عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-05-2009, 10:56 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفجر الجديد قصة وعبرة

وبسرعة البرق أزاح خالد يد أمي بقسوة وعنف .. عند ذلك أحست أمي أن خالداً أصبح خطراً على جميع أفراد الأسرة ..
وتخرج أختي مريم من غرفتها على أثر ذلك الإزعاج فلما رأتها أمي نهرتها وأمرتها أن تدخل الغرفة وتقفل الباب جيداً فهي تخاف على أخواتي من ذلك الوحش البشري بل تخاف عليَّ أنا منه أيضاً .. فلم أشعر إلا وهي تشدني وتدخلني غرفتها وتطلب مني تهدئتك يا صالح " فقد كنت تبكي .. " لتبقى مع خالد لتحاسبه على تصرفاته الرعناء فما كان من خالد إلا أن دفع أمي بعنف لتهوي على الأرض ، وولى هارباً بعد أن سرق كل شيء .
وأخرجُ من الغرفة على تلك التأوهات لأرى أمي الحبيبة ملقاة على الأرض لا تستطيع الحراك وتخرج مريم ثم تتبعها سلمى ...... :
-أمي .. أمي ... هل أنت بخير .. ؟
مريم : ماذا حدث يا محمد لا أستطيع فهم ما يجري حولي .. ؟
قلت : لا عليك يا مريم ساعديني في حمل أمي وأنت أيضاً يا سلمى ..
مسكينة أمي لقد مرت بموقف عصيب فخالد يتعاطى المخدرات .. ويهددني بالقتل ويلقي بها على الأرض وتبكي فليس لديها سوى البكاء .

مر يومان وأمي على فراشها لا تتحرك وأخي " خالد " لا نعلم عنه شيئاً منذ تلك الليلة
ويرجع أبي ليرى ما حل بأسرته وما فعله بها ذلك الابن العاق ويتساءل عن الذي حدث وأمي لا تجيب فقط تلك الدموع تسيل على خديها الباهتين فهي تخاف على أخي خالد من أبي .. رغم ما فعله فهي تخاف عليه لكن أبي لا زال مصراً على معرفة ما جرى في غيابه فتنفجر أختي مريم باكية وتخبر أبي بما أصابنا منذ أول يوم سافر فيه حتى رجوعه بعد عشرة أيام فلم يتمالك أبي ذلك الرجل الطيب إلا أن يصفق بيديه وهو يقول : ضاع خالد ضاع خالد ويجهش في بكاء مرير لم نعهده من أبي فهذه هي المرة الأولى التي نرى فيها أبي يبكي لقد كان موقفاً مؤثراً حقاً .
خرج أبي يسير في الشوارع والأحياء باحثاً عن خالد ذهب إلى جميع رفاقه فلم يجده وكان طبيعياً أن لا يجده عندهم .
ورجع أبي إلى المنزل منكسر القلب دامع العين .
وفي الصباح توجه أبي إلى المدرسة ليسأل عن ابنه خالد وفوجئ بأن خالداً لم يأت إلى المدرسة أكثر من شهر وأن إدارة المدرسة قامت بفصله يا إلهي ما هذه المشاكل التي نزلت على أبي دفعة واحدة لم يعد أبي يحتمل ذلك فأصابه مرض أقعده في الفراش عدة أيام .
ولله الحمد تحسنت حالة أمي وقد حاولت أن تنسى خالداً وما فعله بها .

وفي ذات يوم كنت عائداً من المدرسة فرأيته لكني لم أتأكد من أنه " خالد " فأطلت النظر حتى تبين لي أنه حقاً " خالد "
أسرعت متوجهاً إلى البيت لأخبر أبي بذلك وعلى الفور لبس أبي ملابسه وخرج معي ليعيده إلى المنزل ولو كان بالقوة
عاد أبي ومعه خالد فلم يكن بحاجة إلى إرجاعه بالقوة فخالد أصبح ضعيفاً لا يستطيع أن يقاوم وعندما دخل البيت رأته أمي فأسرعت نحوه ابني خالد وبكت ومهما حدث فالأم لا تستطيع أن تغير عواطفها تجاه أبنائها .. بدأ خال يستعيد شيئاً من صحته .. فأصبح خروجه الآن من المنزل محدوداً ..

