أمي الحبيبة ....قلبٌ اشتاق للجنة /بقلم الصحبة الصالحة</SPAN>
كم يطيب لي ذكراها .. ويروق فكري حين فيها أفكر ... لامست كلماتها الحانية شغاف قلبي .. وأمطرت علينا حبا وعلما وحكمة وما زالت تمطر ...
فتحت لي الباب الكبير .. وحينما دخلت رأيت خمائل البستان .. ورأيت حبا صافيا .. حبا في جلال الرحمن ..
دخلت عالمك يا أماه .. وفيه الهمة والعزم .. وفيه ازرع هنا .. تحصد هناك ..
و يملئ الأجواء عطر ترتيل آيات القرآن ..
إني أكتب لكم .. وكأنني أكتب بأعصاب جسمي وشرايين قلبي .. وكأن مدادي دمي ودموعي ..
كانت أمي الحبيبة ترفع من ثقتي بنفسي وهمتي .. سقتني من كأس حكمتها وعلمها وعزمها .. علمتني كيف تكون الداعية إلى الله .. كيف عليها تحمل المصاعب والمتاعب... كيف عليها استغلال اللحظة من وقتها ... في الدعوة إلى الله تعالى ...
وسأذكر لكم هذا الموقف ...
في يوم من الأيام اقترحت على مجموعة من المعلمات ... استغلال وقتنا في الفرصة المدرسية .. وكان ذلك في رمضان .. فاقترحت على كل واحدة منهن أن تقوم بإلقاء محاضرة كل يوم..
فرفضن المعلمات هذا الاقتراح .. وقلن لي : (( في رمضان !!؟؟ مستحيل !! نحن نشعر بالتعب والإرهاق من الحصص ومن ثم نستمع إلى محاضرة أو نلقي محاضرة ... لا يا فلانة هذا كثير .. لا نستطيع ..))
فسكت برهة من الزمن وقلت في نفسي : (( هل من المعقول أني أخطأت في أسلوبي الدعوي.؟! .. لا أنا لم أخطأ في شيء وفعلت ما يجب عليّ فعله .. وكانت هذه النتيجة ...))
ثم خاطبت نفسي مرة أخرى.. (( بل أنا أعيش في عالم غير عالم الرسول صلى الله عليه وسلم غير زمن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم .. لست في عالم النت مع أخواتي وأمي الحبيبة .. لماذا أعيش مثالية في عالمي هذا ؟؟ ارجعي يا صحبة أنت لا تستطيعين تغير شيء ..))
ويا سبحان الله !! في ذلك اليوم ظُهرا .. اتصلت بي أمي الحبيبة د. بنت الرسالة .. وكأن قلبها كان معي في تلك اللحظة ..وأخبرها بما حل بقلب الصحبة من إحباط ويأس..
فأخرجتني من الضيق والهم الذي كنت أشعر به .. وكأنها مدت كلتا يداها لتنتشلني من دائرة الإحباط ..
وقالت لي : (( يا بنتي الصحبة .. ليس بتلك الطريقة .. بل استغلي كل فرصة دون اخبارهن بمصطلح (( محاضرة )) لأنها تقع على مسامعهن وكأنها صاعقة .. بل ذكريهن مثلا بالله من خلال المواقف التي يتعرضن لها .. تذكرة في مدة خمس دقائق .. ولو بكلمة ..بحرف.. المهم لا تختمي مجلسكِ دون ذكر الله..
يا بنية لا تنسي هدفنا الجنة .. واجعلي رسولنا صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة لكِ..
فقد تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم في سبيل الدعوة إلى الكثير من البلاء والمصائب..
فحاولوا قتله واتهموه بالجنون وبأنه شاعر و رُمي عليه الصلاة والسلام بالحجارة...))
انتهى كلامها يرحمها الله..
آه يا أماه .. ما زلت أحتاج لنصحكِ ولتوجيهكِ..ما زلت أشعر أن عظمي ما زال طريا..
وكانت دائما تقول لي:
(( يا بنيه ... أنت مسئولة .. وهذه أمانة يجب أن تتحمليها...أنتِ البوق الذي أنفخ فيه ليصل إلى بلدك..بوقي الصحبة إلى بلد الصحبة ..))
فرفعت من ثقتي بنفسي وأخذت أضحك فرحا بذلك الحديث..وأعيد كلامها: بوق يا دكتورة ..وكأنني أتأكد مما سمعت ليطمئن قلبي به..
قالت : (( نعم .. بوق أنفخ فيه وأنت بدورك حلقة وصل بيني وبين بلدك..وهذه أمانة يا صحبة))
اللهم أعني على حمل هذه الرسالة وتبليغها..
وكانت تردد على مسامعي ..
(عيشي إسلامك يا صحبة .. عيشي إسلامك يا صحبة )..
( يا صحبة ابقي مع أخواتك .. ليظلنا الله بظله يوم لا ظل إلا ظله)
( يا بنتي الصحبة لا أريد أن أسمع (أنا ما أنفع) لا أريد سماعها أبداً )
آواه كم أتعبتكِ يا أماه..كم أرهقتكِ كلماتي المحبط..
أحبكِ... وتأبى جراحي أن تضم شفاهها.
أحبكِ ... وكأن جرح الحب لا يتخثَّر ..
أحبكِ ... وذكراكِ نبض في القلب ينبض..
أحبكِ ... وأفسر ماذا والهوى لا يفسر..
_________________________
ابنتكِ المحبة
الصحبة الصالحة
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام
ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام
|