الشبهة رقم (39)
39- لِمَ انحرفَ أبو حيان الأندلسي عن ابن تيمية بعد أن كان يحبّه وقد امتدحه ؟
ابنُ تيميةَ حُبّبَ إليهِ الشذوذُ وخَرْقُ الإجماعِ من شدّةِ إعجابِهِ بنفسِهِ، ومنْ فَرْط إعْجَابهِ بِنفسِهِ أنه ذُكِرتْ مسئلةٌ نحْوِيةٌ عندَهُ فقيلَ له هكذا قالَ سيبويهِ فقالَ سيبويهِ يكذبُ، ومَن ابنُ تيميةَ في النَّحوِ حتى يكذّبَ إمامَ النحوِ لأنهُ خَالَفَ رأيَهُ، وهذا خفيفٌ بالنسبةِ لتخطئةِ عليّ بن أبي طالبٍ في سبعَ عَشرَة مسئلةً، فلهذا انحرَفَ عنه أبو حيانَ النحْويُّ بعد أنْ كَانَ يحبُّهُ وقد امتدَحَهُ بقصيدةٍ ثم لما رَأَى منهُ تكذيبَ سيبويهِ ورأى كتابَهُ الذي سَمَّاهُ كتابَ العرشِ الذي ذَكَرَ فيه أنَّ الله قاعدٌ على الكرسيّ وأَنَّهُ أَخْلَى موضعًا للرسولِ ليقعدَهُ فيه زادتْ كراهيتُهُ له فَصَارَ يلعنُهُ حتَّى ماتَ، ذكرَ ذلكَ الحافظُ محمدُ مرتضى الزبيديُّ، وأبو حَيَّانَ إمامٌ في القراءاتِ والنحوِ والتفسيرِ وله سماع من شيوخ الحديث.
الـــرد المــــفــصــل
تأمل كذب الأحباش. فقد زعموا أن ابن تيمية وصف سيبويه بأنه كذاب. والآن أنظر إلى كلام الحافظ ابن حجر: " قال ابن تيمية لأبي حيان (لم يكن سبيويه نبياً معصوماً). وقد دار هذا الجدل في النحو حين خطأ ابن تيميه سيبويه في مسائل فلما عارضه أبو حيان لذلك قال له ابن تيميه " لم يكن سبيويه نبياً معصوماً " .
قال ابن حجر " فأعتبر أبو حيان هذه الكلمة ذنباً لا يغتفر وكان هذا سبب مقاطعته إياه " (الدرر الكامنة1/152).
فمن الكذاب الآن أيها الأحباش؟ إما أنتم وإما الحافظ ابن حجر!!!
وأنا أرجح الأول نظرا لخبرتي القديمة بكم وبشيخكم الذي زعم أن الله أمر جبريل أن يوزع الشراب على المعازيم في السماء بمناسبة مولد محمد (المولد الشريف ص8و11).
