بسم الله الرحمن الرحيم
أولا : الكلمة
الكلمة هي العنصر الأساسي في تكوين النص ، والكلمة بيَدِ الكاتِب كالسيف بيَد المحارب.
لذا علينا أن نُحسن انتقاء الكلمات ، ووضعها في مكانها المناسب ،
فالكلمة سلطان ، والكلمة برهان إما لك أو عليك.
ومن الأهميَّة بمكان أن تكون الكلمة ذات معنى يخدم الجملة ويراعي أبعادها.
وللكلمة ثلاث أبعاد:
1- البعد الدلالي :
ويتَّصل هذا البعد بـــــــ
الكلمة المفردة فيعطينا دلالات مختلفة للكلمة الواحدة
مثال:
مضطرم: تعني مشتعل والاشتعال يرتبط بالنار والمعاناة واحتدام العواطف
وهكذا ...
وحينما نربطه بسياق الجملة ، يتّضح المعنى ويُفهم ،فحينما نقول " كان مضطرم الفؤاد" قمنا بتحديد الاضطرام من خلال علاقته بالفؤاد
وقس على هذا المثال
ثانيا : البعد البنائي الصرفي
علينا أن نعيَ تماما أنّ الكلمة يتغيَّر معناها بتغيير بنائها وتصريفها، فالزيادة أو النقصان في الكلمة ذاتها ، تغيِّر معناها وبشكل جذري
مثال :
نقول: وثق ووثَّق.
كل صيغة من هذه الصيغ لها دلالة تختلف - إلى حد ما- عن غيرها،
وهنا وثِقَ: معناها ائتمن
وثَّق: أحكم وشد
نرى في هذا المثال اختلافـًا طفيفـًا في رسم الكلمة واختلافـًا واضحًا في المعنى
ثالثًا : البعد الصوتي
يرتبط هذا البعد بالدلالات النفسيَّة والوجدانيّة ، والإيقاع الصوتي للحروف .
وينتج عنه راحة نفسيّة يشعر بها القاريء
وهذا الجانب يجب مراعاته عند كتابة الشعر خاصة ، وذلك أن الشعر يحتاج إلى سلاسة تصل لقلب المستمع وعقله
وأظن أن اتقانه يحتاج لطول قراءة في دواوين الشعر ، وموهبة يهبها الله لمن يشاء
إذن كيف نختار الكلمات وعلى أي أساس يكون هذا الاختيار؟
هناك أصول ينبغي مراعاتها عند اختيار الكلمة أذكر منها:
أولا :معرفة المترادف والمشترك والمتضاد من الكلمات
ولن يصل الكاتب إلى مرحلة التمييز بينهم إلا إذا أوتيَ ذوقا لغويًا مدربا.
ولعل كتب " فقه اللغة" خير معين على ذلك
ثانيا: الاهتمام بالألفاظ العربية الفصحى الموثقة بكتب التراث الأدبية ونبذ الكلمات العامية التي تُعد نشازا غير مقبول في أي مقال أدبي.
ثالثا: الوعي بقواعد اللغة العربية فيما يخص التوابع من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث وتعريف وتنكير ، وحالات الرفع والنصب والجر للمثنى وجمع المذكر السالم ، ومراعاة الضمائر وعلى من تعود، ولنقس عليها الأفعال والأسماء الخمسة وغيرها من القواعد التي تتغير بتغير موقعها الإعرابي في الجملة
رابعًا: معرفة قواعد الإملاء وتطبيقها والحرص على عدم الوقوع فيها ، وكثيرا ما نقرأ مقالات رائعة يفسدها خطأ إملائي غير مقصود.
هذا والوعي بشروط الفصاحة في اللغة ، كالربط بين اللفظ والمعنى والبعد عن التعقيد وتأليف الألفاظ من حروف متباعدة المخارج أوقع للسامع
قال الشاعر:
ضدان لما استجمعا حسنا... والضد يظهر حسنه الضد
فائدة :
د. محمد الشنطي:
تقوم الكتابة بالصياغة المحكمة للكلمات وربطها ببعض ، ومن الضروري أن يكون الكاتب حرا في نفسه ، فيستطيع تحرير ما بداخله، والكلمة المكتوبة تعتبر شاهدا على ما قطعه على نفسه.
من كتاب " صيد الخاطر" لابن الجوزي:
لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لنا ، ثم نعرض عنها فتذهب ، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكي لا يُنسى
وكم خطر لي شيء فأتشاغل عن إثباته فيذهب فأتأسف عليه!
ملحوظة:
الكلمات نوعان:
نشيطة وخاملة
فالنشيطة :هي التي تدخل في دائرة استعمال الكاتب وفي معجمه
أما الخاملة : هي التي لم يتداولها الكاتب وتبقى محصورة في كتب التراث
وكلما تقدّم الكاتب بأسلوبه ، زادت الكلمات النشيطة وقلَّت الخاملة.
وكلما أكثر من قراءة كتب اللغة ، زاد رصيده من الكلمات النشيطة وزاد تعبيره تميزا
انتهى درس اليوم الذي أحببت أن يكون عن الكلمة التي هي في الجملة كاللبنة في البناء، ولن يصلح البناء مالم تصلح لبناته
أترككم في رعاية الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته