زواج الاقارب بين الطب والدين
من المعلوم أنّ من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلاميّة : طلب الأولاد.
و مقصودٌ ايضا أن تكون الذرية صالحة جسميّا و معنويا.. و لا تكون الذرية كذلك إلّا إذا كانت خالية من الأمراض و خاصّة الوراثيّة .
قال الله تعالى على لسان زكريّا عليه السلام : ﴿ ربّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء﴾ سورة آل عمران : 38.
و دعا المؤمنون ربهم قائلين : ﴿هب لنا من أزواجنا و ذريّاتنا قُرّة أعين و اجعلنا للمتقين إماما ﴾ سورة الفرقان :74.
و لا تكون الذرية طيّبة و قرّة أعين إذا كانت ذريّة مشوّهة الخِلْقة أو ناقصة الاعضاء أو متخلّفة عقليّا.
و قد حثّ النبيّ صلّى اللهُ عليْه و سلّم منْ أراد الزواج أن يُحسن اختيار الزوجة.
فقد ورد في الحديث عن عائشة رضي اللهُ عنها أنّ رسول الله صلّى اللهُ عليه و سلّم قال: " تخيّروا لِنُطَفكم ، و انكحوا الأكفاء و أنكحوا إليهم " رواه ابن ماجةَ ، و قال الشيخ الألبانيّ : حديث حسَن..كما في صحيح سُنَن ابن ماجة 1/333.
و عن أنس رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى اللهُ عليه و سلّم قال: " تزوجوا الودود الولود" رواه الإمام أحمد، و صحّحه ابن حبّان و الحاكم.
وَسُئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( ما حقّ الولد على ابيه؟). قال: " أن ينتقي أمه ، و يُحسن اسمه ، و يعلّمه القرآن".
و هذا الانتقاء للزوجة يشمل الصفات الخَلْقيّة و المعنويّة ، و يتفق مع قول النبيّ صلّى اللهُ عليْه و سلّم : " تُنكح المرأة لأربع: لمالها ، و لحسبها ، و لجمالها ، و لدينها : فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك" رواه البخاريُّ و مسلمٌ.
و ممّا يدلّ على جواز الفحص الطبيّ قبل الزواج للذكر و الأنثى على حدّ سواء قوْلُ النبيّ صلّى اللهُ عليْه و سلّم : " لا توردوا الممرض على المصح" رواه البخاريُّ و مسلمٌ.
و كذلك .. فقد وَرَدَ في الحديث عن أبي هريرةَ
رضي اللهُ عنْهُ : ( أنّ رجلا خطب امرأة ، فقال له النبيّ صلّى اللهُ عليْه و سلّم : " انظر إليْها ، فإنّ في أعين الانصار شيئا ) رواه مسلمَ.
فهذا الحديث يدلّ على أنّه ينبغي للخاطب أنْ ينظر إلى مخطوبته لئلا يكون فيها عيوب.
و ممّا يؤيّد الفحص الطبيّ قبل الزواج : انّ الفقهاء أجازوا للزوج
أن يفسخ الزواج ؛ لِوُجود عيْب جنسيّ في زوجته يمنع من الوصول إليْها .
و كذلك : فقد أجازَ الفقهاءُ للزوجة أن تطلب التفريق بينها و بين زوجها إذا وجدت فيه علّة تحول دون دخوله بها.
فَيُمكن بواسطة الفحص الطبيّ أنْ يجتنب الزوجان الوصول للفراق بسبب العيوب الجسميّة : فَيُجْرِيان فحصا طبيا قبل الزواج..
و هذا خيْرٌ من الزواج ، ثمّ اكتشاف العيوب التي تُجيز الفسخ أوْ طلَب التفريق بينهما ..فيفترقان ، و يقعان في المشكلات الاجتماعيّة و الماليّة.
|