عرض مشاركة واحدة
  #48  
قديم 28-06-2009, 12:21 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن (46)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة يونس: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ[يونس:61].

﴿
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ من جميع الشئون، والشأن: الأمر بمعنى القصد، والمراد وصف إحاطة علم الله تعالى بكل شيء.

﴿
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ وفي الآية مؤانسة لأهل الحق الذين آمَنُوا وعملوا الصالحات، وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم، وفيها تحذير لأهل الباطل أن لا شيء من أمرهم صغر أو كبر يخفى على الله، فهم مأخوذون بذنوبهم ومؤاخذون على أعمالهم ﴿وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ وتفيضون: تنهضون بجد، يقال أفاض الرجل في سيره وفي حديثه: إذا اندفع في ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ يعزب: معناه: يغيب حتى يخفى.

حتى قَالُوا للبعيد: عازب. وقيل للغائب عن أهله: عازب.
حتى قالوه لمن لا زوجة له.
لا يغيب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذَلِكَ ولا أكبر في كتاب مبين.

وللآية دلالتها وفائدتها في استقامة النفس وصدق إخلاصها لله وخشيتها منه، ولها أثرها في تريبة الإنسان، وهو يخشى الله ويرجو اليوم الآخر، ويوقن أن الله قد أحاط بكل شيء علماً، فما غاب عن أعين الناس لا يخفى على علم الله.

إنَّ العبد إذا استحضر ذَلِكَ في نفسه اتقى ربه حيث كان، وآثر رضاه ورغب فيما عنده وأحسن عمله ابتغاء وجهه وقدم خيره وكف شره عن غيره. ﴿
إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴿57﴾ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴿58﴾ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ ﴿59﴾ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴿60﴾ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ[المؤمنون:57--61].

أخي المسلم: تدبر هذه الآية واستحضر مقاصدها ودلالتها واجعل جميع أمرك طاعة ل ربك ﴿
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ الآية. لقد عمت هذه الآية وخصت. خصت القرآن الكريم بالذكر مع أنه داخل فيما عمت؛ للتنبيه على عظم شأنه، وأنه السبيل لصلاح كل أمر وهو يهدي للتي هي أقوم. وأن الملائكة تحف أولئك المجتمعين على تلاوته ومدارسته، والله سبحان يذكرهم فيمن عنده. (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).

هكذا شأن القرآن الذي خصته الآية بالذكر تنزل السكينة له، وتحضره الملائكة ويذكر أهله في الملأ الأعلى، ويأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. (
يؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهم).

فاعمل به أخي السملم في كل شأن من شئونك، واجعله ميزانه قصدك وعملك لتقوم بالقسط كما أمر ربك، إن الله قد أنزل القرآن وحفظه ليتدبر وليُعمل به، فمن اتبعه قاده إلى الجنة، ومن أعرض عنه شقي في دنياه وخسر في أخراه، إنه فضل الله ورحمته فلا تشغل عنه بما تجمع من حطام دنياك وزينة حياتك، فإنه معك في دنياك وآخرتك. لا يتخلى عنك في ساعة موتك وانفرادك بعملك، إنه وفي لا يتخلى عمن صاحبه فيدنياه وعمل به. كل حرف فيه تقرؤه أو تستمع إليه تلقاه هناك حسنات مضاعفات في كل حرف عشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء والله ذو الفضل العظيم.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.73%)]