بعد عدة أيام جاء إلى أبي وقال له : هناك مجموعة من زملائي سيقومون برحلة برية .. وأريد أن أذهب معهم ..
رفض أبي بشدة السماح له بالذهاب معهم لكن خالد أصر على رغبته في الذهاب ومع إصراره وإلحاحه القويين وافق أبي مكرها
بقيت أيام قليلة وتبدأ إجازة نصف العام الدراسي وكثير من الشباب قاموا بنصب الخيام في البر للاستمتاع بهذه الأجواء الربيعية الممطرة والجميلة آه نجحت ولله الحمد في الفصل الأول وكذلك أخوتي أما خالد فقد ذهبت عليه هذه السنة
غداً سيذهب خالد مع رفاقه إلى البر ولكم كانت فرحته غامرة بذلك كنت أراه وهو يجهز أغراضه ويكاد يطير من الفرح فهو لم يعتد مثل هذه الرحلات من قبل .

(5)

وفي الصباح ودعنا خالد متمنين له رحلة سعيدة وموفقة ..
كان الجو جميلاً ومنعشاً .. والغيوم لا زالت في السماء تتخللها أشعة الشمس الذهبية فتضفي على الكون جمالاً لا يوصف ..
واكتست الأرض ببساط أخضر وأورقت الأشجار وانتثرت الزهور البرية هنا وهناك .. والطيور تغرد .. وترى الخيام قد نصبت في كل مكان في هذه المنطقة ..
كان أبي طوال اليوم قلقاً على خالد فهو لم يرتح لهذه الرحلة ..
كان المخيم يضم خمسة عشر شاباً بمن فيهم خالد وأربعة من رفاقه من شلة أبي سعد وهم : زيد ، حسام ، شاكر ، ووليد ..
أما أبو سعد وياسر فقد كانا من مروجي المخدرات ، فليس لديهم وقت للاستجمام ، فهناك من يتلهف للحصول على المخدرات ..

وبعد مضي أسبوع على تلك الرحلة وصلتنا أنباء مفزعة تشير إلى أن إحدى المخيمات احترقت لديهم خيمتان متجاورتان وكان السبب قيام هؤلاء الشباب بإشعال موقد للفحم ليتقوا برودة الجو في الليل ، فانطلقت شرارة لتبدأ في إشعال هذه الخيمة ومن فيها .. فجميعهم قد غطوا في سبات عميق وتنتقل النار إلى خيمة مجاورة أعدت كمطبخ لتتسلل النيران إلى داخلها فتصل إلى اسطوانتين للغاز لتنفجرا وتحدثا دوياً عظيماً سمعه أفراد بعض المخيمات القريبة منهم .. فما كان منهم إلا أن خرجوا من خيامهم ليروا ألسنة اللهب تضيء ظلام الليل الحالك ..
وما هي إلا لحظات حتى وصلت فرق الدفاع المدني لتطفيء تلك النيران التي أكلت كل شيء .. ولم يخرج أحد حياً .. وبصعوبة انتشلوا بعض الجثث المتفحمة التي لم يستطع أحد التعرف عليها ..
وكان أن أعلن الدفاع المدني أن جميع أفراد المخيم البالغ عددهم خمسة عشر شاباً لقوا حتفهم .

علم أبي فيما بعد أن هذا المخيم هو الذي شارك فيه أخي خالد وأنه كان من ضمن الذين لقوا حتفهم ..
تماسك أبي عند علمه بذلك .. وأخذ يذكر الله ويحمده على ما أصابه ويترحم على ابنه خالد .. وخيم على منزلنا حزن شديد ذلك اليوم .
بصراحة لا أستطيع أن أصف تلك اللحظات التي مررنا بها يا صالح .

(6)

صالح : يا إلهي .. إنها قصة محزنة حقاً يا محمد .. وددت أن أرى أخي خالداً .
محمد : رحمه الله رحمة واسعة ..
صالح : لقد قرب أذان الفجر يا محمد ، هيا نستعد للصلاة .
وتغرد الطيور .. وتصيح الديكة معلنة بزوغ فجر جديد .. ويعود الجميع من المسجد : أبو خالد وولديه محمد وصالح .
قال صالح : أبي .. هل تحب أخي خالداً رحمه الله ؟
نظر إليه والده متعجباً : ولماذا هذا السؤال يا بني ؟
صالح : لقد قص عليَّ أخي محمد قصته ..
ويلتفت أبو خالد إلى ابنه محمد قائلاً : محمد يا ولدي خذني معك لرؤية ذلك الشاب التقي فقد شوقتني لرؤيته ..
محمد : بكل سرور يا أبي .. وإن شئت ذهبنا اليوم .

