عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-08-2010, 12:09 AM
مسلم 9 مسلم 9 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 1,077
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المشكلة السنوية .. مع من نصوم ..بحث طيب فاصل

وقال يقول: أى شيخ الاسلام بن تيمية
"ومن معرفة الحساب الاستسراروالإبدار الذي هو الاجتماع والاستقبال، فالناس يعبرون عن ذلك بالأمر الظاهرمن الاستسرار الهلالي في آخر الشهر، وظهوره في أوله، وكمال نوره في وسطه،والحُسَّاب يعبرون بالأمر الخفي من اجتماع القرصين الذي هو وقت الاستسرار ومناستقبال الشمس والقمر الذي هو وقت الإبدار فإن هذا يضبط بالحساب.
وأماالإهلال فلا له عندهم من جهة الحساب ضبط؛ لأنه لا يضبط بحساب يعرف كمايـُعرف وقت الكسوف والخسوف؛ فإن الشمس لا تكسف في سنة الله التي جعل لها إلاعند الاستسرار إذا وقع القمر بينها وبين أبصار الناس على محاذاة مضبوطة،وكذلك القمر لا يخسف إلا في ليالي الإبدار على محاذاة مضبوطة لتحول الأرضبينه وبين الشمس فمعرفة الكسوف والخسوف لمن صح حسابه مثل معرفة كل أحد أنليلة الحادي والثلاثين من الشهر لابد أن يطلع الهلال، وإنما يقع الشك ليلةالثلاثين. فنقول الحاسب غاية ما يمكنه إذا صح حسابه أن يعرف مثلا أنالقرصين اجتمعا في الساعة الفلانية، وأنه عند غروب الشمس يكون قد فارقهاالقمر إما بعشر درجات مثلا أو أقل أو أكثر، والدرجة هي جزء من ثلاثمائةوستين جزءا من الفلك. فإنهم قسموه اثني عشر قسما سموها "الداخل" كلبرج اثنا عشر درجة وهذا غاية معرفته وهي بتحديد كم بينهما من البعد في وقتمعين في مكان معين. هذا الذي يضبطه بالحساب، أما كونه يـُرى أو لا يـُرىفهذا أمر حسي طبيعي ليس هو أمرا حسابيا رياضيا، وإنما غايته أن يقول :استقرأنا أنه إذا كان على كذا وكذا درجة يـُرى قطعا أو لا يـُرى قطعا. فهذاجهل وغلط؛ فإن هذا لا يجري على قانون واحد لا يزيد ولا ينقص في النفيوالإثبات، بل إذا كان بعده مثلا عشرين درجة فهذا يـُرى ما لم يحل حائل، وإذاكان على درجة واحدة فهذا لا يـُرى.
وأما ما حول العشرة فالأمر فيه يختلفباختلاف أسباب الرؤية من وجوه:
أحدها: أنها تختلف؛ وذلك لأن الرؤية تختلفلحدة البصر وكلاله، فمع دقته يراه البصر الحديد دون الكليل، ومع توسطه يراهغالب الناس. وليست أبصار الناس محصورة بين حاصرين. ولا يمكن أن يقال يراهغالب الناس ولا يراه غالبهم؛ لأنه لو رآه اثنان علق الشارع الحكم بهمابالإجماع، وإن كان الجمهور لم يروه. فإذا قال لا يـُرى بناءً على ذلك كان مخطئافي حكم الشرع، وإن قال يـُرى بمعنى أنه يراه البصر الحديد. فقد لا يتفق فيمنيتراءى له من يكون بصره حديدا فلا يلتفت إلى إمكان رؤية من ليس بحاضر.
السبب الثاني: أن يختلف بكثرة المترائين وقلتهم، فإنهم إذا كثروا كان أقربأن يكون فيهم من يراه لحدة بصره وخبرته بموضع طلوعه والتحديق نحو مطلعه،وإذا قلوا فقد لا يتفق ذلك فإذا ظن أنه يـُرى قد يكونون قليلا فلا يمكن أنيروه، وإذا قال: لا يـُرى فقد يكون المتراءون كثيرا، فيهم من فيه قوة علىإدراك ما لم يدركه غيره.
