أخي الحاج .. أختي الحاجة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد هذه الرحلة الفريدة في عالم الرحلات والأسفار .. وبعد تلك الأيام الجميلة ذات النسائم المباركة التي تقلبنا في ثناياها العطرة .. واستنشقنا عبير نفحاتها المباركة ها نحن نصل إلى خط الفراق عن هذه المشاعر المقدسة التي عشنا فيها أجمل الأيام وأمتع اللحظات .. انتقلنا فيها من مشعر لمشعر .. ومن منسك لآخر .. جُلنا خلالها بين أنواع من القُرب والعبادات .. وأصناف من البر والطاعات .. فكم هي المشاعر عاشت مبتهجة بهذه الأجواء الإيمانية الرائعة ...وكم هي القلوب ظلت متفيئة ظلال الخير والرحمة .. اللهم تقبل منا وأجزل مثوبتنا يا رحمن ...
وكم يسعدنا أخي الحاج وأنت تودع هذه المشاعر ..وتترك أطلالاً بذكريات الخير مفعمة أن نذكرك بأمور علََّها أن تكون خيطاً تصلك بالطاعة .. وأريج رحلة عامرة بالإيمان...
أول وصية هي تقوى الله في السر والعلن .. فراقب الله في كل أعمالك .. وتذكر أن الموت أقرب إلى الإنسان من شسع نعله فأعدّ لما بعد الموت .. وافتح صفحة جديدة مع خالقك وخاصة أنك خارج من عبادة جليلة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها بقوله: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ما أعظم هذا الأجر وما أجل هذا الغفران .. تقبل الله منا ومنك.
ثم اعلم أخي الموفق أن الحياة بدون إيمان وتقوى كصحراء قاحلة لا نبت فيها ولا ماء .. فمن تمنى السعادة فليطلبها في الطاعة والتقوى والخشية منه سبحانه .. وتذكر أخي الحاج كيف كنت في حجك مطيعاً لله في كل صغيرة وكبيرة تنتقل من مشعر لآخر بكل دقة .. وتعمل كل عمل فُرض عليك بلا كسل .. وتبيت حيث أمرك الله وإن نالك مكروه أو أذى .. وقبل ذلك أجبت نداء خالقك ..فلبيت بالتوحيد .. وتجردت من ملابس الدنيا الفانية .. ولبست رداءً وإزاراً وكشفت عن رأسك .. وقد أعلنت الانقياد التام لمولاك .. و انخلعت عن الدنيا وتجردت لله رب العالمين .. أفلا تستطيع أن تجعل هذا الانقياد وتلك الطاعة ديدنك في حياتك كلها إلى أن تلقى الله؟! أجزمُ بلا شك أنك تستطيع ذلك وأكثر فلا تتردد أخي لحظة واحدة أن تبلور حياتك الجديدة بعد الحج وفق منهج الله وشرعه .. وتنخلع عما يغضب الله .. فهذا هو الطريق الوحيد للسعادة الأبدية في الدارين .. وحذار من التسويف وطول الأمل .. تقبل الله حجك وغفر ذنبك وأقال عثرتك ورفع قدرك ... والسلام.