عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-05-2006, 09:03 PM
الصورة الرمزية الورده الحمراء
الورده الحمراء الورده الحمراء غير متصل
مشرفة ملتقى الشعر والخواطر
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: بُيــنٌ ذكٌريــاُتـــيِ ...
الجنس :
المشاركات: 3,765
Icon1 ياعيني فلتذرفي الدموع

يا عيني فلتذرفي الدموع

لي أصحاب مسافرين معي قد تجهزوا وما تجهزت معهم ، لقد حملوا طيبات كثيرة وما حملت .... لا ، بل لي حمل أثقل كاهلي ... حمل يضر ولا ينفع .. فليت شعري ما الذي جعلني أحمل ما يضر ولا ينفع ؟

ثم ليت شعري إنَّ صحبي حولي أراهم قد حملوا الطيبات فسعدوا وارتاحوا ... أما نفوسهم فراضية مطمئنة ، وأما نفسي فحزينة متألمة..

كم مرة ٍ راودتني نفسي أن أكون معهم ؟

لكن خطواتي ثقيلة لا تتقدم نحوهم !!

فقلت لها يا نفسي إن لم تتحركي من أجل ما ينفعك فلا أقل من أن تتخلصي مما تحملين .


يا نفس لكم أثقلك ما تحملين ... يا نفس لكم ضرك وما نفعك... فلماذا تواصلين الحمل ؟

فلم تجبني..
فناديت : يا عيني فلتذرفي الدموع .

قرب وقت السفر واشتد الجمع له ، فمن حولي أمثال دوي خلية النحل من العمل والسعي الدءوب من أجل السفر .

نعم لأنه ليس سفرا ً مهما ً وفقط ، بل أهم سفر سنسافره جميعا ً ... إنه السفر للآخرة ، وهل هناك سفر أهم منه ؟

لا وألف لا ... إنه أهم سفر منذ ولدتنا أمهاتنا ... سفر ٌ لا رجعة فيه .. فحق له أن يكون أهم سفر في حياتنا .

ومع هذا فلم يحركني كل هذا ، فناديت يا عيني فلتذرفي الدموع .

تقاربت الأيام ولكن اليوم ليس ككل يوم..

أحس ذلك ولكن لا أدري لماذا ؟

لكن هال عيني ما رأت من هذا ؟ من هؤلاء ؟

أحقا ً هي النهاية ؟ هل بدأ السفر ؟

ما بال أطرافي قد بردت ؟

لقد أيقنت أنها النهاية ... نعم بدأ السفر ، ولكـن أين الزاد ؟ أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟ .... أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟

لكن أشغلني أمرٌ آخر .. لقد وجدتني أحمل حملاً سيئا ... إنه فرصة للتخلص منه ، ولكن مالي لا أستطيع ؟

هل أنادي يا عيني فلتذرفي الدموع ؟

لكن حتى هذه لا أستطيع .

اللسان لا يتحرك ، والجسد كله هامد ، فلا إله إلا الله .

" كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق "

" فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ ٍ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون "

أفي هذه اللحظة توبة ؟ كلا وربي .

ما هذا ؟ وإلى أين ؟ إنه عالم جديد كل من يدخله يوزن بما معه من زاد .

لقد هالني ذلك عن النوم على التراب ، ومفارقة الأحباب ، لكن كل هذا يهون أمام الميزان ...

أين الزاد أين ؟ أين ؟
ولكن يا ويحي مما أحمل .. أتراني سأضعه في الميزان أيضا ً ؟

ياعيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله أن تحق الحاقة وتقرع القارعة فإذ بالأرض قد زلزلت زلزالها ، وأخرجت أثقالها ، فقمت مع من قاموا حفاة عراة غرلا .
فيا لهول ما أرى ... إن منهم من يغطي العرق نصفه ومنهم يلجمه العرق ، ومنهم من يحمل أوزارا ً مثل الجبال ولكن أين؟؟
إنه يحملها على ظهره يسعى بها إلى الحشر .

ومنهم من يطوق أرضا ً ... في رقبته ولكن أي أرض ؟ إن شبرا ً من أرض الدنيا يطوق اليوم في الرقبة إلى سبع أراضين .
وها أنا كم أحمل ... فيا عيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله ـ بعد وقوف طويل ـ أن يفصل بين الخلائق فتطايرت الصحف فآخذ ٌ باليمين وآخذ بالشمال ، فإلى أين هؤلاء ؟ وإلى أين أولئك ؟

أهل اليمين في نعيم مقيم ... فأطلق لخيالك العنان ليسبح في هذا النعيم حتى يصل إلى غايته ، فهناك تعرف أنه أعلى من ذلك كيف لا ؟ وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

أما أهل الشمال فـ " في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم " ...

ينادى على أحدهم " خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه " .

فحدِّث ولا حرج ... تقرح العيون ، وتفطر القلوب ، وتهتك الجلود ، ولكن ... " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " .

فعفوك يا رب الأرباب .

أخي وحبيبي ..... أرجوك لا تنادي : يا عيني فلتذرفي الدموع ؛ فأمامك الفرصة بعد أن عدت من رحلتك تلك ـ إن شاء الله ـ بالعِبرة .

وإلى لقاء مع أهل اليمين أسأل الله أن يجمعنا هناك .



__________________
بَدَأت الشّمْعَه تَنْطَفِـئ ,,
وسَيَبقَى أثَرُهـا لِمن سَيَتَذكّرُهـا
/ ,,/
الْحَمـْـدُ لِلَّه
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يَلِيقُ بِـ/جَـلالِ وَجْهِـهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِـه
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.80%)]