الشبهة رقم (40)
40- لِمَ وَصَفَ الذهبيُّ ابنَ تيمية في رسالتِهِ "بيانُ زَغَلِ العلمِ والطَّلبِ" بأنّهُ أهلَكَهُ فَرْطُ الغرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءُ بالأكابرِ؟
وَصَفَ الذهبيُّ ابنَ تيمية في رسالتِهِ بيانُ زَغَلِ العلمِ والطَّلبِ بأنّهُ أهلَكَهُ فَرْطُ الغرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءُ بالأكابرِ وما قالَهُ الذهبيُّ صحيحٌ لأنَّ ابنَ تيميةَ انتقصَ سَيّدَنَا عليًّا بقولِهِ إنّ حروبَهُ ما نفعَتِ المسلمينَ بل ضَرَّتْهُم في دينِهم ودنياهُم، وبقولِهِ إن القتالَ مَعَهُ ليسَ بواجبٍ ولا مستحب، وابنُ تيميةَ يعلمُ أن الله تَعالى قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} وعليٌّ داخلٌ في هذِهِ الآيةِ بلْ هو أولُ من امتَثَلَ الأمرَ الذي في هذِهِ الآيةِ فقاتَلَ من بَغَى عَليه، وقد أجمعَ أهلُ السنةِ على أن عَليًّا مصيبٌ في حروبِهِ الثلاثةِ وقعةِ الجملِ ووقعةِ صِفّينَ ووقعةِ النَّهْروان، ويؤيدُ ذلك حديثُ رسول الله: "إن منكمْ من يقاتِلُ على تأويلِهِ كما قاتلتُ على تَنْزِيله"، فقيلَ: مَنْ هُوَ؟ فقالَ: "خَاصِفُ النعل"، وكانَ عليٌّ يخصِفُ نَعْلَهُ. ففي هذا الحديثِ تصويبُ قتالِ عليّ وهذا الحديثُ صحيحٌ ثابتٌ أخْرَجَهُ ابنُ حبانَ وغيرُه،وحديثُ أبي يعلى والبزار عن عليّ رضي الله عنه عَهِدَ إليّ النبي صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين اهـ. ورسالةُ الذهبيّ بيانُ زَغَلِ العلمِ والطلبِ صحيحةُ النسبةِ إليه لأنَّ الحافِظَ السَّخَاويَّ نَسَبَهَا للذهبيّ في كتابِهِ "الإعلانُ بالتوبيخِ لِمنْ ذَمَّ التاريخَ" وَنَقَلَ فيه بعضَ ما مَرَّ ذكرُهُ مِنْ وَصْفِهِ لابنِ تيميةَ بأنَّ فرطَ الغَرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءَ بالأكابرِ أهلكهُ، فلا التفاتَ إلى مَنْ يَنفي صحتَهَا ونسبَتَهَا إلى الذهبيّ بلا دليلٍ بل ليرضيَ أتباعَ ابنِ تيميةَ الوهابيةَ لأجلِ المَالِ.
الـــرد المــــفــصــل
هذا كذب. ولو كان الأحباش صادقون لأتوا بالنص ولكن هيهات. فليس في كلام الذهبي شيء مما يزعمون.
هذا ولا يخلو كتاب من كتب الذهبي إلا وتضمن أبلغ الثناء على ابن تيمية لا سيما بعد موته.
قال الذهبي في كتاب (دول الأسلام ص237)" وفي ذي القعدة توفي بالقلعة شيخ الاسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيميه الحراني ، عن سبع وستين سنة وأشهر ، وشيعه خلق أقل ما حزروا بستين ألفاً ، ولم يخلف بعده من يقاربه في العلم والفضل"
وقال " كان بحور العلم ومن الاذكياء المعدودين ، والزهاد والافراد الشجعان الكبار والكرماء الاجواد : أثني عليه الموافق والمخالف.. " نصر السنة بأوضح حجج وأبهر براهين ، واوذي في ذات الله من المخالفين ، واخيف في نصر السنة المحضة حتي أعلي الله منارة وجمع قلوب أهل التقوي علي محبته والدعاء له وكبت أعداءه وأحيا به الشام : بل والاسلام ، وهو أبر من أن ينبه علي سيرته مثلي فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني ما رأيت بعيني مثله (تذكرة الحفاظ4/1497).
وهذا نص كلام الذهبي في الكتاب الذي ذكروه:
قال الذهبي " فوالله ما رمقت عيني أوسع علماً ولا اقوي ذكاء من رجل يقال له ابن تيميه مع الزهد في المأكل والملبس والنساء مع القيام في الحق والجهاد بكل ممكن... مقتته نفوسهم وازدروا به وكذبوه وكفروه إلا للكبر والعجب وفرط الغرام في رياسة المشيخة ومحبة الظهور نسأل الله تعالي المسامحة ، فقد قام عليه أناس ليسوا بأروع منه ولا بأعلم منه ولا أزهد منه ، بل يتجاوزون عن ذنوب أصحابهم وأثام أصدقائهم . وما سلطهم الله عليه بتقواهم وجلالتهم بل بذنوبه ، وما دفع الله عنه وعن أتباعه أكثر وما جري عليهم إلا بعض ما يستحقون (كتاب زغل العلم 38 ).
