عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17-04-2024, 02:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,276
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (6-10)

دور الدولة في تنمية الأعمال التطوعية ودعم مؤسساتها



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها، لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل المحبة والألفة والوئام بين المسلمين، وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية.
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة، والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وخففت معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا السادسة في دور الدولة في التشجيع على العمل التطوعي وسن القوانين والتشريعات التي تضمن وجوده ونماءه واستمراره، ودعم مؤسساته، وتذليل العقبات أمام المتطوعين.
الدولة التي تتعاون وتدعم القطاع التطوعي، وتفعل دور المؤسسات التطوعية والاجتماعية، وتجعلها مساهماً كبيراً وشريكاً دائماً في عمليات التنمية؛ تحقق الاستقرار في المجتمع، وتتقوى بهذا القطاع ليشكل مع غيره إستراتيجية لقوة الدولة وتخفيف الأعباء عنها، ومن المهام المناطة بالدولة لدعم الأعمال التطوعية الآتي:
- العمل على غرس قيم الإيثار وروح العمل الجماعي التطوعي، وتشجيع المبادرات المجتمعية التطوعية لدى المجتمع من خلال الأسرة، والمدرسة، والمساجد، ووسائل الإعلام، ومؤسسات الدولة المتصلة بالمواطن.
- العمل على تضمين المناهج الدراسية، ولاسيما في مراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية بعض القيم الاجتماعية والإنسانية التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي التطوعي وأهميته ودوره التنموي، ويقترن ذلك ببعض البرامج التطبيقية؛ مما يثبت هذه القيمة في نفوس الشباب مثل حملات تنظيف المدرسة أو العناية بأشجار المدرسة أو خدمة البيئة.
- دعم المؤسسات والهيئات التي تعمل في مجال العمل التطوعي مادياً ومعنوياً بما يمكنها من تأدية رسالتها وزيادة خدماتها.
- إقامة دورات تدريبية للعاملين في هذه الهيئات والمؤسسات التطوعية مما يؤدي إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، ويساعد على زيادة كفاءتهم في هذا النوع من العمل، وكذلك الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال.
- تشجيع وسائل الإعلام المختلفة على القيام بدور أكثر تأثيراً في تعريف أفراد المجتمع بماهية العمل التطوعي ومدى حاجة المجتمع إليه وتبصيرهم بأهميته ودوره في عملية التنمية، وكذلك إبراز دور العاملين في هذا المجال بطريقة تكسبهم الاحترام الذاتي واحترام الآخرين.
- تدعيم جهود الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث العلمية حول العمل الاجتماعي التطوعي؛ مما يسهم في تحسين واقع العمل الاجتماعي بشكل عام، والعمل التطوعي بشكل خاص.
النظرة الضيقة على العمل التطوعي:
من أهم المشكلات الرئيسة التي تواجه العمل التطوعي في عالمنا العربي والإسلامي النظرة الضيقة لهذا العمل وحصره في تسلّم أموال الزكاة من المتبرعين وتسليمها للفقراء، وهي نظرة محدودة وضيقة للغاية، فالكثير ينظرون اليوم إلى مؤسسات العمل والمتطوعين فيها على أنهم مجموعة من الأفراد كبار السن الذين لديهم وقت فراغ يقومون بشغله بمثل هذه الأعمال الطيبة، من غير تأهيل ولا تدريب ولا إدارة لتلك الأنشطة.
وتلك النظرة للعمل الخيري في المجتمعات العربية سببها الرئيس هو وعي المجتمع القاصر بأهمية العمل التطوعي، وبمقارنة سريعة بين الاهتمام بقطاع العمل الخيري والتطوعي في عالمنا العربي والإسلامي وبين قطاع الأعمال الخيرية والتطوعية في الكثير من الدول الكبرى الذي يعد أسرع القطاعات نمواً في اقتصادها وتعمل على دعمه كشريك للقطاع الحكومي والتجاري في عمليات التنمية, نجد أن للقطاع التطوعي الخيري عندهم جامعاته ومراكز بحوثه ودراساته ومستشفياته وشركاته الاستثمارية ومدارسه ليقوم بكبح جماح طغيان القطاع الحكومي وسد ثغراته والحد من جشع وطمع القطاع الخاص التجاري «عملية توازن».
وتقدم تلك الدول الخدمات الإشرافية والإرشادية لتحسين فاعلية المؤسسات الخيرية، وتشجيع التحالفات التي تقوم بها تلك المؤسسات للحصول على فرص جديدة لزيادة تمويل مشاريعها وتخفيض مصاريفها، وتضم رابطة الجامعات غير الربحية حوالي 100 جامعة أمريكية منها تخصصات للعمل غير الربحي وتخصصات في العمل التطوعي الدقيق، وبلغ عدد المجالس والهيئات الأهلية المستقلة التي تشرف على الأعمال التطوعية في أمريكا ألف هيئة لمساعدة المانحين للمنظمات الخيرية، وتوفر لهم المعلومات الكافية التي تمكنهم من تحديد الجهة التطوعية التي تناسب أهدافهم.
وفي قراءة سريعة لواقع البذل التطوعي في دول العالم نجد أن في الولايات المتحدة جمعية خيرية وتطوعية واحدة لكل 200 مواطن أمريكي تقريباً، وفي ألمانيا كل 150 من سكانها يحظون بمؤسسة البذل لتطوعي، وفي الكيان اليهودي مؤسسة طوعية لكل 125 يهودياً في أرض فلسطين، ووصل عدد المؤسسات إلى ما يقارب 40 ألف مؤسسة تطوعية وخيرية ومجتمعية في آخر إحصاء لعام 2008م. بينما في عالمنا العربي في بعض الدول لا تتعدى المؤسسات الخيرية والتطوعية 100-300 مؤسسة في أحسن الأحوال، أي لا تتعدى مؤسسة خيرية وتطوعية – عاملة وفاعلة - لكل 80 ألف مواطن عربي تقريباً.
فالنظرة الحالية للعمل الخيري على أنه عمل يقوم به أفراد تقدم بهم العمر إلى حد كبير وأنهم يسعون للقيام ببعض أعمال الخير قبل أن يموتوا، صورة مخجلة آن لها أن تتغير، فالجانب الخيري في الإسلام وصل من حيث الموارد المالية وتلبية احتياج حقوق الإنسان إلى أن يكون هو القطاع الأول من قطاعات التنمية الرئيسية الثلاثة للدولة (القطاع الحكومي والقطاع التجاري والقطاع الخيري)، وأوقاف المسلمين عبر التاريخ شاهدة على ذلك وقد تعدت حقوق الإنسان لتصل إلى أوقاف خصصت لإيواء وإطعام الحيوانات، وكانت تلك الأوقاف بإيراداتها الوفيرة الداعم الأول للحفاظ على أرض المسلمين وتجهيز الجيوش، والصرف على الثغور، ورعاية المحتاجين والمنكوبين.
وفي الختام لا شك أن المؤسسات الخيرية وكذلك الحكومات تقع عليها المسؤولية الكبرى في تعديل النظرة للعمل التطوعي في مجتمعاتنا، وإيجاد مؤسسات تطوعية فاعلة لخدمة الاحتياجات في
المجتمعات.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.15%)]