[ التفقه على طريقة ابن بدران]
واعلم أن للمطالعة وللتعليم طرقا ذكرها العلماء , وإننا نثبت هنا ما أخذناه بالتجربة , ثم نذكر بعضا من طرقهم, لئلا يخلو كتابنا هذا من هذه الفوائد.
إذا تمهد هذا فاعلم أننا اهتدينا _بفضله تعالى_ أثناء الطلب إلى قاعدة , وهي أننا كنا نأتي إلى المتن أولا, فنأخذ منه جملة كافية للدرس , ثم نشتغل بحل تلك الجملة من غير نظر إلى شرحها , ونزاولها حتى نظن أننا فهمنا , ثم نقبل على الشرح فنطالعه المطالعة الأولى امتحانا لفهمنا, فإن وجدنا فيما فهمناه غلطا صححناه , ثم أقبلنا على تفهم الشرح على نمط ما فعلناه في المتن , ثم إذا ظننا أننا فهمناه راجعنا حاشيته _إن كان له حاشية_ مراجعة امتحان لفكرنا , فإذا علمنا أننا فهمنا الدرس تركنا الكتاب واشتغلنا بتصوير مسائله في ذهننا , فحفظناه حفظ فهم وتصور , لا حفظ تراكيب وألفاظ , ثم نجتهد على أداء معناه بعبارات من عندنا , غير ملتزمين تراكيب المؤلف , ثم نذهب إلى الأستاذ للقراءة , وهنالك نمتحن فكرنا في حل الدرس , ونقٍوم ما عساه أن يكون به من اعوجاج , ونوفر الهمة على ما يورده الأستاذ مما هو زائد على المتن والشرح .
وكنا نرى أن من قرأ كتابا واحدا من فن على هذه الطريقة سهل عليه جميع كتب هذا الفن , مختصراتها ومطولاتها , وثبتت قواعده في ذهنه , وكان الأمر على ذلك .