أترك الحكم والتعليقق للقارئ وهو مسئول عند الله يوم القيامة على ما يحكم اليوم.
الشبهة رقم (41)
41- ما الدليل على أن رسالة الذهبي "بيان زغل العلم والطلب" صحيحة بالنسبة إليهِ؟
رسالةُ الذهبيّ بيانُ زَغَلِ العلمِ والطلبِ صحيحةُ النسبةِ إليه لأنَّ الحافِظَ السَّخَاويَّ نَسَبَهَا للذهبيّ في كتابِهِ "الإعلانُ بالتوبيخِ لِمنْ ذَمَّ التاريخَ" وَنَقَلَ فيه بعضَ ما مَرَّ ذكرُهُ مِنْ وَصْفِهِ لابنِ تيميةَ بأنَّ فرطَ الغَرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءَ بالأكابرِ أهلكهُ، فلا التفاتَ إلى مَنْ يَنفي صحتَهَا ونسبَتَهَا إلى الذهبيّ بلا دليلٍ بل ليرضيَ أتباعَ ابنِ تيميةَ الوهابيةَ لأجلِ المَالِ.
الـــرد المــــفــصــل
نحن ما أنكرنا صحة نسبة رسالة زغل العلم للذهبي. ولكننا عاتبون على نستنكر زغل الفهم والإنصاف عند الأحباش
الشبهة رقم (42)
42- ما الرد على تمسّك بعض الوهابية لدعوى ابن تيمية في رواية حديث الترمذي الذي فيه :"اللهمَّ شفّعْه فِيَّ وشفعني في نفسي" بأنَّه لا يتبرك بذات النبي؟
وأما تمسكُ بعضِ الوهابيةِ لِدعوى ابنِ تيميةَ هذه في روايةِ حديثِ الترمذيِ الذي فيه: "اللهمَّ شَفعْهُ فيَّ وشَفعني في نفسِي"، فلا يفيدُ أنه لا يُتبركُ بذاتِ النبي، بل التبركُ بذاتِ النَّبيّ إِجماعٌ لم يخالفْه إلا ابنُ تيمية، والرسولُ هو الذي قالَ فيه القائلُ:
وأبيضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بوجهِهِ = ثِمَالُ اليَتَامى عِصْمَةٌ للأَرَامِلِ
أَوْرَدَهُ البُخَاريُّ.
الـــرد المــــفــصــل
الآن وجد الأحباش رواية صحيحة من البخاري ولكن يا للعار. ترقبوا المفاجأة:
من هو قائل هذا البيت من الشعر: (وأبيض يستسقى الغمام بوجهه)؟
أتعرف أيها المسلم من قائل هذا البيت من الشعر: إنه أبو طالب كما في صحيح البخاري (رقم963) أن ابن عمر لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم تذكر قول أبي طالب.
