عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-06-2009, 10:27 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مـــلائكـــة البشـــــــــــــر


قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بدر ” إني قد عرفت رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أُخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله , ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله ” فقال حذيفة بن عتبة بن ربيعة رضي الله عنه ـ ” أنقتل آبائنا وأبنائنا وإخواننا وعشيرتنا ونتركـ العباس والله لئن لقيته لألحمنه السيف في عنقه ” فالتفت النبي صلى الله علية وسلم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال : ” يا أبا حفص أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف!! فقال عمر : فوالله إنها أول مرة يكنني فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول : أبا حفص , فسل عمر سيفه وقال : يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فو الله لقد نافق , قال : لا دعه ,,

فقال حذيفة رضي الله عنه

يوم علم أنه أخطأ

يوم علم أن لسانه زل بكلمة عظيمة ومخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمر بطاعته

قال في اعتراف تام بخطئه : والله ما أنا بآمن بعد تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة , فقتل رضي الله عنه شهيداً يوم اليمامة

هؤلاء هم خير القرون

هؤلاء هم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

هؤلاء هم الذين حظوا بشرف الصحبة والسبق في الإسلام

فكانوا من خير القرون

أنظروا كيف تعامل الصحابة رضوان الله عليهم مع أنفسهم

تعاملوا مع أنفسهم على أنهم بشر يصيبون ويخطئون

ولم يعاملوا أنفسهم على أنهم ملائكة مطهرون مبرؤون من كل خطأ ,, والخطأ لا يصدر منهم

بالعكس على من فيهم من الإيمان والتقى والخشية إلا أنهم كانوا يتعاملون مع أنفسهم على أنهم بشر ضعفاء يصيبون ويخطئون

حتى قال أحدهم : أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول : إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل ...

أما نحن فينطبق علينا المثل القائل

أحشف وسوء كيلٍ

( مثل يُطلق على من يجمع بين صفتين ـ أو أكثر ـ سيئة )


ذنوب ومعاصي وتقصير

وفي المقابل نرى أننا ملائكة معصومين من الخطأ

فالخطأ أمر بعيد كل البعد عنـا ويستحيل أن يصدر من أمثالنا

ما أجمل أن يتعامل المرء المسلم مع نفسه على أنه بشر ضعيف ,, محض طين لازب ,, مخلوق من نطفة من ماء مهين ,, لولا تكريم الله له لكان مثله مثل سائر الكائنات الأخرى ..

ما أروع أن ينظر المرء لنفسه بين الحين والآخر ويتفقد حاله ,, فينظر لسلبياته وأخطائه ,,, فيصلح من شأن نفسه ,,, ويتعاهدها بالصلاح والتقى ويسمو بها إلى المعالي ..

أما الذي يرى أنه ملاك لا يُخطئ فهذا لن يعدو قدره ولن يبرح مكانه

سيتقدم الناس ويصلحوا من شأنهم

وهو سيظل قابعاً في برجه العـاجـي المصطنع لنفسه

يتقدم الناس وهو قابع في مكانه إن لم يتراجع إلى الوراء

لأنه لن يطور من نفسه وذاته

طالما أنه يرى نفسه كاملاً مكملاً

ما أروع أن يتعاهد المرء إخوانه وأحبابه بالنصح والتوجيه والإرشاد

ما أجمل أن يعرف المرء الحق فيتبعه

وهذه أخلاق الكبار الذين يتبعون الحق وينشدونه مع من كان

لقد طالعت في سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ : فمن أجمل ما لفت نظري في سيرة هذا العالم الفذ ,,الذي جعل الله له قبولاً في الأرض

أنه يسير مع الحق و الدليل أينما سار , وليس متعصباً لرأيه دون الآخرين , بل متى ما عرف الحق اتبعه

وهذا ـ بعد توفيق الله ـ الذي جعل له القبول في الأرض ـ من وجه نظري

فالمرء متى ما عرف الحق واتبعه واعترف بتقصيره , فسوف يكبر في أعين من حوله

وليس العيب أن يخطئ المرء أبداً

إنما العيب كل العيب

أن يعرف المرء خطئه ويوجه وينصح

ولكن نفسه العزيزة تأبى عليه قبول ذلك الحق والإعتراف

بأنه بشر يصيب ويخطئ

لأنه ما زال مقتنع أنه

ملاك لا يخطـئ


والخطأ عيب ونقيصة في حقه وقدره



ما أجمل أن يفسح المرء المجال لعقله أن يسمع صوت الحق


فإن كان خيراً تحلى به من قبل , حمد الله وشكره وسأله الثبات على الحق

و إن كان خيراً لم يتحـلى به سابق إليه


بقي أن أختم


بوصية غالية أهديت إلي

ولأنكم أحبابنا في الله

نهديكم نفائس الحكم والنصائح


" إن إعتــرافكِ بخطـئكِ ورجـوعكِ للحــق هــو مما يُكبـــرك فــي الدعـــوة

والإنســـان الذي لا يخطــئ هــو الذي لا يعمـل "


هذه وصية جعلتها حلقاً في أذني

وسأعمل بمقتضاها إلى أن يشاء الله

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لصالح القول والعمل

وأن يجعلنا هداه مهتدين غير ضالين ولا مضلين


ملاحظة هــامة

النماذج والأمثلة التي سقتها في المقدمة , هي ليست إنقاصاً من قدر أولئك القوم , بل نبرأ إلى الله ممن ينتقص أصحاب أحمد صلى الله عليه وسلم

إنما هي بيان لحال أولئك الأخيار وكيف تعاملوا مع أنفسهم

تذكرة لأمثالنـا


ورحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا وقال : اتقـي الله ...



بقـــلم
أختـكم ومحبتكم في الله
زاد المعـاد
( العطاء )
الإثنين
8 ـ 6 ـ 1430 هـ
الســـــــــــ10:30 ص ـــــــــاعة

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.63%)]