سادساً: سياسة الحرمان من التعليم
خاض الأسرى العديد من المواجهات والمطالبات مع إدارة السجون للسماح لهم بالدراسة في الجامعات الفلسطينية، مثل جامعة القدس المفتوحة، ولكن لم تسمح إدارة السجن بذلك، بل تنصلت من الوعود التي قطعتها بعد إضراب عام 2000، وقد وافقت في حينها على الدارسة، ولكنها استغلت أحداث انتفاضة الأقصى فيما بعد للتنصل من ذلك.
وقد سُمح لحوالي 120 أسيراً بالدراسة في الجامعات العبرية تخرج منهم 20 طالباً إلى الآن، ويتم ذلك السماح وفق تخصصات محددة مثل العلوم السياسية – الإدارة – التاريخ – الاقتصاد- علم الاجتماع، ولكن يتم منع بعض المساقات مثل مساق الحرب والإستراتيجية والسياسة الخارجية الإسرائيلية، ولم يتم إعادتها إلا بعد رفع قضية ضد مصلحة السجون.
وتتحكم الإدارة في موضوع الدراسة، بأن تربط الأمر بسلوك الأسير، بالإضافة إلى المماطلة بإدخال الكتب اللازمة مرة ومنعها مرة أخرى. يحصل هذا خصوصاً في السجون الجديدة، التي تفتقد للحد الأدنى من الكتب والمراجع. ووصل الحد إلى حرمان بعض الأسرى من متابعة الدراسة بعد أن كانوا قد قطعوا خطوات حثيثة فيها.
سابعاً: المرض والعلاج
تدل الإحصائيات أن أكثر من 1000 أسير يعانون من الأمراض المزمنة، منهم 150 في حالات خطير وتحتاج إلى متابعات مستمرة، مثل أمراض القلب وضغط الدم والسكري والسرطان والكلى. ومن يحتاج إلى عملية جراحية لا يحصل عليها إلا إذا وصلت حياته إلى درجة الخطورة القصوى. ومن الأمثلة التي لا تخطر على بال أحد؛ ما حدث مع الأسير أنس شحادة في سجن النقب عام 2003، حيث أجريت له عملية الزائدة الدودية دون استخدام أي نوع من المخدر.
كثيرون من الاسرى يعانون من إصابات خلال إنتفاضة الأقصى، ويحملون في أجسامهم الشظايا والقطع المعدنية والبلاتين ولكن دون عناية أو متابعة، ضمن مسلسل الإهمال الطبي الذي يدور داخل المعتقلات. وقد توفي في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 الأسير محمد أبو هدوان الذي صارع المرض لسنوات عديدة، فقضى بعد المكوث ما يقارب 19 عاماً في الأسر، وكذلك الأسير جمال السراحين الذي توفي في سجن بئر السبع في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) 2007، وهو الذي ظل يعاني من سرطان الدم، وبدلاً من نقله إلى المستشفى من أجل عناية طبية تليق بإنسان، أُبقي في السجن لينتظر ساعات عديدة ليخرج للعيادة، حتى فاضت روحه مستسلمة لربها.
وكذلك الأسير ماهر دندن الذي قضى في سجن جلبوع في العاشر من حزيران (يونيو) 2007 وأخيرا وقد لا يكون آخرا الأسير فادي ابو الرب الذي توفي في 29/12/2007 في سجن جلبوع نتيجة سياسة الإهمال الطبي.
في حالات أمراض العيون هناك من الأسرى من يفقد بصره بالتدريج، ومن المعلوم أن الطبيب المختص لا يأتي إلى عيادة السجن إلا بعد مضي ستة أشهر على زيارته السابقة، وبعد أن يتم الفحص تبدأ رحلة المطالبة بالعلاج والخروج إلى المستشفى، وتماطل الإدارة طويلاً في الموافقة على ذلك، حتى أن بعض الأسرى عرض على إدارة السجن أن يحضر طبيباً على نفقته الخاصة، ولكن دون جدوى.
ثامناً: زيارات الأهل
قامت سلطات الإحتلال بعد بدء انتفاضة الأقصى عام 2000، بمنع تعسفي لزيارات الأسرى من قبل ذويهم لعامين متتاليين لمعظم المناطق الفلسطينية (منطقة نابلس مُنعت لمدة أربع أعوام متتالية)، وعندما سمح بها ثانية تفاقمت المعاناة، فأصبحت رحلة الزيارة تستغرق ما يقارب العشرين ساعة من السفر والتفتيش على الحواجز وعند دخول السجن.
كل ذلك ليسمح للأهل برؤية أبنائهم لمدة 45 دقيقة فقط، يرون الأسير من خلف ألواح زجاجية سميكة، ولا يسمعون صوته إلا من خلال هواتف موضوعة على جانبي اللوح الزجاجي، ناهيك عن احتجاز جميع ركاب الرحلة المكونة من عدة حافلات، حتى يفرغوا كلهم من زيارة جميع الأسرى، ليغادروا السجن في ساعات متأخرة، فيصل الغالبية إلى بيوتهم عند منتصف الليل.
وتتعدد أوجه الصعوبات في قضية زيارات الأسرى، منها مشقة الحصول على التصاريح، وعدم السماح بها إلا للقرابة المباشرة مثل الأب وألام، ولأعمار محددة فلا يسمح بزيارة أبناء الأسير الذين هم فوق الثالثة عشرة من أعمارهم. والمنع الأمني من الزيارة مسلط على الكثيرين من الآباء والأمهات والزوجات والأبناء وبالتالي لا يستطيعون القيام بزيارة ذويهم لسنين عديدة.
هناك من يحصل على تصريح زيارة صادر عن سلطات الإحتلال ويتكبد عناء السفر للزيارة، وبعد أن يصل إلى المعتقل، يُفاجأ بنقل الأسير الذي أتى من أجل زيارته، أو بمنعه من الزيارة لأسباب مختلفة، مثل عدم تلقي الاسم من الصليب الأحمر. وتمنع مصلحة السجون نقل الأسرى إلى السجون القريبة من أماكن سكناهم وهو الأمر المنطقي من أجل تسهيل الزيارة على ذويهم، وبذلك تستمر معاناتهم بل تتفاقم.
تاسعاً: الإفراج والشليش
لم يشهد الأسرى حملات إفراج حقيقية سوى في صفقة التبادل التي أبرمتها سلطات الإحتلال مع إحدى الفصائل الفلسطينية عام 1985، وفي فترة ما بعد إتفاق أوسلو رفضت إسرائيل الإفراج عن المئات من الأسرى والذين وصفتهم بمصطلح (على أيديهم دماء).
أما الشليش فهي كلمة عبرية تعني الثلث، حيث يمثل المعتقل أمام المحكمة بعد قضائه ثلثي مدة الحكم، ولكن لا نتائج ملموسة في تخفيض مُدد محكوميات الأسرى سوى تخفيض الثلث لـ250 أسير بعد اتفاق واي ريفر، ليطلق سراحهم ضمن 750 معتقل تم الاتفاق على الإفراج عنهم مع السلطة الفلسطينية في ذلك الحين.