أيها الأحباش: أتأخذون تفاصيل دينكم وعقيدتكم من أبي طالب؟
هل بلغ بكم العجز أن تجدوا شيئا صحيحا من قول نبي أو صحابي حتى لجأتم إلى أبي طالب ليساندكم في عقيدتكم؟
ولهذا دلستم وأخفيتم اسمه فقلتم: (والرسول هو الذي قال فيه القائل). خوفا من أن يكتشف الناس أن أبا طالب صار أحد مصادر عقيدتكم بعد الشيعة والأخطل النصراني الذي تعلمتم منه أن الاستواء معناه الاستيلاء
الشبهة رقم (43)
43- ما الدليل على أن تركَ التوسل بالنبي بعد موته ليس فيه دلالة على منع التوسل بغير الحيّ الحاضر؟
وأمَّا تَوسُّلُ عُمرَ بالعَبَّاسِ بعدَ مَوتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فليسَ لأَنَّ الرّسُولَ قدْ مَاتَ، بلْ كانَ لأجْلِ رِعَايةِ حَقّ قَرابَتِه مِنَ النَّبي صلى الله عليه وسلم، بدَليلِ قَولِ العبّاسِ حِينَ قَدَّمَهُ عُمَرُ: "اللّهُمَّ إنّ القَوْمَ تَوجَّهُوا بي إلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبيّكَ"، فَتَبيَّنَ بُطْلانُ رأْيِ ابنِ تَيْمِيَةَ ومَنْ تَبِعَهُ مِنْ مُنْكِرِي التَّوسُلِ. رَوى هذا الأَثَرَ الزُّبَيرُ بنُ بكَّار كما قالَ الحافظُ ابن حجر، ويُسْتَأنسُ لَهُ أَيضًا بِما رَواهُ الحاكِمُ في المستَدْرَكِ أنَّ عُمرَ رَضِيَ الله عَنْهُ خَطَب النَّاسَ فقالَ: "أيُّها النَّاسُ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَرَى للعَبّاسِ مَا يَرَى الولَدُ لِوَالدِه، يُعَظّمُهُ ويُفَخّمُهُ ويَبَرُّ قَسَمَهُ، فاقْتَدُوا أيُّها النّاسُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم في عَمّهِ العبَّاسِ واتّخِذُوه وسِيلةً إلى الله فِيما نَزَلَ بكُم"، فَهذا يُوضِحُ سَببَ تَوسُّلِ عُمَرَ بالعَبّاسِ.
يُفهَمُ من هذا أن توسُّلَ عمر بالعبَّاسِ كانَ لرعايةِ حَقّ قرابتِهِ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فتركُ عمرَ التوسُّل بالنَّبي في ذلكَ الموضِعِ ليسَ فيه دلالةٌ على منعِ التَّوسُّلِ بغيرِ الحيّ الحاضِرِ، فقد تَرَكَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا من المباحَاتِ فهل دلَّ تركُهُ لهَا على حرمتِها؟ وقد ذَكَرَ العلماءُ في كتبِ الأصولِ أن تركَ الشَّىءِ لا يَدُلُّ على منعِهِ. وقد أرادَ سيدنا عمرُ بفعلِهِ ذلكَ أن يبيّنَ جوازَ التَّوسُّلِ بغيرِ النبيّ صلى الله عليه وسلم من أهلِ الصَّلاحِ ممَّن تُرجَى بركتُهُ، ولذا قالَ الحافظُ ابن حجرٍ في فتحِ الباري عَقِبَ هذه القصَّة ما نصُّه: "يستفادُ من قصةِ العبّاسِ استحبابُ الاستشفاعِ بأهلِ الخيرِ والصَّلاحِ وأهلِ بيتِ النُّبوَّةِ".اهـ.
الـــرد المــــفــصــل
الرواية هذه حجة عليكم. فإنها ظاهرة في أن العباس قام ودعا الله للقوم. وأما قول العباس فيما نقله الأحباش (اللّهُمَّ إنّ القَوْمَ تَوجَّهُوا بي إلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبيّكَ) فمعناه أنهم خصوه بأن يدعو الله لهم لمكانه من النبي صلى الله عليه وسلم. فاجتمع في العباس المكانة والدعاء. نحن نعترف بالمكانة وأنتم تتجاهلون الدعاء الذي يثبت أن التوسل يكون بدعاء المتوسل به لا بذاته ولا بمكانته فقط. والتوسل بالذوات منعه أبو حنيفة وخصه العز بن عبد السلام بالنبي فقط دون غيره وأنتم أطلقتموه في الجميع وخالفتم أبا حنيفة والعز بن عبد السلام.
وأما ما نقلتموه عن الحافظ « يستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح ». فإن الشفاعة عند الحافظ معناها الدعاء. بدليل ما نقله واستحسنه الحافظ نفسه من كلام الحافظ ابن عبد البر أن يونس بن عبد الأعلى كان ممن « يستسقى بدعائه» (تهذيب التهذيب11/387).
