عرض مشاركة واحدة
  #46  
قديم 28-06-2009, 12:20 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن (44)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في سورة يونس من قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُّفْتَرَى مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴿37﴾ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿38[يونس: 37، 38].
زعم أهل الكفر والجحود أنَّ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أتى بهذا القرآن من عند نفسه على سبيل الافتعال والاختلاق، فأخبر الله –تعالى- أنَّ هذا القرآن وحي أنزله الله عليه وأنه مبرأ عن الافتراء والكذب، وأنه لا يقدر عليه أحد إلا الله -عز وجل- ثم ذكر ما يؤكد ذلك بقوله: ﴿
وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
وفي قوله: ﴿
تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ من الكتب المنزلة على الأنبياء برهان على نفي جواز الافتراء.

فما كان من شأنه أصلًا أن يفتري والنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي نسبوا إليه أنَّه جاء به من عند نفسه لم يطلع على الكتب المنزلة من قبل ولم يتعلم ما جاء فيها ولا سأل عنه، ولا اتصل بمن كان له علم به ﴿
وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴿48﴾ ، فتصديق القرآن للكتب المنزلة قبله وهيمنته عليها معجزة مستقلة تحدد مصدره وأنه لا ريب فيه من رب العالمين.
﴿
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ ﴾ أي: إن كان الأمر كما تزعمون من أن محمدًا افتراه فأتوا أنتم على جهة الافتراء بسورة مثله وأنتم على معرفة بلغة العرب وفصاحة الألسن وبلاغة الكلام، وادعوا من استطعتم دعاءه والاستعانة به، ادعو من سوى الله من خلقه من شئتم إن كنتم صادقين في دعواكم أن هذا القرآن مفترى من دون الله.

فإنَّهم لمَّا نسبوا الافتراء إلى واحد منهم في البشرية والعربية قال لهم: هذا الذي نسبتموه إليّ وأنا واحد منكم ليس عليكم إلا أن تأتوا وأنتم الجمع بسورة مماثلة لسورة من سورة، واستعينوا بمن شئتم من أهل العربية على كثرتهم أو من غيرهم من الإنس أو من الجنِّ ﴿
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ وآمنوا بما نزل من الحق.
إنَّ هذا القرآن منزل من عند الله هداية للناس ونذيرًا للعالمين.

ومن تدبر أيقن يقينًا لا شك فيه أنَّ الجن والإنس لو اجتمعت على أن تأتي بمثله ما استطاعت أن تأتي بمثله في نظمه أو فيما اشتمل عليه من أخبار الغيب وما سيحدث من الأمور المستقبلية قبل وقوعها فإن ذلك لا يكون إلا من العليم الخبير الذي أحاط بكل شيء علمًا ﴿
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴿82[النساء: 82].

إنَّ المسارعة إلى تكذيب القرآن -وهو الحق من ربهم- قبل تدبره والعلم بما جاء به سفه يودي بصاحبه إلى سوء العاقبة والمصير. ﴿
بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴿39[يونس: 39].

ومع كثرة العاملين على محاربته وإبادة أهله تراه يفرض سلطانه بالحجة والبينة ويتلى على العالمين في عزة وثقة دون أن يقترب من ساحته باطل، أو يأتي على حرف من حروفه حاقد غادر، ولن تستطيع قوة مهمًا بلغت أن تقترب من حصنه، أو تنال من عزته؛ ذلك لأن الله قد حفظه؛ ومن حفظه الله لا يضيعه الناس.

وسيظل بإعجازه يصدع بالحق وينطق بالصدق، ينذر ويبشر ويهدي للتي هي أقوم، سيظل يوجه نداءه للقلوب لتخشع وإلى من شُغِل عنه ليعود إلى حماه ويتبع صراطه المستقيم ﴿
صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ ﴿53[الشورى: 53]
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.74%)]