقل العامة فقد أدت إلى شلل العديد من القطاع الحيوية فيما ينذر وقف استلام كميات الوقود بكوارث صحية وبيئية خطيرة.
وحذرت بلديات قطاع غزة من مخاطر وقوع كارثة صحية وبيئية حال استمرت أزمة انقطاع الوقود.
ويقول مسؤولون فى البلديات إن هناك مخاطر بأن تفيض مياه الصرف الصحي غير المعالجة الكثير من المناطق المأهولة فى القطاع, حال استمرت أزمة الوقود التى ستقود إلى توقف المضخات.
مياه المجاري
ويقول رئيس بلدية خانيونس فايز أبو شمالة إن هناك مخاطر أيضاً على فرص تشغيل آليات سحب مياه المجارى بسبب نقص الوقود وكذلك الحال بالنسبة إلى آبار المياه، مشدداً على أن بلديته كما باقى بلديات القطاع تعانى من مشاكل حقيقية فى قدرتها على العمل وخدمة الجمهور فى ظل مشكلة النقص الحاد فى الوقود وكل ذلك ينذر بتداعيات صحية وبيئية خطيرة.
وكان الاحتلال الصهيوني فرض حصاراً تم تشديده بالتدريج منذ منتصف حزيران/ يونيو الماضى.