عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17-04-2024, 02:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,276
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (5-10)

أهمية العمل التطوعي للمجتمعات والتجمعات ودوره في التنمية



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، به يستقر المجتمع وتحصل به المحبة والألفة والوئام بين المسلمين وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية .
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة؛ وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وتخفيف معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا الخامسة في أهمية العمل التطوعي للمجتمعات والتجمعات، ودوره في تنمية المجتمعات في شتى المجالات .
العمل التطوعي كان وما يزال من أعظم صور التكافل الاجتماعي الذي حث عليه الإسلام وتفاعل في وجدان المسلمين فأبدعوا فيه علما وعملا وأضحى جزءا مهما ضمن بنية الحضارة العربية والإسلامية؛ إذ تعددت مجالاته الخيرية والإنسانية والتنموية في المجتمع، وللعمل التطوعي أهمية للمجتمعات والتجمعات الإسلامية ألخصها بالآتي:
1- ينمي الجانب الإنساني للمجتمع .
2- يتيح الفرص لمعرفة احتياجات المجتمع.
3- ينمي قدرة التفاعل والتواصل مع الآخرين .
4- ينمي الحس الاجتماعي لدى الفرد المتطوع .
5- يمنح الثقة بالنفس للمتطوع، واحترام الذات .
6- يترجم مشاعر الولاء والانتماء إلى الواقع الملموس .
7- يستثمر وقت المتطوع بأفضل الأعمال.
8- يتيح مجال التعبير عن الرأي، ولاسيما لفئة الشباب.
9- يدفع أفراد المجتمع للمشاركة في اتخاذ القرار.
10- يساعد على تقديم الجديد والتعايش مع الزمن والتفاعل معه .
11- يسد النقص في جوانب حياتية معاصرة .
12- يفعّل مبدأ التكافل الاجتماعي الذي تحث عليه الشريعة الإسلامية.
13- يحافظ على الثوابت والأعراف والتقاليد الإيجابية في المجتمع.
التنمية التي يحققها العمل التطوعي للمجتمع:
1- التنمية الاجتماعية: العمل التطوعي له دور أساس في التنمية الاجتماعية للمجتمع، فمن خلاله يحافظ على القيم والأخلاق والفضائل، ويحافظ على الثوابت الدينية، وكذلك العادات والتقاليد النابعة من تعاليم الإسلام الحنيف، وتنمية المشاعر الإنسانية ومد الرعاية للمستضعفين وتقديم المساعدة والتوجيه لكل من يحتاجها.
والعمل التطوعي يحل الكثير من المشكلات المجتمعية، ويحد من الظواهر السلبية، وينمي في المجتمع حسن التعامل فيما بين أفراده، ورقي التعامل مع الآخرين ومعه يكون المجتمع إيجابياً، فالعمل التطوعي يدفع الفرد ويشجعه على أن يكون إيجابيا في مجتمعه يشاركه أفراحه وأحزانه، ويشاركه في حل مشكلاته، ومراقبته للسلبيات التي تؤثر في تماسكه وترابطه.
كما يدفع العمل التطوعي المجتمع لأن يكون مبادراً ومعطاء إذا تطلب الأمر البذل والسخاء، فيشيع ثقافة العطاء، وإسعاد الآخرين وتخفيف آلامهم، وتضميد جراحات المنكوبين، ومعالجة مشكلة الأنانية الفردية، ومن خلاله تنتشر المحبة والألفة والتعاون في أفراد المجتمع، ويقف القوي مع الضعيف، وتعالج مشكلة الفقر وشدة الحاجة، ويقدم كل ميسور ما يستطيع من مال وجهد ومشورة؛ لينعم الجميع في المجتمع بحياة ملؤها العطف والمحبة والألفة والإيثار والرحمة بدلاً من أن يكون المجتمع ملؤه البغضاء والشحناء والحسد والحقد، وبذلك يتحقق الأمن الاجتماعي.
2- التنمية العلمية والثقافية:
التنمية العلمية والثقافية في صلبها مبنية على العمل التطوعي، ومدارها خدمة المجتمع للمجتمع، فمن خلال العمل التطوعي تبنى المدارس والمراكز والمكتبات والجامعات ومراكز البحوث العلمية والاستشارية، وقد أثبت التاريخ والواقع أن التنمية العلمية والثقافية هي التي تصنع الحضارة، وأن التنمية لا يمكن أن تتم للعلم والثقافة من غير مساهمة المجتمع فهي تنمية منه وإليه. وشهد التاريخ أن العلماء والأدباء والفقهاء والمحدثين والأطباء والفلكيين وغيرهم من البارعين المميزين كانوا متطوعين، وأنتجوا لأمتهم ولمجتمعاتهم إرثاً علمياً لا يزال أثره بعد مضي أكثر من قرن من الزمان.
ودور العمل التطوعي في الإسلام في دعم التنمية الفكرية أوسع من أن ندلل عليه. فكم من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية التي حثت على طلب العلم ونشره وبذله بين الناس، وتوجيههم لما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، فجعل تعليم العلم وتعلمه ونشره من الأعمال التي تستمر بها الحسنات بعد الممات، وهو صدقة جارية يجري ثوابها في حياة المعلم وبعد مماته، فقد ساهم العمل التطوعي في نشر العلم والكتاب الإسلامي والعربي على نطاق واسع في وقت كانت فيه الطباعة والنسخ غير معروفة لبني الإنسان.
