عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26-09-2009, 12:41 PM
الصورة الرمزية أبو جهاد المصري
أبو جهاد المصري أبو جهاد المصري غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 4,630
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أصل انحراف سيد قطب : لفضيلة الشيخ أبي عبد الله محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى

أخطر التهم الموجهة له -رحمه الله-:

أولا : هل يؤمن سيد قطب بعقيدة وحدة الوجود ؟؟

تقول التهمة أن الشهيد – إن شاء الله – سيد قطب يقول بوحدة الوجود .. ويوجد هذا الكلام في موضعين من الظلال .. الأول في سورة الحديد والثاني في سورة الإخلاص :


1- يقول سيد رحمه الله في تفسيره لقول الله تعالى : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } في سورة الحديد :

( وما يكاد يفيق من تصور هذه الحقيقة الضخمة التي تملأ الكيان البشري وتفيض حتى تطالعه حقيقة أُخرى لعلها أضخم وأقوى ، حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة .
فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده سبحانه ومن ثم فهي محيطة بكل شئ ، عليمة بكل شيء .

الأول فليس قبله شئ والآخر فليس بعده شئ والظاهر فليس فوقه شئ والباطن فليس دونه شيء .

الأول والآخر مستغرقا كل حقيقة الزمان ، والظاهر والباطن مستغرقا كل حقيقة المكان . وهما مطلقتان ويلفت القلب البشري فلا يجد كينونة لشيء إلا لله . وهذه كل مقومات الكينونة ثابتة له دون سواه ، حتى وجود هذا القلب ذاته لا يتحقق إلا مستمدا من وجود الله . فهذا الوجود الإلهي هو الوجود الحقيقي الذي يستمد منه كل شئ وجوده وهذه الحقيقة هي الحقيقة الأولى التي يستمد منها كل شئ حقيقته . وليس وراءها حقيقة ذاتية ولا وجود ذاتي لشيء في هذا الوجود ...
{ وهو بكل شيء عليم } علم الحقيقة الكاملة , فحقيقة كل شيء مستمدة من الحقيقة الإلهية وصادرة عنها . فهي مستغرقة إذن بعلم الله اللدني بها . العلم الذي لا يشاركه أحد في نوعه وصفته وطريقته . مهما علم المخلوقون عن ظواهر الأشياء ! .

فإذا استقرت هذه الحقيقـة الكبرى في قلب ، فما احتفاله بشيء في هذا الكون غير الله سبحانه ؟ وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود - حتى ذلك القلب ذاته - إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى ، وكل شيء وهم ذاهب ، حيث لا يكون ولا يبقى إلا الله ، المتفرد بكل مقومات الكينونة والبقاء .
وإن استقرار هذه الحقيقة في القلب ليحيله قطعه من هذه الحقيقة . فأما قبل أن يصل إلى هذا الاستقرار ، فإن هذه الآية القرآنية حسبه ليعيش في تدبرها وتصور مدلولها ، ومحاولة الوصول إلى هذا المدلول الواحد وكفى ..

ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى ، وهاموا بها وفيها، وسلكوا إليها مسالك شتى :

بعضهم قال إنه يرى الله في كل شيء في الوجود . وبعضهم قال : إنه رأى الله من وراء كل شيء في الوجود . وبعضهم قال إنه رأى الله فلم ير شيئاً غيره في الوجود .. وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال .
إلا أن ما يؤخذ عليهم - على وجه الإجمال - هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصور , والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها ، بينما هو يقوم بالخلافة في الأرض بكل مقتضيات الخلافة من احتفال وعناية وجهد لتحقيق منهج الله في الأرض ، باعتبار هذا كله ثمرة لتصور تلك الحقيقة تصوراً متزناً ، متناسقاً مع فطرة الإنسان وفطرة الكون كما خلقهما الله ) ..... انتهى كلامه رحمه الله


2- ويقول سيد في تفسيره لسورة الإخلاص كلاما نقتطع منه الشاهد :

(إنها أحدية الوجود فليس هناك حقيقة إلا حقيقته ، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده ، وكل موجود آخر إنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي , ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية ) ...... إلى أن قال رحمه الله : ( وهذه درجه يرى فيها القلب يد الله في كل شي يراه , ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله ) ..


فماذا كانت التهمة ؟؟

التهمة تقول :

1 - ((وهكذا يقرر سيد قطب وحدة الوجود والحلول ، وينسبهما إلى أهلهما الصوفية الضالة في سياق المدح ، ويدعوا إلى ذلك بقوله : " والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها " !! .
إنه يرى أن وحدة الوجود والحلول كمال لا يدركه كثير من الناس ، ومن لا يصل إلى هذه المرتبة من الكمال ، فحسبه أن يعيش في تدبر هذه الآية التي تدل على عظمة الله ، فحولها سيد قطب إلى وحدة الوجود والحلول ، أعظم أنواع الكفر بالله )) .