والشفاعة معناها الدعاء كقول الأعمى (اللهم شفعه فيّ) وكان قد سأل النبي قائلا (أدع الله أن يرد لي بصري) فقال له النبي (إن شئت دعوت لك وإن شئت صبرت ولك الجنة) فقال الأعمى (بل أدعه).
وقال النبي ومعنى الشفاعة الدعاء . فعن أنس وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شُفّعوا فيه " وفي رواية ابن عباس " ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفّعهم الله فيه " وفي رواية (ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شُفّعوا فيه).
والمصلون على الميت يدعون له وليست شفاعتهم للميت لمكانتهم وإنما بدعائهم وصلواتهم.
وأما رواية (أيُّها النَّاسُ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَرَى للعَبّاسِ مَا يَرَى الولَدُ لِوَالدِه) فهي ضعيفة. فيها داود بن عطاء المدني. ضعيف كما في التقريب للحافظ ابن حجر (1801). ورواه الحاكم (المستدرك3/334) وتعقبه الذهبي قائلا » داوود بن عطاء متروك».
الشبهة رقم (44) ، (45)
44- ما الردّ على دعوى بعض المشوشين أنّ الحديث المذكورَ في إسنادِه أبو جعفر هو رجل مجهول؟
لا التِفَاتَ بَعْدَ هَذا إلى دَعْوَى بَعْضِ هَؤلاءِ المُشَوّشِيْنَ أنَّ الحدِيثَ المذْكُورَ في إسنَادِهِ أبو جَعْفَرٍ وهوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، ولَيْسَ كَما زَعَمُوا بل أبو جَعْفرٍ هَذا هُوَ أبو جَعْفَرٍ الخِطْمِيُّ ثِقَةٌ.
الـــرد المــــفــصــل
45- ما الردّ على دعوى ناصر الدين الألباني أن مراد الطبرانيّ بقوله:"والحديث صحيح" القدر الأصلي وهو ما فعله الرجل الأعمى في حياة رسول الله فقط وليس مراده ما فعله الرجل أيام عثمان بن عفان بعد وفاة الرسول؟
وكذلكَ دَعْوَى بَعْضِهم وهوَ نَاصِرُ الدّينِ الأَلْبانيُّ أنَّ مُرادَ الطَّبرَانيّ بقَولِه: "والحدِيْثُ صَحِيْحٌ" القَدْرُ الأَصْلِيُّ وهوَ مَا فَعلَهُ الرَّجُلُ الأَعْمَى في حَياةِ رسُولِ الله فَقَط، وَلَيْسَ مُرادُه ما فَعلَهُ الرَّجُلُ أيّامَ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ بَعْدَ وفاةِ الرسولِ وهذا مردودٌ، لأَنَّ عُلَماءَ المُصْطَلح قَالُوا: الحَدِيْثُ يُطلَقُ علَى المَرْفُوعِ إلى النّبيّ والمَوقُوفِ على الصَّحابَةِ، أي أنَّ كَلامَ الرسولِ يُسَمَّى حَدِيْثًا وقَولَ الصَّحابِيّ يُسَمَّى حَدِيثًا، ولَيسَ لَفْظُ الحَدِيثِ مَقْصُورًا على كلامِ النّبيِ فَقط في اصطلاحهم، وهَذا المُمَوِّهُ كلامُهُ لا يُوافِقُ المُقَرَّرَ في عِلْمِ المُصْطَلَحِ فَليَنْظُرْ مَنْ شَاءَ في كِتَابِ تَدْرِيْبِ الرَّاوِي والإفْصَاحِ وغَيرِهما مِن كُتُبِ المُصْطَلَحِ، فإنَّ الألبانيَّ لم يجرهُ إلى هذهِ الدَّعوى إلا شِدة تعصبهِ لهواهُ وعَدم مبالاتِهِ مخالفة العلماءِ كَسَلَفِهِ ابن تيمية.