وفي اليوم التالي بعد صلاة الفجر جهز محمد سيارته ليذهب ووالده إلى قبيلة الشيخ أبو وضاح ليقابلا الشيخ أبا يوسف .
عندما وصلوا توجهوا مباشرة إلى المسجد ..
كان الشيخ أبو يوسف بين حلقة من الرجال يلقي عليهم درساً في العقيدة .. وهذه كانت عادته .. حيث إنه بعد صلاة الفجر يعقد درساً لذلك ..
وعندما رأى أبو خالد الشيخ أبا يوسف بابتسامته العذبة وأسلوبه الحسن .. شعر أنه دخل إلى أعماق قلبه .. فأحبه حباً شديداً ..
ومنذ ذلك اليوم وهو يحضر تلك الدروس .. يتعلم منها ما ينفعه في دينه ودنياه .. وفي أحد الأيام عندما انتهى الدرس .. وجه الحضور إلى
تغير وجه الشيخ أبي يوسف وخرجت منه زفرة .. فقال : يا إخوتي قصتي غريبة عجيبة وهي :

(7)

كنت مع مجموعة من الشباب الضالين عن طريق الحق .. كنا لا نسمع عن معصية إلا أتيناها .. كنا لا نعرف الصلاة .. ولا نصوم إذا صام الناس .. كنا من أشد الخلق عصياناً لأوامر الله .
وفي إحدى السنوات كنت في رحلة برية مع بعض الشباب .. وكنا نسهر إلى ساعة متأخرة من الليل في طرب وغناء .. وكأننا خلقنا لذلك ..
وذات صباح خرجت مع اثنين من رفاقي للصيد .. فقمنا نبحث عن الطيور .. وننبش جحور نوع من الزواحف يدعى الضب .. فنجد في ذلك متعة وسعادة غامرة .. ونجوب بسيارتنا أنحاء المنطقة ، لم نكن نصلي .. نسينا أنفسنا ولم نتدارك ما حولنا إلا عندما رأينا الشمس تميل إلى الغروب ..
فقال أبو فهد : لنتجه إلى المخيم قبل أن يحل الظلام .. فاتجهنا إلى الشمال وسرنا بضعة كيلومترات ، تبين لنا بعدها أننا أخطأنا الطريق فرجعنا إلى وجهتنا حيث اتضح لنا أننا اتجهنا إلى وجهة خاطئة أيضاً .. فما كان منا إلا الذهاب من هنا وهناك حتى خيم الظلام ويأسنا من معرفة الطريق ..
قلت لصاحبي : من الأفضل أن نتوقف فلن نتهدي إلى المخيم في هذه الظلمة الحالكة .. ومن العبث أن ننهي ما تبقى معنا من الوقود في بحث لا جدوى فيه ولا فائدة ..
فمكثنا تلك الليلة في السيارة حيث وقفت ..
وحدث لنا شيء عجيب في تلك الليلة لا أستطيع وصفه ولا نسيانه مهما طال بي الزمن ..

(8)

.... كنا نتحدث عن الصيد وعن بعض الأمور الخاصة بالمخيم ..
ذهب صاحبنا أبو سالم ليقضي حاجته .. فلم يذهب بعيداً حيث كان الظلام حالكاً .. ومن الصعوبة أن يرجع إلينا إذا ذهب بعيداً .. فأنوار السيارة مطفأة .. أغلقنا الباب فقد كانت برودة الجو قارصة ..
وفجأة .. سمعنا صراخاً .. اختلط بعواء .. استغاثة .. وبكاء .. .. نداء ورجاء .. يا إلهي .. أبو فهد ماذا حدث ؟ .. لا أدري !
أظنه يا أبا فهد ذئباً ! نعم ..... هو كذلك ..
فقد هجم أحد لذئاب الجائعة على أخينا أبي سالم ومزقه وقطعه بمسمع منا فصراخه واستغاثته لا زالت ترن في أذني .
تمسكت بأخي أبي فهد .. وأخذت أبكي وكأني طفل في حجر أمه .. فما كان منه إلا أن بكى معي ، وأخذنا نرتعد ونتخيل ما حل بصاحبنا أبي سالم .. فما هي إلا ثوان حتى سمعنا عواء قطع سكون الليل .. إنه قطيع من الذئاب أتى من جميع أنحاء المنطقة ليتجمع
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]