السبب الثالث: أنه يختلف باختلاف مكان الترائي،فإن من كان أعلى مكانا في منارة أو سطح عال أو على رأس جبل ليس بمنزلة منيكون على القاع الصفصف أو في بطن واد. كذلك قد يكون أمام أحد المترائينبناء أو جبل أو نحو ذلك يمكن معه أن يراه غالبا وإن منعه أحيانا، وقد يكونلا شيء أمامه.
فإذا قيل: يـُرى مطلقا لم يره المنخفض ونحوه، وإذا قيل لايـُرى فقد يراه المرتفع ونحوه، والرؤية تختلف بهذا اختلافا ظاهرا.
السببالرابع: أنه يختلف باختلاف وقت الترائي، وذلك أن عادة الحُسَّاب أنهم يخبرونببعده وقت غروب الشمس وفي تلك الساعة يكون قريبا من الشمس فيكون نورهقليلا وتكون حمرة شعاع الشمس مانعا له بعض المنع فكلما انخفض إلى الأفقبعد عن الشمس فيقوى شرط الرؤية ويبقى مانعها فيكثر نوره ويبعد عن شعاعالشمس، فإذا ظن أنه لا يـُرى وقت الغروب أو عقبه فإنه يـُرى بعد ذلك، ولو عندهويه في المغرب.
وإن قال: إنه يضبط حاله من حين وجوب الشمس إلى حين وجوبهفإنما يمكنه أن يضبط عدد تلك الدرجات؛ لأنه يبقى مرتفعا بقدر ما بينهما منالبعد، أما مقدار ما يحصل فيه من الضوء وما يزول من الشعاع المانع له فإنبذلك تحصل الرؤية بضبطه على وجه واحد يصح مع الرؤية دائما أو يمتنعدائما، فهذا لا يقدر عليه أبدا، وليس هو في نفسه شيئا منضبطا خصوصا إذاكانت الشمس.
السبب الخامس: صفاء الجو وكدره. لست أعني إذا كان هناكحائل يمنع الرؤية كالغيم والقتر الهائج من الأدخنة والأبخرة، وإنما إذا كانالجو بحيث يمكن فيه رؤيته أمكن من بعض إذا كان الجو صافيا من كل كدر فيمثل ما يكون في الشتاء عقب الأمطار في البرية الذي ليس فيه بخار بخلاف ماإذا كان في الجو بخار بحيث لا يمكن فيه رؤيته كنحو ما يحصل في الصيف بسببالأبخرة والأدخنة؛ فإنه لا يمكن رؤيته في مثل ذلك كما يمكن في مثل صفاءالجو.
وأما صحة مقابلته ومعرفة مطلعه ونحو ذلك: فهذا من الأمور التييمكن المترائي أن يتعلمها، أو يتحراه؛ فقد يقال: هو شرط الرؤيةكالتحديق نحو المغرب خلف الشمس فلم نذكره في أسباب اختلاف الرؤية. وإنماذكرنا ما ليس في مقدور المترائين الإحاطة من صفة الأبصار، وأعدادها، ومكانالترائي، وزمانه، وصفاء الجو، وكدره.
فإذا كانت الرؤية حكما تشترك فيه هذهالأسباب التي ليس شيء منها داخلا في حساب الحاسب فكيف يمكنه مع ذلك يخبرخبرا عاما أنه لا يمكن أن يراه أحد حيث رآه على سبع أو ثمان درجات أو تسعأم كيف يمكنه يخبر خبرا جزما أنه يرى إذا كان على تسعة أو عشرة مثلا؟!