وقَد نَصَّ على ذلكَ غَيرُ وَاحدٍ مِنْ عُلَماءِ الحَديثِ، مِنْهُم الحَافِظُ ابنُ حَجر العَسْقَلانيُّ كما نقلَ عنه السيوطيُّ في تَدْرِيبِ الرّاوِي، وابنُ الصَّلاحِ في مُقَدّمَتِهِ في عُلومِ الحَديثِ.
الـــرد المــــفــصــل
أولا: قد سبق الألباني عدة من العلماء إلى هذا التفريق.
فوصف الهيثمي هذه الرواية المتعلقة بعثمان بن عفان والملحقة بحديث الأعمى بأنها (قصة) (مجمع الزوائد2/297).
ووصف الحافظ المنذي الرواية بأنها قصة (الترغيب والترهيب1/272).
غير أن الأحباش يخدعون الناس فيطلقون على وصف القصة بالحديث لتدخل ضمن قول الطبراني (والحديث صحيح).
ولكن جاء البيهقي (الأشعري) ليبطل دعواهم. فقد روى الحديث وصححه. ثم فصل عنه القصة ولم يصححها. فلماذا صحح الحديث وسكت عن تصحيح القصة؟
الجواب هذه القصة ضعيفة السند وفيها إبن وهب وقد ضعفه الحافظ ابن حجر قائلا
قال ابن عدي والذهبي والحافظ المزي « حدث عنه بن وهب - أي عن شبيب بن سعيد - بالمناكير» (الكامل في ضعفاء الرجال4/31 تهذيب الكمال21/361 ميزان الاعتدال3/361 مقدمة فتح الباري ص409).
ولهذا قال الحافظ « بأس بحديثه - أي شبيب - من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية بن وهب » (تقريب التهذيب2739).
فكيف تدخل الرواية في تصحيح الحديث وفيها هذا الراوي الضعيف؟
ثانيا: أن الحديث والأثر يمكن استعمال كل واحد منها للآخر ما داما مفترقين. أما إذا اجتمع حديث وأثر في نص واحد فلا بد من التفريق بينهما منعا للتلبيس الذي يستغله الأحباش في رواية الأعمى
الشبهة رقم (46)
46- حديث :"إذا سألْت فاسألِ اللهَ وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله" ليس فيه دليل على منع التوسل بالأنبياء والأولياء. اشرح ذلك.
أَمَّا حَدِيثُ ابنِ عَبّاسٍ الذي رواهُ التّرمذيُّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لهُ: "إذَا سَألْتَ فاسْألِ الله وإذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِن بالله" فلََيسَ فيهِ دَليلٌ أيْضًا علَى مَنْعِ التَّوسُّلِ بالأَنبياءِ والأَوْلياءِ لأنَّ الحديثَ معناهُ أن الأوْلى بأن يُسألَ ويُسْتَعانَ بهِ الله تَعالى، وليسَ مَعناهُ لا تَسْألْ غيرَ الله ولا تَسْتَعِنْ بغَيْرِ الله. نَظِيْرُ ذَلِكَ قَولُه صلى الله عليه وسلم: "لا تُصَاحِبْ إلا مُؤْمِنًا ولا يأكُلْ طَعامَكَ إلا تَقِيٌّ"، فكَما لا يُفهَمُ مِنْ هَذا الحَديثِ عَدَمُ جَوازِ صُحْبَةِ غَيرِ المُؤمنِ وإطْعامِ غَيرِ التَّقِيّ، وإنَّما يُفْهَمُ مِنهُ أنَّ الأَوْلَى في الصُّحبَةِ المُؤمنُ وأنَّ الأَوْلَى بالإطْعامِ هُوَ التَّقيُّ، كذلكَ حَديثُ ابنِ عبَّاسٍ لا يُفهَمُ مِنهُ إلا الأوْلَوِيّةُ وأمّا التَّحريمُ الذي يدعونه فلَيسَ في هَذا الحَدِيثِ.
الـــرد المــــفــصــل
هل الدعاء عبادة أم لا؟
وإذا أجبتم بنعم: فكيف يكون صرف هذا العبادة لغير الله جائزا مع الكراهة؟
أنتم لم تقولوا ذلك إلا لأن الدعاء عندكم ليس عبادة وهو مخالفة صريحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم .
