6_أصناف الجن:
* الجن أصناف متعددة:
- منهم الصالح وغير الصالح:
قال الله تعالى إخباراً عن قول الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11].
- ومنهم المسلم والكافر:
قال الله تعالى إخباراً عن قول الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ(1) فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا(2)* وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن:14-15].
{وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130].
- والجن أصحاب آراء مختلفة ومشارب متفرقة وطرق متعددة، قال الله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (3)} [الجن: 11].
____________________
(1) الجائرون بكفرهم العادلون عن طريق الحق.
(2) خيراً وصلاحاً ورحمة.
(3) مذاهب متفرقة ومختلفة.
____________________
- إبليس من الجن. قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ(1) عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50].
- الكافر من الجن يسمى شيطاناً قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112].
7_عداوة الشيطان للإنسان
قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6].
ومن عداوة الشيطان للإنسان:
أنه يزين للإنسان أعماله من كفر وطغيان وفساد، قال الله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 63].
وقال تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} [النمل: 24].
وأنَّ الشيطان يثير ويوقع العداوة والبغضاء بين الناس، ويصد عن سبيل الله.
قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ} [المائدة: 91].
وأنَّ الشيطان يوقع الشرور ويفسد ذات البين: قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ(2) بَيْنَهُمْ} [الإسراء: 53].
وأن الشيطان يعد الإنسان بالفقر واليأس ويأمره بالفحشاء: قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268].
وأن الشيطان يسعى في تحزين الإنسان: قال الله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: 10].
وأن الشيطان يقذف في قلب الإنسان الظنون السيئة والأباطيل:
عن الحسين بن علي رضي الله عنهما أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت لأنقلب(3) فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
____________
(1) خرج عن طاعة الله.
(2) يفسد ويهيِّج الشر.
(3) لأرجع.
___________
"على رِسلكما(1)، إنها صفية بنت حُييَّ"، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال:" إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً - أو قال شيئاً(2) -" متفق عليه.
وأن الشيطان يوسوس للإنسان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدَكم فيقول: من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربَّك؟ فإذا بلغه فلتستعذ بالله ولينته".
والمعنى فليترك هذا الخاطر الباطل، وليفكر بالأمر الحق، لئلا يسيطر عليه الشيطان بذلك الوسوسة الفاسدة.
8- مدى تأثير الشيطان على الإنسان:
إن الشيطان ليس له سلطان على الذين آمنوا، فلا سبيل له عليهم إنما سبيله على الذين اتبعوه قال الله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42].
عمل الشيطان في نفس الإنسان ينحصر بالوسوسة الخفية، فالمؤمن يطرد هذه الوسوسة بفضل الإستعاذة بالله والذكر، أما غير المؤمن فيستجيب لوسوسة الشيطان وينساق إلى طريقه، فيتسلط الشيطان عليه، ويمده في الغيِّ ويزين له الشر والضلالة.
قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ(3) مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ(4) فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ(5) مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا(6) فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ(7) ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ(8)} [الأعراف: 200-202].
9- هل الجن تخبر بعلوم أو أخبارغيبية أو غير غيبية للإنسان :
العلوم والأخبار على قسمين:
القسم الأول: علوم تتعلق بالأمور المشهودة أو الأخبار عن الوقائع الماضية، قد تلقي الجن هذه العلوم، أو علوم لم تبلغنا، وقد بلغت للجن على قرنائهم من الكهان، ويجب أن لا نثق بكلامهم لأنه لا يوجد مقاييس عند الإنسان لمعرفة الكاذبين منهم والصادقين.
_________________
(1) مهلكما.
(2) شك من الراوي.
(3) يُصيبنَّك.
(4) وسوسة.
(5) أصابتهم وسوسة ما.
(6) تذكروا أمر الله ونهيه وعداوة الشيطان.
(7) تعاونهم مع الشياطين في الضلال.
(8) لا يكفُّون عن إغوائهم.
_______________
القسم الثاني: علوم غيبية:
- إمَّا أن تكون استأثر الله بعلمها، وهذا لا يمكن لنبي مرسل ولا ملك مقرب ولا جني ولا إنسي معرفة شيء منها.
فإذا أخبرت الشياطين وادعت أنه من علم الغيب مما استأثر الله به فإنه كذب وافتراء على الله.
قال الله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65].
- وإمَّا أن تكون من المغيبات التي قضي أمرها في السماء وأصبحت معلومة لبعض الملائكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر الذي قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتسمعه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم" رواه البخاري.
فالجن قد تسترق السمع من الملائكة بعد نزولها إلى جو الأرض، وتخبر الكهان، ولكن لا نثق بأخبارهم لأن دأبهم أن يكذبوا.
- أمَّا استراق الشياطين السمع من السماء فقد منعوا منه بالشهب عند بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى إخباراً عن الجن {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا(1) وَشُهُبًا(2) * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا(3)} [الجن: 8-9].
ولا يجوز أن يتلقى المرء أيَّ خبر من الشياطين، وكل من يفعل ذلك فهو آثم عند الله عزَّ وجلَّ.
قال الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} [الشعراء: 221 -223].
تنبيه: فليحذر المرء من المشعوذين والسحرة الذين يدعون أنهم يعرفون الغيب، وأنهم يتصلون بالجن، وينسبون إلى الجن النفع والضرر، فهؤلاء عصاة لله وللرسول، ويريدون أن يلعبوا بعقول السذج من الناس، وأن يستولوا على المغفلين ضعفاء الإيمان ليضلوهم، وليجعلوا من الشعوذة والسحر والتعامل بالجن مهنة ومصلحة تدرُّ لهم الأموال الطائلة، فلا يجوز لأي شخص أن يأتي الكهان ليطلع منهم على بعض الأمور، وقد ورد في الحديث "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد".
______________
(1) حرَّاساً أقوياء من الملائكة.
(2) شُعَل نار تنقضُّ كالكواكب
(3) راصداً مترقباً يرجمه.
_______________
وليعلم كل امرئ أنه لا ضارَّ ولا نافع إلا الله سبحانه وتعالى، وأن الجن لا يضرون ولا ينفعون إلا أن يشاء الله، ويأذن قال الله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: 10].
10- مصير الجن في الآخرة: إن كفار الجن هم في النار يوم القيامة.
قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا(1) لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ} [الأعراف: 179].
وقال تعالى: { وَتَمَّتْ(2) كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119]
قال الله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ(3) مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ(4) وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13].
- وإن مؤمنين الجن في الجنة.
قال الله تعالى إخباراً عن الجن: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا} [الجن: 13].
والمعنى من آمن بربه فلا يخاف نقصان الثواب، ولا الزيادة في العقوبة وهذا نظير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا(5)} [طه: 112].
وقال تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ(6) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ(7) إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 56-57].
_______________
(1) أوجدنا.
(2) وجبت وثبتت.
(3) ثنبت وتحقق ونفذ القضاء.
(4) الجن.
(5) نقصان في ثوابه.
(6) قَصَرْن أبصارهن على أزواجهن.
(7) لم يفتضَّهُنُّ قبل أزواجهن أحد.
_______________
وقال تعالى: {حُورٌ(1) مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ(2) * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 72 - 75].
وهذا مما يشير إلى أن مؤمني الجن في الجنة.
_________________
(1) نساء بيض حسان.
(2) مخدَّرات في بيوت اللؤلؤ
.