والتنمية الفكرية، كانت من خصوصيات المجتمع الإسلامي، فهو الذي تكفل بإيجاد الأوقاف التي خصصت للمدارس، فأنشئت المدارس، وكانت كلها أوقافا ولم تكن للدولة سيطرة عليها، ولا تشغيل لها، فبرزت المدارس الوقفية في القدس ودمشق وبغداد وفاس والحجاز وغيرها في حواضر العالم الإسلامي، وكانت تدار وتعمل بعمل تطوعي أهلي، وتحقق بذلك للأمة مكانة عظيمة، وحضارة في شتى المجالات، ولم يكن العمل التطوعي، عملاً محصوراً في حال النكبات والأزمات، بل كان مبادراً، وموجودا في حال الحاجة، ومبدعاً في حالة النماء والاستقرار.
3- التنمية الصحية والبيئية:
كان وما زال للعمل التطوعي الدور الواسع في التنمية الصحية والبيئية، فالمجتمعات التي تنشئ المراكز الصحية، وتوفر العلاج والدواء لمن يحتاجه، والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، وتثقيف المجتمع بسبل التعامل معهم، ورعايتهم وحقهم علينا، هي مجتمعات متماسكة متعاطفة تشعر بآلام الآخرين.
وللعمل التطوعي دور في نشر الوعي الصحي في المجتمع من خلال مراكز تطوعية تسهم في التواصل مع أفراد المجتمع وتشاركهم اهتماماتهم وهمومهم، وتوجههم وتتفاعل معهم لإيجاد بيئة صحية سليمة، واعية بمشكلات البيئة وسبل علاجها، وذلك لا يمكن أن يتم بشكل متكامل إلا إذا أسهم المجتمع بمؤسساته التطوعية لإبراز وكشف تلك المشكلات وأثرها على البيئة والصحة.
وبتكاتف تلك المؤسسات التطوعية الصحية منها والبيئية تتحقق نقلة نوعية في تطور المجتمع صحياً وبيئياً، ويتسلح بثقافة لا يسمح من خلالها بالعبث بسلامة البيئة وأثرها على صحة أفراد المجتمع، وفي ذلك تنمية عمرانية تحافظ على البيئة وتهتم بالصحة.
4- التنمية الاقتصادية:
والعمل التطوعي يعد مصدراً لنماء اقتصاد المجتمعات، فمن خلاله يسهم المجتمع في البذل والعطاء والانفاق، فيتربى على السخاء، ودفع المال لمن يحتاجه، وخدمة المجتمع الذي يعيش فيه، ويدفعه للمساهمات المادية والجهدية كل حسب طاقته، فتبنى وتعمر المنشآت للخدمات العامة والمدارس والمستشفيات والمساجد والمراكز، وتحرك بذلك عجلة الاقتصاد بتدوير المال وعدم اكتنازه، وبذلك تنشط الدورة الاقتصادية.
والشريعة الإسلامية حثت المسلم على الصدقة والوقف والهبة حتى لا يكون المال بيد الأغنياء فينقم الفقراء، والصدقة جاءت بعد الإيمان بالغيب والصلاة، قال تعالى في وصفه المتقين: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} والصدقة برهان على صدق إخلاص العبد: «والصدقة برهان»، والصدقة في الشريعة الإسلامية لا تنقص المال، قال صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة» .
فعطاء المجتمع في حقيقته تنمية اقتصادية، والتاريخ الإسلامي خير شاهد على ذلك، والأعمال التطوعية تحقق التنمية الاقتصادية وتوفر فرص العمل، حتى بلغت في بعض العهود الإسلامية الأوقاف مبلغاً وصل إلى أن 30- 40% من الأيدي العاملة والقوى البشرية تعمل في الوقف ومؤسساته الخيرية والاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية.
5- التنمية البشرية:
التنمية البشرية هي أساس تنمية المجتمعات وتفاعلها وعطاءها، وهي من الإنسان للإنسان، فلا يمكن أن تتم التنمية البشرية إلا من خلال الإنسان، والعمل التطوعي كذلك هو أساس من أسس التنمية البشرية، فمن خلال المؤسسات التطوعية وأعمالها تصقل المهارات وتنمى القدرات وتكتسب المعلومات وينمى في الفرد شعور الانتماء للمجتمع، فمن خلال العمل التطوعي يحقق الفرد ذاته ويثق بنفسه، ويفتح آفاقه ويحقق نجاحه، ويرى آثار عطائه وأعماله وغاياته.
ومؤسسات العمل التطوعي الفاعلة تعد مدرسة لتخريج الطاقات الشبابية الراغبة في خدمة المجتمع، ففيها تُشغل أوقات الشباب بما هو نافع ومنتج، وتحافظ على الأوقات والطاقات، وتقلل المظاهر السلبية الناتجة عن تضييع الأوقات بالمهلكات.
والإنسان هو العنصر الأساسي في تحقيق الأهداف التنموية، فلا يتحقق النماء في المجتمعات إلا إذا أولينا الإنسان الاهتمام والرعاية والنماء، وفي قول الله تعالى: {وأحسن كما أحسن الله إليك} دافع للإنسان أن يستعمل نعم الله عليه في طاعته وحاجات خلقه، فالتنمية البشرية والعمل التطوعي حلقتان في سلسلة حفظ ورعاية ونماء القدرات البشرية.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]