كيف تكون الاستغاثة بغير الله مكروهة وقد حكى شيخكم الرفاعي أن " أحد الصوفية استغاث بغير الله فغضب الله منه وقال: أتستغيث بغيري وأنا الغياث؟" (كتاب "حالة أهل الحقيقة مع الله ص92). فلماذا يغضب الرب؟ ألأن الاستغاثة بغيره مكروهة أم محرمة؟
هذا تحليل حبشي مبتدع مخالف لأقوال العلماء لم أعهد عالما معتبرا قال به.
قال الحافظ ابن رجب " قوله صلى الله عليه وسلم (إذا سألت فاسأل الله) منتزع من قوله تعالى [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين] لأن الدعاء هو العبادة، وتلا قوله تعالى [وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم] (جامع العلوم والحكم 281).
وقال السبكي في قوله تعالى [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] " هذه الآية تفيد العلم بأنه لا يستعان غير الله" وأكد أن تقديم المعمول يفيد الاختصاص.
وإذا كان الحديث منتزعا من آية (إياك نعبد وإياك نستعين) كان ذلك أكبر قرينة على التحريم. والسبكي لغوي عندكم.
وقد نقل السبكي الابن (طيقات الشافعية9/92) قول ابن القماح:
فاضرع إلى الله الكريم ولا تسل = بشراً فليس سواه كاشـف الضر
وقولكم بأن الحديث يفهم منه كراهية الاستغاثة بغير الله لا تحريمها يؤكد أن الاستغاثة بغير مكروهة عندكم. فكيف تاتون لها بالأدلة من كتاب وسنة ثم تقولون هي مكروهة؟
وأما حديث (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) فهل صحبة أهل السوء عندكم مكروهة أم محرمة؟
وأما موضوع الإطعام فمكروه بالقرائن كقوله تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) والأسير هو الحربي الكافر.
الشبهة رقم (47)
47- ما الدليل على أنّ حديث ابن عباس لو ورد بلفظ النهي فليس كل أداة نهي للتحريم؟
المتوسلُ القائلُ "اللهم إني أسألكَ بنبيكَ أو بأبي بكرٍ أو بأويسٍ القَرني أو نحوِ ذلك سأَلَ الله لم يسأل غيرهُ فأينَ الحديث وأين دعواهُم، ثم إن الحديثَ ليس فيه أدَاة نهي لم يَقُل الرسولُ لابنِ عبّاسٍ لا تسأل غيرَ الله ولا تَستَعِن بغيرِ الله، ولو وَرَدَ بلفظِ النهي فليسَ كل أداة نهي للتحريمِ كحديثِ الترمذي وابنِ حبانَ: "لا تُصَاحِب إلا مؤمنًا ولا يَأكُل طعامَكَ إلا تَقيٌّ"، فهذا الحديثُ مع وجودِ أداةِ النهي فيه ليسَ دليلاً على تحريمِ أن يطعمَ الرجلُ غير تقي، وإنما المعنَى أن الأولى أن تطعمَ طعامَكَ التقيَّ. فكيفَ تَجَرأت الوهابيةُ على الاستدلالِ بهذا الحديثِ لمنعِ التوسلِ بالأنبياءِ والأولياءِ، ما أجرأَهُم على التحريمِ والتكفيرِ بغيرِ سببٍ، ومن عَرَفَ حقيقتَهُم لا يَجعل لكلامِهِم وزنًا.
الـــرد المــــفــصــل
أما التوسل بأويس القرني فقد قيده الرسول بمن يلقاه وهو حجة على أن التوسل يكون بحضور المتوسل به. وهو من أكبر الحجج الدامغة على بطلان التوسل من بعد.
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أويس (فمن لقيه منكم فليستغفر لكم) [رواه مسلم] ولذلك لما لقيه عمر بن الخطاب طلب منه أن يستغفر له. ولم يطلب منه ذلك عن بعد.
يتبع بإذن الله.