2- ((وفي هذا تأكيد قوي لما قرره من وحدة الوجود في تفسير سورة الحديد : فهل هناك أصرح في وحدة الوجود من قوله : " إنها أحدية الوجود ، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته ، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده " ؟! )) .


 الدفاع عن سيد قطب ونقاش هذا الاتهام بالقول بوحدة الوجود :


1-

ذكرنا كلام سيد قطب الذي يستند إليه من يقول أنه يؤمن بوحدة الوجود .. فماذا يقول أهل وحدة الوجود حقا ؟!

سنقتطع بعض ما قيل عنهم على شكل نقاط :

أولا : وحدة الوجود مذهب فلسفي لا ديني يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة ، وأن الله هو الوجود الحق ، ويعتبرونه - تعالى عما يقولون علواً كبيراً - صورة هذا العالم المخلوق ، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته .

ثانيا : يتلخص مذهب ابن عربي – أحد القائلين بوحدة الوجود - في وحدة الوجود في إنكاره لعالم الظاهر ولا يعترف بالوجود الحقيقي إلا لله ، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق .

ثالثا : يقول الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر كثيراً من أقوال أصحاب مذهب وحدة الوجود " يقولون : إن الوجود واحد ، كما يقول ابن عربي - صاحب الفتوحات - وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني وأمثالهم - عليهم من الله ما يستحقونه - فإنهم لا يجعلون للخالق سبحانه وجوداً مبايناً لوجود المخلوق . وهو جامع كل شر في العالم ، ومبدأ ضلالهم من حيث لم يثبتوا للخالق وجوداً مبايناً لوجود المخلوق وهم يأخذون من كلام الفلاسفة شيئاً ، ومن القول الفاسد من كلام المتصوفة والمتكلمين شيئاً ومن كلام القرامطة والباطنية شيئاً فيطوفون على أبواب المذاهب ويفوزون بأخس المطالب ، ويثنون على ما يذكر من كلام التصوف المخلوط بالفلسفة " ( جامع الرسائل 1- ص 167)


هذه هي أفكار القائلين بوحدة الوجود، يقولون أن الله اختلط بخلقه ! فليس هناك حقيقة إلا حقيقته فقط ، فهم صورة الله في الأرض .. وهم كالموج للبحر ، الحقيقة واحدة لا تنفصل ، فلا يثبتون لله ذاتا منفصلة عن ذوات عبيده ..


والسؤال هنا : هل اتهام سيد قطب بهذه التهمة الخطيرة يحتاج لدليل واضح بين لأنها تهمة مكفرة ، أم أننا لا نحتاج لعبارة واضحة ويكفينا حتى العبارات الموهمة ؟

والسؤال الثاني : هل نكتفي بموضعين من الظلال فيهما عبارات موهمة للحكم على سيد قطب أنه يقول بوحدة الوجود ، أم أننا يجب أن نرى رأيه حول هذه العقيدة الكفرية من مجمل كلامه في كتبه – وخصوصا المتأخرة منها – ؟

الحقيقة المؤسفة أن من اتهم سيد قطب بهذه العقيدة لم يستند إلى عبارات قوية واضحة تكفي لإخراج سيد من الإسلام إلى الكفر , بل إنه استند لعبارتين – فقط – ونستطيع أن نقول عنهما أنهما " موهمتين " .. وهذا المتهِم قد ترك غيرهما عشرات العبارات الصريحة التي تدل دلالة قطعية لا شك فيها – إلا لمن أعماه الجهل والتعصب لمشايخه – على أن سيد قطب يهاجم وحدة الوجود والقائلين بها …!

إن سيدا رحمه الله كان أديبا بارعا يسترسل في عباراته ليوضح المعنى أجمل توضيح ، وهذا الاسترسال والبيان أوقع مبغضيه في أمرين : عدم الفهم تماما لما يقوله سيد قطب ، والأمر الآخر : توهمهم بأن سيد قطب يؤمن بكذا وهو في الحقيقة لا يؤمن به .. ومن قرأ جميع كتب سيد قطب سيعلم أن ما قاله في سورتي الحديد والإخلاص ما هو إلا استرسال خاطئ ما كان ينبغي أن يصدر منه ... وعندما يقارنه بما كتبه في غير هذين الموضعين سيجد أن سيدا رحمه الله لا يمكن أن يقال أنه يؤمن بوحدة الوجود …

والصحيح – عند العقلاء والمنصفين - أن العبارة الموهمة لا ينبغي أن تكون مستندا لتكفير شخص ما – سواء سيد أو غيره - وإخراجه عن دائرة الإسلام .. خصوصا إن كان معها ما يزيل هذا الوهم ويزيل هذا اللبس ، فكيف إن وجد من نفس الشخص من العبارات ما يهاجم به هذه العقيدة الكفرية ؟!

