
18-05-2008, 04:38 PM
|
 |
مراقبة قسم العلوم الإسلامية
|
|
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: في جنة الفردوس ولن أرضى بالدون .. سأواصل لأصل هنااك بإذن الله
الجنس :
المشاركات: 6,542
|
|
كان ذلك بعد ولادة آخر أخواني عبد الرحمن الذي ولد بعملية قيصرية بعد أن أصبحت حياتها مهددة بالخطر ، فانخفض وزنها كثيرا ، وأدخلت العناية المركزة وكانت ولادة عسيرة ، واكتشف بعد اجراء تحليل الدم أنها تمتلك فيروس الكبد الوبائي c حيث أن هذا النوع من المرض لا علاج له الا ارادة الله
تم اعطاءها حقن مضادة للمرض ولكنها لم تجد نفعا في ذهاب المرض ولكن لم يحدث أي تطور سيء أبدا طوال الفترة التي تلت الولادة
عشنا مع أمنا أجمل وأمتع الأوقات ، وكانت هي تمارس نشاطها في الدعوة وفي الكلية عادي ، وكبر عبد الرحمن الطفل الصغير وأصبح في الصف الخامس الابتدائي ، كبر وتربي في حضن أمي
حتى جاء شهر شوال من عام 1424هـ
أخبرتني أمي - رحمها الله - بأنها ستذهب الى الرياض 3 أيام ، لحضور مؤتمر حقوق الانسان في السلم والحرب ، فقد كانت ستشارك فيه بورقة عمل تحمل عنوان (( الوقاية من العنف ضد المرأة في السلم والحرب ))
كم بكيت ورجوتها مراراً حتى آخر لحظة وأنا أودعها في المطار أن لا تذهب الى هذه الزيارة فأنا لا أحس بالراحة أبدا لزيارتها هذه ، ولكنها تبتسم لي وتقول : لن يصيبني الا ما كتب الله لي ، اطمئني يا حبيبتي
لم تكن هذه الزيارة الأولى لأمي ، فقد كانت كثيرا ما تذهب لحضور مؤتمرات وتقديم محاضرة بسيطة في مهرجانات وغيرها ، كانت تذهب وتتركنا لنتابع دراستنا ان كان ذلك أيام دذاسة ، وان كانت عطلة ذهبنا معها الى حيث تذهب
ولكن هذه الزيارة لم أكن مرتاحة لها ، فور أن أخبرتني أمي - رحمها الله - أنها ستذهب الى الرياض شعرت بدموعي تتساقط ، وقلبي يتقطع من الألم ، لم أكن في ذلك الوقت أعلم سبب ذلك ..
أُعجب الحضور بما قالته أمي ، وأخذ كل منهم يطلب له نسخة من ورقة العمل هذه
لبت أمي هذا الطلب ولم ترفض ، فقد أعدت نفسها قبل ذهابها بمجموعة نسخ لمن يطلب أن يأخذ نسخة ، وقد ساعدتها في ذلك يااااااااه ما أمتعها من أوقات
وفور انتهائها اتصلت بي واخبرتني انها غدا الساعة 9 مساءا تكون في البيت ، كنا نطير من الفرح فأمنا نور بيتنا ستعود
جهزنا البيت زينة ، وبالونات ، وتورتة ، وكل منا يجهز نفسه ويكتب عبارة لماما لنهديها لها فور دخولها و و و
وها هو جرس الباب يدق .. الكل عند الباب يخفق قلبه من الفرح
فعروس بيتنا أتت
كل منا قدم ما قدم ، كلٌ عبر عن فرحته بطريقته ، ولكني رأيت وجه أمي غير الوجه الذي أعرفه ، أحسست أنها تخفي شيئا ، ولكني أخذت أطمئن نفسي ، ربما هي مرهقة من طول السفر ، ربما ساعة نوم وتعود كما كانت ربما .... ربما ....
أخذت اخوتي ... وتركنا لها الغرفة لتنام ، ثم نرجع لها لتحكي لنا ما حصل لها من أول ثانية تركناها فيها وحتى أول ثانية رأتنا فيها بعد عودتها ، تحكي لنا ما حصل معها من الألف الى الياء كل موقف وكل خطوة خطتها تحكيها لنا ، كما هي عادتنا
وعندما استيقظت ، - وكنت أحس أنها لم تذق طعم النوم - أتت لتجلس معنا تحكي لنا مجريات رحلتها
ولكن وجه أمي متعب !!! ما السبب ؟!!!! ماذا بها ؟؟!!! أَتراها حزينة ؟!!! أم هي متعبة ؟؟!!!
بدأت أعراض الوهن والمرض تظهر عليها ، أصبحت متعبة ، قدماها لا تحملاها فتضطر الى الجلوس والنوم أغلب الأوقات
بدأ الكبد منذ ذلك الوقت يمتلئ بالفايروس ، لذلك كنت أقرأ الوهن والتعب في وجهها منذ لحظة مجيئها
نقلناها الى مستشفى جامعة الملك عبد العزيز ، لم يعرفوا سبب لألمها ، مكثت أمي شهران لا يستقر طعام في جوفها ، ولا تأخد من الأدوية الا مسكنات للألم فقط
أصبح لونها أصفر ، ووجهها شاحب ، اختفت البسمة لا تظهر الا ساعة واحدة من كل يوم بعد العصر أقضيها مع أمي أحاول أن أطفأ شوقي الى حضنها وصوتها ، وغير ذلك هي نائمة لا تدري من حولها ، أنا بجوارها لا أتركها لحظة ولكن وجودي كعدمه حيث أبقى لوحدي أمام وجه أمي الملائكي أتأمله وأدعوا الله أن يحفظها لي ولأخوتي
كنت حينها في الصف الأول الثانوي
عُدت يوما من المدرسة ، كعادتي ، أعود من المدرسة يوميا ، أجهز الغداء ، أتناوله مع اخوتي ، نذهب الى المشفى لنبقى مع أمي ، لمدة شهرين كاملين وحالنا هكذا
ولكن في ذلك اليوم عدت فوجدت جدتي في المنزل ، نادت علي وهمست في أذني أن ارتدي أنت واخوتك أحس الثياب .. فهناك مفاجأة جميلة بعد دقائق ستفرحون بها .. اليوم سيكون مميزا جدا
استغربت .. فكرت .. مفاجأة !!! .. يوم مميز !!! .. لماذا ؟؟!!!
لا يوجد أمر مميز حدث وفرحنا به منذ شهرين - فترة بقاء أمي في المشفى -
ولم تمضي ثواني حتى وجدتُ كل الأجوبة عن الأسئلة التي كانت تجول ببالي
فقد رأيت كرسيا متحركا يدخل المنزل ، عليه أمي الحبيبة
كدت أطير من الفرح ، فأمي أخرجوها من المشفى ، أمي طابت ، لم تعد تتألم ، أحسست أني أمتلك العالم كله بين يدي ، لم أكن أعلم حينها أنهم أخرجوها لأنهم يئسوا من حالتها ولا علاج لها
في البيت او المشفى كله سواء ، ولكنها فضلت أن تكون بيننا في البيت ، لذلك أخرجوها
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام
ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام
|