6 - الحَكَمان:
ثم تقول الآية الخامسة والثلاثون من سورة النساء: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35].
والخطاب في هذه الآية الكريمة موجهٌ إلى كل مَن يهمه الأمر، وقد صدرت هذِهِ الآية الحكيمة بقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ}؛ فالشقاق بين الزوجين أمر مخوف، وإصلاحه من أعظم المعروف، والإصلاح بينهما من أعظم المعروف.
إن حادثة طلاقٍ واحدةً تخيف مجتمعًا كاملاً؛ لأنها تمزيق لعواطف أسرةٍ، وتشريدٌ لأبنائها، وهل المجتمع إلا مجموعة من الأسر تربطها وشائج وصلات؟
وليست هذه الآية الوحيدة التي استعملت لفظ "الخوف" في مجال الحديث عن مشكلات الحياة الزوجية؛ فلقد جاءت آيات أخرى بهذا التعبير:
ففي سورة البقرة يقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229].
وفي سورة النساء يقول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3]، ويقول تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]، ويقول تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].
ويقول تعالى في آية الحكمين: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35].
يقول ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنَهُمَا}: "هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما، أمر الله أن تبعثوا رجلاً من أهل الرجل، ورجلاً صالحًا من أهلِ المرأةِ فينظران: أيُّهما المسيءُ؟"أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه أنه سميع مجيب