وفي هذا يقول شيخ الإسلام عليه رحمة الله في ( الرد على البكري ) الجزء الثاني .. صفحة 705 وما بعدها :

(( وأيضا فغير الرسول صلى الله وعليه وسلم إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .

وأيضا فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين ، لم يكن على المتكلم بذلك بأس ، ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم ، بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق .

ثم غاية هذا أن يكون بحثا لفظيا والبحوث اللفظية لا توجب خلافا معنويا ، فضلا عن التكفير … اللهم إلا على قول هذا الجاهل !

إن المتكلم إذا عنى معنى صحيحا بعبارته ، وتوهم منها بعض الناس نقصا كان ذلك كفرا ، وهذا لا يقوله إلا من انسلخ من العقل والدين ! لا سيما إذا كان التقصير إنما هو من المستمع لا تقصير في عبارة المتكلم )) ..

ولو سلكنا مسلك هؤلاء الذين انسلخوا من العقل والإنصاف والدين لكفرنا أصحاب عيسى عليه السلام ( الحواريين ) !!

فإن الحواريين قالوا : { هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء } ؟!

ونقول : الحواريون يشككون في مقدرة ربنا عز وجل ! والحواريون يستهزؤون بربنا وبنبيه ويقولون هذه العبارة على شكل استهزاء وتنقص !

وهل يقول هذا عاقل ؟!


ولنأخذ هذه العبارة الموهمة بأن قائلها يؤمن بوحدة الوجود :

" في الحقيقة : الموجود إنما هو الحق وحده، والكائنات من أثر وجوده . "

إن قائل هذه العبارة هو الإمام ابن القيم في المدارج ( 1 / 149-150 ) ، وكلامه الذي نقلته مقطع من كلام طويل موهم بوحدة الوجود ..


ولشيخه شيخ الإسلام عبارة موهمة أيضا ذكرها في كتاب العبودية ( 146-147) :

" فإذا قوي على صاحب هذا الفناء ، فإنه يغيب بموجوده عن وجوده ، وبمشهوده عن شهوده ، وبمذكوره عن ذكره ، وبمعروفه عن معرفته ، حتى يفنى من لم يكن – وهي المخلوقات – ويبقى من لم يزل ، وهو الرب تعالى "

ونحن نعرف أن الشيخ وتلميذه من المنصفين ومن العلماء الذين أنعم الله بهم على هذه الأمة ، ولذلك فلا عجب أن نرى أن ابن القيم وشيخه يدافعان عن الإمام عبدالله الهروي – مع أن عباراته أشد إيهاما من سيد قطب رحمه الله – فينفيان عنه القول بهذه العقيدة الكفرية . فهما يعرفان لأهل الفضل فضله ، ويحسنان الظن بإخوانهم حتى أن ابن القيم قال في المدارج ( 1/149) :

" وحاشا شيخ الإسلام الهروي من إلحاد أهل الإلحاد ، وإن كانت عبارته موهمة، بل مفهمة ذلك "



وإن من المشايخ المعاصرين الذين لهم كلام موهم : الشيخ محمد الجامي رحمه الله الذي له عبارات موهمة بوحدة الوجود ، حيث يقول في كتابه : ( طريقة الإسلام في التربية ص16 ) :

" وإذا مهمة العقيدة أن تطلق الروح وتخرجها من حجابها ، لكي ترى الله ، وتتصل به مباشرة وبدون واسطة ... فالطاقة الوحيدة في كيان الإنسان المعفوة عن الحدود والقيود هي طاقة الروح وحدها ، إذ هي تملك الاتصال بما لا يدركه الحس والعقل ، وهي التي تتمتع وحدها بالاتصال بالخلود الأبدي والوجود الأزلي .. ولكن الإنسان يكاد يحس بسبحة الروح الطليقة ، عندما تجوب آفاق الكون ، وتتصل بكل حي في هذا الكون".

ويقول في صفحة عشرة من نفس الكتاب : "لأنهم يستمدون قوتهم من قوة خالقهم، فهم من الله ، وقوتهم من قوة الله ! فهكذا يربي الله الإنسان حتى يدرك أن منه المنشأ وإليه المصير".

فهل نقول أن الشيخ الجامي رحمه الله كان يقول بوحدة الوجود بالاستناد لهذه العبارات الموهمة ؟!

لا يقول هذا عاقل !
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]