ولهذا تجدهم مختلفين في قوس الرؤية: كم ارتفاعه. منهم من يقول تسعة ونصف،ومنهم من يقول.. ويحتاجون أن يفرقوا بين الصيف والشتاء، إذا كانت الشمس فيالبروج الشمالية مرتفعة أو في البروج الجنوبية منخفضة. فتبين بهذا البيانأن خبرهم بالرؤية من جنس خبرهم بالأحكام وأضعف، وذلك أنه هب أنه قد ثبت أنالحركات العلوية سبب الحوادث الأرضية. فإن هذا القدر لا يمكن المسلم أنيجزم بنفيه إذ الله -سبحانه- جعل بعض المخلوقات أعيانها وصفاتها وحركاتهاسببا لبعض، وليس في هذا ما يحيله شرع ولا عقل، لكن المسلمون قسمان:
منهم منيقول: هذا لا دليل على ثبوته فلا يجوز القول به؛ فإنه قول بلا علم.
وآخريقول: بل هو ثابت في الجملة؛ لأنه قد عرف بعضه بالتجربة، ولأن الشريعةدلت على ذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الشمس والقمر لا يخسفان لموتأحد ولا لحياته لكنهما آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده) متفق عليه، والتخويفإنما يكون بوجود سبب الخوف فعلم أن كسوفهما قد يكون سببا لأمر مخوف، وقوله: (لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته) رد لما توهمه بعض الناس، فإن الشمسخسفت يوم موت إبراهيم فاعتقد بعض الناس أنها خسفت من أجل موته تعظيمالموته، وأن موته سبب خسوفها، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا ينخسفلأجل أنه مات أحد، ولا لأجل أنه حيي أحد".أهـ.
وقد أثبته غيره من العلماء كابن حجر -رحمه الله- حيث اشترط له ثلاثة شروط:
1- أن يبلغ عدد الحُسَّاب مبلغ التواتر.
2- وألا يختلفوا.
3- وأن تكون مقدماتهم قطعية.
فعند ذلك لا يكون العمل بالحساب في رد شهادة الشهود من باب إعمال ما ألغاه الشارع واتفق عامة السلف على بطلانه، بل هو من باب رد شهادة الشهود إذا خالفوا الحس أو المقطوع به، وهذه مسألة أخرى غير مسألة العمل بالحساب دون الرؤية، بل هي متعلقة بعدالة الشهود أو ضبطهم، ولها نظائرها في مسائل عدة في الفقه في هذا الباب وغيره.
- ففي الفقه على المذاهب الأربعة:
"يثبت دخول شوال بإخبار عدلين برؤية هلاله سواء كانت السماء صحوا أو لا، ولا تكفي رؤية العدل الواحد في ثبوت هلاله، ولا يلزم في شهادة الشاهد أن يقول أشهد. فإن لم ير هلال شوال وجب إكمال رمضان ثلاثين، فإذا تم رمضان ثلاثين يوما ولم يرى هلال شوال فإما أن تكون السماء صحوا أو لا، فإن كانت صحوا فلا يحل الفطر في صبيحة تلك الليلة، بل يجب الصوم في اليوم التالي ويكذب شهود هلال رمضان، وإن كانت غير صحو وجب الإفطار في صبيحتها واعتبر ذلك اليوم من شوال.
قال الشافعية: إذا صام الناس بشهادة عدل وتم رمضان ثلاثين يوما، وجب عليهم الإفطار على الأصح سواء كانت السماء صحوا أو لا.
وقال الحنابلة: إن كان صيام رمضان بشهادة عدلين وأتموا عدة رمضان ثلاثين يوما ولم يروا الهلال ليلة الواحد والثلاثين وجب عليهم الفطر مطلقا. أما إن كان صيام رمضان بشهادة عدل واحد أو بناء على تقدير شعبان تسعة وعشرين يوما بسبب غيم ونحوه فإنه يجب عليهم صيام الحادي والثلاثين".أهـ.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.24 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]