| 
 لغة الحجارة_عبد الرحمن العشماوي 
 
 لغة الحجارة 
 أبتاه ما زالت جراحي تنزفُ **** والليل أعمى والمدافع تقصفُ
 بيني وبين مطامحي ألف يد **** هذي تريق دمي وهذي تغرفُ
 ليل التخاذل سيطرت ظلماته **** والقلب بالهمّ الثقيل مغلفُ
 وتثائب الصمت الطويل ومقلتي **** ترنو الى الافق البعيد وتذرفُ
 وأمام باب الدار يرقبني الردى **** وعلى النوافذ ما يخيف ويرجفُ
 من أين أخرج يا أبي والى متى **** أحيا على خدر الوعود وأضعفُ
 نشقى وتجار الحروب قلوبهم **** بلقاء من شربوا دمي تتشرفُ
 ويسومنا الاعداء شر عذابهم **** فإلى متى لعدوّنا نتلطف ؟
 ها نحن يا أبتي نعيد لقومنا **** شرف الدفاع عن الحمى ونشرّفُ
 طال انتظار صغاركم فتحركوا **** لما رأو أن الكبار توقفوا
 وتلفتوا نحو السلاح فما رأوا **** إلا الحصى من حولهم تتلهف
 عزفوا بها لحن البطولة والحصى **** في كف من يأبى المذلة تعزف
 هذي الحجارة يا أبي لغة لنا **** لما رأينا أننا لا ننصف
 لما رأينا أن حاخاماتهم **** يتلاعبون بنا فيرضى الأسقف
 لما رأينا أن أمتنا على **** أرض الخلاف قطارها متوقف
 ماذا نؤمل يا أبي من فاسق **** يلهو ومن متدين يتطرف ؟
 جيش الحجارة يا أبي متقدم **** والمعتدي بسلاحه متخلف
 أنا لا أتوق الى الفناء وإنما **** موت الكريم على الشهادة أشرف
 بيني وبين حصى بلادي موعد **** ما كان يعرفه العدو المرجف
 يتعوذ الرشاش من طلقاتها **** ويفر منها المستبد الأجوف
 لغة الحجارة يا أبي ، رسمت لنا **** وعد الإباء ووعدها لا يخلف
 وغدت تنادينا نداء صادقا **** وفؤادها من ضعفنا يتألف
 لا تألفوا هذا الركون الى العدا **** فالمرء مشدود الى ما يألف
 هزوا سيوف الحق في زمن على **** كتفيه من ظلم العدا ما يجحف
 عفواً أبي فقصائدي مجروحة **** تشكو معانيها وتبكي الأحرف
 وقلوبنا مشحونة باليأس في **** زمن يداس به الضعيف ويجرف
 يتطلع الاقصى اليّ وحوله **** عين تراقبه وسمع مرهف
 ويد مجمدة على الرشاش لم **** تغسل بماء منذ ساء الموقف
 في وجه صاحبها نفور صارخ **** وعلامة للغدر ليست توصف
 هذا هو الاقصى وطائر مجده **** يشدوا بألحان الهدى ويرفرف
 تتحلق الاعوام في ساحاته **** حِلَقاً تسبّح للإله وتهتف
 ويقبّل التاريخ ظاهر كفه **** وبثوبه جسد العلا يتلحف
 واليوم يرقبنا بطرف ساهر **** ويداه من هول المصيبة ترجف
 ما زال يدعو يا أبي وفؤاده **** من كل معنى للتخاذل يأنف
 يا أمة ما زلت أنشد مجدها **** شعراً يطاوعني صداه ويسعف
 المجد مجدك إنما أزرى به **** راع يتيه وعالم يتزلّف
 وشبيبة هجرت مبادئ دينها **** وغدت لأفكار العدا تتلقّف
 يا زورق أحلام في بحر الأسى **** هذي يدي رغم القيود تجدف
 وبوارج الأعداء تختزن الردى **** ربّانها متطاول متعجرف
 واجهت يا أبتي الخطوب وعدتي **** قلب عصاميّ وحسٌ مرهف
 وتوجهٌ لله يجعل هامتي **** أعلى ، وإن جار الطغاة وأسرفوا أبتاه لن يحمي حمى أوطاننا **** إلا حسام لا يُفلّ ومصحفُ
 |