
28-06-2009, 12:19 PM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة :
|
|
رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )
حديث القرآن عن القرآن (43)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة يونس: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿15﴾ قُل لَّوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴿16﴾ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴿17﴾﴾ [يونس: 15- 17]، إنَّ القرآن الكريم وحي من الله رب العالمين.
والرسول -صلى الله عليه وسلم- مُتَّبَعٌ مُبَلِّغٌ. قد أُمر أن يبلِّغ ما أُنزل إليه من ربه دون حرج من صدِّ المكذبين أو كيدهم.
﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، ﴿ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿2﴾﴾ [الأعراف: 2].
إنَّه الحقُّ، والحق لا يتَّبع أهواء الناس. والذين لا يرجون لقاء الله يتبعون أهواءهم. واتباع الهوى -بغير هدى من الله- مُضِلٌ مُفسد يقود صاحبه إلى سوء المصير ويبعده عن العدل في القول واتباع الصراط المستقيم.
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿50﴾﴾ [القصص: 50]. إنَّ من ينشد الحق ويتدبر القرآن لا يخطر له أن يطلب سواه.
أمَّا الذين تأسرهم أهواؤهم فيتبعون الباطل ولا يرجون لقاء ربهم. فإن قلوبهم تشمئز من ذكر الله -وهذا شأن كل كفور جحود وأفاك أثيم.
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾.
سبحان الله، أي شيء يريدون؟! وبأي شيء يؤمنون؟!
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴿6﴾ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿7﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿8﴾﴾ [الجاثية: 6- 8].
لقد قال الكفار لمن يتلو عليهم القرآن وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «ائت بقرآن غير هذا أو بدله» قالوا ذلك لما سمعوا ما غاظهم فيما تلاه عليهم من القرآن من ذمِّ عبادة الأوثان والوعد الشديد لمن عبدها. وقد أُمِرَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يقول في جوابهم: ﴿ قُلْ مَا يَكُونُ لِي ﴾ أي: ما ينبغي لي ولا يحل ﴿ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ﴾. ثم أمره أن يؤكد ما أجاب به عليهم بقوله: ﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى ﴾ من عند الله -سبحانه- من غير تبديل ولا تحويل ولا تحريف. ثم أمره سبحانه أن يقول لهم تكميلاً للجواب عليهم: ﴿ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿15﴾ قُل لَّوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴿16﴾﴾ إنَّ كفار مكة قد شاهدوا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قبل مبعثه، وعلموا أحواله وأنه كان أُميا لم يطالع كتاباً ولا تعلم من أحد مدة عمره قبل الوحي ﴿ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ﴾ أي زماناً طويلاً من قبل إنزال القرآن، وهم يعرفونه بالأمانة والصدق.
فكل من له عقل سليم وفهم ثاقب يعلم أن هذا القرآن من عند الله، أوحاه الله إلى نبيه ولم يأت به من عنده نفسه ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾؟
﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴿17﴾﴾. أي: لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً أو ممن كذب بآياته بعد بيانها.
فإن ذلك أعظم جرمًا على الله وأكثر استشرافًا إلى عذابه ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ أي: لا يظفرون ببغيتهم ولا يفلحون.
وفي الآية ما فيها من ردع وزجر لأولئك المكذبين الذين يكذبون بآيات الله ويتبعون أهواءهم حيث كانوا.
والإخبار بما يصير إليه هؤلاء فائدته في الدعوة إلى التمسك بالحق بمعرفة ويقين، والتحذير من اتباع سبل هؤلاء في اتباع الظن والقول بغير علم وقد جاءهم من ربهم الهدى.
فمن الناس من اهتدى بهدى الله ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17]، ومنهم من جاءهم هدى الله فاستحبوا العمى على الهدى فأخذوا بما كانوا يكسبون. وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
|