أعداد فلكية ([1]) :
ويزيد عدد كريات الدم الحمراء في الأشخاص الذين يعيشون في الجبال عن عددها في أولئك الذين يعيشون قريباً من البحر . وسبب ذلك أن نقص الأكسجين في المرتفعات العالية يدفع الجسم إلى تكوين المزيد من تلك الكريات وذلك المزيد يزيد من كفاية الدم في حمل الأكسجين وبذلك يعوض نقصه في الجو.
وكلما ارتفع الإنسان في الفضاء قل الضغط الجوى تدريجياً حتى يبلغ 800 أو100,000 متر فوق سطح البحر قل ضغط الهواء بحيث يصبح التنفس مستحيلاً.
ويحدث عند تسلق الجبال إلى ارتفاع 2200 متراً أن يقل ضغط الهواء وتقل نسبة الأكسجين في الجو تباعاً لذلك إلى 13% (النسبة العادية 21%) أي خمس حجم الهواء تقريباً.
وينتج عن ذلك أعراض مزعجة مثل صعوبة التنفس والإحساس بالغثيان والقيء والهبوط العام .
الكتاب المسطور والمنظور ([2]) :
وهنا يجب أن نقف خاشعين أمام قول الله عز وجل :
)فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره حرجاً كأنما يصعد في السماء( ( الأنعام : 25).
ولنسأل أنفسنا : هل يتأتى لبشر عادى أن يحيط علماً بهذه الظواهر الفسيولوجية من غير دراسة لتركيب الدم أو صعود في الفضاء ؟ اللهم لا ولكنه يتأتى لرسول عليه السلام لأن الذي علمه واحد هو مكون الأكوان ومنزل القرآن .
وإذا كان القرآن كتاباً مسطوراً فإن الكون كتاب منظور كلما تأملت فيه ازددت يقيناً أن مكون الأكوان هو منزل القرآن .
)ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير( ( الملك : 4)
أين تتكون كرات الدم الحمراء وكيف يتم التحكم في عددها ؟
تتكون هذه الكريات في النخاع العظمى الأحمر (Red Bone marrow) بالضلوع وعظم الصدر الأوسط (عظمة القص) والجمجمة وعظام الحوض والفقرات ونهايات العظام الطويلة في الأطراف الطويلة . ولا تتكون هذه الكريات إعتباطاًَ ولكن الخالق الحكيم زود الجسم بجهاز دقيق لضبط هذه العملية فإذا كان الجسم في حاجة إلى مزيد منها كما في حالات النزف والصدمات أرسل ذلك الجهاز إشارة إلى نخاع العظم طالباً منه المدد.
وإذا كان هناك فائض كانت الإشارة : يكفي ذلك . وهذا الجهاز موجود بالكلية وفي مكان أمين من تركيبها الداخلى. أما الإشارة التى يرسلها إلى نخاع العظم فهى عبارة عن هرمون الأريثروبوتين " Erythropotin. الذي ينشط النخاع لتكوين المزيد من الكريات الحمراء.
مصنع متعدد المراكز :
وهكذا يعتبر نخاع العظام الأحمر هو المصنع الضخم الذي يزود الجسم بالكريات الحمراء ولكي تدرك مدى طاقته الإنتاجية يكفي أن تعرف أن عدد الخلايا الحمراء التى تتفسخ في الدم كل دقيقة يبلغ عشرين مليوناً (20,000,000) ولابد أن يتكون مقابل ذلك عشرين مليوناً أخرى حتى يظل العدد ثابتاً لأداء الوظائف التى أرادها الله لها . وهكذا نرى الله سبحانه وتعالى )يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ذلكم الله ..( (الأنعام : 95) .
ويصل عمر الكرية الحمراء إلى 120 يوماً . وعلى ذلك فإن الكريات الحمراء في الدم تتبدل كلها في مدى 120 يوماً . أما عدد الكريات التى تتجدد في اليوم الواحد فهو يصل إلى 240 مليار كرية حمراء أى عدد ما يتجدد فى فترة 120 يوماً يساوى 240 × 120 = 28800 مليار كرية حمراء في الدم الكامل !! أليس ذلك من أمر الله سبحانه .
وهذه الطاقة الإنتاجية الهائلة لنخاع العظام الأحمر هى الطاقة العادية في الظروف العادية ولكن الجسم يتعرض لظروف غير عادية يحتاج معها إلى ضعف هذه الطاقة .
ولم يتركه الذي خلق كل شيء فقدَّره تقديراً للضياع في هذه الظروف غير العادية بل وهب ذلك النخاع طاقة تصل إلى ستة أو سبعة أضعاف طاقته العادية قبل أن يصاب الجسم بالأنيميا ( فقر الدم ) الذي ينتج عن نقص في عدد كريات الدم الحمراء .
وعلى ذلك تكون طاقة النخاع القصوى في حالة الطوارئ هي : 240 مليار × 7= 1680 مليار كرة حمراء !!
ولابد أن نقف أمام هذه الأرقام - الفلكية - أيها القارئ متسائلين : أيكون ذلك الإبداع والتقدير الرائع من صنع المصادفة العمياء التى يقول بها من عميت بصائرهم وأذنابهم ؟ كلا والله .
وتتغير أيضاً عدد الكريات الحمراء على مر اليوم . ففي أول اليوم يكون منخفضاً نوعاً ما أما في آخره فإنه يزداد نوعاً ما ، كما يزداد أثناء المجهود البدني العنيف .
وتختزن الكريات الزائدة في الطحال الذي يقوم بوظيفة " الخزان"
أو المستودع الذي يطلق الخلايا في تيار الدم حسب الحاجة كما أنه يتولى
أيضاً جمع طعام تلك الخلايا بعد موتها فهي مستودع ومقبرة في
وقت واحد ! .
أما الهيموجلوبين المتخلف من الكريات المتحللة فإنه يتحلل أيضاً وينقل إلى الكبد حيث يختزن ما يحتويه من حديد للانتفاع به . أما الهيموجلوبين المتبقي منه فإنه يخضع لتفاعلات معينة تنتهي به إلى أن يخرج مع الصفراء والبول والبراز .