عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 08-01-2010, 09:08 PM
عبد العزيز النجدي عبد العزيز النجدي غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
مكان الإقامة: السعودية
الجنس :
المشاركات: 31
افتراضي رد: خواطر وجواهر من ابن الجوزي إلى طلاب العلم ..

{12}

* فصل [لا تقصر همتك في فن واحد]


قد ثبت بالدليل شرف العلم و فضله ، إلا أن طلاب العلم افترقوا ، فكل تدعوه نفسه إلى شيء .
فمنهم من أذهب عمره في القراءات ، و ذلك تفريط في العمر ، لأنه إنما ينبغي أن يعتمد على المشهور منها لا على الشاذ .
ما أقبح القارىء يسأل عن مسألة في الفقه و هو لا يدري . و ليس ما شغله عن ذلك إلا كثرة الطرق في روايات القراءات .
و منهم من يتشاغل بالنحو و علله فحسب ، و منهم من يتشاغل باللغة فحسب . و منهم من يكتب الحديث ، و يكثر و لا ينظر في فهم ما كتب .
و قد رأينا في مشايخنا المحدثين من كان يسأل عن مسألة في الصلاة فلا يدري ما يقول .
و كذلك القراء ، و كذلك أهل اللغة و النحو .و حدثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه ، قال : حدثني ابن المنصوري ، قال : حضرنا مع أبي محمد بن الخشاب ، و كان إمام الناس في النحو و اللغة ، فتذاكروا الفقه فقال : [ سلوني عما شئتم ] ، فقال له رجل : إن قيل لنا رفع اليدين في الصلاة ما هو فماذا نقول ؟ فقال : [ هو ركن ] ! فدهشت الجماعة من قلة فقهه .
و إنما ينبغي للعاقل أن يأخذ من كل علم طرفاً ثم يهتم بالفقه .
ثم ينظر في مقصود العلوم ، و هو المعاملة لله سبحانه ، و المعرفة به ، و الحب له .
و ما أبله من يقطع عمره في معرفة علم النجوم ، و إنما ينبغي أن يعرف من ذلك اليسير و المنازل لعلم الأوقات ، فأما النظر فيما يدعى أنه القضاء و الحكم فجهل محض لأنه لا سبيل إلى علم ذلك حقيقة و قد جرب فبان جهل مدعيه .
و قد تقع الإصابة في وقت . و على تقدير الإصابة لا فائدة فيه إلا تعجيل الغم .
فإن قال قائل : يمكن دفع ذلك فقد سلم أنه لا حقيقة له .
و أبله من هؤلاء من يتشاغل بعلم الكيميا فإنه هذيان فارغ . و إذا كان لا يتصور قلب الذهب نحاساً لم يتصور قلب النحاس ذهباً .
فإنما فاعل هذا مستحل للتدليس على الناس في النقود . هذا إذا صح له مراده .
و ينبغي لطالب العلم أن يصحح قصده ، إذ فقدان الإخلاص يمنع قبول الأعمال .
و ليجتهد في مجالسة العلماء ، و النظر في الأقوال المختلفة ، و تحصيل الكتب ، فلا يخلو كتاب من فائدة .و ليجعل همته للحفظ ، و لا ينظر و لا يكتب إلا وقت التعب من الحفظ .
و لحيذر صحبة السلطان ، و لينظر في منهاج الرسول صلى الله عليه و سلم و الصحابة و التابعين ، و ليجتهد في رياضة نفسه و العمل بعلمه ، و من تولاه الحق وفقه [359]
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 13.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.84 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (4.56%)]