عرض مشاركة واحدة
  #53  
قديم 28-06-2009, 12:24 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن "51"فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة الرعد: ﴿المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ[الرعد:1-2].

وفي سورة الرعد بيان لما أجملته هذه الآية ﴿
المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾. فقد تحدثت عن مُنزِّل الكتاب وهو الله -عز وجل-، كما تحدثت عمن أُنزِلَ عليه وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبينت ما أرسل به.
وذكرت الحق الذي أنزل وضربت له مثلاً يكشف عن أصالته وبقائه ونفعه.

وبينت موقف الناس منه ما بين مستجيب له، يعلم أنه الحق ومعرض عنه لا يراه ولا يهتدي بهداه، وأفاضت في بيان الذين لا يؤمنون وهم أكثر الناس.
وكل ذلك قد أجملته هذه الآية في مطلع السورة في ترابط وتناسق معجز بينهما وبين ما جاء في السورة كلها.

والمراد بالحق في قوله: ﴿
وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ﴾ القرآن الكريم. والحق من ربك، وبالحق كان الخلق، ومن أجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتاب ولا عذر لمن كذب بالحق أو أعرض عنه.

وفي الأنفس والآفاق آيات وآيات، فيها بيان للحق لا تخفى دلالته. ولا تُستَبهَمُ حكمته وغايته.

وفي الحديث عن الله الذي أنزل الحق نقرأ ما تطمئن به القلوب وتخشع النفوس.
﴿
اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴿2﴾ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴿3﴾ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وغَيْرُ صِنْوَانٍ يُّسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[الرعد:2- 4].

ذلكم الله ربكم الذي أنزل الكتاب بالحق. هو الذي رفع السماوات التي ترونها. وهو الذي مدَّ الأرض التي تمشون في مناكبها وتأكلون من رزقه. وهو الذي جعل فيها رواسي من فوقها حتى لا تميد بكم، وأنهارًا حفظًا لحياتكم وصونًا لمتاعكم وتبصرتكم، وهو الذي سخر الشمس والقمر دائبين بسطا لنعمته ورحمته ومخاطبة منه بالحق لجميع خلقه.

وهذه الأدلة وغيرها مما جاءت به الآيات داعية إلى الأيمان بالحق الذي أنزله الله على نبيه، مبصرة به مؤيده له.
يتفكر فيها ويعقلها من رغب في الحق وآمن به.

ويقف عند ظاهرها من غفل عن حكمتها وغايتها، فلا يجاوز حدود دنياه مع أنها سبقت لتبصرته بقضايا الحق في نفسه وما يصبر إليه وما أرسل الرسل من أجله. أفلا يكون عجيبا أن يرى الإنسان أدلة القدرة في خلقه وينكرها في بعثه.

يراها في دنياه ولا يراها في آخرته ﴿
وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ[الرعد:5].

عجب أن ينكر الحق من يرى أدلته في نفسه وينعم بآياته ولا يتذكر ولا يستبصر ﴿
أَفَمَن يَّعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ[الرعد:19].

إنَّ سورة الرعد التي بدئت بهذه الآية ﴿
المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ﴾ تبين لنا النتائج والعواقب لمن آمن بهذا الحق وعلم به، ومن عمي وأعرض عنه، لمن استجاب لربه فيما دعاه إليه والذين لم يستجيبوا له.
﴿
لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ[الرعد:18].

وبذا يُعلم أنَّ الحق الذي دعي الناس للإيمان به ليس أعزل من قوة تحقيق وعده ووعيده. إنه من الله، والله على كل شيء قدير وإليه المصير ﴿
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ﴿182﴾ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ[الأعراف:182-183].
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.55%)]