صور من معاناة الأسرى
أولاً: الأطفال الأسرى
من صور مسلسل الاضطهاد الذي تتعرض له شرائح الشعب الفلسطيني، خصت سلطات الإحتلال فئة الأطفال بأسوأ فصول الإعتقال والإهانة والحرمان، وتصفهم بالإرهاب والدموية والعنف.
يزج بالأطفال المعتقلين في سجن هشارون تلموند دون تعليم أو رعاية حقيقية، حيث يسامون الإذلال على أيدي سجانيهم في الكثير من الأوقات والمناسبات، ويتسم السجانون في هذا السجن باتباع أساليب مفرطة في لاإنسانيتها خلال تعاملهم مع هؤلاء الأطفال.
يوضع الأطفال في هذا السجن دون رعاية أو تعليم ودون أن يسمح لبقية المعتقلين البالغين بالتواصل معهم أو المساهمة في حل مشاكلهم، بل يتم عزل كل ثلاثة أطفال من الأسرى في غرفة واحدة تسمى بالاكس؛ لا تتسع أحياناً سوى لطفلين أسيرين. وتُفتعل المشاكل مع الأطفال ليُبرر الاعتداء عليهم وضربهم، حيث يقذفهم السجانون بالكلمات النابية بسبب وبدون سبب، مستثيرين بذلك مشاعرهم حتى يوجهوا لهم الاهانة، وتقوم إدارة السجن كذلك بإهانة ذوي الأطفال أمام أعينهم في ساعة الزيارة. ومن صور التنكيل بالأطفال الأسرى، أن الإدارة تحتجزهم في غرف مشتركة مع أطفال إسرائيليين محكومين على قضايا جنائية؛ إمعانا منها في تدمير أخلاقهم.
ثانياً: الاعتقالات المتكررة والأحكام العالية
فما يفرج عن الأسير حتى يُعاد إلى السجن لأتفه الأسباب، مثل حضور محاضرة أو ندوة سياسية أو جلسة قرآن، بل أحيانا دون سبب معلن، وتكتفي سلطات الإحتلال بملف سري لا يطلع عليه المعتقلون ولا محاموهم، لهذه الأسباب يمكث الأسير أحيانا في الأسر لمدة سنتين أو ثلاثة، بل قد يمكث فترات أطول.
ولا يُحكم على أسير بفترة زمنية، إلا ويُسجل له مثلها تحت مسمى وقف التنفيذ، إذا عاد لنشاط مشابه، فإذا حُكم الأسير بسبب عضوية في تنظيم، وخرج من السجن، ثم عاد إلى مشاركته في جلسة قرآن أو محاضرة، فيعتبر ذلك إعادة للنشاط وسبباً كافياً لتفعيل وقف التنفيذ قبل الحديث عن الحكم الفعلي.
ثالثاً : معركة التحقيق
يواجه الأسرى الفلسطينيون معركة حقيقية في أقبية التحقيق الخاصة بسلطات الإحتلال الإسرائيلي، هذه المعاناة وحدها تحتاج إلى مئات الكتب للوقوف على تفاصيلها، إذا ما أردنا الحديث عمن توفوا تحت سياط الجلادين، وعمن أصيبوا بالعاهات المستديمة وبالأمراض المزمنة، بسبب الظروف الإسثنائية في السجون، وبسبب الممارسات البعيدة عن الإنسانية التي يقوم بها المحققون والسجانون.
يمارس المحتلون أساليب لا مفر من نعتها بالإجرامية، تتمثل باعتقال أولاد الأسير أو المطلوب أو زوجاتهم وتعريضهم لأصناف التعذيب المختلفة، ولا جُرم لهم سوى أنهم تحولوا إلى أداة ضغط على ذويهم للاعتراف أو تسليم أنفسهم لسلطات الإحتلال، يحدث هذا في دولة تدعي النزاهة واحترام القانون وتقول أنها لا تعاقب أحدا على شيء لم يرتكبه.
معركة التحقيق كما ذكرنا متعددة الفصول والألوان، بل يكفي أن نعلم أن هناك من مورس بحقهم صنوف التعذيب في أقبية التحقيق لفترات قياسية، فمثلاً رزح الأسير يحيى السنوار في زنازين التعذيب لما يقارب 11 شهراً نُقل خلالها 7 مرات إلى المستشفى. ولم تدخر سلطات الإحتلال أسلوبا من أساليب الضرب والبطش والتنكيل؛ دون محاذير وعلى كافة أنحاء الجسد، إلى الشبح ومنع النوم والطعام وصولاً إلى الاتهام بالقنبلة الموقوتة، فالمهم هو الحصول على المعلومة.
والمؤسف أن عمليات التعذيب إستمرت بوتيرة عالية، حتى بعد القرار المضلل الذي أصدرته محكمة العدل العليا الإسرائيلية في السادس من أيلول (سبتمبر) من العام 1999، والذي قضى في ظاهره بوقف عمليات التعذيب، ولكنه حصر عمليات الضغط النفسي والجسدي في الحالات التي يُعطى فيها إذن خاص والتي تستطلح سلطات الإحتلال على تسميتها بالقنابل الموقوتة.
رابعاً:حرمان الحرية ورؤية الأهل والأقارب
أن تحرم إنسانا من حريته فذلك جريمة، حتى لو كان ذلك الحرمان لأيام معدودة، خصوصاً إن كان ذلك بسبب ذنب لم يرتكبه، فما بالك بأمثال سعيد العتبه ( أبو الحكم) وقد أمضى حتى الآن 31 عاماً في المعتقلات، وكذلك نائل البرغوثي ( أبو النور) وفخري البرغوثي ( أبو شادي) الذي ترك أطفاله قبل 28 سنة ليلتقيهم بعد اعتقالهم هم كذلك، حيث حُكم على احد أبنائه بالمؤبد بعد محاولة أسر جنود وهو في العشرين من عمره.
وكذلك الأسير حامد البيتاوي الذي يتواجد مع أبنائه الإثنين في الأسر دون أن يتمكن من رؤيتهم، كل منهم في سجن آخر. أما نائل البرغوثي فقد أحضرت له أمه على فراش الموت لتزوره، وهي التي ترقبت طويلاً من أجل رؤية إبنها ينعم بالحرية، وبقيت تنتظره لمدة 25 عاماً مع شقيقه أبو عاصف، ولكن تحين لحظة الوداع والموت قبل أن تتحقق أحلام الفرحة بالحرية.
وكذلك كان حال الأسير عباس السيد والمحكوم ب 6700 عام، توفيت والدته في العام الفائت، دون أن يتمكن من رؤيتها أو يلقى عليها نظرة وداع.
وعلى الرغم من هذه الصور والمآسي التي يعانيها الأسرى وذويهم يومياً، يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وزير الدفاع الحالي إيهود بارك بعد انتخابه عام 1999، بتصريح يرد به على سؤال عن الأسرى فيقول: دعهم يتعفنوا في السجن. وكذلك قال إسحاق هنغبي وزير الأمن الداخلي في حينه؛ تعليقاً على إضراب الأسرى في عام 2004، دعهم يموتون.