أُدعوا الله أن يحفظكم من جَهْد البلاء
السلام عليكم ورحمة الله،
فهذا دعاء مأثور مهم يحتاج أن يحفظه كل مسلم، وأن يُكثر من الدعاء به :
"اللهم إني أعوذ بك من جَهْد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء".
فلما كان العيش في الدنيا محفوفا بالبلايا والمحن. ولما كان هناك من الابتلاءات ما لا يطيقه بشر كائنا من كان وحتى لو كان من أقوى البشر وأصلبهم، وهي ابتلاءات مهلكة وهي التي تسمى بجَهْد البلاء. كان من الضروري على المسلم أن يتجنب هذه الابتلاءات بالأخذ بأسباب السلامة، وبكثرة الدعاء بهذا الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبأن يتجنب وضع نفسه اختيارا في الأماكن التي يُبتلى فيها بما لا يطيق، كما قال عليه الصلاة والسلام : "لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه" قالوا: وكيف يذل نفسه ؟ قال: "يتعرض من البلاء لما لا يطيق".
لذلك المسلم عليه أن يأخذ بما يقدر عليه، وأن يتبع طريق اليسر وذلك فيه اعتراف باطن لله بالضعف، ومن يتعرض من البلاء ما لا يطيق اختيارا وبدون ضرورة فكأنه يدّعي على الله القوة، ولذلك فهو يُبتلى بما لا يُبتلى به غيره حتى يعرف حقيقة نفسه، ويعرف أن اتباعه لأمر الله ومراده منه : "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" هو السبيل الوحيد له، ويقبل برخص الله ولا يدّعيَ أنه لا يحتاج رخص الله، لأن ادعاء عدم الحاجة إلى رخص الله هو في الحقيقة قَدح باطن في حكمة الله في التخفيف علينا. وأيضا الذي يأخذ بالعسر عوض اليسر هو يعارض إرادة الله الشرعية بنا : "يريد الله بكم اليسر"، ومن يعارض إرادة الله سواء الكونية أو الشرعية فإن الله تعالى يبتليه حتى إما يرجع عما هو عليه إلى ما يريد الله به وإما يُهلَك لأن وجوده فيه ضرر على غيره. كما أن من يرفض أن يعبد الله اختيارا أُجبر على ذلك كرها.
فمن رَحمَ نفسَه والناسَ رحمه الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم! فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم"
|