عرض مشاركة واحدة
  #520  
قديم 16-05-2006, 10:05 PM
الصورة الرمزية منيبة الى الله
منيبة الى الله منيبة الى الله غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
مكان الإقامة: ----
الجنس :
المشاركات: 3,863
الدولة : Belgium
افتراضي

تفسير الاّيات من (75-71) من سورة البقرة

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71)
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72)
فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)
أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)



((قَالَ)) موسى (عليه السلام): ((إِنَّهُ)) سبحانه ((يَقُولُ إِنَّهَا))، أي البقرة التي أمرتم بذبحها ((بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ)) يذلها العمل، ((تُثِيرُ الأَرْضَ))، أي تعمل وتكرب لإثارة الأرض، ((وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ)) الحرث الزرع، فلا تسقيه بالناعور، والدلاء، والمعنى أن لا تكون عاملة، ((مُسَلَّمَةٌ))، أي سالمة لا نقص فيها، فهي بريئة من العيوب ((لاَّ شِيَةَ)) من الوشي بمعنى اللون ((فِيهَا))، أي لا لون فيها يخالف لونها، وهذا ليس تأكيد لما سبق، إذ كونها صفراء لا تدل على عدم الوشي فيها، ((قَالُواْ)) لموسى (عليه السلام): ((الآنَ)) وبعد هذه التوضيحات لصفات البقرة ((جِئْتَ بِالْحَقِّ)) الواضـح، أو بما هو حق الكلام مقابل الإجمال الذي قاله (عليه السلام) سابقا بقوله "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة"، ((فَذَبَحُوهَا))، أي ذبح اليهود تلك البقرة المأمور بذبحها، ((وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ))، أي كاد أن لا يذبحوا تلك البقرة لغلاء ثمنها، فإنها انحصرت في بقرة واحدة، لم يعطها صاحبها إلا بثمن فاحش.
((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا)) ادارأتم بمعنى اختلفتم، وأصله تدارأتم، ((وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ)) من أمر القاتل، وإنه مَنِ القاتل، ولماذا قتل.


((فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ))، أي اضربوا القتيل ((بِبَعْضِهَا))، أي ببعض البقرة المذبوحة التي أمروا بذبحها، ((كَذَلِكَ)) أي مثل هذا الإحياء ((يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى)) في يوم القيامة، فإن القتيل لما ضرب بالبقرة قام حيا وأوداجه تشخب دما، وأخبر بسبب قتله وبالذي قتله، ((وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ)) في الكون وفي أنفسكم، أو بمعنى يريكم معجزاته، ((لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))، أي كي تستعملوا عقولكم.
ولعل وجه تأخير آية "وإذ قتلتم" على الآيات السالفة - مـع أن النظم يقتضي تقديمها - إن السياق لبيان لجاجة اليهود وعدم إطاعتهم الأوامر، فكان المقتضى تقديم ما يدل على ذلك.
((ثُمَّ)) من بعد ما رأيتم هذه الآيات أيها اليهود ((قَسَتْ قُلُوبُكُم))، أي غلظت ((مِّن بَعْدِ ذَلِكَ)) المذكور من آيات الله تعالى، أو من بعد ذبح البقرة، وما رأيتم من إحياء الله الميت، ((فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ)) في القسوة للمعقول بالمحسوس ((أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً))، وبين سبب أشديتها قسوة بقوله: ((وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا)) اللام للتأكيد، و"ما" موصولة، أي الحجر الذي ((يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ)) فيكون مبعثا للخير نافعا، بخلاف قلوبكم التي لا يأتي منها إلا الشر، ((وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ)) أصله تشقق ((فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء))، فيكون عينا وإن لم يجْرِ، وبهذا يفترق عن السابق، وهو ما يتفجر منه الأنهار، ((وَإِنَّ مِنْهَا))، أي من الحجارة ((لَمَا يَهْبِطُ))، أي ينزل من الجبل ويسقط ((مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ))، فإن كل حجارة تسقط، لابد وأن تكون سقطتها بإذن الله ومن خشيته خشية واقعية أو تشبيه، كالذي يخشى كثيرا فيسقط على وجهه، وقلوبكم أيها اليهود أقسى من تلك الحجارة، إذ لا تخشى من الله سبحانه، ولا تتواضع لعظمته ((وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) أيها اليهود، فيجازيكم بسيئات أعمالكم.

((أَفَتَطْمَعُونَ)) أيها المسلمون ((أَن يُؤْمِنُواْ))، أي يؤمن اليهود ((لَكُمْ))، أي لنفعكم، إذ كل من آمن يكون في نفع المؤمنين السابقين، أو بمعنى الإيمان بمبادئكم، وهذا استفهام انكاري، أي لن يؤمن هؤلاء اليهود بالإسلام، ((وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ)) أي من هؤلاء، وهم أسلافهم، وإنما صحت النسبة إليهم، أن الأمة الواحدة والقبيلة الواحدة تكون متشابهة الأعمال والأفعال والأقوال، ((يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ)) الذي يتلوه الأنبياء عليهم، ((ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ)) بالزيادة والنقصان لفظاً أو معنىً، كما هو المتعارف عند من يريد نقل كلام لا يرتضيه، فإنه إما أن ينقص فيه أو يزيد - لو وجد إلى ذلك سبيلا - وإما أن يفسره بغير ما أراد المتكلم ((مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ))، وفهموه ((وَهُمْ يَعْلَمُونَ))، فكيف يؤمن هؤلاء الذين كانوا يعملون بكلام الله بعد تعقل هذا العمل
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.17 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]